صحيفة “جون أفريك”: خيارات ولي العهد السعودي “كارثية” في المستنقع اليمني

إبراهيم سمعان

مأساة إنسانية، أخطاء المتكررة، وأهداف غير واضحة، واختلافات بين الحلفاء… المستنقع اليمني يبدأ في إخفات نجم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فمعظم خياراته في الوقت الراهن أثبتت خطورتها، إن لم تكن كارثية.

هذه المرة ، كان عليهم (التحالف العربي بقيادة السعودية) أن يعترفوا بارتكابهم “خطأ”، بعد الاحتجاج الدولي على مقتل أربعين تلاميذا يمنيا نتيجة قصف حافلة مدرستهم في 9 أغسطس بصعدة، حيث لم يكن أمام السلطات السعودية خيار آخر.

وقال منصور المنصور المتحدث باسم اللجنة المسؤولة عن التحقيق في التحالف العربي المنخرط في حرب اليمن: “صدر أمر بعدم استهداف الحافلة، لكنه وصل بعد فوات الأوان”. وأعرب التحالف، عن أسفه وقدم تعازيه لأسر الضحايا، في حين أعلن أنه سيعاقب المسؤولين. وفقا لصحيفة “جون أفريك” .

وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، التي تقدم بلادها الدعم اللوجستي والسياسي للتحالف ضد التمرد الحوثي ، صور ضحايا الغارة “مرعبة”.

وأطلق ولي العهد محمد بن سلمان ، في يوليو 2015 شرارة الحرب وبدأت العمليات العسكرية في اليمن وكأنها رصاصة لابن الملك المفضل سلمان، لكن يبدو أن خيار الحرب المفرطة الآن غير فعال في تسوية القضية اليمنية.

في الواقع، توضح أرقام الصراع وحدها حقيقة هذه الحرب غير المتماثلة، إذ  كشفت دراسة استقصائية أجريت في الفترة ما بين ديسمبر 2017 ومايو 2018 من قبل ” Global Protection Cluster”، منظمة غير حكومية، أن حوالي 80٪ من الضحايا المدنيين قد قتلوا جراء الغارات الجوية لقوات التحالف، و 11٪ بسبب نيران المدفعية و 4٪ في القتال.

كان شهر أغسطس الأكثر قتلا بشكل خاص، فبالإضافة إلى المأساة المذكورة أعلاه، تسبب طيران التحالف في وفاة ما يقرب من 30 امرأة وطفل فارين من منطقة حرب الحديدة.

وفي اليوم الثاني، تم استهداف منطقة مستشفى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الحديدة، كما أن حوالي ستون مدنيًا قتلوا في الغارة، ووفقا للمنظمة بين عامي 2015 و 2017 تم قصف الأراضي اليمنية كل تسعين دقيقة.

اختلاف الحلفاء

وعلى الرغم من الرغم من الضربات، يستمر المتمردون الزيديون، في السيطرة على جزء كبير من شمال وغرب البلاد، وبفضل دعم إيران، أصبح لدى الحوثيين الآن القدرة على ضرب العاصمة السعودية، فضلاً عن المدن الإماراتية، مما زاد الطين بلة، وأصبح الصراع أكثر تعقيدا.

بعض “الجنوبيين” المدعومون من قبل التحالف يعلنون أن الأمر أصبح مواتيا للاستقلال عن البلاد، فالرجل القوي في دولة الإمارات العربية المتحدة عضو الائتلاف الرئيسي، محمد بن زايد ، الذي له تأثير كبير على ولي العهد السعودي يوفر لهم الدعم، في حين أن الرياض والمجتمع الدولي يؤيدون الرئيس عبد ربه منصور  هادي.

في عدن، وقعت سلسلة من الاغتيالات لشيوخ مقربة من حزب التجمع اليمني للإصلاح المدعوم من المملكة العربية السعودية، التي لها تأثير قوي في الوفد المرافق للرئيس هادي، وتشير المصادر إلى أن دولة الإمارات الآن تلعب على مصالحها الخاصة.

في يناير، حاصر الانفصاليون، الذين يحاربون الحوثي من حيث المبدأ ، قصر هادي الرئاسي، وفي حين كان اليمن في السابق حكرا على الجارة السعودية القوية، فإن الإماراتيين رسخوا أنفسهم كلاعبين بارزين، وهو فشل استراتيجي بالتأكيد لمحمد بن سلمان.

من جانب الدعم الدولي للتحالف، بدأ الرأي العام في الضغط، تجاه ما يشار إليه بانتظام بـ “أسوأ أزمة إنسانية في الوقت الراهن” – 22 مليون من اليمنيين بحاجة إلى مساعدة غذائية و 8.5 مليون منهم على حافة المجاعة، وفق الأمم المتحدة –والوقوف ضد انتهاكات حقوق الإنسان، وبيع الأسلحة لبلدان التحالف.

في فرنسا، حيث المملكة العربية السعودية هي الزبون الثاني من حيث استيراد الأسلحة، يطالب 90 نائباً بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية حول مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى التحالف. طلب مدعوم من عدة منظمات غير حكومية.

كما قررت الحكومة الإسبانية منع تسليم 400 قنبلة موجهة بالليزر إلى المملكة العربية السعودية في أوائل سبتمبر، وهو  عقد يصل حجمه إلى حوالي 9 ملايين يورو.

وبعيدا عن القضية اليمنية، ولي العهد السعودي، بدأ يفقد قوته، فجميع القرارات الاستراتيجية للمملكة، التي اتخذها محمد بن سلمان أثبت في معظمها أنها خاسرة، ومكلفة، ومن بينها الحصار الذي قرر فجأة فرضه في يونيو 2017 ضد قطر، والذي لم يؤت أيا من ثماره حتى الآن.

في فلسطين، يبدو أن الملك اقتنع بأن ابنه غير حكيم وقرر استعادة هذا الملف الرمزي إلى حد كبير، فانضمام محمد بن سلمان إلى “اتفاقية القرن”، التي تتجاهل المطالب الرئيسية للفلسطينيين، شوه إلى حد كبير صورة المملكة في العالم الإسلامي.

على الجبهة الداخلية، موجة الاعتقالات الأخيرة للشيوخ والمسئولين تجعل هناك مخاوف من تمرد السكان، أو حتى العديد من أفراد آل سعود.

أخيراً وليس آخراً: إن خطته “رؤية 2030″، التي كانت تهدف إلى إصلاح النموذج السعودي، تثير شكوكا جديدة اليوم، فبينما يحق للنساء الآن قيادة السيارات، تم اعتقال العديد من الناشطات في أعقاب دخول التفويض حيز التنفيذ، وبعضهن يواجهن عقوبة الإعدام، كما أن حلم طرح جزء من شركة أرامكو العملاقة للنفط تحول إلى إخفاق تام.

بواسطة |2018-09-11T15:07:24+02:00الثلاثاء - 11 سبتمبر 2018 - 3:07 م|الوسوم: , |

هروب 8 مليارات دولار .. لماذا يتراجع الاستثمار الأجنبي بمصر؟!

العدسة: محمد العربي

فيما يمثل ضربة موجعة لحكومة الانقلاب بمصر كشف اخر تقرير للبنك المركزي المصري عن هروب أكثر من 8 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية العاملة بمصر خلال الاشهر الأربعة الماضية، وطبقا لتقرير البنك المركزي الصادر الخميس 7 سبتمبر الجاري، فإن استثمارات الأجانب بالعملة المحلية في أذون الخزانة تراجعت بمعدل 269 مليار جنيه (15 مليار دولار) نهاية يوليو 2018.

ووفقا لتقرير البنك المركزي فإن الأجانب قد سحبوا 8.1 مليارات دولار من مصر خلال أربعة أشهر في الفترة بين أبريل حتى نهاية يوليو من العام الجاري.

ويثير هذا التراجع تساؤلات عن أسباب هروب الاستثمارات الأجنبية من مصر، رغم التسهيلات التي تمنحها الحكومة للمستثمرين الأجانب، وهل يمثل ذلك ترجمة لتحذيرات صندوق النقد الدولي قبل أسابيع بأن الاستثمارات الأجنبية في مصر سوف تشهد تراجعا، وهل للأوضاع السياسية علاقة بهذا التراجع الذي يأتي بعد خمسة أشهر من تولي رئيس الإنقلاب عبد الفتاح السيسي لولايته الثانية، مما يمثل تصويتا دوليا علي عدم الرغبة في وجوده؟

تراجع مستمر

وطبقا لبيانات البنك المركزي المصري الصادرة في مارس ويونيو الماضيين فإن معدلات الاستثمارات الأجنبية بمصر تشهد تراجعا ملحوظا سواء في الاستثمارات المباشرة التي يتم ضخها في الوعاء الادخاري المصري، أو الاستثمارات غير المباشرة المتعلقة بتداول أذون الخزانة.

