في تصعيد لافت ومثير للقلق، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيرًا شديد اللهجة، دعا فيه إلى إخلاء العاصمة الإيرانية طهران فورًا، في سياق تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، والتي تحوّلت من حرب بالوكالة إلى مواجهة مباشرة خلال الأيام الأخيرة.

التحذير لم يأتِ في فراغ، بل جاء بعد انتهاء المهلة التي منحها ترامب بنفسه لإيران قبل شهرين، لتوقيع اتفاق نووي جديد يضمن عدم امتلاكها لسلاح نووي. ومع فشل المفاوضات، ودخول اليوم 61 من المهلة، كانت الضربات الإسرائيلية على طهران بمثابة إعلان ضمني بأن الخيار العسكري بدأ.

ترامب يرسم معادلة: لا تفاوض.. لا اتفاق.. إذن فلتشتعل

من قمة مجموعة السبع في كندا، كشف ترامب جانبًا من حساباته، مشيرًا إلى أن إيران “لا تربح هذه الحرب”، ومؤكدًا أن الوقت قد حان للتفاوض أو مواجهة “العواقب المؤلمة”، على حد وصفه. وبينما حرص على عدم التصريح صراحة بدور أميركي مباشر في الضربات الأخيرة، فإن الدعم السياسي والعسكري المطلق لإسرائيل لم يعد محل شك.

والأهم من ذلك، هو رفض ترامب التوقيع على البيان الأوروبي المشترك الداعي إلى التهدئة، في خطوة تمثل قلبًا للطاولة على المساعي الدبلوماسية الأوروبية، ما يعكس رغبة الإدارة الأميركية في الضغط لأقصى حد، حتى وإن أدى ذلك إلى انفجار إقليمي واسع.

ضوء أخضر إسرائيلي.. وظلال أميركية ثقيلة

الهجوم الإسرائيلي على العمق الإيراني، والذي استهدف منشآت نووية وقادة عسكريين بارزين، لم يكن ليتم دون تنسيق استخباراتي ودعم لوجستي أميركي على أعلى مستوى، وفقًا لتقارير صحفية أميركية. ورغم نفي البيت الأبيض تورطه المباشر، فإن مراقبين يرون أن تصريحات ترامب تكشف عن “ضوء أخضر ضمني” لإسرائيل بالمضي قدمًا.

كما أن تحذير إخلاء طهران يحمل دلالة خطيرة: إما أن يكون تمهيدًا لضربة أميركية محتملة، أو رسالة ردع لطهران لتفادي الرد، وإلا فإن العقاب سيكون ساحقًا.

إيران بين التهدئة والرد.. ووساطة عربية باهتة

في المقابل، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن طهران بعثت برسائل غير مباشرة إلى واشنطن وتل أبيب عبر وسطاء عرب، تشير إلى رغبتها في إنهاء التصعيد واستئناف المحادثات النووية. لكن الواضح أن “رسائل التهدئة” جاءت متأخرة للغاية، وتواجه صدى ضعيفًا في ظل مزاج أميركي – إسرائيلي متعطش لـ”إغلاق الملف النووي بالقوة إن لزم الأمر”.

قراءة في الأبعاد السياسية:

  • ترامب يريد حسمًا نوويًا قبل الانتخابات الرئاسية: إذ يدرك أن حسم المواجهة مع إيران (ولو إعلاميًا) يعزز صورته كزعيم قوي يعيد “أميركا العظيمة”.

  • تغييب أوروبا عن المشهد: رفض البيان الأوروبي يكشف عن تصدّع في الرؤية الغربية تجاه الشرق الأوسط، وعودة أميركا إلى نهج الأحادية في ملفات الحرب والسلام.

  • نحو إعادة تشكيل الشرق الأوسط؟: استهداف طهران قد يفتح الباب أمام تغييرات استراتيجية في موازين القوى، خاصة إذا تبع الضربة شلل في البرنامج النووي الإيراني، أو سقوط شخصيات نافذة داخل النظام.

تحذير ترامب بإخلاء طهران ليس مجرد تصريح إعلامي، بل هو جزء من “هندسة رعب” استراتيجية تهدف إلى تركيع إيران سياسيًا أو تفجيرها من الداخل عسكريًا. وبينما تتجه الأنظار إلى السماء الإيرانية خشية ضربة مفاجئة، يبقى السؤال الأخطر:

هل نعيش الآن الساعات الأولى من حرب كبرى تُكتب بتوقيع ترامب؟

اقرأ أيضا: قمة بلا مواقف: قادة السبع يهادنون ترامب رغم دعمه للإبادة في غزة