كتب – باسم الشجاعي

لم يمر أكثر من أسبوع على احتفاء وسائل الإعلام المصرية بتوقيع البروتوكول بين وزيري الطيران “شريف فتحي”، ونظيره الروسي، “مكسيم سوكولوف”، لاستئناف الرحلات الجوية بين موسكو للقاهرة، مطلع فبراير الجاري، حتى أتت تصريحات “شريف” مؤخرًا تحمل بين طياتها الكثير من التساؤلات، خاصة مع إعلانه أن الشركات المحلية غير مؤهلة لتأمين المطارات، ومن المرجح أن يتم التعاون مع شركات روسية متخصصة في هذا المجال.

فقد حل المهندس “شريف فتحي”، وزير الطيران المدني، ضيفا ببرنامج “العاشرة مساء” المذاع على قناة “دريم” الفضائية، “الأحد” 24 ديسمبر، للحديث عن مراحل التفتيش الأمني بالمطارات، وعودة الرحلات الجوية بين ورسيا ومصر.

” شريف فتحي “

 

شركة المخابرات غير مأهلة

الوزير قال: إننا “بصدد إنشاء عدد من شركات الأمن، لتأمين الرحلات، ومراقبة العمل الأمني داخل المطارات”، ليتبادر للأذهان، الشركة الوطنية “فالكون” الأمنية، التي وقعت اتفاقية تعاون مع شركة “ريستراتا” الإنجليزية، لتأمين المطارات والموانئ رسميًّا، في أغسطس 2016، وتضمن الاتفاق تدريب سبعة آلاف فرد أمن مصري.

وتم إنشاء “فالكون” كشركة مساهمة من القطاعين العام والخاص، وهيئات أخرى تابعة للدولة، تمتلك وزارة الطيران المدني وهيئات حكومية أخرى 80 % من أسهم الشركة، بينما تمتلك فالكون جروب 20% من الأسهم.

ومن المعروف أن شركة “فالكون” التي تأسست في 2006، يرأسها اللواء “شريف خالد”، وكيل سابق للمخابرات الحربية، ورئيس قطاع الأمن في اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقًا، وتقدم خدماتها الأمنية مسلحة بشكل كامل.

كما أنها الشركة الوحيدة في مصر التى لديها تصريح البندقية الخرطوش في الشرق الأوسط، والتي حصلت عليها قبيل تولي المسؤولية لتأمين “السيسي” أثناء حملته الانتخابية في 2014.

ووفقًا للدكتور “عادل سليمان”، رئيس منتدى الحوار الإستراتيجي فإن أغلب أفراد الشركة هم أفراد جيش وشرطة ومخابرات متقاعدون، أو مكلفون سريًّا بالالتحاق بالشركة.

وبالرغم من وجود “فالكون” في الوقت الحالي لتأمين المطارات، إلا أنه يبدو أن سمعتها السيئة (بحسب روايات بعض المسافرين) قد سبقتها؛ فقد أعلن الوزير قائلًا: “الاحتمال الأكبر أن تكون شركات التأمين الخاصة من روسيا؛ لأننا ما زلنا ندرب الشركات المصرية”، على الرغم من تواجدها في المطارات المصرية منذ أكثر من عام.

إلا أن تصريح وزير الطيران، يتعارض مع ما صرح به، “شريف خالد”، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمجموعة، فالكون جروب، خلال توقيع الاتفاقية مع شركة سميث هايمن الألمانية، في يوليو 2016، التي تتيح تصنيع وتجميع المعدات والأجهزة الأمنية الخاصة بالمطارات والمنشآت والبنوك فى مصر بتكلفة مليار جنيه؛ حيث قال، إنه “تم الانتهاء من 95% من عمليات التدريب والاستعدادات الكاملة الخاصة بالشركة الوطنية “فالكون” لتأمين المطارات والموانئ”.

 

من المسؤول؟

ما كشفه وزير الطيران المصري، بأن شركة “فالكون” غير مؤهلة لمهمة تأمين المطارات، رغم مرور أكثر من عام على تواجدها في مطارات مصر، يثير الشكوك، خاصة وأن الشركة تعاقدت في أغسطس 2016، مع شركات أجنبية، لتدريب أفرادها لتأهيلهم، ولماذا يخضع النظام المصري لطالبات الجانب الروسي.

ولكن يبدو أن الجانب الروسي، يسعى للحصول على أكبر قدر ممكن من مصر، واستنزافها ماديا مقابل عودة السياحة، التي تسعى مصر لعودتها في أقرب وقت ممكن، منذ أن تحطمت طائرة إيرباص 321، التابعة لشركة متروجيت الروسية بعد إقلاعها من شرم الشيخ في طريقها إلى سان بطرسبرج، في منطقة جبلية في سيناء يوم 31 أكتوبر 2015.

وتبرز أهمية عودة الرحلات الروسية إلى مصر؛ كون السياح الروس يحتلّون المركز الأول في قائمة الدول المصدرة للسياحة إلى مصر، إذ بلغ عدد الروس الذين قصدوا مصر بهدف السياحة عام 2014 نحو 3.16 ملايين سائح، يمثلون نحو 35% من إجمالي الحركة الوافدة سنويًّا إلى مصر.

” الطائرة المحطمة “

 

وحقق السياح الروس 2.5 مليار دولار إيرادات لمصر عام 2014، من أصل 7.3 مليار دولار حققها قطاع السياحة ككل، خلال العام نفسه تقريبا.

وشهدت عائدات السياحة أكبر أعداد لها عام 2010، بزيارة 14.7 مليون سائح، وحققوا لمصر 12.5 مليار دولار، بينما يعتبر عام 2016 أسوأ أعوام السياحة على مصر، حيث زار مصر 5 ملايين سائح، بعائد 4 مليارات دولار.

فعلى مدار العام الماضي، ترددت 8 شركة روسية متخصصة في مجال تأمين المطارات، في إطار الجهود المبذولة لزيادة تأمين المطارات والرحلات، من أجل إعادة السياحة الروسية لمصر، ولم يكشف الجانب المصري، ما إذا كان تعاقد مع إحدى الشركات الروسية من عدمه، ولكن يبدو أن الاتجاه السائد الآن، هو إبرام عقود مع تلك الشركات، أملا في عودة السياح الروس، إلا أن وزير الطيران لم يكشف عن أي تفاصيل في الأمر.

 

الشرطة أيضا غير مؤهلة

وزير الطيران المدني، لم يكتفِ بتأكيده أن الشركة المصرية “غير مؤهلة”، ولكن أكد أيضا أن الشرطة ستكون هي حائط الحماية الثاني للتأمين، مما يؤكد أنها غير مؤهلة أيضا، وفقا لما ذكر الوزير.

الغريب في الأمر، أنه بعد توقيع شركة “فالكون” اتفاقية تعاون مع شركات ألمانية، تم توقيع اتفاق آخر، بين وزير الداخلية المصري، “مجدي عبد الغفار”، مع نظيره الألماني، تضمنت تعزيز أمن المطارات في مصر، دون الكشف عن تفاصيل.

وأنفقت مصر ما يزيد عن 60 مليون دولار، من أجل تطوير منظومة تأمين المطارات، والتي تضمنت شراء أحدث أجهزة الكشف عن المفرقعات، خاصة أجهزة الكشف ثلاثي الأبعاد في تفتيش الركاب والحقائب، وفقا لوكالة “سبوتنيك” الروسية.