وطبقا لبيان البنك المركزي في يونيو الماضي فقد شهدت الاستثمارات الأجنبية تراجعا في صافي الاستثمار المباشر خلال أول 9 أشهر من العام المالي الجاري بنسبة 8.3% مقارنة بنفس الفترة من عام 2016-2017.

وبحسب بيان البنك فقد سجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر تدفقات للداخل بنحو 6.019 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى مارس من عام 2017-2018 مقابل 6.565 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وقال البنك المركزي إن تسجيل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بمصر لتدفقات للداخل يأتي كنتيجة أساسية لتحقيق صافي الاستثمار في قطاع البترول نحو 3.4 مليار دولار.

وحقق الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر إجمالي تدفق للداخل بلغ نحو 10.2 مليار دولار، بينما سجل إجمالي التدفق للخارج نحو 4.2 مليار دولار، كما سجل صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الثالث من العام المالي الجاري 2.256 مليار دولار مقابل 2.278 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي بتراجع طفيف بلغ 22 مليون دولار.

وقال البنك المركزي إن الاستثمارات بمحفظة الأوراق المالية في مصر سجلت صافي تدفق للداخل بلغ نحو 14.9 مليار دولار خلال أول 9 أشهر من العام المالي الجاري مقابل 7.8 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2016-2017.

وأرجع البنك ذلك في الأساس لزيادة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة المصرية لتحقق صافي مشتريات بلغ نحو 11.5 مليار دولار مقابل نحو 4.3 مليار دولار، إلى جانب إصدار الحكومة المصرية سندات في الخارج بقيمة نحو 3.3 مليار دولار خلال الربع الثالث من عام 2017-2018.

وهو ما أكده أيضا بيان البنك المركزي في مارس الماضي، عن أداء ميزان المدفوعات والذي أكد فيه تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بنحو 12% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري.

وقال البنك في بيانه إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة سجلت نحو 3.8 مليار دولار في النصف الأول من 2017-2018، مقابل نحو 4.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي.

تحذيرات صندوق النقد

وفي يوليو الماضي توقع صندوق النقد الدولي أن يتراجع صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمصر إلى 9.5 مليارات دولار خلال العام المالي الجاري 2018-2019، مقابل 9.9 مليارات دولار في توقعات سابقة، وتنبأ الصندوق بأن يقفز صافي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمصر إلى 11.3 مليار دولار في العام المالي المقبل 2019-2020.

ووطبقا لأرقام الصندوق الذي يشرف علي عمليات الإصلاح الاقتصادي للحكومة المصرية فقد تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر، بنسبة 8.3 %على أساس سنوي، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الماضي 2017-2018، إلى 6.019 مليارات دولار، مقابل 6.565 مليارات دولار في نفس الفترة المقابلة من العام السابق له، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.

وحذر الصندوق من مخاطر تواجهها مصر فيما يتعلق بتدفقات رأس المال إلى الخارج في الأشهر الأخيرة ، بسبب تشديد الأوضاع المالية العالمية المتعلقة برفع أسعار الفائدة، مما ساهم أيضا في تراجع تدفق المستثمرين إلى الأسواق الناشئة.

شهادة سلبية

ويري خبراء اقتصاديون أن هذا التراجع في الاستثمارات الأجنبية يعكس حالة عدم الثقة في الإجراءات الحكومية المتعددة، وهو ما يشير أيضا لفقدان الثقة في رئيس النظام السيسي الذي احتفل قبل خمسة أشهر بتوليه الفترة الرئاسية الثانية، ويري الخبراء أو الأوضاع السياسية الملتهبة تمثل سببا رئيسيا في عدم ثقة الاقتصاد الدولي في الاقتصاد المحلي، رغم ما تتميز به مصر من إمكانيات لوجستية وبشرية.

ويري الخبراء كذلك أن هذا التراجع يثير كذلك تساؤلات عما تزعمه حكومة السيسي من أن مصر سوف تكون أكبر مركزا للخدمات البتروكيماوية علي مستوي العالم نتيجة الاكتشافات المتعلقة بالغاز والبترول التي يتم الإعلان عن اكتشافها بشكل مضطرد خلال الأشهر الماضية.

ورصدت تقارير إعلامية متخصصة أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تقف وراء تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية لمصر وهي عدم الاستقرار السياسي، وارتفاع معدلات الفائدة، والتوترات الجيوسياسية التي حولت المنطقة العربية لساحة من النزاع المتمدد سواء في سوريا واليمن أو العراق وفلسطين والتوتر الدولي الأمريكي تجاه إيران، والخلاف الخليجي مع قطر.

ويؤكد المختصون أن عدم ثقة المستثمرين الأجانب في استقرار الوضع السياسي بمصر، حتي بعد الجولة الثانية من الانتخابات، جعلهم يفكرون كثيرا قبل ضخ أموال في السوق المصرية، وبالتالي يتوجهون نحو أسواق أخري أكثر أمنا في القارة الإفريقية مثل إثيوبيا وروندا.

ويشير أصحاب هذا الرأي أن الاقتصاد المصري أصبح تحت سيطرة كاملة للمؤسسة العسكرية، وهو ما يمثل سببا إضافيا لتخوف رأس المال الأجنبي الذي مازال متذكرا للحقبة الناصرية التي توسعت في عمليات التأميم، كما أن تجارب الحكومات العسكرية علي مستوي العالم لم تقدم نموذجا إيجابيا يمكن الارتكان إليه عند رسم سياسة اقتصادية دولية.

غياب الرؤية

ويشير الباحثون المختصصون برسم السياسات الاقتصادية أن الحكومة المصرية فشلت في رسم سياسة اقتصادية فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية، وبالتالي اعتمدت الحكومات المصرية في ظل الإنقلاب العسكري علي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع البترول والتي بلغت نحو 2.1 مليار دولار من إجمالي نحو 3.8 مليارات دولار، في النصف الأول من العام المالي الجاري، واستثمارات اخري متعلقة بشراء اذون الخزانة.

ويري هذا الفريق أن الحكومات المصرية تتعامل مع الاستثمار الأجنبي على أنه غاية في حد ذاته، بينما يجب اعتباره وسيلة لتعزيز النمو في الاقتصاد المصري مثل التصنيع وغيره من القطاعات المهمة، وهو ما أدي في النهاية لتراجع مصر في ترتيب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2018 الصادر عن البنك الدولي، والذي كشف عن تراجع مصر 6 مراكز عالميا من المرتبة 122 إلى 128، بعدما سجلت تراجعا في 4 معايير واستقرارا في 3 أخرى وتقدما في 3 من أصل معايير يستند عليها التقرير في الترتيب.

وعلق الخبراء علي هذا التقرير بأن تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، يعتمد على عدة أمور منها، معدل التضخم وبيئة الاستثمار التي تشمل الجانب التشريعي، وسهولة دخول وخروج المستثمر من السوق، وعياب المؤسسات الاقتصادية القوية وسهولة توافر المعلومات والخريطة الاستثمارية المتعلقة بالأمان والسلامة.

بواسطة |2018-09-10T16:44:12+02:00الإثنين - 10 سبتمبر 2018 - 6:00 م|الوسوم: , |

كراهية الأجانب وتأجيج القبلية وأعداء مفترضون .. ما الذي يروج له ولي العهد؟

إبراهيم سمعان

قالت الأستاذة السعودية مضاوي الرشيد إن القومية التي يروج لها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بين شباب بلاده تتضمن عناصر تتناقض مع التحديث الذي يروج له، بل وتكشف أن ذلك كله ليس أكثر من أوهام.

وأوضحت الأستاذة بمركز الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد أن عناصر القومية التي يروج لها لا تتضمن سوى الحض على كراهية الأجانب وتأجيج القبلية وخلق أعداء مفترضين.

