السعودية تمد جسور الصداقة مع عدوها القديم

يأتي تحسين العلاقات مع العراق في وقت مناسب للسعوديين في صراع السلطة القائم مع خصمهم في الشرق الأوسط

رغم أن الحدود بين السعودية والعراق عبارة عن “خط مرسوم على الرمال”، إلا أنه يحكي الكثير عن الاضطرابات التي شهدها الشرق الأوسط خلال العقود الثلاثة الماضية.

تم إغلاق الحدود بين البلدين في 1990 بعد غزو صدام حسين للكويت والذي أدى لاندلاع “حرب الخليج”. اقترح السعوديون بناء حاجز بقيمة 7 مليار دولار وسده في 2006 بعد تصاعد وتيرة العنف الطائفي، ومع ظهور تنظيم الدولة الإسلامية اضطر السعوديون إلى تعزيز الحدود البالغ طولها 900 كيلومتراً (560 ميلاً).

مع طرد المتشددين المتطرفين من العراق، تستعد المملكة العربية السعودية لإعادة فتح المعبر البري للتجارة هذا العام بسبب الصراع الأخير الذي يسيطر على المنطقة، حربها بالوكالة مع إيران.

وفي تحول صارخ لسياساتها، تعاملت المملكة مع العراق باعتبارها حليفا جاء في الوقت المناسب لكبح نفوذ عدوها الشيعي، في إشارة لإيران، والتي هددت يوم الأربعاء الماضي بالتخلي عن الالتزامات التي تعهدت بها في الاتفاق النووي الذي تم عام 2015، وذلك رداً على العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.

استعراضاً لعضلاتهم الدبلوماسية والمالية، قام وفد وزاري سعودي مع بعض رجال الأعمال بزيارة العراق الشهر الماضي، أسفرت تلك الزيارة بتعهد من السعودية باستثمار مليار دولار في مشاريع تنموية بالعراق مع فتح قنصلية في بغداد. القوة الناعمة كانت ضمن الخطة أيضاً، حيث عرضت السعودية بناء معلب رياضي، كما أعلنت شبكة قنوات MBC المدعومة من الحكومة السعودية بفتح قناة مخصصة للعراق، من ناحية أخرى خفف رجال الدين في المملكة من حدة خطابهم المعادي للشيعة.

هدف السعودية الأساسي هو دعم الحكومة في بغداد، والتي تواجه ميليشيات مدعومة من إيران تتحدى سلطتها، ومحاولة إعادتها إلى الصفوف العربية، بحسب تصريحات إبراهيم النحاس- عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي، حيث قال في مقابلة أجراها في الرياض الأسبوع الماضي: “نحن نريد أن نساعد العراق في أن تصبح دولة قوية”، مضيفاً أن “التقارب السعودي العراقي سيقلل من نفوذ إيران داخل العراق والمنطقة بأسرها”.

بعد الغزو العسكري الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق عام 2003، سيطرت إيران -غير العربية- عليها بعد أن تولت الأغلبية الشيعية السلطة.، الآن الوضع اختلف، حيث أصبحت السعودية تعتبر العراق بمثابة حصن محتمل ضد إيران وليست دمية في يد طهران، وذلك لرغبة السعودية في إظهار أن المشكلة ليست مع الشيعة، وإنما مع إيران، التي تعتقد المملكة أنها تتدخل في الشؤون العربية.

في الجنوب، قاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة عسكرية شرسة ضد المتمردين الذين تدعمهم إيران في اليمن. هذه الحملة واجهت استنكارات عدة من قِبل الحلفاء الغربيين، تماماً كما نأوا بأنفسهم بعيداً عن المملكة بعد مقتل الكاتب جمال خاشقجي.

ومن ناحية الجبهة الغربية عند البحر الأحمر، انشغل السعوديون باختيار النظام المتحالف مع إيران في السودان، حيث تعهدت السعودية والإمارات -أقرب حليف لها- بتقديم دعم اقتصادي بقيمة 3 مليارات دولار للدولة الأفريقية بعد الإطاحة بالديكتاتور عمر البشير الشهر الماضي.

 

توازن طائفي

العراق، والتي تعتبر أكبر دولة عربية من حيث الكثافة السكانية الشيعية في المنطقة العربية التي يقطنها أغلبية سُنية، بدت متقبلة للمملكة العربية السعودية، حيث تسعى القيادة في بغداد للاستفادة من القوتين.

خلال زيارته للرياض الشهر الماضي، أشرف رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي على توقيع 13 اتفاقية تعهدت السعودية بموجبها بضخ مليار دولار في اقتصاد العراق، وفي تصريحات له قبل تلك الزيارة قال عبد المهدي” تشهد علاقتنا بالمملكة تحولاً كبيراً”.

العلاقات الدبلوماسية بين البلدين شهدت تطوراً ملحوظاً منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017، عندما أنشأ البلدان “مجلس تنسيق” وأعلنا عزمهما على إعادة فتح الحدود عند معبر “عرعر” بحلول أكتوبر/تشرين الأول هذا العام.

كما بين محمد حنون- المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية “يمكن استخدام رأس المال السعودي للمساعدة في إعادة بناء البلاد بعد الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية، كما يمكن الاستفادة من خبرتها في مجالي الطاقة والزراعة لتطوير الصناعات العراقية”، مضيفاً “الباب مفتوح على مصراعيه”.

وزير الخارجية الأمريكي مايك بومببو قام برحلة -غير معلنة- إلى بغداد يوم الثلاثاء الماضي لحث الزعماء العراقيين على توخي الحذر من القوات الإيرانية وحلفائها، وذلك بعد قيام واشنطن بزيادة العقوبات المفروضة على إيران بعد انسحاب الأخيرة من الاتفاق على تطوير قدراتها النووية، ورداً على ذلك أعلنت الحكومة في طهران استئنافها عمليات تخصيب اليورانيوم خلال 60 يوماً متخلية عن التزاماتها المتفق عليها من قبل في حال لم تجد أوروبا وسيلة تضمن لإيران بيع النفط بأريحية والتجارة مع العالم.

ووفقاً لجيمس م. دورسي، وهو أحد الباحثين في كلية إس. راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة ومعهد الشرق الأوسط التابع لها، فإن السعوديين “حققوا نجاحاً نسبياً” في العراق، إلا أنهم لا زالوا بحاجة إلى المضي قدماً في تنفيذ وعودهم والاستفادة من حقيقة أنهم -وعلى عكس الإيرانيين- يمتلكون الأموال اللازمة للقيام بذلك”.

في الواقع، العراق مشبع بالتغلغل الإيراني في كافة مجالاته، من الاقتصاد وحتى السياسة، وبالطبع الميليشيات الشيعية القوة.

في 2017 قامت الجمهورية الإسلامية بتصدير أكثر من 1.66 مليار دولار من الطماطم إلى العراق وحدها، والتي تعد المصدر الرئيسي لكل شيء فيها، بدءً من شحوم الخنزير وحتى شعر الإنسان، فالأسواق العراقية مملوءة بالمنتجات التركية والإيرانية الرخيصة، من ناحية أخرى قفزت إيران من خامس أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم العربي عي 2016 إلى أكبر دولة مصدرة للنفط في 2017، متخطية الصين.

صرح النحاس إن المملكة حاولت شق طريقاً لعلاقات متقاربة مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي كان في السلطة بين عامي 2006 و 2014، ولكن دون جدوى، مفسراً ذلك بأن المالكي “كان يعمل من أجل أن يكون العراق جزءًا من إيران”.

وفي الوقت الذي تمارس فيه الولايات المتحدة ضغوطاً على العراق لوقف شراء الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران، يسعى الرئيس الإيراني حسن روحاني في استقطاب العراق لشراء المزيد من منتجات بلاده للمساعدة في تخفيف وطأة العقوبات الأمريكية، حيث صرح روحاني في زيارة لبغداد استغرقت 3 أيام في مارس/آذار الماضي “وجودي في العراق يجعلني أشعر وكأنني في بلدي، إن هذه العلاقة لا يمكن لأحد إضعافها، ونحن حريصون دائما على جعلها أقوى”.

أبرم العراق وإيران اتفاقيات تتعلق بمجالات النقل والتجارة، كما أعلنا عن إعفاء مواطني كلا البلدين من رسوم تأشيرة الدخول، كما أعلن روحاني إن المسؤولين في البلدين يعتزمون رفع قيمة الاستثمارات التجارية بين البلدين من 12 مليار دولار إلى 20 مليار دولار.

من جانبه كتب محمد اليحيى -رئيس تحرير موقع قناة العربية الإنجليزية المملوك للسعودية: “لا أعتقد أن الرياض واهمة بأن العراق سيقطع علاقاته مع إيران”.

 

خلفية إيرانية

النفط هو المحرك الرئيسي لتلك العلاقات المزعومة بين البلدين، وبالنسبة للسعوديين، يسعى العراق لإعادة تأهيل صناعته النفطية التي دمرتها الحرب ليصبح ثالث أكبر منتج للنفط الخام بحلول 2030، حيث يعتبر سوقا غير مستثمرة من قبل المنتجات والشركات السعودية.

