أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن المدعوم إماراتياً اللحكم الذاتي في المحافظات الجنوبية، وهو ما اعتبرته حكومة هادي استمرارا للتمرد المسلح، وانقلابا على الشرعية، وتضيف الخطوة المتهورة مزيدا من التعقيد على المشهد اليمني المعقد بطبعه، ويفتح باب التساؤلات واسعا حول السيناريوهات المطروحة.
من جانبهما، التزمت الرياض وأبوظبي الصمت منذ صدور بيان المجلس الانتقالي مساء السبت، وبيان حكومة هادي صباح اليوم الأحد 26 أبريل/ نيسان، لاسيما وأن الخطوة المعقدة تأتي في ظروف استثنائية متمثلة في مواجهة كورونا وتداعياته من جانب، وانهيار أسعار النفط من جانب آخر، وهو ما جعل من هذا التطور في حرب اليمن تحدياً آخر للسعودية والإمارات، لاسيما مع تباين مواقفهما في اليمن مؤخرا.
سيناريوهات محتملة
وفق محللين يمنيين فإن أقرب السيناريوهات المحتملة التي تنتظر المشهد السياسي والعسكري هو الذهاب نحو المزيد من الإغراق في الصراع بين أبناء الجنوب أنفسهم، وخلق مزيد من التباينات واستحضار صراعات الماضي التي ما زالت تلقي بظلالها على الساحة السياسية وبتغذية مباشرة من طرفي التحالف السعودي الإماراتي.
ويبدو أن لدى التحالف رغبة في إبقاء الجنوب في حالة حرب دائمة لكي يتمكن من تحقيق أهدافه الجيوسياسية التي تتناقض كليا مع أهداف التدخل العسكري في اليمن، وفقا لعقلان.
بينما يرى آخرون أن قرار الانتقالي جاء من أبوظبي ولا يراعي مطلقا حساسية الوضع الإنساني في عدن، كما أنه يفسر هروب الانتقالي من استحقاقات اتفاق الرياض وهرولة نحو المجهول، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها عدن بعد كارثة السيول وغياب جهود الحكومة والتحالف في إنقاذ المدينة.
وأصبحت الصورة العامة واضحة، ستة أعوام من الحرب في اليمن ولا يزال التحالف السعودي الإماراتي يمعن في إهانة وتغييب الحكومة الشرعية وتفكيك الدولة اليمنية، ويدعم مليشيا الانتقالي ويمكّنها سياسيا عبر اتفاق الرياض لتكون ندا للشرعية، وعسكريا عبر فرض سلطة أمر واقع جديدة في عدن”
أهداف مختلفة
من الواضح أن السعودية بعد خمس سنوات على تدخلها في اليمن وقيادتها التحالف العربي لدعم الشرعية بالشراكة مع دولة الإمارات، باتت تركز بشكل أكبر على إيجاد مخارج “سليمة” للتخلص من تبعات الصراع في اليمن والخروج من الحرب بشكل أو بآخر كانت بعض ملامحه باستغلال جائحة كورونا وإعلان وقف إطلاق نار من جانب واحد، في 8 أبريل/نيسان، وهو القرار الذي رحبت به الأمم المتحدة ومعظم دول العالم، وكذلك جماعة الحوثي التي رحبت أيضا بإعلان التحالف العربي تمديده لمدة شهر إضافي ابتداء من الجمعة، 24 أبريل/نيسان.
لكن الأهداف الإماراتية من الاشتراك في التحالف أصبحت واضحة وهي مختلفة تماماً عن أهداف السعودية، حيث أراد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن يعيد الحكومة الشرعية لليمن ليثبت جدارته بحكم السعودية من ناحية ويقضي على الوجود الإيراني على الحدود السعودية من جهة أخرى، بينما أراد ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد ضمان وجود إماراتي في عدن لإحكام السيطرة على مضيق باب المندب، في ظل وجود قاعدة إماراتية في الجهة المقابلة في الصومال وجيبوتي.
وهو ما يجعل المملكة تواجه مأزقاً جديداً في توقيت حرج، فتحركها علناً ضد المجلس الانتقالي يعني الدخول في مواجهة مسلحة ضد قواته في عدن، وهي مدعومة ومسلحة إماراتياً بشكل كامل، وهو ما يعني صراعاً سعودياً- إماراتياً في وقت حرج، وبالتالي ربما تمثل خطوة الانفصاليين رصاصة الرحمة على مغامرة ولي العهد في اليمن، إذا ما واصلت السعودية الصمت ولم تتدخل لصالح الحكومة الشرعية مرة أخرى، وتركت الانقلاب الثاني للمجلس الانتقالي الجنوبي يكمل دورته للنهاية.
ولا يبدو التصعيد الأخير من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي والإعلان عن “الإدارة الذاتية للجنوب”، بمعزل عن “برودة” العلاقات بين الرياض وأبو ظبي وظهور المزيد من التناقضات في سياساتهما في اليمن نتيجة الخلافات والاشتباكات بين القوات المؤيدة للحكومة الشرعية والقوات الأخرى المدعومة إماراتيا بقيادة المجلس الانتقالي.
اقرأ أيضًا: انقلاب جنوب اليمن ..هل ينذر صراع المصالح بنهاية الحلف السعودي الإماراتي؟
اضف تعليقا