تحتفل العديد من الدول اليوم باليوم العالمي للمرأة، وبطبيعة الحال المملكة العربية السعودية إحدى تلك الدول خاصة بعد الطفرة الحضارية التي شهدها ملف المرأة والإصلاحات الجديدة التي أدخلت عليه مؤخراً. مع ذلك، لا يمكن القول إن وضع المرأة في السعودية أصبح جيداً الآن، فملف المعتقلات وسجينات الرأي لا زال شائكاً، ولا زالت المملكة عاجزة أمام إيجاد حل لضمان حصول تلك المعتقلات على حقوقهن الأساسية.

 ملف لجين الهذلول -الناشطة التي اعتقلت لمطالبتها بحق المرأة في قيادة السيارات- كان أحد أبرز الأدلة على اضطهاد المرأة في المملكة، بعد ما يقرب من ثلاث سنوات في السجن، تم إطلاق سراحها فبراير/شباط الماضي. لم يكن الإفراج عنها لبراءتها، لكن كانت محكوميتها بالسجن قد انتهت بعد اتهامها بالتحريض على تغيير نظام الحكم الأساسي، وعدد من التهم الأخرى غير المنطقية.

 لجين- التي اعتقلت في مايو/أيار 2018، وغيرها من الناشطات في مجال حقوق المرأة تم تصنيفهن من فئة “المذنبين” ذوي الخطورة العالية، لهذا كان يتم نظر أغلب قضاياهن أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بمحاكمة المعتقلين بتهم الإرهاب والمتطرفين من كافة المجالات.

 وفقًا لخبراء الأمم المتحدة، فإن لائحة الاتهام المؤلفة من ست صفحات ضد الهذلول والنشطاء الآخرين كانت “كاذبة وملفقة”، والمفارقة أنه بعد اعتقال هؤلاء الناشطات، رفعت الحكومة السعودية الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات في يونيو/حزيران 2018، وبالرغم من ذلك، لم يتم الإفراج عن لجين وزميلاتها، بل تم الإبقاء عليهن في السجن بتهم خطيرة.

 بالرغم من اللمحة الإيجابية حول الإفراج عن لجين الهذلول، فإن استمرار احتجاز عشرات النساء الناشطات والحقوقيات يحمل رسالة سيئة عن تمسك النظام السعودي بالنهج القمعي في التعامل مع ملف المعتقلين بشكل عام والمرأة بشكل خاص، خاصة وأن هذا الإفراج يعد مشروطاً، إذ لا تزال لجين ممنوعة من السفر إلى الخارج لمدة خمس سنوات، مع التهديد بإلغاء تعليق السجن في حال ارتكبت أي جرائم.

 وكما حدث مع لجين فيما يتعلق برفع الحظر عن قيادة السيارات للمرأة، مع الإبقاء على احتجازها، أبقت المملكة على احتجاز نسيمة السادة – الحائزة على جائزة القلم الأمريكي، سمر بدوي، ومياء الزهراني اللواتي كان يطالبن بإلغاء ولاية الرجل، رغم أنها في أغسطس/آب 2019 عن إصلاحات اجتماعية كبيرة وتم تخفيف بعض القيود بموجب نظام ولاية الرجل، وهي الإصلاحات التي أدخلتها الرياض -ظاهرياً- لتجنب المزيد من الانتقادات من واشنطن والمجتمع الدولي.

 وفي أعقاب الإعلان، قالت لين معلوف، مديرة الأبحاث في الشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية: “الإعلان عن الإصلاحات خطوة مهمة إلى الأمام لكنها طال انتظارها فيما يتعلق بحقوق المرأة… هذه التغييرات هي شهادة واضحة على الحملة الدؤوبة لناشطات حقوق المرأة الذين ناضلوا ضد التمييز المتفشي في المملكة العربية السعودية منذ عقود “.

 بموجب المرسوم الملكي م 134 ، يمكن للمرأة السعودية الحصول بشكل مستقل على جوازات سفر، والتسجيل للزواج، والإبلاغ عن ولادة الأطفال، والحصول على سجلات الأسرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للنساء فوق سن 21 عامًا السفر إلى الخارج دون إذن ولي الأمر.

 تم إحداث بعض التغييرات الرئيسية فيما يتعلق بالوضع المدني للمرأة أيضًا، وكذلك فيما يتعلق بعمل المرأة إذ تم سن قوانين لمنع التمييز في مكان العمل ضد المرأة، سواء من خلال ساعات العمل والإجازات والأجور.

 وعلى الرغم من تقليص بعض القيود الاجتماعية الأساسية المفروضة على حريات المرأة، لا يزال نشطاء حقوق المرأة يتعرضون للاعتقال أو المحاكمة أو السجن لارتكابهن جرائم بسيطة تتعارض مع الأعراف الاجتماعية.

فيما يتعلق بالتغييرات القانونية، أشارت روثنا بيغوم، باحثة أولى في مجال حقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش، إلى أن “الإصلاحات القانونية التي طال انتظارها في المملكة العربية السعودية يجب أن توفر للمرأة السعودية درجة أكبر بكثير من السيطرة على حياتها… لكن هذا انتصار حلو ومر، حيث تظل النساء السعوديات الشجاعات اللائي دفعن من أجل هذه التغييرات خلف القضبان أو يواجهن محاكمات غير عادلة “.

 من ناحية أخرى، أكد العديد من المحللين أن هناك العديد من قضايا حقوق الإنسان بشكل عام والتي تحتاج إلى حل من قبل الحكومة السعودية، حيث صرح آدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “كان هناك الكثير من الإصلاحات الجيدة التي يجب أن يتم الإشادة بها، لكن الغياب التام لأي نوع من أنواع حرية التعبير والقمع السياسي المستمر قد أفسد الإصلاحات التي أدخلها النظام”.

 للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

 
اقرأ أيضًا:
خدمات سعودية “غير مسبوقة” للاحتلال.. كيف ستغدو “نيوم” عاصمة التطبيع العربي؟