وتابعت في مقال لها بموقع “ميدل إيست آي” قائلة “المملكة العربية السعودية يمكن أن تكون دولة، لكن ولي العهد الحالي الأمير محمد بن سلمان ، عازم على تطوير قومية سعودية جديدة بين الشباب، شعارها “السعودية للسعوديين” و “المملكة العربية السعودية أولاً”.

أشارت “الرشيد” إلى ان هذين الشعارين كانا بارزين في خطاب الكتاب المجندين في الصحافة ووسائل الإعلام الاجتماعية المملوكة للدولة.

ونوهت بأن القصة الجديدة ليست مجرد حركة شعبية عفوية، بل هي مبادرة تقودها الدولة تحت رعاية ولي العهد.

ومضت تقول “يقدم ولي العهد نفسه كنموذج يحتذى به إذا كان يجب أن يحسب السعوديون بين الأمم الحديثة، وهو يلعب على احتياجاتهم وتطلعاتهم لتعزيز شعور جديد بالانتماء.

وأضافت “وعدهم بتوظيف أكبر ، وتراث وثقافة وطنية مزدهرة ، وتواصل متزايد مع العالم الخارجي ، ووهم التحديث الليبرالي المستقبلي. لكن ما تبقى من 50 في المائة من السكان يبدون في طي النسيان”.

ومضت تقول “من خلال بناء الشباب كفئة متجانسة ، يحدد بن سلمان احتياجاتهم ، ويذيب اختلافاتهم وتلغى تنوعهم. إن القومية الجديدة تعد الشباب بابتعاد عن الركود الاقتصادي السابق والحماس الديني والمحافظة الاجتماعية. فقط بعد تدمير القديم ستولد الأمة الجديدة”.

وأردفت “القومية السعودية الجديدة هي مبادرة من القمة إلى القاعدة. الغرض منها خلق الغراء الذي يربط الشباب بالملكية. ومثل جميع القوميات، يحتاج هذا النموذج السعودي الجديد إلى المثقفين ورجال الأعمال والمدافعين الشباب لنشره على مستوى الجذور”.

وتابعت “كونك سعوديًا بدلاً من عربي أو مسلم هو الآن مفتاح خطط بن سلمان لتوطيد سلطته ، والتوقعات المستقبلية للسعودية ونجاح تحوله الاقتصادي – الأهداف الثلاثة التي تدعم معظم سياساته”.

ونوهت بأن بن سلمان متأخر في لعبة القومية، مشيرة إلى أن روايته عن من هم سعوديون أو يجب أن يكونوا ، ومصيرهم ومسؤوليتهم وخصائصهم القومية، مليئة بالتناقضات .

وأشارت إلى التناقض بين وضع الذكور والإناث في المملكة، موضحة أن الذكورة القومية المضخمة تستثني أطفال النساء السعوديات المتزوجات من أجانب، حيث لا يزالون غير سعوديين.

واضافت “يمكن للمرأة أن تقود السيارة ولكن يجب أن تسعى للحصول على إذن من ولي أمرها الذكر للسفر إلى الخارج. يجب عليهم أيضا الحصول على إذن من ولي الأامر للزواج. عندما يكون الزوج أجنبياً ، يجب على وزارة الداخلية إصدار ترخيص”.

وأردفت “يتم منح الرجال مثل هذه التراخيص بسهولة ، لكن على النساء أن يطلبن إذنًا من أولياء أمورهن للزواج من سعودي أو أجنبي ، وبالتالي تحملن عبئًا مزدوجًا كنتيجة ببساطة لكونهن نساء”.

كما أشارت الكاتبة إلى أن القومية الجديدة تهدف أيضاً إلى رسم الحدود بين السعوديين والأجانب المقيمين ، الذين تتضاءل أعدادهم.

وأضافت “منذ وصوله إلى السلطة في عام 2015 ، غادر حوالي  700 ألف أجنبي البلاد. وتسارعت برامج السعودة الإجبارية – التي تحظى بشعبية بين الشباب ولكن ليس بين أصحاب الشركات الخاصة الذين يترددون في تحمل التكلفة العالية لتشغيل السعوديين “.

ومضت تقول “كما أنالتأشيرات المضخمة ورسوم تصاريح الإقامة تعني أيضاً أن المملكة لم تعد مكاناً مربحاً للبقاء بالنسبة لغالبية العمال الآسيويين ذوي الأجور الرديئة. الشباب سعداء لأنهم يأملون أن تكون الوظائف شاغرة لهم ليشغلوا. لكن معدل البطالة بين الشباب لا يزال مرتفعا ، حيث يبلغ أكثر من 30 في المائة”.

وأردفت “علاوة على ذلك ، تعزز القومية الجديدة الجبهة الداخلية ضد أعداء حقيقيين وهميين مثل إيران. لم يعد التبرير القديم وراء الصراع مع إيران هو زندقة الإيرانيين ، بل كان شوق الفرس للامبراطورية، حيث كانوا يسيطرون ذات مرة على أجزاء كبيرة من شواطئ شبه الجزيرة العربية”.

ولفتت إلى أن  القومية السعودية هي القوة الدافعة للحفاظ على زخم التنافس مع إيران على قيد الحياة بين الشباب.

وتابعت الرشيد “أخيرًا ، ينظر إلى القومية الجديدة باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من خلق الاقتصاد السعودي. هذا النوع الجديد من السعوديين لم يعد مسلما متحمسا حريصا على الدفاع عن شرف أتباعه من أتباع الدين المتدينين ، أو المتلقين لمزايا الرفاه الفخمة ، أو البدو العاطل الذي يقضي معظم وقته إما في رعي الجمال أو في تأليف الشعر البطولي”.

وأضافت “من المتوقع الآن أن يكون هو حامل اقتصاد المعرفة ، و طليعة الخدمات النيوليبرالية ، والمستهلك لمجموعة واسعة من المنتجات ، ورجل الأعمال المبدع المخاطرة. ومثل بن سلمان ، فهو الرجل المثالي العالمي المتصل ، الذي يرتدي ثوب أبيض ، ولكن بهاتف ذكي وليس نوكيا قديم”.

وأردفت “لم تعد المرأة بحاجة إلى أن تغطى في عباءة سوداء ، ولكنها تستطيع أن تقود سيارتها إلى مراكز التسوق التي ترتدي حجابًا ملونًا ورموزًا لحداثتها وحضارة عالمية. يُطلب الآن من السعوديين أن يكونوا قوميين ودوليين ، مع ظهور التناقضات الواضحة حتى في الدعاية الحكومية”.

ونوهت بأن التناقضات تصبح أكثر اضطرابا، حيث تتناقض القومية السعودية مع انتشار القبلية في الصراعات الإقليمية. وقد ظهر ذلك بشكل أوضح خلال النزاع الذي دام سنة مع قطر عندما حشدت السعودية المجموعات القبلية السعودية ضد الإمارة ، وضد أميرها ونسبه.

وتابعت “أصدر المفتي الوهابي في السعودية ، عبدالعزيز آل الشيخ ، مع 200 من أفراد هذه العائلة بيانًا زعم فيه أن تميم بن حمد آل ثاني ، أمير قطر ، لا ينتمي لعائلتهم. ونشر البيان في صحيفة عكاظ السعودية الرسمية. كل من أمير قطر وعائلة الشيخ يقةلان إنهما من قبيلة بني تميم العربية”.

وأوضحت أن هذه هي القبيلة التي لم تنتج سوى مؤسس التقليد الوهابي ، محمد بن عبد الوهاب الذي أنشأ تحالفه مع آل سعود في القرن الثامن عشر المملكة.

واشارت إلى أن إبطال الأصول القبلية للأمير القطري يرقى إلى إهانة خطيرة في شبه الجزيرة العربية التي يفتخر سكانها وأفراد العائلة المالكة بنفوذهم ونسلهم القبلي.

وتابعت “سرعان ما تم الاحتفال بالمهرجانات القبلية التي تسخر من أمير قطر عبر الحدود السعودية مع قطر حيث أعاد الجانب الآخر الإهانة”.

وأوضحت أن كل هذا يكشف تناقضات الأجندة القومية الشاملة لخلق مواطنين سعوديين جدد من الشظايا القبلية التي يتم نشرها بشكل أكثر فاعلية لخوض حرب إعلامية مع قطر.

وتابعت “في فورة الحروب القبلية والشعر ، غرقت كل من القومية والدبلوماسية في غياهب النسيان”.

