شبح الحرب يخيم على الصحراء الغربية .. المغرب يهدد الجزائر والبوليساريو

العدسة _ منصور عطية

تهديدات صريحة بإشعال الحرب في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة جزائريًّا، بعد تعديات قال الرباط إن الجبهة ارتكبتها على نحو يقوض السلام الهش في المنطقة الملتهبة.

فهل يكون المغرب جادًّا في تهديداته أم تعرقله أوضاع اقتصادية صعبة؟ وإلى أي حد يمكن للجزائر أن تستمر في دعم البوليساريو إذا ما نشبت الحرب؟ وما حجم التداعيات والآثار المحتملة لها؟.

تهديد صريح بالحرب

“ستيفان دوجاريك” المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، قال إن البعثة الأممية في الصحراء الغربية “المينورسو” لم تلحظ أي تحرك لعناصر عسكرية في المنطقة الشمالية الشرقية، وذلك في رد على الرسالة التي سلّمها، أمس الاثنين، الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة “عمر هلال” إلى رئيس مجلس الأمن الدولي “جوستافو ميازا كوادرا” في هذا الشأن.

وحذر المغرب في رسالته من أن “إقامة أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية -أو أيا كانت طبيعتها، للبوليساريو، من مخيمات تندوف في الجزائر إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء- تشكل عملًا مؤديًّا إلى الحرب”.

وأوضح “هلال” أن “انتهاكات البوليساريو المتكررة -التي تمتد الآن إلى عدة مناطق شرق الجدار الأمني الدفاعي في الصحراء- تهدد الأطراف الأخرى بشكل جدي، ولا تعطي أية فرصة لإعادة إطلاق العملية السياسية”.

قبلها بيوم واحد أكد رئيس الحكومة المغربية “سعد الدين العثماني” أن بلاده “لم ولن تسمح بتغيير المعطيات على أرض الواقع بالمنطقة العازلة (في الصحراء الغربية)، خاصة ما يتعلق بتشييد بعض البنايات”.

واعتبر، في تصريحات صحفية، أن أي تغيير للمعطيات في المنطقة المذكورة بمثابة اعتداء على المغرب وسيادته الوطنية، معلنًا تشجيع حزبه الحاكم (العدالة والتنمية) السلطات الرسمية “لتقوم بكل ما يلزم لإزالة هذا الاعتداء”.

وكان وزير الخارجية المغربي “ناصر بوريطة” قال: إن “هناك استفزازات ومناورات.. الجزائر تشجع البوليساريو على تغيير وضع هذه المنطقة العازلة التي وضعت منذ أوائل التسعينيات تحت مسؤولية الأمم المتحدة”.

وأضاف: “إذا لم تكن الأمم المتحدة مستعدة لوضع حد لهذه الاستفزازات، فإن المغرب سيتحمل مسؤولياته ولن يتسامح مع أي تغيير يمكن أن يحدث بهذه المنطقة”، مؤكدًا أنه إذا لم تكن للأمم المتحدة ومجلس الأمن قدرة على حماية المنطقة “فإن المغرب سيتحمل مسؤوليته”.

ليس هناك فائز

هي الحرب إذن تكشر عن أنيابها بشكل صريح من أكثر من مسؤول مغربي وليس مجرد تلميحات وتهديدات كالتي شهدتها الأزمة على مدار السنوات الماضية.

مراقبون أجمعوا على أن تكلفة الحرب ستكون كبيرة بتداعيات كارثية على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدين كبيرين هما المغرب والجزائر، على اعتبار أن البوليساريو مجرد ميليشيات مسلحة لا يمكنها مجابهة دولة لها عتاد عسكري قوي كالمغرب إلا بدعم جزائري؛ ما سيجعل كلفة الحرب تصل إلى مستويات غير مسبوقة.

ورأى خبراء أن أي نزاع لن يفيد إلا التنظيمات الإرهابية (داعش والقاعدة) التي تتحين الفرصة لوقوع انفلاتات أمنية بين الجارين حتى تتمكن من التسلل إلى المنطقة والاستفادة منها عسكريًّا.

ولعل الحرب مع الجزائر لن تكون لساعات أو أيام، وإنما طويلة المدى على شاكلة الحرب الإيرانية العراقية التي دامت لأكثر من 8 سنوات، وهذا من شأنه أن ينعكس على واقع التنمية الداخلية لكل بلد، بحسب مراقبين.

الصراع الدائر في الجزائر بين الساعين لخلافة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، يمكنه أن يلعب دورًا هو أيضًا، بحيث تُوظَّف الحرب من قِبل هؤلاء المتصارعين على حساب أزمات البلاد الداخلية.

في المقابل، يقول آخرون إن ورقة التهديد بالحرب في حد ذاتها يمكن أن تعيد الأطراف المتنازعة إلى طاولة المفاوضات، خشية الدخول في متاهات لا يَعلم أحد مداها.

كما تعد تلك الحالة “السلام الهش” أو “اللاحرب” مكسبًا للجزائر والبوليساريو، بحيث تمنحهم الفرصة لالتقاط الأنفاس والمضي قدما في تنفيذ مخططاتهم.

أصل الأزمة وتطوراتها

وبطبيعة الحال، فإن الحديث عن أزمة الصحراء المغربية ودورها في تأجيج الخلافات بين البلدين ليست وليدة اللحظة، بل تمتد إلى عقود مضت، وتحديدًا في 15 يوليو 1972، عندما وُقعت اتفاقية تقسيم الحدود بين الرئيس الجزائري هواري بومدين، والملك المغربي آنذاك الحسن الثاني.

وبعد إعلان تكوين جبهة تحرير وادي الذهب والساقية الحمراء المعروفة باسم “البوليساريو”، التي تدعو إلى استقلال منطقة الصحراء المغربية بالجنوب عام 1973، كدولة مستقلة، قامت الجزائر بدعم الجبهة عسكريًّا ولوجستيًّا في قتالها مع القوات المغربية في نهاية السبعينيات.

أزمة المنطقة الحقيقية بدأت قبل انسحاب الاحتلال الإسباني للمنطقة في أكتوبر1975، حيث طالبت المغرب باسترجاع الصحراء الغربية قبل انسحاب الاحتلال منها، معتبرة أن الصحراء الغربية جزء من أراضيها.

طلبت المغرب إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية للبت فيها، وقد أقرت محكمة العدل الدولية في 16 أكتوبر 1975، بوجود روابط تاريخية وقانونية تشهد بولاءِ عددٍ من القبائل الصحراوية لحاكم المغرب، وكذلك بعض الروابط التي تتضمن بعض الحقوق المتعلقة بالأرض الواقعة بين موريتانيا والقبائل الصحراوية الأخرى.

إلا أن المحكمة أقرت كذلك أنه لا توجد أية روابط تدل على السيادة الإقليمية بين الإقليم وبين المغرب أو موريتانيا وقت الاحتلال الإسباني، وأن الروابط المذكورة سلفًا لا تكفي بأية حال من الأحوال بمطالبة أي من الدولتين بضم الصحراء الغربية إلى أراضيها.

فقضت المحكمة الدولية بأن السكان الأصليين أهل الصحراء هم مالكو الأرض، وبالتالي؛ فإنهم يتمتعون بحق تقرير المصير، غير أنه وبعد ساعات من صدور حكم المحكمة، أعلن ملك المغرب حينها الحسن الثاني عن تنظيم “مسيرة خضراء” لإعادة الصحراء الغربية إلى الوطن الأم.