من جانبها أعلنت الوكالة الدولية للطافة إن استثمارات تقدر بحوالي 15 مليار دولار تم تخصيصها للتنقيب عن النفط والغاز سنوياً في الفترة من 2018 وحتى 2030.

وفي محاولة منها لتحسين العلاقات مع العراق، عرضت المملكة العربية السعودية على بغداد أن تبيع لها الكهرباء بأسعار أقل كثيراً عن التي كانت تشتريها بها من إيران، وذلك بعد أن قطعت إيران الكهرباء عن العراق بسبب تراكم الديون عليها خلال العام الماضي.

قامت السعودية أيضاً بتخفيف حدة الخطاب الديني الموجه ضد الشيعية، والذي كان سمة أساسية على مر عقود طويلاً بسبب النزعة الوهابية المسيطرة على المملكة.

وكخطوة لتهدئة الأوضاع المضطربة التي تعاني منها المنطقة الشرقية في المملكة بسبب التواجد الشيعي، تعتزم الرياض فتح قنصلية في مدينة النجف العراقية، والذي يعتبرها الشيعة مكاناً مقدساً، ويسافر إليها الكثير من الشيعة السعوديين للحج.

يبدو أن تلك الخطوات لم ترق لبعض رجال الدين والدعاة السعوديين– المؤيدون للحكومة وأصحاب المواقف الرافضة لمذهب الشيعة حتى أنهم قاموا بتكفيرهم- ولكنهم التزموا الصمت، في حين تراجع البعض الآخر علانية عن مواقفهم الرافضة للشيعة.

من جهة أخرى، تواصل السعودية اعتقال وإعدام الكثير من الشيعة للاشتباه في قيامهم بالتجسس لصالح إيران، إلى جانب تهم أخرى، ورغم ذلك، امتنع العراق مؤخراً عن انتقاد سياسة المملكة في التعامل مع الشيعة علناً، حيث قال النحاس “لدينا وجهات نظر مختلفة عن ذي قبل”، أتى ذلك في أعقاب زيارة قام بها رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، في يوليو/تموز 2017، بعد دعوة وُجهت له من قِبل ولي العهد السعودي.

 

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

بواسطة |2019-05-12T19:38:48+02:00الأحد - 12 مايو 2019 - 7:35 م|الوسوم: , , |

روحاني يدعو لمواجهة الضغط الأمريكي غير المسبوق

ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الرئيس الإيراني حسن روحاني دعا، السبت، إلى الوحدة بين الفصائل السياسية في البلاد؛ لتجاوز الظروف التي قال إنها ربما تكون أصعب من أوضاع البلاد خلال الحرب مع العراق في الثمانينات، وذلك في الوقت الذي تواجه فيه الدولة تشديدا في العقوبات الأمريكية.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد حث زعماء إيران، الخميس، على الدخول في محادثات بشأن التخلي عن برنامجهم النووي، وقال إنه لا يمكنه استبعاد مواجهة عسكرية.

وقدم ترامب العرض في الوقت الذي زاد فيه الضغوط الاقتصادية والعسكرية على إيران، حيث عمل هذا الشهر على وقف كل صادرات النفط الإيرانية، بينما عزز وجود القوات البحرية والجوية الأمريكية في الخليج. وقال مسؤول أمريكي لرويترز، الجمعة، إن واشنطن وافقت على نشر صواريخ باتريوت إضافية في الشرق الأوسط.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن روحاني قوله: “اليوم، لا يمكن قول ما إذا كانت الظروف أفضل أم أسوأ من فترة الحرب (1980-1988)، لكن خلال فترة الحرب لم تكن لدينا مشكلات مع بنوكنا أو مبيعات النفط أو الواردات والصادرات، وكانت هناك عقوبات فقط على مشتريات السلاح”.

وأضاف: “ضغوط الأعداء حرب غير مسبوقة في تاريخ ثورتنا الإسلامية… لكني لا أيأس، ولدي أمل كبير في المستقبل، وأعتقد أننا يمكن أن نتجاوز تلك الظروف الصعبة شريطة أن نتحد”.

وانتقد المتشددون روحاني، بعدما انسحب ترامب من الاتفاق النووي المبرم مع القوى العالمية في عام 2015، الذي أيده روحاني، وأعاد فرض عقوبات على طهران العام الماضي. كما تخلى بعض الحلفاء المعتدلين عن الرئيس أيضا.

وعلى صعيد منفصل، ذكرت وكالة الطلبة للأنباء، وهي وكالة شبه رسمية، أن محكمة علقت يوم السبت صدور مجلة سيدا (الصوت) الأسبوعية الإصلاحية، بعدما نشرت طبعة شملت مقالات تحذر من احتمال نشوب حرب مع الولايات المتحدة.

وقال العنوان الرئيسي للمجلة على صفحتها الأولى، بجوار صورة لسفن حربية أمريكية: “عند مفترق طرق الحرب والسلام، هل خسر المعتدلون؟ أم هل سينقذون إيران مرة أخرى من الحرب؟”.

وانتقد المتشددون المجلة على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفوها بأنها “صوت ترامب”، ولمحوا إلى أن تحذيرها من خطر الحرب يرقى إلى حد الدعوة إلى محادثات مع الولايات المتحدة.

وكتبت وكالة فارس للأنباء التي يقودها المتشددون في تعليق: “في ذروة حرب أمريكا السياسية والاقتصادية والإعلامية على الأمة الإيرانية، تكمل مطبوعة إيرانية عمليات العدو الإعلامية داخل البلاد”.

ووصفت طهران الحشد العسكري الأمريكي بأنه “حرب نفسية” تهدف إلى ترهيبها.

بواسطة |2019-05-12T14:01:41+02:00الأحد - 12 مايو 2019 - 2:01 م|الوسوم: , , |

هل انقلب ترامب على شعاره “الانسحاب من الحروب”

حروب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من كل الأصناف اشتعلت مرة واحدة أو هي على وشك الاشتعال وعلى أكثر من جبهة في الخارج والداخل. حربها التجارية مع الصين بدأت يوم الجمعة؛ فيما صدامها مع إيران يبدو أنه دخل مرحلة التحضيرات الأخيرة، وأما تدخلها العسكري في فنزويلا فما زالت “ورقته على الطاولة”، في حين غيوم عودتها إلى لغة المواجهة مع كوريا الشمالية تتجمع في الأفق القريب، إلى جانب مشاركتها في حرب اليمن مفتوحة. هذا فضلاً عن نزاعاتها الناشبة مع أكثر من ساحة، كانت كندا آخرها حول الممر المائي الشمالي الغربي القريب من حدود البلدين.

تواكب ذلك حربها القانونية ــ السياسية مع الكونغرس التي تجاوزت الحدود في تجاهل الأصول والقوانين السارية المفعول، وتهدد بالزحف نحو أزمة دستورية مستعصية لو انسدت طرق الحلول والمخارج.

وفي وقت متأخر من أمس الجمعة، انتهت في واشنطن المفاوضات التجارية الأميركية ــ الصينية، بعد يومين من الاجتماعات من دون توافق. على الفور، ارتفعت التعرفة الجمركية الأميركية إلى 25 بالمائة على ما قيمته 200 مليار دولار من البضائع المستوردة من الصين. ومن المتوقع أن ترد هذه الأخيرة بالمثل. كما توعّد ترامب برفع الرسوم لاحقاً على 300 مليار أخرى من المستوردات الصينية، بحيث تصبح الحرب التجارية شاملة بين البلدين.

نتيجة خالفت التوقعات والإشارات التي صدرت قبل الجولة عن الإدارة الأميركية والتي أوحت بترجيح كفة الاتفاق. لكن يبدو أن حسابات البيت الأبيض تغيرت في ضوء ظروفه الداخلية الضاغطة التي يبدو أنها قضت بالتشدد ولو أدى إلى فشل المفاوضات مع الصين، على أمل أن تعقب ذلك عودةٌ إلى الطاولة لاحقاً تنتهي إلى تسوية يوظفها الرئيس ترامب على أنها جاءت كحصيلة لإصراره على تنازلات صينية، وبذلك تنزل كمكسب في رصيده. إلا أن ذلك غير المضمون في ضوء قبول الصين التحدي. وفي أحسن الحالات، قد لا يحصل قبل مرور فترة مؤذية للطرفين كما للتبادل التجاري العالمي. لكن ذلك لا يؤرق البيت الأبيض إذا ما انتهى في خدمة حساباته.