ومضت تقول “إن حداثة مشروع بن سلمان للهندسة الاجتماعية لبناء الأمة هو وهم متناقض ، مثل كل المشاريع القومية السابقة والحاضرة. كراهية الأجانب والقبلية والتطرف العالمي السطحي لا تكاد تتفق مع مشروع ليبرالي جديد لتحويل السعودية إلى اقتصاد منتج ، ودولة متسامحة ومجتمع مفتوح”.

وأردفت “في حين أن كل القومية هي بناء ، لا يبدو أن الشكل السعودي الحالي يقف على أرضية صلبة. لا شك أن بن سلمان أغرى الشباب بفتح المجالين الاجتماعي والثقافي، لكن هؤلاء يحتاجون إلى أكثر من مباريات كرة القدم أو حفلات موسيقى الروك لتحويلهم إلى مواطنين سعوديين رياديين”.

وأوضحت أن بن سلمان لا يستطيع بيع كلمات الشباب والرموز والوعود فقط، مشيرة إلى أنه يحتاج إلى جعل القومية تحقق فوائد ملموسة مثل الوظائف وانخفاض التضخم والأمن.

واضافت “طالما بقي الشباب فئة مستبعدة في صنع القرار وفي الحكومة، سيجعل الأمة هيكلاً هشاً يتلاشى وينهار “.

وتابعت “سوف يلهث الحلم السعودي على الهواء إذا ما بقي مجرد مشروع حكومي غير مدعوم بفوائد ملموسة لجميع المواطنين. لتجنب الجانب المظلم من القومية المفرطة ، يحتاج بن سلمان إلى إدراك أن الاستبعاد هو عدو لبناء الأمة المستدامة”.

 

 

بواسطة |2018-09-10T16:28:37+02:00الإثنين - 10 سبتمبر 2018 - 4:28 م|الوسوم: |

مع توسع تظاهرات العراق.. “العبادي” يتهم أيادي خفية.. من يقصد؟

كتب- باسم الشجاعي:

تشهد محافظات جنوب العراق وخاصة البصرة، الغنية بالنفط، مظاهرات منذ مطلع الشهر الحالي “سبتمبر”، تطالب بمحاربة الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية؛ حيث خلفت تلك الاحتجاجات 11 قتيلا -حتى كتابه تلك السطور-، وأصيب عشرات آخرون، في أسبوع.

ويوما بعد يوم تتوسع الاحتجاجات في البصرة، على عكس السنوات الماضية، والتي كان أقربها في 2015، فالآن من المفترض أن تمنح الانتخابات التشريعة التي أفرزت البرلمان الجديد مؤخرا هدوء نسبيا واستقرارا داخليا في البلاد، وهو ما يثير العديد من التساؤلات على رأسها هل احتجاجات المحافظة الغنية بالنفط مشروعة، أم أن هناك جهات خارجية تقف وراء تأزم الموقف في العراق.

التربة شبه مهيأة

محافظة البصرة تعتبر هي رئة الاقتصاد العراقي؛ حيث إنها المنتج الأول للنفط في البلاد، وخيراتها كثيرة غير أنها لم تستفد من تلك الخيرات والعوائد المالية للنفط في حل مشكلاتها المتفاقمة منذ سنوات خاصة أزمة شح المياه والكهرباء ونقص الخدمات، لدرجة أن أكثر من 30 ألفا نقلوا إلى المستشفيات جراء التسمم من المياه الملوثة.

ورغم أن البصرة تمتلك موارد اقتصادية هائلة، إلا أن واقعها الحالي يعكس غير ذلك؛ حيث بلغت نسبة الفقر في المدينة ما يقارب 50% من عدد سكانها وفق ما أعلنه المجلس البلدي.

وهذا الرقم يعتبر من الأكثر ارتفاعا في العراق؛ حيث تصل نسبة السكان الذين يرزحون تحت خط الفقر 30% في عموم البلاد وفق ما أعلنته وزارة التخطيط العراقية.

ولعل ذلك بيبرر حالة الانفجار لدى أهل البصرة، التي ظهرت في شكل تظاهرات، التي تعد حقا مشروعا، طالما لايتجاوزوا حدود الاحتجاج السلمي.

ولكن مع قيام بعض المحتجين بأعمال شغب من اقتحام مؤسسات نفطية ومبان حكومية والاضرار بها، فضلا عن إحراق القنصليّة الإيرانية، ومحاصرة السفارة الأمريكية، في واقعة غير مسبوقة منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003، هو ما قد دفع بعض المسؤولين للقول بأن الاحتجاجات تقف ورائها أياد خفية.

 

واتهم رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي”، أياد خفية بالوقوف وراء تأجيج الوضع في البصرة، قائلا: “ما يحدث في البصرة تصعيد خطير تقف وراءه جهات تسعى إلى صبّ الزيت على النار باستخدام الاحتجاجات”، جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي له عقده، “الخميس” الماضي، 6 سبتمبر.

كما سبق، وأن قال محافظ البصرة “أسعد العيداني”، إن “الاحتجاجات التي تشهدها البلاد تأججت بعد تحريض من أشخاص عبر صفحة فيسبوك، تدار من جنوب فرنسا، جاء ذلك في مقطع فيديو بثه ناشطون نهاية الشهر الماضي “أغسطس”، على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.

“المحافظ”، أشار -في المقطع الفيديو المتداول- إلى أن “ثمة صفحة تدار من جنوب فرنسا لتحريض (العراقيين) على المظاهرات.

ولايعرف بالضبط تاريخ الفيديو أو المناسبة التي تحدث فيها “العيداني“، الذي تولى منصب محافظ البصرة العام الماضي.

 

إيران طرف أصيل

ربما يوجد مندسين في أوساط المتظاهرين، ومدوعمين أيضا من جهات خارجية، ولكن في نهاية المطاف هذا الأمر لا يفعي الحكومية الحالية من المسؤولية عن الأوضاع المتدهور في البصرة وباقي محافظات العراق.

وهو ما قد يدفع بعض المتابعين للإشارة بأصبع الاتهام إلى دولة إيران، فطهران لا تكاد تغيب عن الأحداث العراقية الكبرى طيلة الخمس عشرة سنة الماضية؛ حث تعتبر هي صاحبة إطلاق شرارة الاحتجاجات، حين قررت طهران قطع الكهرباء على مناطق الجنوب العراقي.

وجاء قرار إيران بقطع الكهرباء عن العراق في شهر يوليو الماضي، وهو الفترة التي تتضاعف فيها الحاجة إلى الطاقة الكهربائية، بسبب موجه الحر الشديد التي تشهدها البلاد؛ حيث يصعب احتمال دارجات الحرارة دون تبريد أو حتى مروحة تحرك الهواء الساكن.

وينتج العراق 15.7 ألف ميجاوات من الكهرباء، ويستورد من إيران 1200 ميغاوات، فيما يحتاج إلى 23 ألف ميجاوات لضمان عدم انقطاع الكهرباء عن العراقيين والنتيجة هي 12 ساعة يوميا تمثل معدل انقطاع الكهرباء عن المحافظات العراقية.

قرار قطع الكهرباء ربما أعمق بكثير عن إثار الغضب وإشغال فتيل الاحتاجات، فالبنظر للمناطق التي قطع عنها التيار الكهربائي، تجدها في جنوب العراق تحديدا، وهي مناطق آبار النفط، مايعني أن أي عملية احتاجات أو أعمال شغب في تلك الحيز الجغرافي سيرباك إنتاج البترول وتصديره، الأمر الذي قد يحدث هزة في سوق النفط العالمية، وبالتالي توجيه إنذار للولايات المتحدة العازمة على خنق صادرات النفط الإيرانية، بأن طهران تمتلك أوراقا لإرباك السوق العالمية ورفع الأسعار إلى مستويات فلكية.

بعض المتابعين للشأن العراقي، ذهبوا إلى أن إيران تسعى أيضا لعرقلة العملية السياسية في مجملها وتصفية حساباتها مع رئيس الوزراء الحالي، “حيدر العبادي”، ولعل ذلك ما يفسر دعم قيادات الحشد الشعبي للحراك الاحتجاجي والتي ارتأت أهمية استثماره لممارسة مزيد من الضغط على “العبادى” وإجهاض محاولات التجديد له.