بعدها بأيام بدأت اتصالات دبلوماسية مكثفة بين المغرب وإسبانيا للوصول إلى حل، لينتهي الأمر في يوم 14 نوفمبر 1975 بتوقيعهما وموريتانيا اتفاقية في مدريد استعاد المغرب بمقتضاها أقاليمه الجنوبية، والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي أغسطس 1979، تخلت موريتانيا عن جميع مطالبها بشأن نصيبها من الصحراء الغربية وتنازلت عن هذه المنطقة إلى البوليساريو، ولكن المغرب سيطرت عليها.

بطبيعة الحال، رفضت جبهة البوليساريو الاتفاقية، وطالبت باحترام قرار محكمة العدل الدولية بشأن حق تقرير المصير وإجراء استفتاء شعبي.

ومنذ هذا التاريخ، شهدت المنطقة نزاعات مسلحة بين الطرفين، وبعد أن هَزم الجيشُ المغربي قوات البوليساريو، بعد عناء في عام 1980، اتجه إلى بناء جدار أمني استمر تشييده نحو 7 سنوات، يمتد على طول الحدود الجنوبية بين البلدين الجارين.

استمرت الاشتباكات حتى عام 1991، حيث أشرفت بعثة لحفظ السلام، تابعة للأمم المتحدة، على إلزام الطرفين بوقف إطلاق النار، وكانت السنوات التالية شاهدة على أحداث دامية بين شباب جبهة البوليساريو والحكومة المغربية، متمثلة في أحداث العيون عام 1999، وأحداث السمارة 2005، وأحداث كديم ازيك عام 2010.

وفي أبريل 2007، قدمت المغرب للأمم المتحدة اقتراحًا بشـأن نظـام للحكـم الذاتـي للجبهـة، وظلت المشاورات قائمة منذ هذا التاريخ، دون حسم بين زيارات لمبعوثين من الأمم المتحدة واجتماعات لمجلس الأمن.

وفي نوفمبر 2014، شدد الملك محمد السادس، في الذكرى الـ39 لإحياء انطلاق المسيرة الخضراء، على أحقية المغرب التاريخية فى الصحراء الغربية.

جبهة البوليساريو ردت هي الأخرى باستعدادها للعودة إلى الكفاح المسلح، التهديد الذي تكرر في أبريل 2016 على لسان الأمين العام للجبهة “محمد عبدالعزيز” باحتمال استئناف القتال مع المغرب إذا لم تنجز بعثة الأمم المتحدة في هذه المنطقة مهمتها بالكامل.

وعلى مدار جميع المراحل والتطورات التي تشهدها الأزمة، استمر دعم الجزائر لجبهة البوليساريو بدعوى “حق تقرير المصير والشرعية الأممية”، الأمر الذي لم يتقبله المغرب، واعتبر ذلك ولا يزال تآمرًا على وحدته الترابية.

تاريخيًّا، فإن جذور الأزمة بين البلدين تمتد إلى عهد الاستعمار الفرنسي، حيث لم يكن هناك رسم للحدود بشكل دقيق وكامل بين البلدين المتجاورين، ولم تكن فرنسا معنية بذلك إلا بعد اكتشاف حقول من النفط ومناجم حديد في المنطقة الحدودية، حيث أعادت ترسيم الحدود وأدخلت منطقتي “الحاسي والبيض” و”كولومب بشار” ضمن المقاطعة الفرنسية للجزائر، حينها.

بعد استقلال الجزائر عام 1962، ومن قبله المغرب عام 1956، طالبت الرباط باسترجاع سيادتها على المنطقتين، بالإضافة إلى مناطق أخرى كانت تعود إليها قبل الاستعمار، استنادًا إلى خريطة المغرب الكبير التي نشرها حزب الاستقلال المغربي في عام 1956.

إلا أن الجزائر رفضت الطلب، ودعت إلى عدم المساس بالحدود التي رسمها الاستعمار الفرنسي بالاستناد إلى مؤتمر باندونج المنعقد في 1956.

وازداد التصعيد بالمناطق الحدودية بين البلدين في أعقاب رفض الجزائر تغيير خريطة الاستعمار، إلى أن اندلعت مناوشات تحولت إلى حرب ضروس في أكتوبر 1963، سميت بـ”حرب الرمال”.

تكبد الطرفان خسائر مادية وبشرية كبيرة، لتنتهي هذه الحرب بتدخل منظمة الوحدة الإفريقية، التي أرست اتفاق وقف إطلاق النار بينهما، في 20 فبراير 1964.

 

 

 

بواسطة |2018-04-04T07:25:55+02:00الأربعاء - 4 أبريل 2018 - 2:00 م|الوسوم: , , , , , , |

احتفاء إسرائيلي بتصريحات “بن سلمان”.. ماذا قال ولي العهد؟

احتفت مختلف الصحف والمواقع الإسرائيلية بتصريحات ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” الذي اعترف فيها بحق اليهود في وطن قومي في إسرائيل.

وذلك خلال مقابلة مطولة مع الصحفي الأمريكي اليهودي، “جفري جولدبرج”، نشرت أمس “الاثنين” 2 أبريل، في مجلة “ذي أتلانتيك”.

وتصدر عنوان “محمد بن سلمان: أؤمن بحق الإسرائيليين في تملّك أرض لهم”، الصفحة الرئيسية لموقع المصدر الإسرائيلي، الذي أبرز قول “بن سلمان”: إن “الاقتصاد الإسرائيلي اقتصاد نامٍ وكبير، بالمقارنة مع حجم الدولة”، مشددًا على أن “إسرائيل والسعودية تملكان مصالح مشتركة غير مواجهة إيران”.

وتحت عنوان “ولي العهد السعودي يعترف بحق إسرائيل بالوجود، وتحدث عن العلاقات المستقبلية”، تناول موقع “تايمز أوف إسرائيل”، مطولا كل ما ورد في مقابلة ولي العهد السعودي، حيث أبرز “إشادة “بن سلمان” بإمكانية العلاقات الدبلوماسية المستقبلية بين مملكته والدولة اليهودية”.

وأبرزت صحف “يديعوت أحرونوت” و”هآرتس” و”معاريف” وغيرها من وسائل الإعلام الإسرائيلية، إشادة ولي العهد السعودي، بالاقتصاد الإسرائيلي، الذي وصفه بأنه “كبير بالنسبة لحجمها”، وذكرت كيف ساهم قرار والده الملك سلمان بتعيينه وليًّا للعهد في يونيو الماضي، في “وضعه بقوة في المرتبة الأولى على خط العرش، وهو الشخصية المعروفة لدى واشنطن”.

بواسطة |2018-04-03T19:43:15+02:00الثلاثاء - 3 أبريل 2018 - 7:43 م|الوسوم: , , |

تعرَّف على كواليس اجتماعات البيت الأبيض مع “بن سلمان” ولماذا غضب ولي العهد؟

­­­­­­­كشفت مجلة “نيويوركر” الأمريكية، اليوم الثلاثاء، عن كواليس اجتماعات دارت في البيت الأبيض، انفجر فيها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، غاضبًا.