الحسابات ذاتها يبدو أنه كان لها الدور الرئيسي في التحشيد العسكري ضد إيران. حالة الاستنفار والاستعدادات التي كان آخرها قرارٌ بنشر بطارية صواريخ باتريوت في المنطقة، نقلت التوقعات بوقوع عمل حربي من خانة الترجيح إلى خانة “بداية العد العكسي”. الخشية جدية والحديث عن ضربة عسكرية يطغى على قراءات المراقبين وأثار الكثير من التحذيرات. بعض الجمهوريين في الكونغرس أبدوا امتعاضهم من تجاهل الإدارة وعدم اطلاعهم على “المعلومات” التي تقول إنها حملتها على حشد القوة غير الاعتيادية في المنطقة. رافق ذلك كثير من الشكوك والريبة في نوايا المستشار جون بولتون الذي يعتبر مهندس هذا الاستنفار.

يأتي ذلك أيضاً في أعقاب الفيتو الذي استخدمه ترامب لإسقاط قرار الكونغرس بوقف دعم حرب اليمن. كما يأتي وسط تأكيد رئيس هيئة الأركان الجنرال جوزف دانفورد للكونغرس بأن القوات الأميركية باقية في أفغانستان “طالما بقيت حالة التمرد قائمة” هناك.

وحتى يكتمل مشهد الحروب، توسعت المواجهة في الأيام الأخيرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وبدأت تلامس العصب الحساس، إذ بدأت الترتيبات لمقاضاة وزير العدل وليام بار وصدرت استدعاءات جديدة بحق وزير المالية (لرفضه تسليم البيانات الضريبية الخاصة بترامب وعائلته). وما أغاظ البيت الأبيض أن منها ما صدر عن جمهوريين. رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ استدعى ابن الرئيس، دونالد جونيور للإدلاء بإفادته. القضية تعقدت وصار التحدي فيها شخصياً وقانونياً. حتى الآن، ما زالت الأمور تسير عبر الآليات والقنوات المعتمدة. لكنّ هناك تخوفاً من أن تتعامل الإدارة مع قرارات القضاء في نهاية المطاف بالإهمال وعدم الاكتراث نفسَيهما اللذين تعاملت بهما مع استدعاءات وطلبات لجان مجلس النواب. عندئذ يقع الوضع في أزمة دستورية حقيقية، لأن الدستور لا ينص على مخرج لمثل هذا المأزق.

 

الشطط عنوان اللحظة الراهنة في واشنطن، والمعالجات متعذرة. ليس ذلك فحسب، بل إن الوضع مقبل على المزيد من التوتر المشابه كلما ارتفعت حرارة الحملة الانتخابية. والرئيس الذي رفع في حملته الانتخابية شعار “الانسحاب من الحروب” يتجه نحو الانقلاب على شعاره. تفاقم أزمة رئاسته خاصة بعد صدور تقرير روبرت مولر، ربما جعل ورقة الخارج مغرية لتغيير اللحن.

ما يطرح تساؤل: هل كان تزامن هذه الأزمات والتحديات صدفة؟

 

بواسطة |2019-05-11T15:49:07+02:00السبت - 11 مايو 2019 - 3:49 م|الوسوم: |

سلطنة عمان تعيد فتح سفارتها في العراق

أعلنت وزارة الخارجية العراقية، أن سلطنة عمان قررت استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في العراق.

وقالت الوزارة، في بيان، إن وزير الخارجية العراقي، محمد علي الحكيم، تسلم رسالة من نظيره العمانيّ يوسف بن علويّ يُعرب فيها عن عزم سلطنة عُمان إعادة افتتاح سفارتها، واستئناف عمل بعثتها الدبلوماسية لدى بغداد.

 

https://twitter.com/Iraqimofa/status/1126928302424428544

 

وأضاف البيان أن “العراق يرى في هذه الخطوة أنها تعبر عن حرص الأشقاء في عُمان على تعميق العلاقات الأخوية بين البلدين، والرغبة الجادة في تبادل التمثيل الدبلوماسي بما يحقق المصالح المشتركة، ويقوي أطر التواصل، والتعاون الثنائي”.

وأشار إلى أن “العراق يعتقد أن قرار السلطنة بإعادة افتتاح سفارة لها لدى بغداد يشير إلى تطور إيجابيٍّ في الحضور العربي، ويساهم في تعزيز العمل المشترك”.

وانقطعت علاقات العراق مع دول الخليج العربي بشكل كامل إبان غزو النظام العراقي السابق للكويت مطلع تسعينات القرن الماضي.

واستأنف الجانبان علاقات خجولة بعد إسقاط النظام السابق، حيث سادت المخاوف لدى دول الخليج من الصلة الوثيقة بين حكومة بغداد وإيران.

إلا أن العلاقات تحسنت على نحو ملحوظ بدءا من العام الماضي ويتبادل مسؤولون رفيعون الزيارات الرسمية.

وأعادت السعودية فتح سفارتها في بغداد في 2015 بعد قطيعة استمرت 25 عاما.

بواسطة |2019-05-11T15:14:43+02:00السبت - 11 مايو 2019 - 3:14 م|

فورين بوليسي: العالم يعيش أجواء ما قبل حرب العراق 2003

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إن العالم يعيش أجواء تشبه تلك التي سبقت حرب غزو العراق عام 2003، وذلك تعليقاً على نشر الولايات المتحدة طائراتها وسفنها في مياه الخليج العربي؛ رداً على ما قالت واشنطن إنها تهديدات إيرانية لاستهداف مصالحها ووجودها في المنطقة.

وأضافت المجلة أن إدارة ترامب تقول إنها لا تريد الحرب مع إيران، لكن الكثير من أفعالها توحي بخلاف ذلك، فمنذ أن قرر الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإدارته تقوم بخلق التوترات مع طهران؛ تارة بإعادة فرض العقوبات الاقتصادية، وتارة بخنق صادرات إيران النفطية، وأخيراً تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية.

وأشارت إلى أن أغلب التقارير تؤكد أن إدارة ملف إيران في يد مستشار الأمن القومي، جون بولتون، الذي دعا مراراً لتغيير النظام في طهران، وهو الشخصية الرئيسية التي دفعت باتجاه الحرب على العراق قبل سنوات.

ويلاحظ مراقبون أوجه تشابه بين ما يجري اليوم وما سبق غزو العراق، ومن بينها وجود بولتون، وهذه المرة بدور أقوى بكثير مما كان عليه عام 2003 عندما كان وكيل وزارة الخارجية وكان مدافعاً شرساً عن الحرب التي اتهمت الاستخبارات الأمريكية بتقديم أدلة غير حقيقية لتبرير الغزو.

خلال الأسبوع الماضي، كان بولتون قد أعلن نشر حاملة الطائرات أبراهام لنكولن في الخليج العربي، إضافة إلى قاذفة بي 52 التي أُرسلت إلى الشرق الأوسط في إطار ما قالت الإدارة الأمريكية إنه جاء رداً على تهديدات إيرانية تستهدف مصالحها.

دور بولتون في التهديدات الأمريكية الأخيرة لإيران فاجأت الكثير من المراقبين، وهو أمر اعتبره غريغ ثيمان، المسؤول السابق في المخابرات الأمريكية، “سابقة من نوعها”؛ وهو أن يقوم مستشار الأمن القومي بإرسال بيانات لسلطته الأعلى، حتى إبان الحرب على العراق لم يفعل ذلك.

وقال ثيمان: “بعد مرور 16 عاماً على غزو أمريكا للعراق، فإننا نقوم مرة أخرى بالتوجه إلى صراع آخر غير ضروري في الشرق الأوسط يقوم على منطق خاطئ ومضلّل، كما عبر عن ذلك عضو الكونغرس الديمقراطي، توم أودال، في مقال له نشر في الواشنطن بوست.

وقال: “يبدو أن ما نقوم به الآن مشابه لما جرى في العراق عندما كان تحت الضغط، وكانت فرق التفتيش تقوم بالدخول لتفكيك صواريخه. لا فرق بين ما حدث آنذاك وما يحدث الآن”.

واعتبر أن الفرق بين ما جرى مع العراق وما يجري مع إيران اليوم هو أنه في الوقت الراهن لا وجود لخطة غزو أمريكي لإيران، ومع ذلك فإن الكثير من منتقدي إدارة ترامب يعتقدون أن هناك محاولات أمريكية لاستفزاز إيران تماماً كما كانت تفعل إدارة جورج دبليو بوش مع الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين.

ولم يُخفِ بولتون رغبته الثابتة في تغيير النظام في طهران، فقد كتب مقالاً في 2015 أكد فيه أن الحل الحقيقي لبرنامج الأسلحة النووية هو التخلص من الآيات، في إشارة إلى النظام الحاكم.

وفي الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية، قال بولتون مخاطباً المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، إنه لا يعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الاحتفالات.