حرب نفوذ

وعلى إثر ذكر النفوذ الإيراني في العراق، لايمكن استبعاد الإمارات والسعودية من نظاق الحديث، فالرياض تشعر بالقلق دوما من النشاط الإيراني، خاصة مع صعود ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”.

وبدأت الرياض مؤخرا في استقطاب حلفاء عراقيين في مواجهة النفوذ الإيراني، وهو ماظهر خلال العام الماضي؛ حيث قام وزير الخارجية السعودي “عادل الجبير” بزيارة إلى العاصمة العراقية بغداد للمرة الأولى منذ 14 عاما، أتبعها رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” للمملكة تلبية لدعوة من الرياض، وما تلا ذلك من زيارات كان أهمها زيارة زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر”.

ولعل السعودية وجارتها الإمارات، يسعون للعلب في الحديقة الخلفية لإيران من خلال تلك الاحتجاجات، يتأجيج مشاعر الغضب الشعبي ضد إيران.

وهو مابدا ظاهرا من خلال إضرام المتظاهرين النار في القنصلية الإيرانية، فضلا عن بعض المقار الحزبية التابعة لنظام الملالي، التي أقدمت المحتجون على اقتحامها وحرقها، وتصاعدت هتافات “إيران بره بره”، وهو رأه البعض حركة عفوية بسبب التدخلات، التي زادت عن حدها كثيرا لإيران في الشأن الداخلي العراقي.

اللاعب الكبير

وبعيدا عن الدور السعودي الإماراتي الضعيف كما هو واضح من الصورة الحالية، يبقى اللاعب الكبير في المنطقة والعالم بأسره الولايات المتحدة الأمريكية التي تراقب عن قرب كل صغيرة وكبيرة تحدث في هذا البلد.

وعلى مايبدوا أن وشنطن التي فقدت كثيرا من نفوذها في العراق بعد توغل النفوذ الإيراني فيه، وجدت ضالتها في تأجيج الشارع العراقي، وذلك لاستثمار هذا الغضب الشعبي لإحداث تغير حقيقي في المنظومة الحاكمة في العراق، من خلال دعم انقلاب عسكري، بالتعاون مع أذرعها في المنقطة، ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان”، ونظيره الإماراتي الأمير “محمد بن زايد”، اللذان يبحثان عن موطأ قدم له في البلد الغنية بالنفط.

ومن المعروف لدى المتابعين للشأن العراقي، أن السنة تتولى رئاسة البرلمان، والأكراد رئاسة الجمهورية، والشيعة رئاسة الحكومة، بموجب عرف دستوري متبع في البلاد منذ الإطاحة بنظام “صدام حسين”، في 2003.

بواسطة |2018-09-09T16:18:57+02:00الأحد - 9 سبتمبر 2018 - 6:00 م|الوسوم: , |

نيويورك تايمز: هل ينتهي دور السعودية كمركز للإسلام؟

 

إبراهيم سمعان

تساءل “فيصل ديفجي”، أستاذ التاريخ الهندي بجامعة أكسفورد، عما إذا كان سينتهي دور السعودية كمركز للإسلام.

ومضى يقول في مقال بصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية “نُشرت رواية باللغة الأوردية في عام 1869 من قبل كاتب في نيودلهي يسمى نذير أحمد، يصور فتاتين مسلمتين صغيرتين في درس للجغرافيا”.

وأضاف “لدى تحديدهما لبلدان مختلفة على الخريطة ، واجهتا الجزيرة العربية، وصفها معلمهما بأنها مساحة خالية موبوءة بالغزاة البدويين، وتكمن أهميتها الوحيدة في دورها التاريخي كموقع ميلاد الإسلام”.

وأضاف “كانت المواقع الأثرية في مكة والمدينة ، مسقط رأس الإسلام ، دوما متواضعة في الجودة المعمارية والوقف المالي مقارنة مع المساجد والمدافن الرائعة الموجودة في مراكز السلطة الإسلامية في بغداد والقاهرة واسطنبول وأصفهان ، ودلهي وسمرقند”.

وأردف “نادرا ما زار الملوك المسلمين مكة والمدينة. وبدلاً من ذلك ، كانت تلك المدن بمثابة أماكن نفي لأعدائها”.

ومضى يقول “المملكة العربية السعودية ، أو شبه الجزيرة العربية قبل تشكيل المملكة الحديثة ، كانت وما زالت مكانا مركزيا وهامشيا للمسلمين في جميع أنحاء العالم. ومع أن مكة والمدينة تمثلان أهم المواقع في الحج ، فإن رؤية المدن المقدسة بأنها بعيدة ومحفوفة بالمخاطر لا تزال معززة بالتدافع العرضي للحجاج أثناء الحج”.

وتابع الكاتب “كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يتحرك بسرعة لجعل بلاده قوة سياسية وعسكرية لأول مرة منذ تأسيسها. لقد دخل في حرب لا هوادة فيها مع اليمن ، وفرض حصاراً على قطر واعتنق مواقف متزايدة العدوانية تجاه إيران ومنافسين آخرين. سواء نجحت استراتيجية الأمير محمد أم لا ، فإنها ستغير مكانة السعودية الدينية في العالم الإسلامي”.

ومضى يقول “في أواخر القرن التاسع عشر ، ولأول مرة منذ يوم النبي محمد ، وضعت شبه الجزيرة العربية في قلب الجغرافيا الحديثة للإسلام، مع تراجع النفوذ العثمانية على الشرق الأوسط ، وامتداد النفوذ البريطاني من قاعدتها الاقتصادية والعسكرية في الهند”.

وأضاف “برز العالم الإسلامي كفئة قدمت طريقة جديدة لتخيل دين من خلال رسم الخرائط. في عام 1882 ، نشر الدبلوماسي البريطاني والمستعرب ويلفريد سكاوين بلانت، كتابا بعنوان “مستقبل الإسلام”. وتوقع استعمار العالم الإسلامى من قبل القوى الأوروبية والسعى إلى جلب الإسلام تحت حماية الإمبراطورية البريطانية ، التى لديها مسلمين أكثر في الهند أكثر مما فعل العثمانيون في إمبراطوريتهم”.

وتابع “كان السيد بلانت من بين أوائل الذين قدموا حجة في نهاية المطاف أعادت تعريف جغرافية الإسلام من خلال وضع الجزيرة العربية في قلبها. وجادل بأن اسطنبول وإمبراطورها التركي لا يمكن أن يكونا قادة مسلمين حقيقيين ، وهو دور رآه مخصصًا للعرب ووطنهم. كان لابد من تجريد اسطنبول ، عاصمة السلطة الإسلامية الوحيدة المتبقية ، من مطالبتها بالخلافة ، وكان على السلطة الإسلامية أن تعود إلى شبه الجزيرة العربية التي دافعت عنها البحرية الملكية”.

واضاف “اعتبر الكاتب البريطاني الهند تحت سيطرة بريطانيا حاسمة في صنع هذا العالم الإسلامي الجديد المتمركز في شبه الجزيرة العربية. وإلى جانب السكان المسلمين الهنود ، أصبحت القوات المسلحة والتجار والعمال والحجاج في البلاد ذات أهمية حاسمة لأمن واقتصاد وديموجرافية الجزيرة العربية حتى في العهد العثماني”.

ومضى يقول “خلال هذه الفترة كانت الجزيرة العربية تشهد توطيدًا للسلطة من خلال تحالف بين الحركة الوهابية وعائلة ابن سعود ، مما أدى إلى تأسيس المملكة العربية السعودية الحديثة في عام 1932”.

وأردف “في البداية ، ألهمت الحركة الوهابية الرعب في أوساط المسلمين في الهند وفي أماكن أخرى ، عندما هدم أنصارها الأضرحة ومقابر الشخصيات المقدسة معتبرين أنها وثنية . هتف المسلمون الهنود عندما أعلن العثمانيون الوهابية هرطقة. ودعموا الادعاءات العثمانية بقيادة المسلمين حتى ألغت الجمهورية التركية الجديدة الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى”.

ومضى يقول “لكن المواقف تغيرت مع مرور الوقت ، واعتُبر الوهابيون أكثر إيجابية في المجتمعات المسلمة ذات النخب الضعيفة أو المستعمرة فيما وراء شبه الجزيرة العربية”.

