وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديدًا مباشرًا بقطع التمويل الفيدرالي عن مدينة نيويورك في حال فاز المرشح الديمقراطي لرئاسة بلدية المدينة، زهران ممداني، ولم “يتأدب ويحسن التصرف”، على حد تعبيره. وقد جاء هذا التصعيد بعد أيام فقط من تصدّر ممداني – وهو اشتراكي ديمقراطي ومسلم من أصل هندي – الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ليصبح المرشح الأوفر حظًا لتولي منصب العمدة.

وفي مواجهة الاتهامات المتكررة من ترامب، نفى ممداني كونه شيوعيًا كما وصفه الرئيس، مؤكدًا في المقابل التزامه بسياسات تعيد التوازن الاقتصادي داخل المدينة، وفي مقدمتها فرض ضرائب على الأثرياء. وقال: “لا أعتقد أنه ينبغي أن يكون لدينا مليارديرات… لأن وجود هذا القدر من الثروة في لحظة تشهد هذا القدر من التفاوت غير مبرر إطلاقًا. ما نحتاجه هو مزيد من العدالة والمساواة داخل مدينتنا وولايتنا وبلدنا.”

جاءت تصريحات ترامب خلال مقابلة له على قناة “فوكس نيوز” مع المذيعة ماريا بارتيرومو، حيث وصف فوز ممداني بأنه “غير معقول”، مشيرًا إلى أنه يعتبره “شيوعيًا صافيًا”. وأضاف: “إذا وصل إلى المنصب، سأكون أنا الرئيس، وسيتعين عليه أن يفعل الشيء الصحيح وإلا فلن يحصلوا على أي أموال. عليه أن يلتزم، وإلا فلن يحصلوا على تمويل.”

وتُقدّر قيمة التمويل الفيدرالي المتدفق إلى نيويورك بأكثر من 100 مليار دولار سنويًا، عبر برامج ومؤسسات مختلفة، بحسب تقرير صادر عن مكتب مراقب المدينة العام الماضي.

من جانبه، تحدث ممداني في برنامج “ميت ذا برس” على قناة  NBC، مجددًا نفيه لما قاله عنه ترامب، وقال: “لست شيوعيًا”، وأوضح أنه بدأ يعتاد على أن يُعلّق الرئيس على مظهره، وصوته، وأصله، وهويته، مشيرًا إلى أن ترامب يفعل ذلك لصرف الأنظار عن المطالب الحقيقية التي ينادي بها.

واستشهد ممداني بالناشط الحقوقي الأمريكي مارتن لوثر كينغ جونيور، الذي قال ذات مرة: “سواء سميتها ديمقراطية أو اشتراكية ديمقراطية، فلا بد من توزيع أفضل للثروات بين كل أبناء الله في هذا البلد.” وأكد أنه سيواصل السعي لتحقيق هذا الهدف من خلال فرض ضرائب أكبر على أصحاب المنازل الفاخرة في الأحياء الثرية والبيضاء نسبيًا، لتخفيف العبء عن سكان المناطق الفقيرة في أطراف المدينة.

وشدد على أن مقترحاته لا تستند إلى تحليل عنصري، بل إلى تقييم واقعي للتمييز الضريبي القائم حاليًا، قائلًا: “الأمر لا يتعلق بالعرق، بل بوصف دقيق للوضع الحالي، ومحاولة لإيجاد أرضية ضريبية عادلة للجميع.”

رغم هذا الدعم الشعبي، أثار فوز ممداني قلقًا لدى بعض السياسيين الديمقراطيين المعتدلين وسكان نيويورك، خاصة بعد تفوقه على الحاكم الأسبق للولاية أندرو كومو في انتخابات 24 يونيو. وقد نال دعم التقدميين، وفي مقدمتهم النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، بينما فضلت شخصيات بارزة أخرى – مثل حاكمة نيويورك كاثي هوشول – التريث، إذ قالت بعد فوزه: “من الواضح أن هناك نقاط خلاف بيننا، لكننا بحاجة إلى حوار”.

ممداني عبّر عن استعداده لهذا الحوار، مؤكدًا أن رؤيته تستند إلى قراءة موضوعية للواقع السياسي والاجتماعي، وليس إلى حسابات أيديولوجية.

وعندما سُئل إن كان يعتقد أن الديمقراطيين المعتدلين يخشونه، أجاب: “أعتقد أن الناس ما زالوا يتفاعلون مع هذه الانتخابات، ونحن نظهر لهم أن العودة إلى جذور الحزب الديمقراطي، ووضع الناس العاملين في المقدمة، هو الطريق الوحيد للخروج من حقبة التسلط السياسي التي جسّدها ترامب.”

أما ترامب، فواصل هجومه على ممداني، واعتبر ترشيحه “صادمًا”، قائلًا: “كنت أقول دائمًا إن الاشتراكية لن تصل إلى هذا البلد، والآن ها نحن نواجه خطرها داخل نيويورك.”

وفي ردّه على مقترحات ممداني الداعية لمقاومة سياسات ترامب الخاصة بالهجرة، وكذلك التصريحات التي قال فيها إنه سيأمر باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا وطأت قدماه نيويورك، قال ترامب إن ممداني “لن ينجح في أي من هذه الأمور”، واصفًا إياه بأنه “مجنون يساري متطرف”.

ممداني من جانبه شدد على أن حملته لم تكن فقط ضد ترامب، بل من أجل شيء ملموس. وقال: “نحن حملة من أجل الناس العاملين، من أجل استعادة الكرامة إلى حياتهم.”