وتشير المجلة إلى أن بولتون، منذ اللحظة الأولى لتعيينه مستشاراً للأمن القومي، عينُهُ على إيران، بل إن البعض ربط بين هذا التعيين وبين رغبة الإدارة في مواجهة إيران

بواسطة |2019-05-11T15:14:09+02:00السبت - 11 مايو 2019 - 3:14 م|

اتفاق الدقم.. لماذا تعزز واشنطن وعمان تعاونهما العسكري؟

أعلنت الولايات المتحدة وسلطنة عمان مؤخرا عن اتفاق للسماح للبحرية الأمريكية بالوصول بشكل منتظم إلى ميناء “الدقم” على الساحل الجنوبي لسلطنة عمان. كما يمنح اتفاق “الإطار الاستراتيجي” الولايات المتحدة حق الوصول إلى ميناء “صلالة” في جنوب غرب عمان. ويأتي الاتفاق في وقت تتزايد فيه المنافسة الإقليمية بين واشنطن وطهران، ويساعد على توفير خيار وجود قاعدة استراتيجية إضافية للولايات المتحدة بالقرب من مضيق “هرمز” المهم، وكذلك مناطق الصراع مثل اليمن. ومع ذلك، بعد أسابيع فقط من الاتفاقية الأمريكية العمانية، وقعت سلطنة عمان مذكرة تفاهم مع إيران لزيادة التعاون العسكري. وتوضح هذه الخطوات كيف تقوم عمان بوضع نفسها في موقع معزز في الخليج، مع الحفاظ على استقلالها الإقليمي.

الموانئ العمانية

ولا يقتصر الوصول إلى “الدقم” على الولايات المتحدة، حيث تهدف سلطنة عمان إلى تطوير الميناء والمنطقة المحيطة به إلى مركز صناعي رئيسي على المحيط الهندي. وكانت المملكة المتحدة شريكا رئيسيا في افتتاح حوض السفن في الميناء، وانضمت إليها القوى الاقتصادية الرئيسية الأخرى منذ ذلك الحين. وتم افتتاح رصيف لبناء السفن من قبل شركة “دايو” الكورية الجنوبية عام 2012. وتخطط الصين لاستثمار ما يصل إلى 10.7 مليار دولار لإنشاء المجمع الصناعي بين الصين وعمان مع مرافق للتصنيع، وخطوط أنابيب، ومستشفى. وتخطط شركات صناعة السيارات الإيرانية لاستثمار 200 مليون دولار في “الدقم” لإنشاء مصنع مشترك لصناعة السيارات. واستثمرت المملكة العربية السعودية 210 ملايين دولار في “الدقم”. وفي أوائل عام 2018، وافقت عمان على السماح للبحرية الهندية باستخدام “الدقم” لدعم عملياتها في غرب المحيط الهندي.

وتتضمن نوايا مسقط في “صلالة” إنشاء نظام موسع للطرق والسكك الحديدية ومرفق للغاز الطبيعي السائل، ونموا بنسبة 50% في سعة الحاويات.

وتأمل سلطنة عمان في أن يشجع موقع مينائي “الدقم” و”صلالة” دول الخليج على شحن النفط إلى الساحل العماني عبر خطوط أنابيب، مما يقلل من تكاليف الشحن عبر مضيق هرمز، ويغري الشركات وأصحاب المصلحة في الابتعاد عن موانئ الخليج الشمالية. كما تشجع إمكانية الوصول إلى الموانئ مستهلكي الطاقة الخارجيين على التجارة في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، بدلا من المخاطرة في مياه الخليج المعرضة للنزاع.

كما عقدت عمان شراكة مع الصين في مشروع خارجي طموح، وهو مشروع ميناء بقيمة 10 مليارات دولار في “باجامويو”، بدولة تنزانيا. ويحوي المشروع 10 أميال من الأرصفة والأحواض شيدت بطريقة مماثلة لمشاريع الموانئ الحالية في “شنتشن” في الصين. وبدلا من الاستمرار في الاعتماد على الصادرات النفطية المتناقصة، تأمل عمان في تأمين وضع مالي أقوى من خلال توسيع التجارة البحرية مع أفريقيا، وتوثيق العلاقات مع مشاريع التنمية الصينية.

تموضع الولايات المتحدة

وكانت عُمان أول دولة خليجية تتعاون رسميا مع الجيش الأمريكي عام 1980،وتقوم بتخزين المواد الاحتياطية للحرب لصالح عمليات القيادة المركزية الأمريكية منذ عام 2000. ويلبي الوصول إلى القاعدة البحرية في سلطنة عمان حاجتين أمريكيتين مهمتين، وهما الوصول الإضافي إلى الخليج، والمياة العميقة اللازمة لرسو حاملات الطائرات.

وتنشر الولايات المتحدة قواتها في جميع أنحاء الخليج. ويتخذ الأسطول الخامس، المسؤول عن الشرق الأوسط والبحار المحيطة به، موقعه في البحرين منذ عام 1995. وتلعب حاملات الطائرات وسفن إزالة الألغام وغيرها من السفن أدوارا مهمة في العمليات في جميع أنحاء المسرح الإقليمي. وعلى الرغم من أنه ليس موقعا دائما، تزور البحرية الأمريكية ميناء “جبل علي” في الإمارات أكثر من أي ميناء آخر حول العالم.

ويعتمد إسقاط القوة الأمريكية في الخارج على قدرة واشنطن على تحريك أهم أصولها البحرية وهي الغواصات النووية وحاملات الطائرات. ويمكن لميناء “الدقم” دعم كليهما مع توفير إمكانات قوية للإصلاح والصيانة. وخلال الأعوام الـ 5 الماضية، قامت البحرية بزيارات متعددة لإثبات جدوى “الدقم” كميناء عسكري ومستودع للصيانة. وزارت حاملة الطائرات الأمريكية “جورج دبليو بوش” الميناء عام 2014. وأجرت السفينتين الهجوميتين الكبيرتين “ماكين آيلاند” و”أيوا جيم” اتصالات بالميناء وعمليات صيانة عام 2015. وأجرت سفينة “سومرست”، وهي سفينة برمائية أصغر، صيانة بالميناء في عام 2017.

وتستقبل عُمان نحو 80 زيارة للميناء من الولايات المتحدة كل عام. ومن المحتمل أن يزداد هذا العدد مع صفقة “الدقم”، مما يضع عُمان في منافسة مع الإمارات والبحرين ودبي للحصول على عقود البنتاغون المربحة.

وتأتي الاتفاقية الأمريكية بعد أعوام من التعاون والترتيبات الوثيقة بين المملكة المتحدة وسلطنة عمان. وهناك ما يقرب من 500 جندي بريطاني في عمان بالفعل للقيام بتمارين وعمليات مكافحة القرصنة. ووقعت بريطانيا وعمان اتفاقية في أبريل/نيسان 2016 لبناء قاعدة بحرية بقيمة 110 ملايين دولار بالقرب من “الدقم” لدعم قوة بريطانية دائمة، وهي الأولى من نوعها في عُمان منذ عام 1971. وفي العام الماضي، أثبتت بريطانيا القدرات اللوجستية للميناء بتدريبات واسعة النطاق بأعداد كبيرة، ووقعت عقد إيجار لمدة 37 عاما لاستخدام الميناء كقاعدة للدعم اللوجسيتي.

رهانات مسقط

وتعتمد مصالح عمان في الاتفاق مع الولايات المتحدة في كونه سيمنحها المزيد من الاستقلال السياسي والاقتصادي الإقليمي. وتأمل عمان في إظهار قيمتها كشريك أمريكي لدعم حيادها في نزاعات الشرق الأوسط.

ومن المحتمل أن يسعى زعماء عُمان إلى الحصول على دعم الولايات المتحدة للانتقال من حكم السلطان “قابوس بن سعيد” المريض إلى خلف غير معروف بعد. وتكمن قوة البلد الصغير في قدرته على الوساطة وعقد الاتفاقات بين الأطراف في الخليج. ويمكن للعلاقات العسكرية الأعمق مع الولايات المتحدة أن تحسن علاقة عمان مع البيت الأبيض، وأن تكون بمثابة حصن محتمل ضد التدخل في قضايا الخلافة من البلدان المجاورة.

وأقنع الخلاف المستمر بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومصر من جهة أخرى عمان بأنها تحتاج إلى ثقل إضافي أمام القوى العسكرية العربية. واستفادت عمان المحايدة تقليديا من عزلة قطر، من خلال زيادة الروابط الاقتصادية مع الدوحة على حساب العلاقات مع الرياض وأبوظبي. وتستثمر الكويت، وهي دولة خليجية محايدة أخرى، في “الدقم”، وتقوم شركات الخدمات اللوجستية القطرية بتنظيم أعمالها في ميناء “صحار” العماني. وفي الواقع، أوجدت الأزمة الخليجية شراكة ثلاثية فريدة بين قطر والكويت وعمان، في محاولتهم للحفاظ على استقلالها الإقليمي من خلال التعاون مع القوى الخارجية.