وتابع الكاتب “عندما قررت بريطانيا دعم ابن سعود وقواته الوهابية في الثلاثينات ، كان المسلمون الهنود مستعدين للترحيب بخلق السعودية. وقد تم وضع أرضية هذا الترحيب عندما تم استبدال مدينة اسطنبول ، أو القاهرة أو بغداد ، بمكة المكرمة والمدينة المنورة ، ليس فقط في المركز الجغرافي للإسلام، ولكن أيضًا كنماذج تاريخية لمجتمع إسلامي مثالي”.

وتابع “عند ولادتها ، بدت السعودية تشبه إلى حد كبير رؤية السيد بلانت ، مركز الإسلام الذي تحميه البحرية الملكية ووضع بقوة في معسكر القوى المسيحية”.

واضاف “بعد الحرب العالمية الأولى ، استبدلت البحرية الأمريكية بالبريطانيين ، وتحول نفط المملكة إلى مورد حيوي للرأسمالية الغربية. لكن مركزها الديني والاقتصادي يتناقض مع التهميش السياسي المستمر للسعودية ، حيث تتحمل بريطانيا والولايات المتحدة والجيش الباكستاني مسؤولية الاستقرار الداخلي والدفاع عن التهديدات الخارجية”.

 

ومضى يقول “اليوم ، تتصارع السعودية ظاهريًا ضد إيران ، لكن مزاعمها للهيمنة أصبحت ممكنة أيضًا بسبب تراجع مصر وهلاك العراق وسوريا. تبقى تركيا المنافس الوحيد بغض النظر عن ايران”.

وتابع “تبدو مملكة الأمير محمد دولة علمانية أكثر من كونها دولة ثيوقراطية، انتزعت فيها السيادة أخيرًا من العشيرة ورجل الدين ليدعيها النظام الملكي مباشرة. لكن السعودية تستطيع أن تتولى قوة جيوسياسية أكبر فقط من خلال وضع وضعها الديني في خطر ، وهو ما تم تعريفه على أنه دور هامشي في الجغرافيا السياسية”.

ومضى الكاتب يقول “كيف سيتم اخضاع الدين للعلمانية إذا كانت السلطة الاستبدادية تعني جغرافيا الإسلام؟ في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، عندما وضعت الهزيمة العثمانية مدن الإسلام المقدسة تحت سيطرة أوروبية غير مباشرة ، ناقش المفكرون المسلمون فكرة تحييد مكة والمدينة سياسياً على نموذج الفاتيكان أو تدويلهم باسم المسلمين في العالم. لا تزال إيران تشير إلى الخيار الأخير عندما تحاول أن تجتذب المدن المقدسة من قبضة السعوديين”.

واضاف “من المحتمل أن يهدم مشروع جعل المملكة العربية السعودية دولة محددة سياسياً، وليست دينية، الرؤية التي يعود تاريخها إلى قرن من الزمان لوجود جغرافيا إسلامية ، والتي كانت دائماً قائمة على الجزيرة العربية التي تشكل مركزها غير السياسي”.

وتابع “ستستمر مكة والمدينة في استقبال حجاجهم ، لكن الإسلام قد يفترض في نهاية المطاف شكلاً عالمياً حقيقياً ويستغني عن رسم الخرائط الاستعمارية التي يتمتع فيها الشرق الأوسط بمكان الصدارة بالرغم من احتوائه على أقلية صغيرة من مسلمي العالم”.

واختتم بقوله “سيجد الإسلام نفسه حتما في وطنه في آسيا ، حيث يعيش أكبر عدد من أتباعه حتى الآن ، وتتحول نحوه الثروة والنفوذ العالميين”.

بواسطة |2018-09-09T16:08:06+02:00الأحد - 9 سبتمبر 2018 - 4:08 م|الوسوم: |

العراق تعلن رفع حظر التجوال في محافظة البصرة

 

قررت السلطات العراقية، مساء أمس “السبت” 8 سبتمبر، رفع إجراءات حظر التجوال في محافظة البصرة بعد استقرار الأوضاع الأمنية.

وعادت الحياة الطبيعية إلى شوارع البصرة، وذلك بعد غياب مظاهر العنف التي صاحبت الاحتجاجات الأخيرة في المحافظة، وسط انتشار أمني مكثف.

وكانت السلطات العراقية قد طبقت إجراءات حظر التجوال منذ الساعة الرابعة عصر أول أمس في أرجاء محافظة البصرة.

وتشهد البصرة احتجاجات شديدة تضمنت إحراق مقار مؤسسات حكومية ومكاتب أحزاب وحركات سياسية، فضلا عن القنصلية الإيرانية العامة، واقتحام مستشفى لجرحى الحشد الشعبي.

وخلفت أعمال العنف في البصرة، 18 قتيلًا من المتظاهرين، منذ مطلع سبتمبر الجاري، و33 قتيلًا منذ بدء الاحتجاجات في 9 يوليو الماضي.

بواسطة |2018-09-09T14:52:28+02:00الأحد - 9 سبتمبر 2018 - 2:52 م|الوسوم: , |

هل ترك أحمدي نجاد السياسة وعمل راعيا للغنم؟.. موقع فرنسي يكشف الحقيقة

إبراهيم سمعان

منذ منتصف أغسطس الماضي، انتشرت صورة غامضة تظهر الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد على الشبكات الاجتماعية وهو يتكأ على عصا، مشيرين إلى أنه قرر ترك السياسة والعمل راعيا في الجبال الإيرانية.

ووفقا لموقع “observers” الفرنسي نشرت عدة صفحات على شبكة التواصل الشهيرة “فيس بوك” صورة الرئيس الإيراني السابق وذلك تحت عنوان “يقوم أحمدي نجاد الآن بتربية الأغنام في قريته، وليس مثل ساستنا الذين يأخذون أموالاً من دافعي الضرائب بعد تقاعدهم”.

هذه الصورة تمت مشاركتها على تويتر 2.2 مليون مرة، ونشرها على موقع إينستاجرام 1.6 مليون مشترك، كما تناقلتها عشرات الصفحات على الفيس بوك.

 لماذا هذه الرواية خاطئة؟

ومع ذلك، فإن الحياة الجديدة التي نسبت للرئيس الإيراني السابق ليست حقيقة، كما يبين الموقع، فأحمدي نجاد لا يعيش بقرية في الوقت الحالي، ولكن في نارماك، وهو حي لذوي الطبقة المتوسطة يقع شرق طهران، وهو محمي 24 ساعة في اليوم، ولسبعة أيام في الأسبوع من قبل حراس تابعون للحكومة.

وفي ظل كونه بعيدا جدا عن الحياة الريفية، يستأنف محمود أحمدي نجاد عمله القديم كأستاذ في الجامعة الإيرانية للعلوم والتكنولوجيا بطهران.

فالرئيس السابق حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة المدنية واللوجستية، وقد نشر صورة له على حسابه الرسمي على تويتر في 28 أغسطس الماضي، وهو يجلس على مكتبه وأمامه جهاز كمبيوتر.

إذا أين التقطت هذه الصورة؟

هذه الصورة التي انتشرت من قبل مستخدمي الإنترنت، تعود في الواقع إلى عام 2016، حيث التقطت للرئيس الإيراني السابق خلال رحلة إلى قرية كندلوس السياحية الواقعة شمال إيران.

ويوضح الموقع الفرنسي أن من خلال البحث على الإنترنت نجد أن هناك صورا أخرى لهذه الزيارة تظهر أن أحمدي نجاد لم يكن وحيدًا ، ففي واحدة من هذه الصور، يرافق الرئيس الإيراني السابق صديق من المنطقة، وفي صورة أخرى، يحيط به حارسه الشخصي وأصدقائه.


هل يعيش أحمدي نجاد حياة متواضعة؟

 

ويجيب الموقع على هذا السؤال بالقول: إن ذلك يعتمد على تعريف كل شخص للحياء، فمنذ بداية مشواره في الحياة السياسة، كان أحمدي نجاد يقدم نفسه دائماً كرجل متواضع، حيث رفض لعدة سنوات أن يرتدي بدبلة، مفضلاً الظهور علناً في سترة بيضاء بسيطة، بالإضافة إلى ذلك، كان يتنقل دائمًا بسيارته الشخصية، وهي من موديل بيجو 504 القديم.

في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها إيران عام 2005، قام أحمدي نجاد بحملة حول موضوع مكافحة الفساد، وفي وقت لاحق، أنشأ موقعًا على الإنترنت بعنوان “Mardomyar” وتعني (صديق الشعب) للتأكيد على هذا الجانب “المتواضع”.