ونشرت المجلة الأمريكية تقريرًا، عنونته بـ”أمير سعودي يسعى لإعادة صنع الشرق الأوسط… يعمل بالتعاون مع البيت الأبيض على إزاحة التطرف، أما الاستيلاء على السلطة فبنفسه”.

وقالت المجلة الأمريكية في مستهل تقريرها، إن محمد بن سلمان سعى منذ بداية طرحه “رؤية 2030″، لإقناع الرأي العام العالمي بنيته وخططه الاستثمارية، حتى إنه قال لأحد الحضور في أحد الاجتماعات: “خلال 20 عامًا، لن يكون عندنا ولا نقطة نفط واحدة، لذلك لا أملك إلا 20 سنة لإعادة توجيه الاقتصاد السعودي، وإطلاقه نحو مستقبل واعد”.

ولكن “نيويوركر” تطرقت إلى أن “رؤية 2030″، يبدو أنها اصطدمت بعدم التوافق السعودي الأمريكي، خلال فترة رئاسة باراك أوباما للولايات المتحدة.

ورصدت المجلة كواليس زيارة أوباما، في أبريل 2016، للسعودية، ولقائه الملك سلمان ونجله محمد، وعدد من مستشاري أوباما.

ولاحظ مستشارو أوباما، خلال الاجتماعات المغلقة -بحسب المجلة- أنه في كل مرة كان يوجه أوباما كلامًا للملك سلمان، كان الملك سلمان يتوقف قليلًا عن الكلام لينظر في جهاز “آيباد” كان بحوزته ثم يتكلم، ليجدوا أن ابنه محمد بن سلمان هو من كان يكتب له ما يقوله، حينما كان يجلس على أحد المقاعد عن يساره.

ونقلت المجلة عن مسؤول سابق في الأمن القومي الأمريكي قوله: “احتمالات كون ذلك الأمر صدفة، أمر مستبعد للغاية”.

أما في اجتماع آخر، بنفس الزيارة، تطرق أوباما للحديث -موجها كلامه للملك سلمان- عن اعتقال المدونين وإعدام متظاهرين شيعة، وتحدث عن أن “الولايات المتحدة باتت تواجه صعوبة في الدفاع عن السعودية”، بحسب ما نقلته المجلة عن عدد من المسؤولين الأمريكيين.

وقال المسؤولون: “بعد كلمات أوباما، قام فجأة محمد بن سلمان من على مقعده، وانفجر غاضبًا في وجه أوباما، معربًا عن استيائه من كلماته تلك”.

وتابع: “فجأة وجدناه وقف، موجهًا عبارات غاضبة لأوباما: أنتم لا تفهمون نظامنا القضائي، يمكننا أن نقدم لكم إحاطة إعلامية كاملة بما يحدث في بلدنا”.

ووصف المسؤول الأمريكي الموقف: “كان غريبًا جدًّا، لم يعهده أوباما أبدًا”.

وأشارت المجلة إلى أن بداية عدم التوافق بين الحكومة السعودية وإدارة أوباما، كان في عام 2009، عندما بدأ أوباما مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي.

ورصدت المجلة أيضًا، أن الموقف السعودي كان يحظى بتأييد إماراتي، حيث زار مسؤول أمريكي رفيع المستوى الإمارات عام 2011، لكن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، جعله ينتظر على رصيف أحد الموانئ على الخليج العربي، وفي النهاية وجده يخرج من زورق سريع مرتديًا سروالًا قصيرًا.

وقال المسؤول الأمريكي: “تحدث “بن زايد” معنا عن أننا سُذَّج بشدة بشأن إيران: أنتم تتنازلون عن المنطقة بأكملها لهم، وقال لنا بصراحة: أنتم سذج ومتهورون”.

بواسطة |2018-04-03T19:25:54+02:00الثلاثاء - 3 أبريل 2018 - 7:25 م|الوسوم: , , |

“بن سلمان” لمجلة “ذي أتلانتيك”: يمكن أن يكون للسعودية مصالح كثيرة مع “إسرائيل”

قال ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، إنه في حال التوصل إلى سلام ستكون هناك مصالح بين “إسرائيل” ودول الخليج، ومن بينها السعودية.

جاء هذا في مقابلة مع مجلة “ذي أتلانتيك” الأمريكية، أجراها خلال زيارته لأمريكا، التي بدأها 20 مارس الماضي، وما زالت مستمرة.

وقسّم ولي العهد السعودي منطقة الشرق الأوسط إلى معسكرين متحاربين، “مثلث الشر”، وأشار إلى أنه يضم إيران وجماعة “الإخوان المسلمين”، والمتطرفين مثل تنظيمي “داعش” و”القاعدة” الإرهابيين.

وأوضح أن القسم الآخر هو الدول المعتدلة، التي تضم إلى جانب بلاده “الإمارات ومصر وعمان والأردن والبحرين وعمان والكويت واليمن”.

وشبه “بن سلمان” مجددًا، المرشد الإيراني الأعلى، آية الله علي خامنئي، بأنه “هتلر”.

ومضى قائلًا: “أعتقد أن خامنئي يجعل هتلر يبدو جيدًا، فلم يفعل هتلر ما يحاول المرشد الإيراني القيام به؛ حاول هتلر التغلب على أوروبا.. بينما يحاول خامنئي غزو العالم”، وتتهم السعودية إيران بـ”امتلاك مشروع توسعي في المنطقة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية”، وهو ما تنفيه طهران، وتقول إنها تلتزم بعلاقات حسن الجوار.

وفي رده على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن الشعب اليهودي له حق في دولة قومية في جزء من موطن أجداده، قال “بن سلمان”: “أعتقد أن كل شعب، في أي مكان، له الحق في العيش في دولته بسلام”، وأضاف: “أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في امتلاك أراضيهم الخاصة، لكن يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية”.

وردًّا على سؤال حول ما إذا كان هناك إمكانية أن يكون هناك مصالح مشتركة بين بلاده وإسرائيل، قال “بن سلمان”: “إسرائيل هي اقتصاد كبير مقارنة بحجمها، وهي اقتصاد متنامٍ، وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل، وإذا كان هناك سلام، فسيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي، ودول وبلدان مثل مصر والأردن”.

ولا تعترف السعودية بإسرائيل، ولا توجد علاقات دبلوماسية علنية بينهما.

وفيما يتعلق بالأزمة الخليجية، جدد ولي العهد السعودي اتهامه للدوحة بـ”دعم وتمويل الإرهاب”.

وتشهد المنطقة أزمة خليجية بدأت في 5 يونيو الماضي، حين قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها إجراءات عقابية بدعوى “دعمها للإرهاب”، وهو ما تنفيه الدوحة.

بواسطة |2018-04-03T14:26:47+02:00الثلاثاء - 3 أبريل 2018 - 2:26 م|الوسوم: , , , , |

محمد بن سلمان لـ”ذي أتلانتيك”: هناك الكثير من المصالح بين السعودية وإسرائيل

العدسة _ إبراهيم سمعان

كشف ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، فى حوار أجراه معه رئيس تحرير صحيفة ذي أتلانتيك الأمريكية، جيفري  جولدبيرج أن هناك الكثير من المصالح بين السعودية وإسرائيل.

وأضاف جولدبيرج خلال مقدمته للحوار المطول مع الأمير السعودي، أن محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي خلال زيارته لأمريكا، اعترف بأن اليهود لهم الحق فى أرضهم.