وتمتد دبلوماسية سلطنة عمان شرقا نحو إيران. وفي أبريل/نيسان، وقعت مسقط وطهران مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز التعاون العسكري بين البلدين. وتشير المذكرة، إلى جانب التدريبات البحرية المشتركة في أبريل/نيسان، وما يزيد عن 700 مليون دولار من التجارة، إلى رغبة السلطنة المستمرة في الحفاظ على علاقات جيدة مع إيران، على الرغم من أنها تزعج بذلك جيرانها العرب، ومن المحتمل أن تزعج واشنطن أيضا. ومن شبه المؤكد أن زيادة التعاون العسكري مع إيران يضع حدودا على أنواع ومستويات الدعم الذي يمكن أن تتوقعه عمان من الولايات المتحدة والبحرية الأمريكية.

وتأمل عُمان في جذب الأنشطة التجارية الأموال بعيدا عن موانئ جيرانها، بما في ذلك “جبل علي” الإماراتي أكبر ميناء للمياه العميقة في الخليج، من خلال إتاحة وصول متساوٍ لجميع القوى إلى الشرق الأوسط عبر مضيق هرمز دون تعقيدات. ولدى البحرية الأمريكية أموال تنفقها في المنطقة حيث استثمرت على سبيل المصال أكثر من 580 مليون دولار في مرافق موانئ البحرين بين عامي 2010 و2017. وعلى الرغم من أن استثمارات وزارة الدفاع الأمريكية في الموانئ العمانية غير محتمل، ستضمن أعمال الصيانة والتزويد بالوقود ورسو السفن وزيارات الموانئ تدفق دولارات البحرية إلى سلطنة عمان. وتساعد الصفقات مع الصين والهند والقوى التجارية العالمية الأخرى على دعم الاقتصاد العماني، الذي يفتقر إلى الثروة النفطية مثل منافسيه الإقليميين، كما ستمنح هذه الصفقات السلطنة مزيدا من التحوط التحوط ضد الاعتماد بدرجة كبيرة على النوايا الحسنة للولايات المتحدة أو بريطانيا.

مياه مزدحمة

وقد يساعد اتفاق عُمان مع الولايات المتحدة السلطنة في جهودها للاحتفاظ بموقفها المحايد بصفتها صانع صفقات ووسيط إقليمي موثوق. ويثير الحصار الذي تفرضه السعودية على قطر قلق عُمان في وقت لا يزال فيه مستقبلها السياسي غير واضح فيما يتطلب اقتصادها إصلاحا شاملا. وإذا تمكنت مسقط من تشجيع زيارات إضافية للبحرية الأمريكية لموانئها، وزيادة أهميتها في عمليات البنتاغون في الخليج، فقد تكتسب جمهورا أكبر في واشنطن لسماع آرائها.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للاستثمار الأجنبي الكبير من بلدان مثل الصين والهند تحويل موانئ عمان إلى مراكز لوجستية ذات مستوى عالمي على طول طرق التجارة البحرية بين الهند والمحيط الهادئ. ويعني هذا النشاط التجاري، إلى جانب المزيد من زيارات الموانئ من قبل البحرية الأمريكية، أن المياه العمانية، وكذلك جدول أعمال سياستها الخارجية، من المرجح أن تصبحا أكثر ازدحاما.

بواسطة |2019-05-10T19:46:02+02:00الجمعة - 10 مايو 2019 - 7:46 م|الوسوم: , |

هل يعيد التحرك العسكري طهران لاتفاق نووي بشروط ترامب؟

تواصلت فصول سياسة حافة الهاوية التي يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يجيد غيرها مع تهديداته بتوجيه ضربة عسكرية لإيران وفي نفس الوقت دعوته لقادة طهران للتفاوض، وجاء الرد الإيراني متحدياً ورافضاً للحوار، فهل أصبحت الحرب بين الولايات المتحدة وإيران وشيكة بالفعل؟ وهل تهديد واشنطن بتسيير حاملة طائرات في مضيق هرمز يمثل عنصر تطمين لناقلات النفط أم العكس؟

ما هي آخر تطورات الموقف عسكريا؟

قال قائد القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط لرويترز الجمعة 10 مايو/أيار 2019 إنه قد يأخذ قراراً بإرسال حاملة الطائرات إبراهام لينكولن عبر مضيق هرمز إذا اقتضت الحاجة رغم وجود معلومات استخباراتية أمريكية تشير إلى وجود تهديدات من جانب إيران.

تصريحات نائب الأميرال جيم مالوي، قائد الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين، جاءت بعد ساعات من تصريحات ترامب التي هدد فيها صراحة باستخدام الخيار العسكري ضد إيران، وتزامنت مع مرور حاملة الطائرات التي أصبحت تحت قيادة مالوي عبر قناة السويس إلى البحر الأحمر في طريقها للخليج العربي.

وفي حوار هاتفي مع رويترز قال مالوي: «إذا احتجت إلى جعلها تمر من المضيق فسأفعل ذلك… لست مقيداً بأية حال ولا تواجهني صعوبة بأي شكل من الأشكال لتشغيلها في أي مكان بالشرق الأوسط».

ما حقيقة التهديدات الإيرانية؟

طهران من جانبها رفضت حديث واشنطن عن وجود تهديدات بوصفه «تهديدات استخباراتية كاذبة»، ولكن حتى وسائل الإعلام الأمريكية تحدثت عن «تضخيم» التقارير الاستخباراتية من جانب مساعدي ترامب، خصوصاً جون بولتون مستشار الأمن القومي الذي يضع تغيير النظام في إيران هدفاً نصب عينَيه.

صحيفة ديلي بيست الأمريكية نشرت تقريراً بعنوان «إدارة ترامب ضخمت الاستخبارات بشأن إيران»، نقلت فيه عن مسؤولين داخل الإدارة قولهم إن جون بولتون وآخرين يبالغون في رد فعلهم تجاه المعلومات الاستخباراتية الخاصة بوجود تهديد من جانب إيران على القوات والمسؤولين الأمريكيين في العراق وسوريا وأفغانستان.

قراءة هذه التطورات السريعة تعيد للأذهان قرار انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران قبل عام وهو القرار الذي عارضه الجميع حول العالم باستثناء معسكر ترامب وإسرائيل، ورغم ذلك صمَّم عليه ترامب وواصل التصعيد الممنهج ضد إيران حتى وصلت الأمور للتلويح بالحرب وإرسال حاملة طائرات وقاذفات جوية لتصبح تحت إمرة الأسطول الخامس المتمركز في البحرين.

هل يعني ذلك أن ترامب اتخذ قرار الحرب؟

الرد على لسان مالوي نفسه، حيث قال لرويترز إن القوات الأمريكية في حالة تأهب شديد، لكنه قال إن الجيش الأمريكي لا يسعى أو يعد لحرب مع إيران، مضيفاً: «لست في وضع التخطيط لحرب ولم توكل إليّ مهمة القيام بذلك… لكننا جاهزون تماماً للرد على أي عدوان ضد الولايات المتحدة أو الشركاء في المنطقة أو مصالحنا».

ترامب نفسه قال للصحفيين في البيت الأبيض إنه «لا يريد الصراع مع إيران»، لكنه أضاف: «لدينا واحدة من أقوى السفن المسلحة في العالم ولا نريد أن نفعل أي شيء».

أي أن ترامب يواصل أسلوبه القائم على دفع الأمور إلى حافة الهاوية بوضع أكبر قدر ممكن من الضغوط على الخصم والتهديد باستخدام القوة العسكرية دون أن يعني ذلك بالضرورة استخدامها فعليًا.

ماذا يمكن أن يحدث إذا مرت الحاملة من هرمز؟

أحد أسباب إرسال حاملة الطائرات إبراهام لينكولن إلى المنطقة وجود تقارير استخباراتية تشير إلى أن إيران نقلت صواريخ على زوارق، ونقلت رويترز عن أحد المسؤولين دون أن تسميه أن الصاروخ الذي جرى رصده على وجه التحديد يمكن على ما يبدو إطلاقه من سفينة صغيرة.

ومع تهديدات إيران المتكررة بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه خمس نفط العالم، قررت إدارة ترامب اتخاذ القرار بإرسال حاملة الطائرات كرسالة واضحة أن أي محاولة إيرانية لاستهداف ناقلات النفط تعني المواجهة العسكرية المباشرة.

في ضوء هذه المعلومات يمكن قراءة إرسال تلك الحاملة والتصعيد في ضوء سعي إدارة ترامب لردع أي تفكير في التصعيد العسكري الفعلي من جانب صقور طهران وفي نفس الوقت ترك نافذة الوصول لاتفاق جديد مفتوحة.

يأتي في هذا الإطار دعوة ترامب القيادة الإيرانية إلى الجلوس والحوار معه بشأن التخلي عن برنامجهم النووي، وسبق أن عبَّر ترامب عن استعداده للقاء زعماء إيران، وجدد ذلك النداء في حديثه مع الصحفيين.

«ما ينبغي لهم فعله هو أن يتصلوا بي ونجلس. بوسعنا التوصل إلى اتفاق.. اتفاق عادل. كل ما نريده منهم ألا يمتلكوا أسلحة نووية. وهذا ليس بالطلب الكبير. وسنساعدهم في العودة إلى وضع أفضل». وأضاف: «يجب أن يتصلوا. إذا فعلوا ذلك فسنكون منفتحين على الحديث معهم».

