يمثل الناشط الإماراتي خليفة النعيمي أحد أبرز ضحايا القمع المتزايد الذي تمارسه السلطات الإماراتية ضد الأصوات المعارضة، حيث عكس قضيته واقعاً مأساوياً من انتهاك حقوق الإنسان.

كذلك تجسد مأساة النعيمي الوجه الحقيقي لسياسات حكام أبوظبي وعلى رأسهم محمد بن زايد الذي يسعى إلى إسكات أي مطالبات بالحرية أو الإصلاح السياسي والاجتماعي.

بدأت مأساة خليفة النعيمي في 16 يوليو 2012 عندما اعتقله جهاز الأمن الإماراتي من منزل أسرته دون أي مذكرة قانونية أو تهمة واضحة، حيث اختفى النعيمي قسرياً لشهور، حيث لم يتمكن أهله من معرفة مكان احتجازه حتى ظهوره الأول في المحكمة في مارس 2013.

تعرض النعيمي خلال فترة اختفائه لشتى أنواع الانتهاكات، حيث احتُجز في زنزانة انفرادية تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة. لم يُسمح له بالحصول على سرير أو سجادة أو حتى نسخة من المصحف، وتم منعه تماماً من التواصل مع أسرته أو الحصول على تمثيل قانوني. كان يتم استجوابه بشكل متكرر وهو معصوب العينين وتُوجه له الإهانات، مما تسبب له في أضرار نفسية جسيمة.

الانتقام في صورة محاكمات

في 2 يوليو 2013، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي حكماً قاسياً بسجن خليفة النعيمي لمدة 10 سنوات، إضافة إلى 3 سنوات مراقبة، بتهمة الانتماء إلى تنظيم سري غير مشروع، ضمن ما عُرف إعلامياً بـ”قضية الإمارات 94″.

ورغم عدم وجود أدلة مادية على التهم الموجهة إليه، إلا أن المحكمة تجاهلت الانتهاكات التي تعرض لها النعيمي، بما في ذلك الإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي. 

كذلك أُجبر النعيمي على التوقيع على اعترافات تحت التهديد، وتم منع محاميه من التواجد أثناء التحقيقات أو المحاكمة، وهو ما اعتبرته منظمات حقوقية إخلالاً صارخاً بالعدالة.

انتهاكات داخل السجون

لم تنته معاناة النعيمي مع صدور الحكم، بل تصاعدت داخل سجن الرزين سيئ السمعة. في مارس 2014، وُضع في الحبس الانفرادي مجدداً في ظروف غير إنسانية، حيث منع من الطعام دون أسباب. 

وفي واقعة أخرى، تعرض للضرب المبرح رفقة زميله المعتقل علي عبد الله الخاجة، مما أدى إلى ظهور كدمات واضحة على جسديهما دون أن يتم التحقيق في الحادثة.

فيما بلغت الانتهاكات ذروتها عندما مُنع النعيمي من حضور جنازة والده أو حتى الصلاة عليه، بعد أن كان محروماً من رؤيته لأكثر من عام ونصف. يُعد هذا التصرف انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية التي تُكفل حتى للمعتقلين.

رغم انتهاء فترة محكوميته في 16 يوليو 2022، واصلت السلطات الإماراتية احتجاز خليفة النعيمي بشكل غير قانوني. نُقل إلى مركز المناصحة بسجن الرزين بذريعة مزاعم واهية بأنه يشكل خطراً إرهابياً، دون منحه حق الطعن القانوني.

في ديسمبر 2023، وُجهت له اتهامات جديدة مع 83 شخصاً آخرين بزعم تأسيس ودعم تنظيم إرهابي في قضية جديدة أُطلق عليها “الإمارات 84”. ورغم اعتراض 17 خبيراً من الأمم المتحدة على المحاكمة ووصفهم التهم بأنها باطلة وتهدف لإسكات المجتمع المدني، أصرت السلطات الإماراتية على المضي قدماً في إصدار أحكام قاسية.

أحكام قاسية طويلة الأمد

في 10 يوليو 2024، أصدرت محكمة أبوظبي أحكاماً بالسجن المؤبد على النعيمي و43 متهماً آخرين. اعتبرت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية هذه الأحكام غير قانونية ومخالفة للمواثيق الدولية، في ظل غياب الشفافية واستمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

تعكس قضية خليفة النعيمي سياسة ممنهجة تهدف إلى سحق أي معارضة سياسية أو اجتماعية في الإمارات، تستغل السلطات ذريعة مكافحة الإرهاب لتبرير قمعها للأصوات الناقدة، مما يساهم في خلق مناخ من الخوف والترهيب داخل المجتمع.

الخلاصة أن هذه القضية تظهر غياب استقلالية القضاء في الإمارات، حيث تتحكم الأجهزة الأمنية في مجريات المحاكمات لتصب في مصلحة النظام الحاكم. من جهة أخرى، تسعى السلطات لإظهار صورة مزيفة أمام المجتمع الدولي عبر الترويج لسياسات التسامح والانفتاح، في حين أن الواقع يعج بالانتهاكات والاعتقالات التعسفية.

اقرأ أيضًا : بتخطيط وتنفيذ شيطان العرب.. خطة بن زايد بالتعاون مع الاحتلال لضرب اليمن