يشهد الائتلاف الحكومي التونسي توترات داخلية على خلفية موضوع التعديل الوزاري. وإذا كان لا يزال من المبكر الحديث عن أزمة سياسية، إلا أن هناك حالة من عدم اليقين بشأن مصير التحالف الحكومي. وقد كشفت مصادر خاصة في تونس عن وجود خلافات كبيرة بشأن التعديل الوزاري الذي بدأ رئيس الحكومة يوسف الشاهد، بالتشاور بشأنه مع الأحزاب التونسية.

ويبدو أن هذه الخلافات ليست شكلية وإنما عميقة وتتعلق بحجم هذا التعديل. ويطالب حزب “نداء تونس” بتقييم شامل لكل الحقائب، بينما تفضل حركة “النهضة” تعديلاً جزئياً يشمل المناصب الشاغرة وتأجيل التعديل الكبير لما بعد الانتخابات البلدية وإقرار موازنة العام المقبل. وجاء بيان “النهضة” الأخير ليؤكد هذا الطلب، وليكشف أيضاً عن حجم هذه الخلافات. وبحسب المصادر، فإن “النهضة” ترى أنه ليس هناك داعٍ للاستعجال في إجراء التعديل الشامل وأن الحكومة عليها أن تحافظ على أكبر قدر من الاستقرار، وهو ما يتعارض مع رؤية “النداء” للموضوع.

وكشفت المصادر عن أن الشاهد الذي كان يستعد لإجراء تعديل وزاري جزئي هذا الأسبوع، يقتصر على وزارات الاستثمار والمالية والتعليم، أصبح يفضّل بدوره تغيير بعض الحقائب الأخرى، لتحسين أداء بعض الوزارات ولإعداد خطة موازنة صعبة، يبدو أنها ستتضمن إجراءات قاسية تتطلب شجاعة سياسية وجرأة، بحسب المصادر. لكن هناك من يرى أن الشاهد يسعى لتحصين فريقه القريب وإطالة عمر حكومته التي تتهددها نوايا استبعاد لشخصه.

ومن المتوقع أن تحافظ “النهضة” على عدد حقائبها من خلال تعيين الحمامي في وزارة الفلاحة، وزياد العذاري في وزارة الطاقة، إذا لم يتم استبعاد وزير تكنولوجيا الاتصال أنور معروف. ويبدو أن الشاهد يرغب بهذا الأمر، لكن في هذه الحالة، سيتم تقسيم وزارة الصناعة والتجارة إلى حقيبتين. كذلك، ذكرت مصادر مطلعة على المشاورات أن حزب “النداء” متمسك باستبعاد الوزيرين المستشارين لدى رئيس الحكومة، إياد الدهماني ومهدي بن غربية. وسبق أن وجهت قيادات “ندائية” اتهامات صريحة للوزيرين بأنهما “يعاديان حزبهما ويؤثران سلباً على الشاهد ويعملان على إبعاده عن حزبه، “نداء تونس”.

وفي ظل هذا الوضع، من المرجح أن الشاهد لن يصمد طويلاً أمام هذه الضغوطات المتواصلة. وتوقعت المصادر أن يتم استبعاد بن غربية فيما سيبقى الدهماني في موقعه، ولكن الشاهد سيبذل كل جهده للإبقاء عليهما معاً، بحسب المصادر.

وتخشى الأطراف التونسية أن يطول أمد المشاورات بشأن التعديل الوزاري ويؤثر على العمل الحكومي في انتظار الانتهاء منها. لكن المصادر رجحت أن يتم الانتهاء سريعاً من هذه المسألة، مشيرةً إلى أن حسمها سيتم خلال أسبوع أو أسبوعين، وربما يتراجع الشاهد عن خياره، ويقرر إجراء التعديل الجزئي، لأنه يبقى صاحب القرار الأخير في النهاية، وهو ما أثبته باستمرار إلى حد الآن.