ماذا عن رد الفعل الإيراني؟

إيران من جانبها تواصل تحدي واشنطن وترى الحشد العسكري الأمريكي في الخليج محاولة لتخويفها وإعادتها إلى طاولة المفاوضات تحت الضغط، وهذا ما جاء على لسان نائب القائد العام للحرس الثوري للشؤون السياسية يد الله جواني اليوم الجمعة.

وفي تعليقه على مقترح ترامب للتفاوض مع طهران، أكد جواني أنه لن تكون هناك مفاوضات مع واشنطن، فإيران لن تخضع للمفاوضات تحت الضغوط، مضيفاً أن هناك إجماعاً داخل إيران على اتباع استراتيجية الصمود في مواجهة الضغوط الأمريكية، بحسب موقع روسيا اليوم.

المعنى نفسه أكده رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم في تغريدة عبر تويتر، قال فيها إن الهدف من هذا التصعيد هو «إعادة الاتفاق النووي إلى مائدة المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في المقام الأول»، منتقداً «بعض دول مجلس التعاون الخليجي» التي تراودها «أحلام إلحاق هزيمة عسكرية بإيران».

التصعيد الراهن في منطقه الخليج، الذي تدعمه بعض دول مجلس التعاون الخليجي، لن يؤدي، كما أرى، إلى نشوب صدام عسكري واسع مع إيران، بل الهدف منه هو إعادة الاتفاق النووي إلى مائدة المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في المقام الأول.

الواضح إذن أن الهدف الرئيسي لدى كل من واشنطن وطهران على الأرجح هو العودة لطاولة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي، ولكن كل منهما يريد أن يضمن موقعاً أفضل حول الطاولة، لكن تظل نتائج سياسة حافة الهاوية غير مضمونة مهما كانت درجات ضبط النفس، ولا ننسَ الأطراف الأخرى التي لها مصلحة مباشرة في الصراع الحالي كإسرائيل ودول الخليج وروسيا والصين وتركيا التي حُرمت من النفط الإيراني.

بواسطة |2019-05-10T17:12:20+02:00الجمعة - 10 مايو 2019 - 5:12 م|الوسوم: , , |

هل سيؤدي التحول اليميني لإسرائيل إلى تباطؤ توطيد علاقاتها مع جيرانها العرب؟

  • الاستراتيجيات الجديدة التي اتبعتها دول الخليج العربي مؤخراً مع إسرائيل سوف تتأثر بعد انتخاب حكومة يمينية جديدة، ولكن بدرجات متفاوتة، وغالباً ما ستستند تلك التغيرات إلى قيود داخلية في تلك البلدان

لن تتخلى أي دولة خليجية عن علاقتها بإسرائيل، لكنها قد تقلل أو تقلص من تعاملها معها لتجنب أي رد فعل عنيف من الرأي العام، خاصة وأن دول مثل قطر والسعودية وعمان والكويت، محاطون بقيود محلية ودولية ليست هينة

دول كالإمارات والبحرين من المرجح أن يحافظوا على علاقتهم بإسرائيل كما هي في مسارها، وأن يصبحوا أكثر قدرة على إعادة تشكيل الجوانب السياسية والدبلوماسية التي تربط الخليج بإسرائيل

خلفية

بعد سنوات من عداءها التاريخي، ارتبطت العديد من دول الخليج العربي مؤخراً علاقات مع إسرائيل على الأصعدة الاقتصادية والثقافية والفكرية والسياسية، وقد بُنيت هذه العلاقات على كراهية مشتركة من الطرفين تجاه إيران، واعتراف تلك الدول بتناقص المنافع العائدة عليها بدفاعها عن القضية الفلسطينية.

ولكن ومع ظهور حكومة يمينية جديدة في إسرائيل تسعى لتنفيذ سياسات وأفكار لطالما عارضتها دول الخليج العربي، ستمر تلك العلاقات بفترة اختبار، وعلى الأغلب سيتقلص تنامي فرص الشركات الراغبة في التواجد في كلا المكانين.

من المرجح أن يعود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية إلى السلطة خلال هذا الشهر أو الشهر المقبل على أقصى تقدير، وبحدوث هذا، ستدخل العلاقات الخليجية-الإسرائيلية فترة اختبار، على الرغم من ان دول الخليج العربي كانت في طريقها لتوطيد علاقتها بإسرائيل، إلا أن الحكومة اليمينية الجديدة تتبنى سياسات تتحدى المصالح التقليدية لدول الخليج، ما سيؤثر لا محالة على شكل تلك العلاقات.

كل دولة خليجية لديها ما يكفي من الأسباب الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية للمضي قدماً في توطيد علاقتها بإسرائيل وإعطاء تلك الجهود الأولوية اللازمة، على الرغم من قيام إسرائيل بسلسلة من الإجراءات تدعمها بعض الخطابات والتصريحات، التي ربما في ظروف أخرى تضطرهم إلى قطع التواصل معها، إلا أن دول الخليج تستبعد هذه الفكرة.

سيواصل الجيران الخليجيون إحراز مزيداً من التقدم في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن هذا التقدم الآن سيمر بفترة تباطؤ لأن دول الخليج مضطرة لأن تعترض على سياسات إسرائيلية معينة، كالضم المحتمل لأجزاء من الضفة الغربية، أو قيامهم بعمليات عسكرية عنيفة ضد حماس في غزة.

خطوات نحو علاقات أفضل

تطورت العلاقات الإسرائيلية-الخليجية بشكل كبير منذ فرض الحظر على الطاقة التي قامت به دول الخليج ضد إسرائيل في 1973، إلا أن تلك العلاقات خرجت للنور خلال إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تعمل واشنطن الآن جاهدة من أجل تكوين تحالف أكثر تماسكاً ضد إيران (الأمر الذي يتطلب تعاوناً إقليمياً)، وحالياً وبفعل التغيرات الديموغرافية، ازداد عدد الشباب العربي الذين لا يحملون نفس العداء تجاه إسرائيل كالأجيال السابقة.

دول مجلس التعاون الخليجي – البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات- تتقاسم مخاوف مشتركة بشأن النفوذ الإيراني المتزايد، والذي يمكن مواجهته بمساعدة إسرائيل وشركائها في الغرب، وعلى الرغم من الاختلافات الأيديولوجية التي تجمع الطرفين، فإن معظم دول الشرق الأوسط معترفة بالمنافع التي ستعود عليها في حالة الانفتاح على مجالات التكنولوجيا والتجارة في إسرائيل.

خلال السنوات الأخيرة الماضية، استطاعت كل دولة من دول الخليج العربي أن تجد لنفسها طريقاً لبناء علاقاتها بإسرائيل، إما لأغراض اقتصادية أو لأغراض استراتيجية دبلوماسية.

قطر وعمان يستخدمان إسرائيل كوسيلة في إظهار الفائدة الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، أكبر حلفاء إسرائيل، وربما هذا ما دفع عُمان لاستضافة نتنياهو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في محاولة من مسقط لنزع فتيل الانتقادات الموجهة لها بأن علاقاتها المحايدة مع إيران تهدد المصالح الأمريكية.

أما قطر، والتي كانت هدفاً لهجمات دبلوماسية في واشنطن من قبل السعودية والإمارات، عبرت عن أهمية إسرائيل بالنسبة لها (وبالتبعية الولايات المتحدة) من خلال تقديم المساعدات إلى قطاع غزة من جهة، والتوسط لإيجاد حل بين إسرائيل وحُكام غزة، حماس، من جهة أخرى.

من جهة أخرى، سعت السعودية والإمارات والبحرين إلى توطيد علاقاتهم بإسرائيل في محاولة منهم للحد من تزايد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان. تعاونت هذه البلدان في مجال التكنولوجيا وخاصة الحرب الإليكترونية (السيبرية)، وازدادت الزيارات الثقافية والاقتصادية لممثلي كلا الطرفين، وبدأوا مرحلة من التعاون الاستخباراتي ضد حزب الله وإيران، وتبنوا خطاباً مشتركاً على المستويين الرسمي والإعلامي.

الإمارات كانت أكثر دول الخليج العربي جرأة في تقديم مبادرات إلى إسرائيل، ومؤخراً أعلن مسؤولوها بصورة رسمية عن عدم اقتناعهم باللجوء لـ “حل الدولتين” وقيمته بالنسبة للفلسطينيين، والذي لطالما سعت الدول العربي للضغط على إسرائيل لقبوله، من جهة أخرى استقبلت أبو ظبي زيارات من مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى.

في المملكة العربية السعودية، يواصل المسؤولون الشباب، بما فيهم ولي العهد محمد بن سلمان، توطيد العلاقات مع إسرائيل لتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية، وفي الوقت ذاته يتمسك الملك سلمان بالسياسة السعودية التقليدية، والتي تتماشى مع مبادرة السلام العربية لعام 2000، والتي نادت باللجوء لـ”حل الدولتين” كشرط للقبول الإقليمي لإسرائيل.