وأشار جولدبيرج إلى أن ولي العهد لم ينطق بكلمة واحدة تسيء إلى إسرائيل، ويعتقد أن كل شعب فى أي مكان من حقه العيش بسلام داخل أراضي “بلاده”.

وإلى جانب من الحوار

جولدبيرج : دعنا نتحدث عن حدود الشرق الأوسط. هل تعتقد أن الشعب اليهودي له الحق فى دولة قومية فى جزء على موطن أجداده على الأقل؟

محمد بن سلمان: أعتقد أن أي شعب، فى أي مكان فى العالم، له الحق فى العيش بأمان فى أمته، أعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق فى امتلاك أراضيهم الخاصة، لكن يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع، ومن أجل إقامة علاقات طبيعية.

جولدبيرج: ليس لديك اعتراض على أساس ديني على وجود إسرائيل؟

محمد بن سلمان: لدينا مخاوف دينية حول مصير المسجد الأقصى فى القدس، ومخاوف حول حقوق الشعب الفلسطيني، هذا ما لدينا. ليس لدينا أي اعتراض على أي شخص آخر.

جولدبيرج: كانت المملكة العريبة السعودية بشكل تقليدي مكانًا أنتج الكثير من الدعاية المعادية للسامية. هل تعتقد أن لديك مشكلة مع معاداة السامية فى بلدك؟

محمد بن سلمان: بلدنا ليس لديها مشكلة مع اليهود، نبينا محمد تزوج امرأة يهودية، وكان جيرانه من اليهود، وستجد الكثير من اليهود فى السعودية جاءوا من أوروبا، لا توجد مشاكل بين المسيحيين والمسلمين واليهود، لدينا مشاكل مثلك فى أي مكان فى العالم ومع بعض الناس، لكن النوع العادي من المشاكل.

جولدبيرج: هل تعتقد أن إيران، تجلبك وإسرائيل معًا؟ ومن دون إسرائيل، هل يمكن أن تتخيل أن يكون لك وضعية يكون فيها لك مصالح مع إسرائيل؟

محمد بن سلمان: إسرائيل دولة ذات اقتصاد قوي ومتنامٍ، مقارنة بحجمها، وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل، وإذا كان هناك سلام سيكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي، ودول مثل مصر والأردن.

جولدبيرج: أشعر بالفضول بشأن شباب، هذه مهمة معقدة لشاب؟

محمد بن سلمان: أعتقد أن البشر يتعلمون حتى الأيام الأخيرة من حياتهم، أي شخص يدعي أنه يعرف كل شيء لا يعرف أي شيء، ما نحاول القيام به هو أننا نحاول أن نتعلم بسرعة، وأن نكون محاطين بالأذكياء. ولا أعتقد أن شبابي مشكلة، أعتقد أن أفضل الإبداعات فى العالم جاءت من الشباب؛ شركة أبل هي مثال جيد على ذلك؛ فقد تم إنشاء أبل من قبل ستيف جوبز، الذي كان فى أوائل العشرينيات من عمره عندما بدأ فى ابتكارها. وسائل الإعلام الاجتماعية مثل فيس بوك، أنشأها شاب ولا يزال صغيرا فى السن، أعتقد أن جيلي يمكنه إضافة الكثير من الأشياء.

جولدبيرج: شيء واحد كان يحظى به ستيف جوبز وهو الحرية، فقد عاش فى بلد حيث يمكن أن يفعل ما يشاء، لا أعتقد أن أحدا سيصف المملكة العربية السعودية، كمكان يمكنك فيه القيام بأي شيء من منظور حقوق الإنسان، ومنظور الحرية.

محمد بن سلمان: في السعودية يمكنك القيام بكل ما تريد من الأعمال التجارية، فى أي نوع من الأعمال وأي مشروع تريد تطويره، أيضا هناك معيار مختلف لحرية التعبير، فى المملكة لدينا ثلاثة حدود (خطوط)– يمكن لأي شخص أن يكتب ما يريد، ويتحدث عما يريد لكن لا يصل لتلك الحدود الثلاثة، وهذا لا يستند لمصلحة الحكومة ولكن لمصلحة الناس.

الحد الأول، هو الإسلام لا يمكنك الإساءة أو تشويه الإسلام. الحد الثاني: فى أمريكا يمكنك مهاجمة شخص وشركته أو وزير ووزارته – فى السعودية لا بأس من مهاجمة وزارة أو شركة، ولكن ثقافة السعوديين أنهم لا يحبون مهاجمة شخص، ويحبون ترك المشكلة الشخصية بعيدا عن الانتقاد، هذا جزء من الثقافة السعودية.

الحد الثالث هو الأمن القومي، فنحن فى منطقة لا تحيط بها المكسيك وكندا والمحيط الاطلسي والمحيط الهندي، لدينا داعش والقاعدة وحماس وحزب الله والنظام الإيراني، وحتى القراصنة؛ فلدينا قراصنة يخطفون السفن. فأي شيء يمس الأمن القومي لا يمكننا المخاطرة بالاقتراب منه فى السعودية، لا نريد أن نرى ما يحدث فى العراق يحدث فى المملكة، وعلى سبيل المثال لم تحظر المملكة تويتر، أو الوصول إلى وسائل الإعلام الاجتماعية الأخرى مثل فيس بوك وسناب شات، وجميعها مفتوحة أمام السعوديين، ولدينا أعلى نسبة فى العالم لمستخدمي وسائل التواصل. فى إيران وغيرها من البلدان الأخرى يحجبون وسائل الإعلام الاجتماعي، فيما يتمع السعوديون بحرية الوصول إلى أي وسيلة إعلام حول العالم.

بواسطة |2018-04-03T12:33:06+02:00الثلاثاء - 3 أبريل 2018 - 12:33 م|الوسوم: , , , , , , |

من دعم الثوار إلى مساندة النظام.. لماذا تغيرت مواقف السعودية من الثورة السورية؟

العدسة _ جلال إدريس

أثارت التصريحات التي أدلى بها  ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة مع مجلة تايم الأمريكية، والتي أكد فيها موافقة بلاده على بقاء الأسد في منصبة، موجة من الجدل الواسع، إذ كشفت عن تحول كبير في الموقف السعودي من الثورة السورية، وتغير كبير من  النقيض إلى النقيض.

فالسعودية التي دعمت الثورة السورية في مهدها، وساندت فصائل المعارضة السورية لعدة سنوات، وعملت من خلال منافذ سياسية وعسكرية على إسقاط نظام بشار الأسد، ها هي نفسها تؤكد بقاء الأسد في منصبة بعد 7 سنوات من الثورة، وبعد أن أرهق نظام الأسد أرواح عشرات الآلاف من السوريين، وتسبب في تشريد الملايين.

فلماذا إذا تحول موقف المملكة العربية السعودية من النقيض إلى النقيض في سياستها تجاه الثورة السورية؟ فمن داعم للثورة إلى داعم ومساند للنظام؟ ومن ساعٍ لإسقاط الأسد، إلى مؤيد لبقائه شريطة أن لا يكون دمية في يد إيران؟

الانشغال بالملف الحدودي

وفقًا لمراقبين فإن أحد أبرز أسباب بداية التحول في الموقف السعودي يورد سليمان النمر: “أولاً، تسعى السعودية الآن للتركيز أكثر على الملف اليمني وإنهاء الحرب وصولاً لإيجاد نظام هناك حليف لها أو مهادن على الأقل.

