في عام 2015 تم تنصيب الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد في المملكة العربية السعودية والذي أقام علاقات واسعة من خلال منصبه مع الحليف التاريخي للمملكة الولايات المتحدة الأمريكية.

ولم يكن يتوقع أحد أن رجل المملكة القوي صاحب النفوذ والذي استبشر الكثير بأن يكون هو الملك القادم للسعودية، أن ينتهي به الحال أن يكون سجيناً أو مختطفاً داخل سجون المملكة نفسها وذلك من خلال انقلاب مكتمل الأركان بواسطة ابن عمه محمد بن سلمان نجل الملك.

محمد بن سلمان ولي العهد الحالي والذي تملك كل مقاليد النفوذ والقوة بالمملكة الآن، خطط ونفذ انقلاب لإزاحة ابن عمه الذي تجاوز الـ60 عاماً ليصبح هو في الثلاثينات من عمره رجل السعودية الأول، وقد فرض على المملكة قبضة أمنية كبيرة خلفت وجود الآلاف في سجون آل سعود بين أمراء وحكوميين ودعاة وقضاة وحتى وزراء أمثال بن نايف والأمير أحمد بن عبد العزيز.

منذ أيام أصدرت صحيفة الغارديان تفاصيل جديدة عن تلك الأحداث التي مرت عليها ما يقرب من خمس سنوات، كشفت فيه عن الصراع في ليالي الأمير محمد بن نايف الأخيرة بالقصر وكيف قام بن سلمان بالتنكيل به وإجباره على التنازل عن العرش، وكيف قام بتوجيه القوة الضاربة تجاه كل رموزه؟!.

بداية الصراع 

قبل انقلاب محمد بن سلمان على ابن عمه محمد بن نايف كان الصراع بينهما قد بلغ أشده وخاصة على إثر الأزمة الخليجية مع قطر والتي أوضحت تهور محمد بن سلمان الذي حاول الضغط أكثر لإحداث القطيعة مع قطر، لكن محمد بن نايف كان يرى أن يتم حل الخلافات عن طريق الدبلوماسية وهو ما دفع محمد بن سلمان لفتح قناة اتصال مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد دون علم ولي العهد آنذاك محمد بن نايف.

وفي يوم 20 يونيو من عام 2017 تم استدعاء الأمير محمد بن نايف لقصر الملك سلمان بمدينة مكة وتم إعطاء أوامر لحرس ورجال الأمن المرافقين للأمير محمد بن نايف بالانتظار خارج القصر على غير العادة.

تمت مصادرة الهواتف المحمولة وثم تم اقتياد محمد بن نايف إلى غرفة خاصة بالقصر وحبسه فيها وقام تركي آل الشيخ رئيس شؤون الديوان الملكي بالدخول عليه فيها لإجباره للتنازل عن منصبه.

تركي آل الشيخ الذي تم تصويره أكثر من مرة وهو يقبل يد ورأس الأمير محمد بن نايف هدد ولي العهد آنذاك باغتصاب عائلته أمام عينه ثم منع الدواء عن بن نايف وهو مريض بالسكري وضغط الدم حتى استسلم تماماً مع بزوغ الفجر.

في الساعات الأولى من اليوم التالي تم اقتياد محمد بن نايف إلى غرفة قد أعدت بمعدات تلفزيونية كي يتنازل عن المنصب أمام الشاشات وحينها قام ولي العهد السعودي بطريقة بمسرحية بتقبيل يده وركبته ليظهر التواضع المبتذل لكن ما أكده محمد بن نايف خلال رسائله لأحد رجاله “أن خلف تلك الكاميرات كان هناك جندي يشهر مسدسه في وجه بن نايف” لإجباره على التنازل ومن ثم تم إعلان محمد بن سلمان ولياً للعهد.

القاتل المجنون 

بعد ذلك عاد محمد بن نايف إلى قصره بمدينة جدة وقد وجد أن طاقم الحراسة قد تغير بالكامل ليتضح أنه تحت الإقامة الجبرية لكن سرعان ما قام محمد بن سلمان بالقبض على 40 شخص من عائلته وقبض عليه هو شخصياً فيما بعد ونكل ومازال ينكل به في السجن إلى الآن.

لكن أحد الرجال المقربين من محمد بن نايف قد لاذ بالفرار من المملكة أثناء تلك الأحداث ألا وهو سعد الجبري الرجل الاستخباراتي القوي والذي وصف بن سلمان بالقاتل المجنون وقد أكد أن بن سلمان ما هو إلا قاتل مجنون وسيسعي لاغتياله.

الجبري حاول الرجوع للمملكة بعدما هرب لتركيا كما انه حاول استجداء بن سلمان الذي قبض على أبنائه ونكل بهم في غياهب السجون لكن بلا جدوى، حيث وعده محمد بن سلمان بملاحقته.

أكد الجبري أيضاً أن الأمر لم ينته بالقبض على الأمير محمد بن نايف بل حاول ومازال يحاول محمد بن سلمان أن يحصل على أملاك محمد بن نايف في الخارج والتي تخطت الـ 5 مليارات دولار، فتم إجبار بن نايف على الاتصال بأحد البنوك في الخارج لتحويل كل أرصدته من الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الاسترليني إلى المملكة لكن محاميه أكد أن ذلك تم تحت التهديد.

الخلاصة أن محمد بن سلمان دبر للانقلاب على ابن عمه كي يستتب له الحكم وقام بالتنكيل به وبعائلته وبكل رجاله من أجل كرسي العرش وقد فرض على المملكة قبضة أمنية كبيرة حتى أن بعض الصحف أكدت أن السعوديين يضعون هواتفهم المحمولة في الثلاجات حينما يريدون التحدث عن السياسة داخل المملكة خوفاً من بطش محمد بن سلمان.

اقرأ أيضاً : ما هو الدور الخفي لابن زايد في عزل الأمير محمد بن نايف؟