دولة الكويت لا تمتلك نفس حوافز جيرانها الجيوسياسية لبناء علاقات مع إسرائيل؛ حيادها الإقليمي التقليدي بين العالم العربي وإيران، لم يشكل لها أزمة مع السعودية والإمارات، كما أنه لا يوجد لديها رغبة في أن يُنظر إليها كمنافس عدائي لإيران.

في المقابل، وجدت الكويت في بناء بعض العلاقات التجارية الهادئة مع إسرائيل منفعة في مساهمتها في تحقيق الاستقرار في الاقتصاد الأردني، حيث إن الاستثمار في الأردن له تأثير إيجابي على مصالحها الاقتصادية، كما أن له تأثير جانبي يتمثل في الحفاظ على حدود إسرائيل الشرقية من جهة، وكسب نقاط لدى الولايات المتحدة الحليف الرئيسي للأردن.

ما الذي يتغير؟

عندما بدأت دول الخليج العربي في تحسين علاقتها بإسرائيل في السنوات الأخيرة  كانت مستعدة لتبني سياسات إسرائيل الأكثر وسطية، إلا أن المشهد السياسي في إسرائيل نما بصورة طردية مع الأفكار اليمينية القومية المتطرفة خلال العامين الأخيرين، بتشجيع من حكومة أمريكية أكثر دعماً لإسرائيل.

والآن، وصلت حكومة إسرائيلية يمينية أكثر تطرفاً وقومية إلى السلطة، ومن المرجح أن تسعى لتنفيذ حل الدولة الواحدة، والذي ترفضه عدة دول خليجية.

ظاهرياً ائتلاف حكومة نتنياهو لا زال قيد التشكيل، إلا أن ملامح سياسته واضحة، وللمحافظة على الأغلبية البرلمانية- الأغلبية التي يحتاجها لحمايته من الملاحقة القضائية بتهمة الفساد، سيواجه نتنياهو ضغوطاً سياسية من الأطراف اليمينة تجبره على الانصياع للقيم اليمينة القديمة، والتي من ضمنها التحرك لضم الضفة الغربية جزئياً أو كلياً، وزيادة التوسع الاستيطاني في المناطق ذات التواجد الفلسطيني، وأخيراً رفض “حل الدولتين”، ومن المرجح أن تتعامل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بصورة أكثر عنفاً مع أزمات غزة.

تلك القرارات ستؤثر على التزامات دول الخليج تجاه إسرائيل، والتي كانت تتنامى وتزداد قوة في الفترة الأخيرة، حيث ستجد دول الخليج نفسها مضطرة للاستجابة للرأي العام الداخلي والذي يدعم القضية الفلسطينية بصورة كبيرة، وعليه فإنه من المحتمل أن تتراجع بعض دول الخليج عن توطيد علاقاتها بإسرائيل، في حين سيواصل البعض الآخر جهوده لعدم وجود ذات الضغوط عليه.

تقييم موقف كل دولة على حدة

لدى عُمان دوافع لتقليل علاقاتها مع إسرائيل، ولكن ليس قطعها، للحفاظ على المكاسب الدبلوماسية التي حققتها مع الولايات المتحدة.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تم الإعلان عن زيارة نتنياهو في وسائل الإعلام الرسمية، لكن مع استمرار نتنياهو في الإعلان عن سياسات الضم، فإن بعض العمانيين الغير مؤيدين لتلك السياسات سيدفعون مسقط إلى إعادة النظر في الإعلان عن أي اتصالات تجري مع الجانب الإسرائيلي في وسائل الإعلام الحكومية، من ناحية أخرى لا زالت عُمان متمسكة في الحفاظ على الولايات المتحدة كحليف، وذلك لمنع تنامي نفوذ السعودية والإمارات في واشنطن على حسابها، وبالتالي ستجد مسقط نفسها مضطرة للحفاظ على موقف محايد نسبياً ييسر على إسرائيل التواجد الإقليمي الدبلوماسي، مع التأكد من أن هذه الاتصالات والإجراءات بعيدة عن الأنظار.

من المُرجح أيضاً أن يتباطأ -ولكن لن يتوقف- تقدم مسقط نحو بناء روابط اقتصادية مستقبلية مع إسرائيل كانت ستخلق فرصاً تجارية جديدة.

استراتيجية القوى الناعمة الخارجية لقطر تجد نفسها في تحدي مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية، فعلى الرغم من أن الدوحة تسيطر بصورة قوية على عدد سكانها الصغير من الناحية السياسية، ما يعني أنها لن تواجه ردة فعل عنيفة في حال استمر تواصلها مع إسرائيل، إلا أن استراتيجية القوى الناعمة التي تتبعها قطر استخدمت دعمها للقضية الفلسطينية لرفع مكانتها في العالم الإسلامي، عن طريق الوساطة الدبلوماسية، وعن طريق امتلاكها لكيان إعلامي عملاق وهو قناة الجزيرة المملوكة للدولة، والتي تولي القضية الفلسطينية اهتماماً كبيراً.

من جهة أخرى يتعين على قطر الحفاظ على علاقاتها بإسرائيل- إرضاء للولايات المتحدة الأمريكية- وذلك في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل بكل قوتها لضم الضفة الغربية، ليكون عليها إبعاد ذلك التواصل عن الرأي العام، ما يعني ان برامج التوعية الاقتصادية المشتركة ستتأثر بتلك التغيرات وربما يتباطأ العمل فيها أو يتم الحد منها.

عوامل عدة ستجعل من الصعب على الكويت تحقيق مكاسب كبيرة مع إسرائيل في ظل وجود الحكومة المقبلة، أهمهمها الصحافة الحرة، والبرلمان المفتوح، والكثافة العلية للمغتربين الفلسطينيين، ومع ذلك هناك إمكانية لوجود بعض العلاقات التجارية البسيطة، بشرط أن تظل بسيطة حيث ستتعرض الكويت لمخاطر سياسية كبيرة في حال أعلنت عن ارتباطها بعلاقات وطيدة مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

على صعيد آخر، يمكن للعلاقات الدبلوماسية والتجارية بين الكويت والأردن أن تنمو وتقوى، خاصة وأن الحكومة اليمينية الجديدة تشكل عوامل ضغط على شكل العلاقة الإسرائيلية-الأردنية، ما قد يدفع الأردن بحركاته القومية والإسلامية إلى انتقاد وجود علاقة مع إسرائيل بسبب احتمالية ضم الضفة الغربية.

الاستراتيجية الإماراتية الساعية لتوطيد العلاقات الاقتصادية والأمنية والدبلوماسية مع إسرائيل ستصطدم ببعض العقبات، فالحكومة الإماراتية ليست صاحبة قبضة قوية على أنظمتها السياسية والإعلامية المحلية، غير أن سمعتها الدولية أقل ارتباطاً بدعم قضية الفلسطينية، وفي المقابل تنامت صورة وتواجد إسرائيل داخل الإمارات، خصوصاً معرض اكسبو 2022 الدولي الذي سيُقام في دبي- وستستمر في التنامي، ومع ذلك قد تُقابل العلاقة الإسرائيلية- الإماراتية ببعض المعارضة -ليست ذات ثقل- الموجودة داخل المجتمع الإماراتي وبين بعض المدن الشمالية والعاصمة أبو ظبي، إلا أن الحكومة الإماراتية ستكون قادرة على إدارة هذا التوتر ومواصلة بناء تلك العلاقات، خصوصاً العلاقات التجارية والعلاقات الثقافية القائمة بالفعل.

ستواجه البحرين أيضاً ضغوطات أقل لتغيير استراتيجيتها الحالية المنفتحة -نسبياً- مع إسرائيل، ولكن لأسباب مختلفة تماماً، فالبحرين منقسمة اجتماعياً بين أغلبيتها الشيعية وبين الأقلية السنية الحاكمة، تاركةً القليل من الشرعية المتبقية للنظام الملكي لتخسرها بسبب علاقاتها الاقتصادية والأمنية المتنامية مع إسرائيل.

علاوة على ذلك، فإن الأقلية السنية الملكية تبحث عن أي حلفاء للحفاظ على السلطة ضد التحريض الشيعي الذي ترعاه إيران، وفضلاً عن ان الاقتراب من إسرائيل سيزيد من أهمية البحرين للولايات المتحدة-الضامن الأمني الأهم، فإن امتلاك إسرائيل تكنولوجيا تجسس ومراقبة متقدمة سيفيد النظام البحريني في تصديه لإيران.

موقف السعودية سيكون الأصعب من بين مواقف بقية دول الخليج الأخرى بعد وصول الحكومة الإسرائيلية الجديدة للحكم، وربما هذا ما يفسر تدخل العاهل السعودية والتأكيد علناً على التزام الرياض بمبادرة السلام العربية لعام 2000، وانتقاده قرار الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتشديده على أن هذه الخطوة إقصاءً للدولة الفلسطينية.