وتعيش المملكة العربية السعودية أزمة كبيرة في ظل تمادي الحرب في اليمن، دون أن تحقق السعودية أية انتصارات تذكر في تلك الحرب، فضلا عن تكبدها خسائر مالية وبشرية ضخمة.

وفي مقابل تطوير الميليشيات الحوثية قدرتها الصاروخية بصورة كبيرة، الأمر الذي باتت تشكل مصدر إزعاج حقيقي للسعوديين.

وأصبحت الصواريخ الحوثية المطورة محليًا من نوع سكود وتوشكا وبركان وزلزال وغيرها من الصواريخ البالستية تصل لأهداف في عمق الأراضي السعودية وعلى الحدود مع اليمن وداخله وقبالة سواحله على البحر الأحمر.

أيضا فإنّ السعودية تعمل في الوقت الحالي على الاهتمام أكثر بالأوضاع المحيطة بحدودها،  ومن هنا جاء تحسن العلاقة مع العراق لتأمين حدودها من الميلشيات المحسوبة على إيران.

كما  تعمل السعودية على تأمين الأوضاع الداخلية في مجلس التعاون وعدم السماح لإيران بالتدخل من خلال فرض الوصاية على الشيعة في المنطقة”.

وعلى الأرض تُرجم التقارب بزيارات لمسؤولين رفعي المستوى والإعلان عن قرب فتح معبر عرعر الحدودي بين البلدين والإعلان عن تشكيل لجنة تجارية مشتركة بين البلدين.

“التغيرات على الأرض”

من جانبه آخر  يرى مراقبون أن أحد الأسباب الرئيسية في تغير الموقف السعودي من الثورة السورية، هو “التغيرات التي تجري على الأرض السورية ذاتها،  وأبرزها التقدم الروسي المدعوم أمريكيا من خلف الستار، والتفاهم بين هاتين القوتين والذي تُرجم في “اتفاق الجنوب”.

أيضا فإن التدخل التركي في الشمال السورى، والقيام بعمليات عفرين العسكرية داخل الأراضي السورية، والتي استهدفت منه أنقرة إخلاء منطقة عفرين الحدودية مع سوريا من المسلحين الأكراد الذين تدعمهم واشنطن، جعل السعوديين يشعرون بتهميش كبير لمواقفهم بشأن سوريا ومن ثم قرروا تغيير مواقفهم.

ويرى مراقبون أن الرياض تنظر بعين الريبة للتقارب الإيراني التركي الأخير، الذي تمثّل في عقد مفاوضات أستانة العام الماضي، وما ترتّب عليها من توافق على مناطق لخفض التوتّر برعاية الثلاثي روسيا وتركيا وإيران، وهو ما دفع السعودية لمحاولة اللحاق بتلك التغييرات عن طريق الإعلان عن موافقتها على بقاء الأسد في منصبة.

صفقة جديدة “صنعاء مقابل دمشق”

فيما يرى آخرون أن إعلان السعودية موافقتها على بقاء الأسد والتخلي صراحة عن دعم الثورة السورية، ربما يكون جزءا من مساومات ومفاوضات مباشرة ستدخل فيها السعودية مع إيران بحيث ترفع السعودية يدها تماما عن الملف السوري، وتشارك في عملية تموضع جديدة لنظام الأسد، وربما دعمه ماليًا وعسكريًا، في مقابل أن ترفع إيران يدها عن الملف اليمني، وتوقف دعمها المتواصل للحوثيين.

وما يدفع  السعودية لهذا المسار هو فشلها خلال ثلاثة  أعوام من اطلاق عاصفة الحزم السعودية، في تحقيق أي تقدم يذكر في الملف اليمني، الأمر الذي دفع بن سلمان يفكر بطريقة واحدة مقابل الأخرى، وهو ما لمح به مسؤوولين سعوديون في وقت سابق.

فشل “توحيد” المعارضة

الفشل المتتالي في توحيد المعارضة، وطيها تحت جناحها ربما يكون أيضًا أحد أسباب التخلي عن الثوار السوريين ودعم النظام، خصوصا وأن المعارضة السعودية باتت مقسمة إلى ثلاث منصات (منصة الرياض، ومنصة القاهرة ومنصة موسكو).

وفي أغسطس 2017 فشل اجتماع في الرياض بين “الهيئة العليا للمفاوضات” و”منصة القاهرة” و”منصة موسكو” دون التوصل إلى اتفاق لوضع استراتيجية مشتركة تفاوضية وتشكيل وفد موحد “لجميع أطياف المعارضة السورية” إلى مفاوضات جنيف،  حيث كانت نقطة”مستقبل الأسد” هي محل الخلاف بين جميع الفصائل.

وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات وقتها  أن الأطراف المشاركة فيها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق بسبب إصرار “منصة موسكو” على عدم طرح موضوع تنحية الأسد كشرط مسبق في اجتماعات جنيف، وأكدت “الهيئة العليا للمفاوضات” وجود “قدر مهم من التفاهم مع منصة القاهرة”.

ومن جانبها أعلنت الأمم المتحدة أنها “لا تزال تقيّم نتائج محادثات الرياض بين الحكومة السعودية وثلاث من جماعات المعارضة السورية وعلى هذا الأساس ستتخذ قرار عقد محادثات جنيف في سبتمبر”.

الأزمة الخليجية

الأزمة الخليجية، وتفكك الموقف الخليجي الذي كان موحدا مع اندلاع الثورة السورية، هو أيضا أحد أسباب تغير الموقف السعودي من تلك الثورة.

ومن المعروف أن الحلف الذي خدم الثورة السورية في ربيعها وخريفها،  كان مكونا من “السعودية وقطر وتركيا”، وبموجبه تعاونت الدول الثلاثة في إمداد فصائل الجيش الحر خاصة بالسلاح والمال ليخوضوا معركتهم في مواجهة الأسد، ويحبطوا الحلم الإيراني بإكمال الهلال الشيعي، وهو الهدف الذي لم يتحقق.

وبدورها كانت الإمارات بلا شك، هي من تزعمت تفكيك هذا الحلف، واستطاعت تقديم نفسها في الولايات المتحدة كلاعب إقليمي ناجح في “الحرب على الإرهاب.”

ووفقا لمراقبين فإن لتأثر الأمير الشاب “محمد بن سلمان” بمحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، أكبر الأثر في استمالة المملكة نحو حلف جديد تنضم فيه إلى الإمارات والبحرين ومصر، وتعادي فيه تركيا وقطر.

وشيئا فشيئا تحوّل الأمر من تحالف كان يضم السعودية وقطر وتركيا هدفه إسقاط نظام الأسد عبر دعم الفصائل السورية المقاتلة وعلى الأخص المعتدلة إلى تحالف جديد يضم السعودية والإمارات ومصر والبحرين، ويقاطع قطر لتتخلى عن دعم الثورة السورية كما تخلت، صديقة الأمس، السعودية عنها.

الأمر وصل بحسب مراقبين، إلى محاولة إرغام قطر على تغيير رؤيتها والتخلي عن سوريا من جهة، والتخلي عن دعمها لها والوقوف صفا واحدا إلى جانب نظام بشر، الذي باتت تدعمه مصر والسعودية والإمارات.

