تعاني إمارة دبي من أزمة اقتصادية طاحنة جرّاء تراكم الديون المتواصل بالإضافة لحالة الركود التي تشهدها قطاعات حيوية في الإمارة، والتي ازدادت حدتها مع بداية ظهور فيروس كورونا، وأدت لتوقف حركة الطيران وتوقف العديد من الشركات والفنادق التي تعتمد بشكل أساسي في دخلها على حركة السياحة، مما ينذر بحالة من الإفلاس أو التسريح يعيشها العاملون في هذا المجال.

الركود يضاعف الديون

وقال “بنك أوف أمريكا”، إن دبي قد تشهد ركوداً بنحو 5.5% في 2020، إذ تواجه استحقاقات ديون بنحو 10 مليارات دولار هذا العام، في حين يُتوقع أن تتراجع الإيرادات على غرار أزمة 2009.

وفي مذكرة بحثية، تشير تقديرات “بنك أوف أمريكا” إلى أن العجز المالي لدبي قد يتسع إلى 4.4 مليارات دولار، بما يعادل 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد يرتفع إلى 5.3% بحساب مدفوعات الفائدة على قرض من بنك الإمارات دبي الوطني، أكبر بنوك الإمارة.

وتقدر بيانات صندوق النقد الدولي ديون حكومة دبي والكيانات المرتبطة بها بنحو 110% من الناتج المحلي الإجمالي، دون تغير من حيث القيمة الاسمية منذ الأزمة المالية العالمية في 2009، لكن بنك أوف أمريكا قال إن “مزيداً من تعثر الشركات سيكون ممكناً إذا تواصل الركود الاقتصادي”.

وأضاف البنك أن “خسائر متواصلة في الإيرادات قد تثير مخاوف حيال ملاءة الشركات إذا كان التعافي ضعيفاً”، وفقاً لـ”رويترز”.

وقال إنه يتوقع أن تحصل الحكومة والبنوك على دعم من أبوظبي الغنية بالنفط ومن مصرف الإمارات المركزي إذا تطلب الأمر، لكن استردادات الديون من الشركات التابعة لحكومة دبي خلال السنوات المقبلة معرضة لخطر أكبر.

قطاع الطيران يترنح

ويعد قطاع الطيران ضمن أكثر القطاعات تأثرا بالوباء، إذ قالت مجموعة “طيران الإمارات”، إنها قررت تسريح عدد من موظفيها بسبب الصعوبات الناجمة عن أزمة فيروس كورونا.

وذكر المتحدث باسم الشركة في تصريحات نقلها المكتب الإعلامي لحكومة دبي: “في هذه الأوقات الصعبة، ورغم أننا بدأنا بالعودة تدريجياً إلى الطيران، مع اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، أثرت هذه الجائحة بشكل كبير على قطاعات صناعية كثيرة حول العالم”.

وأضاف: “لكننا وصلنا إلى استنتاج أنه للأسف يتعين علينا أن نودع عدداً من الأشخاص الرائعين الذين عملوا معنا”.

وقال المتحدث باسم طيران الإمارات: “على الرغم من العودة التدريجية لتشغيل رحلاتنا في هذه الأوقات الصعبة وضمن إطار من الالتزام التام بالإجراءات الوقائية، تبقى حقيقة أن الجائحة العالمية لفيروس كوفيد-19 تركت آثارا سلبية عميقة على كثير من القطاعات الاقتصادية حول العالم.

وزادت وتيرة إلغاء الرحلات الجوية بنسبة قاربت 85% ببعض الشركات، وبدأت شركات الطيران تسريحاً فورياً للعمالة أو خفضاً بالمرتبات، وسط حالة الرعب التي ينشرها “كورونا”.

ومطلع مارس الماضي، طلبت شركة “طيران الإمارات” من موظفيها الحصول على إجازة، في إطار تداعيات انتشار فيروس “كورونا المستجد”، وتأثيره على رحلات الطيران حول العالم.

ويعمل بالشركة أكثر من 100 ألف موظف، بينهم أكثر من 21 ألفاً من طواقم الطائرات، و4 آلاف طيار.