ومع ذلك، خلال فترته الثانية تعرض نجاد لفضائح فساد تورط فيها العديد من السياسيين المقربين من دائرته الداخلية، وحكم على بعضهم بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة.

وفي يوليو 2017، حكمت المحكمة العليا لمراجعة الحسابات على أحمدي نجاد نفسه بسبب سوء إدارة الأموال العامة، فخلال ولاية الرئيس الإيراني الثانية، تم إساءة استخدام أكثر من ملياري دولار، حسبما قال المدعي العام في ذلك الوقت.

 

 

بواسطة |2018-09-08T15:26:38+02:00السبت - 8 سبتمبر 2018 - 3:21 م|الوسوم: |

العراق.. ارتفاع عدد قتلى متظاهري البصرة إلى 11 شخصا

 

ارتفع عدد قتلى متظاهري الاحتجاجات الشعبية بمدينة البصرة جنوبي العراق، إلى 11 شخصا، وذلك بعد مقتل اثنين مساء أمس “الجمعة” 7 سبتمبر.

واقتحم المحتجون في مدينة البصرة، أمس، مبنى القنصلية الإيرانية، وأضرموا النار فيها، كما قاموا بمحاصرة مبنى القنصلية الأمريكية، القريب من مطار البصرة الدولي، غربي المدينة.

ويعتبر هذا أحدث تصاعد في وتيرة العنف المرافق للاحتجاجات التي تشهدها المدينة العراقية منذ يوليو الماضي، والتي تطالب بتحسين الخدمات العامة وتوفير فرص العمل ومحاربة الفساد.

وهو مادفع السلطات العراقية لفرض حظر تجوال في مدينة البصرة لاحتواء أعمال العنف التي خلفت 11 قتيلا في صفوف المتظاهرين منذ مطلع سبتمبر الجاري، و26 قتيلا منذ بدء الاحتجاجات في 9 يوليو الماضي.

بواسطة |2018-09-08T14:48:46+02:00السبت - 8 سبتمبر 2018 - 2:48 م|الوسوم: , |

عبر الإمارات أو مباشرة.. هكذا يساعد ترامب تنظيم القاعدة في اليمن

إبراهيم سمعان

أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مباشرة، بعد دخوله البيت الأبيض، بغارة كبيرة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الفرع اليمني للمنظمة الإرهابية، لأول مرة منذ وفاة ابن لادن في عام 2011 وتنصيب أيمن الظواهري .

تدخلت قوات الكوماندوز الأمريكية لأول مرة على الأراضي اليمنية، في 29 يناير 2017، إلى جانب القوات الخاصة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

ووفقتا لصحيفة “لوموند” الفرنسية، في الفترة من 2 إلى 6 مارس 2017، قامت القوات الأمريكية بتنفيذ حوالي 40 غارة جوية ضد أهداف القاعدة في شبه الجزيرة العربية، مقارنة بـ 30 ضربة أمرت بها إدارة أوباما في عام 2016.

وتدعو الولايات المتحدة القاعدة في جزيرة العرب بأنها الأكثر خطورة لتبرير مثل هذا الالتزام العسكري، ومع ذلك كشف تحقيق شامل أن واشنطن تتكيف مع مشاركة القاعدة في جزيرة العرب في التحالف المدعوم من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات أو حتى دعمه.

وأشارت “لوموند” إلى أنه في مارس 2015 انطلقت الحرب في اليمن بترتيب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ونظيره الإماراتي محمد بن زايد حيث تم تكوين ائتلاف بحجة استعادة سلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي فر من صنعاء بعد سيطرة الحوثيين الموالين لإيران على العاصمة.

وأضافت في ظل هذه الحرب أعطيت الأولوية لمحاربة الحوثيين من قبل السعودية والإمارات وتراجع قتال القاعدة الى المركز الثاني، خاصة وأن اختراق داعش لليمن أظهر القاعدة على أنها “أقل شراً”.

ونوهت الصحيفة إلى أن عناصر القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ما بين ستة وثمانية آلاف، وهي قوة كبيرة في الصراع اليمني، حيث إن المقاتلين المحنكين باتوا يعززون أنفسهم، بدعم من الولايات المتحدة، من خلال اختيار بعض القادة في القاعدة الموالين للسعودية والإمارات، بشكل علني، وهو ما اتضح في يناير من العام 2017م من خلال الهجوم على ميناء المخا المطل على البحر الأحمر.

وأكدت أنه هذا ظهر بشكل أكبر في “تعز”، إذ كانت قيادات وقوات تنظيم القاعدة تتلقى دعما من قبل الولايات المتحدة عبر القيادي السلفي أبو العباس الذي تقاتل قواته داخل هذه المدينة.

ورغم تصنيف أبو العباس، واسمه الحقيقي عادل عبده فاري، ضمن القائمة السوداء للإرهابيين المطلوبين من قبل واشنطن والرياض، لم يغير من نشاطه، ولم يوقف ارتباطه بتنظيم القاعدة، بل إن دولة الإمارات استمرت في دعمه عسكريا وماليا.

وقالت “لوموند” إن دولة الإمارات هي في الواقع القوة المهيمنة للتحالف اليمني على الأرض، في ظل غياب السعوديين، وتنسق مع أمريكا في الملفات المتصلة بتنظيم القاعدة.

وأوضحت أنه بسبب  الخسائر غير المسبوقة في حرب اليمن تفاوضت الإمارات، تفاوضت الإمارات مع القاعدة ببعض معاقلها، أولاً في المكلا، ثم زنجبار، على ساحل المحيط، وقد وصفت هذه الصفقات بأنها “انتصارات” من قبل دعاية أبو ظبي، وقد رافقها تجنيد 250 من المقاتلين الجهاديين في الميليشيا التي أقامتها الإمارات في جنوب اليمن.

وتقو الصحيفة الفرنسية إنه ربما يكون لمحمد بن زايد تأثير أكبر على ترامب أكثر من   محمد بن سلمان، والحقيقة أن دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر تصميماً من السعودية في التطبيع المحتمل مع إسرائيل.

وأكدت أن لعبة أبو ظبي المضطربة مع الجهاديين اليمنيين انتهازية بحتة في طبيعتها، ولا ينظر إليها على أنها خطرة مثل بعض الإيديولوجيات في الخليج.

ومع ذلك، تقول الصحيفة الفرنسية، إن هذا الأمر يلقي مزيدًا من الشك على تأثير الائتلاف في اليمن، حيث يمكن أن تصاحب الكارثة الإنسانية المستمرة هناك عودة ظهور القاعدة، خاصة بعد دعوة أيمن الظواهري، القاعدة في جزيرة العرب على المساهمة في محاربة الحوثيين.

بواسطة |2018-09-04T16:33:36+02:00الثلاثاء - 4 سبتمبر 2018 - 4:33 م|الوسوم: , |

تغير لافت .. هل باع “” ابني “سلمان” و”زايد” في اليمن ؟!

العدسة – ياسين وجدي:

مؤشرات كثيرة باتت تظهر بصورة أوسع تؤكد وجود تراجع أمريكي واضح عن دعم التحالف السعودي الاماراتي في اليمن لخلفيات متنوعة.

“العدسة” يتتبع أثر هذه المؤشرات ومآلاتها على الوضع في اليمن خاصة بعد المجازر الأخيرة التي دفعت كثيرون للخروج عن الصمت وطلب محاكمة قادة التحالف وفي مقدمتهم الأميرين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد.

توجه جديد

أول المؤشرات المهمة في سياسية التخلى الأمريكي عن حلفاءه في اليمن ، إطلاق تصريحات واضحة لا تحتمل التأويل بشأن انسحاب وشيك للادوات الأمريكية الداعمة للسعودية والامارات في اليمن ، وبحسب المتابعين للشأن الأمريكي ، فإن الولايات المتحدة لا يطلق مسؤوليوها تصريحات أو تسريبات صحفية إلا للإعلان موقف أو التمهيد له أو توصيل رسائل معينة.

وزارة الدفاع الامريكية أطلقت تحذيرها للسعودية، بانها مستعدة لخفض الدعم العسكري والاستخباري لحملتها ضد في اليمن، ووضعت الشرط وهو تقليل “عدد القتلى المدنيين نتيجة الغارات الجوية”!، وذلط عقب غارة على حافلة مدرسية أسفرت عن مقتل 40 طفلا في أوائل أغسطس الماضي.