الحرب على الأرهاب أولى

التحول في الموقف السعودي من الثورة السورية، يمكن أيضا فهمه في إطار رؤية المملكة العدائية للثورات الربيع العربي، حيث إنها لم ترحب بالثورة السورية في مهدها، لكنها اضطرت للتفاعل معها بعدما تفاعل الرأي العام السعودي، ومع المشاهد الدامية الآتية من سوريا، جراء قمع النظام للتظاهرات السلمية، فقررت استغلال الثورة للنكاية في إيران، التي عادت الثورة منذ اللحظة الأولى وصبت عليها ويلاتها.

ومع دخول الثورة السورية مرحلة العسكرة، وتشكل كتائب الجيش السوري الحر، والفصائل الإسلامية، وبدأت تلك المجموعات في تحقيق انتصارات على قوات النظام السوري والمليشيات التي كانت تدعمه في محافظات عدة، سال لعاب السعوديين، أن يكون لهم دور ومكانة في سوريا، إن دعمت تلك الفصائل المسلحة.

لكن ومع ظهور بوادر خلافات بين مكونات هذه الفصائل العسكرية، واتهام أطراف في المعارضة السورية، السعودية بأنها عملت على دعم جماعات دون غيرها، وأزكت عداوات داخل مكونات قوى الثورة والمعارضة السورية، ودعمت وصول جهاديين إلى سوريا، ما ساهم لاحقاً في بروز تنظيم “داعش”، بدأ الموقف السعودي يتغير حيال الثورة.

وساد منذ ذلك الحين اعتقادٌ واسع في أوساط المعارضة السورية، أن موقف المملكة من النظام السوري، بات على أحسن تقدير، أقل حدة مما كان عليه خلال السنوات القليلة الماضية، وباتت “الهيئة العليا” تتحرك ضمن هذه المعطيات، التي يرشح منها أن الرياض تتماشى مع المزاج الدولي القائم حالياً، والذي يضع قضية محاربة الإرهاب كأولوية في سوريا، وليس قضية إسقاط نظام بشار الأسد.

 

بواسطة |2018-04-02T13:51:31+02:00الإثنين - 2 أبريل 2018 - 1:51 م|الوسوم: , , , , , , , , |

صحيفة فرنسية: رغم جرائمها.. لماذا يستمر الغرب في تسليح السعودية؟!

ترجمة: إبراهيم سمعان

خلال الفترة الأخيرة، كثفت المنظمات الإنسانية والحقوقية ضغوطها على الدول الغربية التي تصدر أسلحة للسعودية؛ وذلك بسبب تورط الأخيرة في صراع اليمن منذ عام 2015، والذي تسبب في أسوا أزمة إنسانية يشهدها العالم، وفقا للأمم المتحدة.

آخر هذه الضغوط استهدف فرنسا، بعد دراسة أعدها مكتب المحاماة الفرنسي “Ancile”، أكد فيها أن هناك “خطرًا من الناحية القانونية تجاه عمليات نقل الأسلحة الفرنسية إلى السعودية والإمارات، إذ تعد غير قانونية في ضوء التزامات فرنسا الدولية”، ما يمكن أن يجعلها “متواطئة في جرائم الحرب التي ارتكبت في اليمن”.

صحيفة “lorientlejour” الناطقة بالفرنسية، نشرت تقريرًا حول أسباب استمرار الدول الغربية في بيع أسلحة للسعودية، رغم الجرائم الإنسانية التي يشهدها اليمن في ظل استمرار الحملة العسكرية التي تقوها الرياض في هذا البلد، وتسببها في مقتل وإصابة وتشريد الملايين، ناهيك عن الأمراض وتدمير البنية التحتية.

وقالت الصحيفة: استمر سباق التسلح في الشرق الأوسط بالتسارع خلال السنوات الأخيرة، مع قيادة المملكة العربية السعودية مجموعة المستوردين، فالرياض التي تقوم بتحديث ترسانتها العسكرية باستمرار هي سوق مربحة بالنسبة للغربيين.

في 9 مارس، وقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إعلان نوايا لشراء 48 مقاتلة يوروفايتر تايفون، في صفقة تقدر قيمتها بنحو 8 مليارات إسترليني، أو 11 مليار دولار.
هذا العقد أثار انتقادات المنظمات الدولية، التي اعتبرت أن الغرب يغضّ الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان السعودية، وفي هذا الصدد، أدانت صحيفة “الجارديان” البريطانية، في افتتاحية “الدور المخزي لبريطانيا في اليمن، الذي يحتم عليها الضغط باتجاه هذه القضية” بدلا من أنها “في الوقت الحالي” (الحكومة البريطانية) تبدو أكثر تركيزا على تعزيز مبيعات “تايفون”.

المطالبات الحقوقية أصبحت حادة أكثر فأكثر، في ضوء الصراع اليمني الذي قادت فيه المملكة الوهابية تحالفًا دوليًّا منذ عام 2015، إلى جانب القوات الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، في مواجهة الحوثيين المدعومين من قبل إيران، العدو اللدود للرياض.

ولي العهد الذي خسر رهان هذا الهجوم، غارق الآن في صراع قتل أكثر من 10 آلاف شخص وجرح 53 ألفًا آخرين منذ 2015، ينظر بعض المراقبين إلى اليمن على أنها “فيتنام السعودية”، بينما تتهم “هيومن رايتس ووتش” الرياض بارتكاب “جرائم حرب ضد الأطفال”.

ثاني أكبر مستورد في العالم
الأولوية الأخلاقية أم الشراكة الإستراتيجية؟ هذه القضية أساسية وتسلط الضوء على حدود مبيعات الأسلحة بين الدول، تصدير الأسلحة من عدمه للبلدان المتورطة في صراع “قرار يجب اتخاذه على المستوى الوطني في كل حالة”، تقول أود فلورانت، مديرة برنامج التسلح والإنفاق العسكري بمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).

ولأنه يتجاوز الاعتبارات الاقتصادية، ينتهي الأمر بالسياسة الواقعية إلى التأثير على القرار النهائي لكل من الجهات الفاعلة المعنية، وتضيف “فلورانت”: “دول مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة ترى السعودية كشريك يحتاج إلى دعم”، وفي هذه الحالة “حقوق الإنسان وزنها أقل في صنع القرار؛ لأن مصالح الأمن القومي لها الأسبقية”.

لا يبدو أن الترتيبات العسكرية بين الغربيين والمملكة الوهابية تتوقف عندما تمثل الرياض مصدرًا رئيسيًّا للعقود المربحة، وفقًا لتقرير جديد أصدره (SIPRI) هذا الشهر، الرياض ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم بعد الهند، خلال الفترة 2013-2017 ارتفعت وارداتها بنسبة 225٪ مقارنة بالهند من 2008-2012.

وهكذا تتصدر السعودية قائمة مستوردي الأسلحة في المنطقة، قبل مصر والإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم من المخاوف الإنسانية والممارسات العسكرية السعودية، تواصل الشركات الأوروبية الكبيرة المنتجة للأسلحة في فرنسا وبريطانيا التعاون مع السعودية في حين أن 98 ٪ من أسلحة الرياض تأتي من الولايات المتحدة.