انهيار قطاع الشركات

من ناحية أخرى، أفادت تقارير حديثة بأن 70% من الشركات العاملة في إمارة دبي تتوقع أن تغلق أبوابها في الأشهر الستة المقبلة، وأن 30% من العاملين في قطاع الفنادق مهددون بخسارة وظائفهم؛ في ظل تعاظم المخاوف المتعلقة بانتشار فيروس “كورونا”.

وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية، إن دراسة أجرتها غرفة تجارة دبي، في الفترة من 16 إلى 22 أبريل الماضي، أكدت أن 70% من الشركات العاملة في الإمارة تتوقع أن تغلق أبوابها خلال الأشهر الستة المقبلة.

واستطلعت الدراسة، بحسب الصحيفة، رأي 12 ألفاً و228 من الرؤساء التنفيذيين للشركات في مختلف القطاعات، نحو ثلاثة أرباعها من الشركات الصغيرة التي يعمل بها أقل من 20 موظفاً.

وتوقع 27% ممن شملتهم الدراسة الخروج من العمل في الشهر المقبل، في حين قال 43% من أصحاب الأعمال إنهم يخشون نفس النتيجة في غضون الشهور الستة المقبلة.

وخففت دبي إجراءات الإغلاق الصارمة، أواخر أبريل الماضي، بعد فرض حظر تجول على مدار 24 ساعة معظم الشهر للحد من الانتشار، لكن ذلك أحدث صدمة اقتصادية للقطاع الخاص.

وكان من المرجح أن تبلغ الشركات الصغيرة والمتوسطة عن مخاوف من الإفلاس، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ومع ذلك أعربت الشركات الكبرى التي لديها أكثر من 100 موظف عن مخاوفها؛ حيث توقعت 19٪ من الشركات الكبرى إغلاقها في الشهر المقبل، و27٪ خلال الأشهر الستة المقبلة.

ووجدت الدراسة أن الشركات المعرضة لعمليات الإغلاق العالمية كانت قلقة بشكل خاص.

وقال نحو ثلاثة أرباع شركات السفر والسياحة إنها تتوقع الخروج من العمل في الشهر المقبل، إلى جانب ما يقرب من نصف الفنادق والمطاعم التي شملها الاستطلاع، و30٪ من شركات العقارات والخدمات اللوجستية.

في غضون ذلك نقل موقع “بلومبيرغ” الأمريكي عن مؤسسة الأبحاث “إس تي آر” أن نسبة إشغال الفنادق في دبي تراجعت منذ انتشار فيروس كورونا، وقال إنه من المحتمل أن يفقد نحو 30% من العاملين في هذا القطاع وظائفهم.

ونقل الموقع عن فيليب وولر، مدير قسم الشرق الأوسط وأفريقيا في “إس تي آر”،  أن نحو 43 ألف غرفة فندق -أي ما يعادل ثلث إجمالي الغرف- ستظل مغلقة حتى حلول سبتمبر المقبل على الأرجح، حيث يقوم معظم أصحاب الفنادق بتوجيه الحجوزات إلى عدد أقل من العقارات لتوفير تكاليف التشغيل.

وأشار إلى أن معدل الإشغال بلغ نحو 23% منذ بداية أبريل الماضي، مؤكداً أن تأجيل معرض دبي الدولي لعام 2020 إلى العام المقبل بسبب فيروس كورونا كان من بين الانتكاسات الأخرى التي أصابت دبي.

ويبلغ متوسط ​​الإشغال على مستوى العالم نحو 20%، وكان مدعوماً في الغالب بالطلب على سكن الطاقم الطبي والحجر الصحي، في وقت كانت فيه نسبة الإشغال قد بلغت 80%، نهاية فبراير الماضي.

وساهمت السياحة بنسبة 11.5% في الناتج المحلي لدبي عام 2019، حيث أفادت الحكومة بأن 16.7 مليون سائح قد زار المدينة.

اقرأ أيضاً: “كورونا” يقصف طيران الإمارات .. الشركة تسرّح عدد من موظفيها بسبب الوباء