الملك سلمان لا يتحرك بلا دعم؛ والسعوديون بطبيعة الحال وبسبب تواجدهم في مجتمع كبير ومتنوع جغرافياً، فإنهم ومع عملية التغيير الاجتماعية الكبرى التي تقودها الدولة الآن، يظل الكثير منهم متردد بشأن تغيير موقفه من القضية الفلسطينية والتخلي عنها، وكلما أصبحت الحكومة الإسرائيلية أكثر “يمينية”، كلما زادت احتمالية أن السعوديين الذين لا يزالون متعاطفين مع القضية الفلسطينية سوف يؤيدون موقف الملك، على عكس رأيهم في موقف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وحلفائه الذين يسعون لبناء دولة جديدة، قائمة على علاقة منفعة مشتركة بين السعودية وإسرائيل.

في حين أن توطيد العلاقات مع إسرائيل ستستمر بهدوء من خلال اجتماعات سرية، فإن المملكة العربية السعودية سوف تُكافح من أجل تلبية المطالب المتعارضة للقوى الداخلية والخارجية، وعليه فإن الإسرائيليون الذين يحلمون بالتواجد داخل السوق السعودية قد ينتظرون فترة أطول.

بالنسبة لمجتمع التجارة الدولي، سوف تضغط تلك العلاقة لتحديد الكم المتنوع من المؤسسات الإقليمية والعالمية التي يمكن أن تستفيد من توطيد العلاقات والروابط مع إسرائيل.

من المتوقع أن الإمارات والبحرين ستواصل الأعمال والمشاريع التجارية المشتركة بينها وبين إسرائيل، في حين أن البلدات التي يقيدها الرأي العام المحلي مثل قطر والسعودية وعُمان والكويت، سوف تصطدم بعقبات سوف تحبط فرص التجارة والاستثمار متعدد الجنسيات.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا

بواسطة |2019-05-10T14:52:12+02:00الجمعة - 10 مايو 2019 - 2:52 م|الوسوم: , , |

واشنطن: الإمارات متهمة بالتدخل في حروب وخلافات داخلية في عدة دول عربية

اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية، أمس الأربعاء، الإمارات بالتدخل في حروب وخلافات داخلية في عدة دول عربية تشهد نزاعات منذ سنوات.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، جيم ريش، إن بلاده تراقب دور الإمارات في نزاعات السودان وليبيا والصومال.

وفي السياق ذاته، قال السيناتور إليوت إنجل، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، إنه ليس هناك تقدم كاف باتجاه رفع الحصار عن قطر، مؤكدا أنه من مصلحة كافة الأطراف إنهاء الحصار والعمل معا لصد التهديدات الحقيقية في المنطقة.

وأضاف إنجل أن الولايات المتحدة وشركائها في الخليج يتقاسمون الفرص الاقتصادية وهموم مكافحة الإرهاب، ويمكن العمل معا لصد التهديد الذي تمثله إيران، مشيرا إلى أنه لحدوث ذلك “من الضروري توحيد الخليج، ولكن حتى الآن لم نر للأسف تقدما كافيا لرفع الحصار عن قطر”.

وتابع أنه من مصلحة كل الأطراف إنهاء هذا الحصار “لكي نعمل معا لمواجهة التهديدات الحقيقية في المنطقة، على أقل تقدير يجب أن تسمح دول الخليج لقطر بأن تتمتع بحقوقها في الطيران”.

وتستمر الأزمة الخليجية منذ 2017، بعد إعلان الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، قطع العلاقات مع دولة قطر وفرض حصار عليها، بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، وقالت إن ضغوط الدول الأربعة تهدف للتدخل في قرارها السيادي والوطني.

بواسطة |2019-05-09T15:03:37+02:00الخميس - 9 مايو 2019 - 3:03 م|الوسوم: , |

محامٍ سعودي في ألمانيا  لـCNN: أخشى استهدافي كخاشقجي

كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، عن تهديدات يواجهها محامي المتهمين الـ”37″ الذين أعدمتهم السلطات السعودية مؤخراً.

وقال المحامي السعودي  طه الحاج، في مقابلة أجرتها معه شبكة “سي إن إن” إنه يواجه سيناريو مشابهاً لذلك الذي حدث للصحفي جمال خاشقجي، مؤكداً أن سلطات بلاده تتابعه على الرغم من لجوئه إلى ألمانيا.

 

المحامي طه الحاج، الذي ترافع للدفاع عن بعض المتهمين الذين أُعدموا مؤخرا في السعودية، أعرب في حديثه لـ”سي إن إن” عن قلقه من أن تتهمه سلطات بلاده بارتكاب جرائم ملفقة.

السلطات السعودية قالت بعد إعدام المجموعة المكونة من 37 متهماً، إن العدالة تحققت، لكن المحامي يقول إن “وثائق المحكمة نفسها دليل على التعذيب والظلم، ومع ذلك ما زالت تتحدث بكل جرأة بأنها تمتلك الرحمة والإنسانية”.

وحول ادعاء المتهمين أمام القاضي بأنهم اعترفوا في التحقيقات بعد تعرضهم للتعذيب، يقول المحامي: إن “المفترض أن يتعامل القاضي بجدية مع هذا الطلب ويحقق ويطلب من المحققين الرد على هذا الاتهام، لكن ما يحدث في أغلب هذه القضايا أن القاضي يتجاهل هذا الأمر”.

المحامي طه الحاج يشتبه بأن تكون الحكومة اتهمته أيضاً بارتكاب جرائم زائفة؛ فحين كان في السعودية تلقى مكالمة هاتفية تطلب منه المثول في مركز للشرطة، فهرب في نفس اليوم. لكن حتى في ألمانيا هو قلق من أن تطاله يد سلطات بلاده.

الحاج تلقى رسالة على هاتفه وهو في ألمانيا، على الرغم من أن رقم هاتفه كان غير معروف، ويقول: “لا أعرف بالضبط الطريقة التي حصلوا فيها على رقم هاتفي”.

وجاء في الرسالة التي كتبت بأسلوب مهذب، كتبها شخص يزعم أنه مسؤول سعودي في برلين: “ما يزال الوطن يرحب بأبنائه بأذرع مفتوحة، وإذا كنت تريد فسوف أساعدك في العودة. أضمن لك عودة سهلة ستشكرني عليها”.

يقول طه: “خطر في بالي أن أكون في نفس الموقف الذي تعرض له جمال خاشقجي إن وافقت على الأمر”.

وقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول في أكتوبر الماضي، وعلى الرغم من اعتراف الرياض بالجريمة فإنها لم تكشف حتى اليوم عن مكان الجثة، وتقول بمحاكمة قاتليه في أجواء تشوبها الشكوك.

طه يعتقد أن حكومة بلاده قد تحاول الوصول إليه حتى وإن كان في برلين، لكن على الرغم من ذلك هو يؤكد أنه لن يتوقف عن استخدام حريته ليكون الصوت لمن ما زالوا في الداخل وللذين يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، بحسب تعبيره.

وفي أكتوبر الماضي، حصلت صحيفة واشنطن بوست على تسجيلات سربها المعارض السعودي في كندا عمر عبد العزيز، تكشف محاولات سلطات بلاده ملاحقة المعارضين في الخارج وإغراءهم للعودة بالمال والأمن، وهي محاولات تصاعدت منذ أصبح محمد بن سلمان ولياً للعهد، وفق منظمات حقوقية.

وفي وقت سابق من مارس الماضي، كشفت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، عن حصولها على مئات الوثائق الحصرية التي تتعلق بمحاكمات جرت في السعودية لـ37 متهماً انتهت بالإعدام، في حين تؤكد الوثائق براءتهم.

وفقاً للوثائق التي ذكرت الشبكة الأمريكية أنها حصلت عليها، فإن 25 متهماً ممن نُفذ بحقهم حكم القتل صدر بحقهم الحكم بعد ثلاث جلسات، عام 2016، منهم 11 متهماً وجدوا مذنبين في تهمة التجسس لمصلحة إيران، التي تعتبر خصم المملكة في المنطقة.

14 متهماً آخر، بحسب “سي إن إن”، كانوا مذنبين بتهمة تشكيل خلية إرهابية خلال المظاهرات المعادية للحكومة بمدينة العوامية التي تقطنها غالبية شيعية، عام 2011 و2012.

بحسب ما جاء في الوثائق قال بعض المتهمين من العوامية للمحكمة: إن “اعترافاتهم كاذبة، وإنها جاءت تحت التعذيب”، وفي بعض الأحيان قال المتهمون إنهم لا يعلمون شيئاً عن الاعترافات سوى بصمات أصابعهم، وإن هذه الاعترافات كتبها الأشخاص الذين قالوا إنهم عُذبوا على أيديهم.

بواسطة |2019-05-08T15:58:41+02:00الأربعاء - 8 مايو 2019 - 3:58 م|الوسوم: , , |
اذهب إلى الأعلى