كما وقعت واشنطن والرياض صفقة بقيمة 350 مليار دولار مايو الماضي، وهي أعلى صفقة في تاريخ الولايات المتحدة، ونظرًا لتعاونهم الطويل الأمد، “من غير المحتمل أن ترفض الولايات المتحدة بيع الأسلحة للسعودية، على الرغم من أنها قد تحجب بعض الأسلحة، مثل الذخائر العنقودية”، كذلك وقع الرئيس “ترامب” مؤخرًا صفقة أسلحة بقيمة مليار دولار مع ولي العهد، والتي ينبغي إقرارها إذا حصل على موافقة الكونجرس.

لقد أشار دونالد ترامب – مرارًا وتكرارًا- إلى المصالح الاقتصادية التي تمثلها هذه العقود للأمريكيين، وقال خلال لقائه بمحمد بن سلمان في واشنطن: “السعودية دولة غنية للغاية، وستمنح الولايات المتحدة بعض هذه الثروة في شكل وظائف في صورة شراء أفضل معدات عسكرية في العالم”.

كما طلب وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس من مجلس الشيوخ ألا يحد دعم واشنطن للرياض، في خطاب أمام الكونجرس قائلا: “القيود الجديدة التي تحد الدعم العسكري الأمريكي يمكن أن تزيد الخسائر في صفوف المدنيين، وتعرض التعاون لمكافحة الإرهاب مع شركائنا للخطر، وتقلل تأثيرنا على السعوديين، وهو ما يزيد من تفاقم الوضع والأزمة الإنسانية”.

قدمت الولايات المتحدة دعما “غير قتالي” للرياض منذ عام 2015 في اليمن، من خلال إعادة التزود بالوقود وتبادل المعلومات، وكان مجلس الشيوخ قد أوقف قبل أيام قرارًا يدعو إلى الحد من دعم الرياض في اليمن.

إن استخدام الرياض للأسلحة التي تنتجها الدول الأوروبية تم استنكاره مرارًا وتكرارًا منذ بداية الصراع اليمني، وتثير المنظمات الدولية قضية امتثال هذه الصادرات لمعاهدة تجارة الأسلحة لعام 2013.

أدلة هائلة!

أثار تقرير نشر الأسبوع الماضي في فرنسا ضجة حول هذا الأمر، تتضمن مزاعم بانتهاك القانون الإنساني الدولي، وتوضح الوثيقة أن صادرات الأسلحة الفرنسية إلى اليمن “يمكن أن تشكل انتهاكًا لفرنسا” وقالت لين معلوف، مديرة مكتب الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية في بيان: “هناك أدلة كثيرة على أن تدفقات الأسلحة غير المسؤولة إلى التحالف الذي تقوده السعودية أسفرت عن ضرر كبير للمدنيين اليمنيين”.

في الوقت الذي يحاول فيه الرأي العام والمنظمات الدولية ممارسة الضغط على الحكومات، اتخذت بعض الدول بالفعل قرارًا بتقييد صادرات الأسلحة إلى الرياض أو وقفها تمامًا، مثل فنلندا في عام 2015، وهولندا في 2016 أو ألمانيا في يناير الماضي، في حين أن دولًا أوروبية أخرى تنظر في الأمر.
تبنى البرلمان الأوروبي في هذا الصدد قرارًا غير ملزم في ديسمبر، “يدين الغارات الجوية العشوائية من قبل قوات التحالف”، اعتمد القرار بتأييد 539 صوتا و 13 ضد وامتناع 81، كما حصل تصويت منفصل لصالح حظر الأسلحة على السعودية على أغلبية أصوات أعضاء البرلمان الأوروبي.

قرار له أهمية رمزية محدودة فقط، لاسيما وأن اللوائح الخاصة بمبيعات الأسلحة “ينظر إليها على أنها شـأن داخلي” في الأسواق ذات النظام الوطني، كما تقول فلورانت.

بواسطة |2018-04-01T19:23:17+02:00الأحد - 1 أبريل 2018 - 7:23 م|

“جارديان” تحذر: اشتباكات غزة قد تشعل النيران في الشرق الأوسط

ترجمة – إبراهيم سمعان

أكدت صحيفة “جارديان” البريطانية، أن اشتباكات غزة يمكن أن تشعل النيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

وتساءلت في مقال لكاتبها البارز سيمون تيسدال: “هل ستؤدي هذه الأزمة العنيفة إلى أزمة أوسع نطاقا تجر إليها سوريا ولبنان وإيران؟”.

ومضى “تيسدال” قائلا: “ما يكمن وراء أحدث مواجهة، غياب عملية سلام ذات مصداقية. ذلك كما حدث في عام 2000 عندما اندلعت الانتفاضة الثانية ومرة أخرى في 2014”.

وأردف: “مرة أخرى، تستخدم حركة حماس ومؤيدوها في غزة -المحاصرون من قبل إسرائيل ومصر وفي حالة خلاف مع منافستها حركة فتح في الضفة الغربية- احتجاجا مدنيًّا جماعيًّا لإنهاء عزلتها، مرة أخرى فإن قادة اليمين الإسرائيلي، الغير قادرين أو غير الراغبين في التفكير في حل الدولتين، يضاعفون من التشدد العصبي باستخدام القوة بشكل غير متناسب”.

وتابع الكاتب قائلا: “الفارق الخطير الآن، هو التوقيت والسياق، كان يوم الجمعة بداية 6 أسابيع من الاحتجاجات التي نُظمت لإحياء الذكرى السبعين للنكبة في 15 مايو، والذي يوافق غداة إعلان إسرائيل الاستقلال في 14 مايو 1948، أيضًا ستنقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس في مايو، في اعترف فعلي بالمدينة كعاصمة لإسرائيل، وتجاهل لمطالبات الفلسطينيين. باختصار بدأ موسم الربيع من النقاط الساخنة التي تلوح في الأفق”.

وأضاف: “كما تشير السوابق التاريخية، فالمواجهات المحلية تنتج ردود فعل سلبية على المنطقة، أكبر مصدر للقلق هو لبنان، حيث حزب الله، عدو إسرائيل اللدود، وحليف إيران الوثيق، وهو القوة العسكرية والسياسية المهيمنة، تظهر التوترات مع إقامة إسرائيل لسياج على حدودها الشمالية وعلى حقوق النفط والغاز البحرية المتنازع عليها، على غرار الجدار الذي يعزلها عن غزة”.

ومضى قائلا: “بالنسبة لجنرالات إسرائيل، فإن التهديد الرئيسي هو مخزون حزب الله من الصواريخ الحديثة، التي يبلغ قوامها 130 ألف صاروخ قصير ومتوسط وطويل المدى، ومقاتلوه الذين يبلغ عددهم 50 ألفا، وكثير منهم يقاتل في غزة”.

ونوه إلى أنه إذا استمر العنف في غزة وانتشر، فمن المتوقع أن يحاول متشددو حزب الله التدخل، مضيفا: “لقد حذرت القيادة الإيرانية بشكل متكرر بأنها ستساعد حزب الله مباشرة في أي قتال، على عكس حرب لبنان الأخيرة في 2006، قائلة إن إسرائيل سيتم استئصالها”.

وأشار الكاتب إلى أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أوضح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من بين آخرين، أن الجهود الحالية التي تبذلها إيران لإنشاء وجود عسكري دائم في سوريا ولبنان تعتبر خطًّا أحمر إسرائيليًّا، كما أكد نتنياهو موقفه مؤخرًا من خلال إسقاط طائرة إيرانية بدون طيار، وشن غارات جوية على القواعد السورية التي تستخدمها إيران.