وبحسب شبكة ( سي ان ان ) الأمريكية البارزة فإن وزير الدفاع الامريكي، جيمس ماتيس، وقائد عمليات الجيش الامريكي في الشرق الاوسط، يشعران بالقلق مما يحدث ، وسجل التسريبات تهديدا قاسيا للمرة الأولى وفق مراقبين للسعوديين والاماراتيين عندما قال : “في أى مرحلة كفى، ستعنى كفى؟”.

ما يؤكد التوجه الجديد التصريحات المتناقضة للمتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية ريبيكا ريبارتش، حيث أرجعت الانتقاد العلني إلى سقوط ضحايا ، قائلة في تصريحات لها :” إن الاحداث الاخيرة فرضت على قادة الجيش الامريكي تذكيرا بشأن الاهتمام بواقعة الضحايا المدنيين”، لكن سرعان ما تراجعت فيما يبدو تحت وطأة اتصالات ، حيث زعمت ريبارتش أنه “لا تغيير في سياسة الولايات المتحدة العسكرية حيال دعم التحالف في حرب اليمن”، وهو ما اعتبره مراقبون تأكيد لوجود خلافات على الأقل ما لم يكن وصلت لافتراق.

 

عمليا ، كان الفعل يغني عن الكلام ، حيث أكدت الزيارة العاجلة للجنرال الأمريكي مايكل غاريت إلى المملكة دليلاً على قلق الولايات المتحدة إزاء العمليات الجوية لدول التحالف ضد الحوثيين، وأصبح من الواضح أن المسؤولين العسكريين الأمريكيين حصلوا على تصريح من ماتيس لاتخاذ نهج أكثر شدة مع السعوديين.

 الكونجرس حاضر !

المؤشر الثاني الذي قد يمهد لافتراق طويل بين الأمريكان والسعوديين والاماراتيين بحسب مراقبين يبرزه نشاط النواب الأمريكيين المناهض لاستمرار الدعم الأمريكي لوليي عهد السعودية والامارات في اليمن ، ويواصلوا العمل عبر العديد من مشاريع القوانين لتقويض الدعم بأي طريقة وفق صحيفة “ذا هيل” الأمريكية.

 

سياسية العناد واضحة بشدة في تحركات نواب الكونجرس ومجلس الشيوخ، فهم لا يعترفون باحباط مشاريع قوانينهم من الجانب الجمهوري ، ويواصلون تقديم المشروع وراء المشروع، حتى نجح الكونجرس في اصدار قرار غير ملزم يقول إن التدخل العسكري الأمريكي في الحرب اليمنية تم دون تصريح، بعد محاولة لم تنجح في مجلس الشيوخ ، حيث لم ينجح التصويت لصالح قرار كان سيؤدي إلى إنهاء الدعم العسكري الأمريكي للعدوان السعودي الاماراتي في اليمن.

السيناتور الديمقراطي كريس مورفي كذلك ، أراد اغلاق الطريق تماما على فريق الجمهوريين ، وقدم مشروع أمام مجلس الشيوخ على موازنة الدفاع للعام 2019، يقضي بأن يكون دعم واشنطن للرياض مرهونا بإثبات وزارة الدفاع الأمريكية أن دعمها للقوات السعودية في اليمن لا ينتهك القانون الدولي ولا يقود إلى ارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين، وهو ما يعنى وقف الدعم في ظل التوثيق الدولي للانتهاكات والجرائم السعودية – الاماراتية في اليمن.

 

المحاولات كثيرة في هذا الإطار ومنها تقديم تعديل تشريعي في وقت سابق لتقييد دعم الولايات المتحدة للحملة من خلال ترشيح لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب ، وتقديم طلب لوزارة الدفاع الأمريكية لإتاحة تقرير رفعت عنه السرية حول تأثير الحرب الأهلية على نمو فروع تنظيم القاعدة في اليمن والدولة الإسلامية في العراق وسوريا، و تعديل تشرعي لإجراء تحقيق فيما إذا كان الأفراد العسكريون الأمريكيون أو عملاء المخابرات أو شركاء التحالف قد انتهكوا القانون الفيدرالي أو قوانين النزاع المسلح أو سياسة البنتاجون أثناء القيام بعمليات في اليمن.

 مركز صنع القرار !

المؤشر الثالث ظهر بوضوح في تقارير مراكز الدراسات المقربة من دوائر صنع القرار والتأثير على البيت الأبيض في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ، ووفق معهدانتربرايزالأمريكي فإن استعانة المملكة العربية السعودية بسياسة الولايات المتحدة، عن طريق إدارة ترامب، هو نفس الفخ الذي سقطت فيه كل من إدارة أوباما وبوش، وبدلا من ذلك، على الولايات المتحدة رسم مسارها الخاص في اليمن بشكل صحيح حتى يمشى عليها حلفاؤنا.

 

كاثرين زيمرمان، الخبيرة بذات المعهد ، نصحت البيت الابيض مبكرا بالتخلى عن التحالف مؤكدة أنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تدرك ان الحلول قصيرة الأجل في اليمن هي التي حافظت على المظالم نفسها التي أدت إلى اندلاع الحرب في المقام الأول، وبدلا من استراتيجية مكافحة النفوذ الإيراني أو مكافحة الإرهاب، يجب على الولايات المتحدة وضع استراتيجية للبدء بمعالجة تلك المظالم التي اختطفها القاعدة والحوثيين.

معهد واشنطن للدراسات في الشرق الأوسط قدم مضامين ذات النصيحة ، في مطلع هذا العام للبيت الأبيض، وهو المعروف من قربه من اللوبي الصهيوني ، مشددا على ضرورة أن تبادر الولايات المتحدة لايجاد طريق منفصل لها في اليمن ، عبر إيجاد حل دبلوماسي للحرب في اليمن، باعتباره أحد أهم الأهداف الاستراتيجية على المدى القريب في الشرق الأوسط، كما دعا إلى ضرورة اضطلاع واشنطن بدور أكثر فعاليةً في إنهاء الحرب، موضحا أن ذلك هو ما سيخدم مجموعة من المصالح الأمريكية الأخرى، في حين شكّلت الحرب مصدر إلهاء باهظ الثمن .

المنظمات عامل مؤثر

يقف وراء التغير الدارمي في العلاقات الأمريكية بالتحالف السعودي الإماراتي ، دور المنظمات الحقوقية والدولية خاصة الأممية ، التي وقفت طوال فترة العدوان السعودي الاماراتي بمثابة ورقة ضغط كبيرة على اطراف التحالف ، خاصة ما نتج عنها مؤخرا في تقرير مجموعة خبراء في الأمم المتحدة وثق ان بعض هجمات التحالف “ربما ترقى إلى جرائم حرب”، وهو ما دفع التحالف والبيت الابيض الى الخروج عن النص واظهار بعض من الكواليس بحسب البعض.

 

كرة اللهب تتحرك بقوة إذن ، خاصة مع تصريح لين معلوف، مديرة البحوث للشرق الأوسط بمنظمة العفو الدولية، في معرض ردها على التقرير الدامغ الذي نشره اليوم فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن، والذي خلُص إلى أن جميع أطراف النزاع قد تكون مدانة بارتكاب جرائم حرب:

معلوف قالت أن فريق الأمم المتحدة للخبراء البارزين بشأن اليمن، أكد في تقريره الأول، ما كنا نعرفه على مدى السنوات الثلاث الماضية، وهو أن جميع أطراف النزاع في اليمن تعاملت بازدراء تام مع أرواح المدنيين، لكنها شددت في ذات الوقت على أنه يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ودول أخرى، بذل كل ما في وسعها للحيلولة دون وقوع المزيد من الانتهاكات، ومعالجة الأزمة الإنسانية الكارثية، وهو ما يضع البيت الأبيض مجددا تحت دائرة الضغوط، ويبرر الانتقاد العلني للقادة الأمريكان لحليفهم السعودي الاماراتي والذي ينذربافتراق قد لا يتأخر كثيرا وفق ما يرى البعض.

بواسطة |2018-09-04T16:24:12+02:00الثلاثاء - 4 سبتمبر 2018 - 4:24 م|الوسوم: , , |
اذهب إلى الأعلى