وأردف “تيسدال” بقوله: “الضوابط والتوازنات السابقة مفقودة، لا فائدة من التطلع إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عندما اجتمع في جلسة طارئة ليلة الجمعة لمناقشة وضع غزة، لم يستطع حتى الموافقة على بيان مشترك”.

وأوضح أن السعودية، التي كانت في يوم من الأيام تتبنى خطة سلام خاصة بها، موجودة الآن بقوة في المعسكر المؤيد لإسرائيل (رغم أن ذلك بشكل ضمني) والمعادي لإيران، وبالمثل مصر؛ حيث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مهووس بالجهاديين وليس العدالة.

ووصف مسألة حث الأمريكيين على التدخل كوسيط نزيه بأنها أشبه بتبديد للحياة، موضحًا أن الرئيس دونالد ترامب أظهر نفسه في هذا الموضوع جاهلا بقدر ما هو متحيز.

واختتم بقوله: “ها هو يوم آخر مثير للإحباط، ففي 12 مايو، من المتوقع أن ينسحب الرئيس الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، الأمر الذي يمكن أن يطيح بكل البيت المصنوع من ورق في الشرق الأوسط”.

 

بواسطة |2018-04-01T19:17:37+02:00الأحد - 1 أبريل 2018 - 7:17 م|الوسوم: , , |

مملكة الهزائم.. كيف أفشلت السعودية الثورة السورية حتى وصلت لدعم “بشار”؟!

العدسة – معتز أشرف

في تناقض صارخ لعنتريات الأمير السعودي الطائش محمد بن سلمان ووزرائه، خاصة وزير الخارجية عادل الجبير، ضد الديكتاتور السوري، ظهرت التصريحات الداعمة لبقاء بشار الأسد واحتلال أمريكا لسوريا، السبت، لتلغي كل ما جرى وتكشف سر الاستسلام السعودي للديكتاتور، وكيف أفشلت السعودية الثورة السورية حتى وصلت إلى هذه المحطة ليكون الموقف الأول لها من الثورة حين عادت الثوار، هو الموقف الحقيقي الذي تناساه البعض في غمرة الصراعات.

إعلان الفشل!

الأمير السعودي الذي يحاصره الفشل، محمد بن سلمان، أعلن دون مواربة دعمه بقاء الديكتاتور السوري بشار الأسد في السلطة، كما دعا إلى أن يحافظ الجيش الأمريكي على تواجده في سوريا على المدى المتوسط، في احتلال ضمني لأرض الشام، بحسب ما يرى البعض، حيث قال في مقابلة مع مجلة “تايم” الأمريكية: “بشار باق” في السلطة، كما أكد أنه من الضروري أن يحافظ الجيش الأمريكي على وجوده في سوريا، على الرغم من إعلان الرئيس دونالد ترامب مؤخرا، أن قوات بلاده ستنسحب من هناك قريبا، قائلا: “نعتقد أن القوات الأمريكية يجب أن تبقى لفترة متوسطة على الأقل، إن لم تكن على المدى الطويل، فهي “الجهد الأخير لمنع إيران من الاستمرار في توسيع نفوذها”.

يأتي هذا، رغم أن قوى المعارضة السورية أعلنت في مؤتمرها الثاني، الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض في ديسمبر 2017، تأكيدها على ضرورة رحيل الأسد، وإقامة هيئة حكم انتقالية في سوريا، كما شددوا على أن حل الأزمة السورية سياسي، مع التمسك بمبدأ المحاسبة على ما ارتكب من “جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق السوريين”، كما شددت قوى المعارضة السورية على التمسك بما ورد في بيان جنيف 1 بخصوص “إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تهيئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية”، مع التأكيد على أن “ذلك لن يحدث دون مغادرة بشار الأسد وزمرته ومنظومة القمع والاستبداد عند بدء المرحلة الانتقالية.

خيانة الأمير الطائش محمد بن سلمان مبكرة!

ففي سبتمبر 2017، كشف الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، للمرة الأولى، تفاصيل جديدة عن خيانة السعودية للثورة السورية التي زعمت دعمها، حيث كشف نصر الله عن اقتراح قدمته الرياض لدمشق آنذاك، وقال إنه “بعد المعركة بسنة ونصف أو سنتين أرسلت السعودية إلى الرئيس السوري بشار الأسد رسالة، أن أعلِن في مؤتمر صحافي غدًا صباحًا قطع العلاقة مع حزب الله وإيران وتنتهي الأزمة”.
وفي المقابل، كان بشار الأسد واثقًا في يوليو 2016 ببقائه ومن تخلف آل سعود، وفي مقابلة مع قناة “NBC” الأمريكية، قال إنه في حال “توقفت السعودية عن دعمها للإرهاب” سيستطيع النظام السوري الانتصار في الحرب في بضعة أشهر”، على حد قوله، وردًّا على سؤال في العام 2015 حول “موقف آل سعود الذين يصرون على تنحيه، شدد الأسد على أن “الحديث عن موضوع النظام السياسي، أو المسؤولين في هذا البلد، هو شأن سوري داخلي”، قائلا: “أما إذا كانوا يتحدثون عن الديمقراطية.. فهل هذه الدول التي ذكرتها، وخاصة السعودية، هي نموذج للديمقراطية أو لحقوق الإنسان أو للمشاركة الشعبية في الدولة؟.. هي النموذج الأسوأ والأكثر تخلفًا وتأخرًا على مستوى العالم.. فليس لهم الحق في الحديث حول هذه النقطة”.

سر الاستسلام!

وكالة “بلومبرج” الأمريكية، ، كشفت عن سر التحول السعودي في وقت مبكر، حيث قالت إنه يرجع بصورة كبيرة للخسائر المتتالية التي منيت بها المعارضة السورية، واستعادة الأسد فعليا السيطرة على جزء كبير من البلاد، خلال العامين الماضيين، كما أن “السبب الآخر”، هو إعلان إنهاء الإدارة الأمريكية الجديدة برنامج “تسليح المعارضة السورية”، وهو ما يعني تخلي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عنهم، علاوة على التعاون القائم حاليا بين موسكو وتركيا، ونقلت الوكالة الأمريكية، عن رئيس قسم الدفاع والأمن في مركز الخليج للأبحاث في دبي، مصطفى العاني، قوله: إن “السعودية أدركت الآن أن روسيا هي الطرف الوحيد القادر على حل الصراع في سوريا، وهو ما جعلهم موقنين لأنه لا مشكلة لديهم في بقاء الحكومة السورية الحالية”.

الإرهاق المادي والتشتت سببان رئيسيان في فشل السعودية في سوريا، وبحسب مراقبين، والذين يرون أن السعودية ضخت مليارات الدولارات في تمويل جماعات متطرفة في سوريا وتسليحها في محاولة منها لإبعاد خطر هذه المجموعات عن أرضها، إلا أن الطبقة الحاكمة في الرياض وجعلها الرهان على سياستها في المنطقة يرتبط بمستقبلها السياسي، أدى إلى فشل مشروع السعودية في الأزمة السورية، وعدم القدرة على إسقاط نظام دمشق المجرم، والتي شكلت نتائجها مفصلا محوريًّا في تحول الصراع السياسي في المنطقة، كما لم تنفع العروض السخية والحوافز الاقتصادية المقدمة لروسيا الداعم الأول لنظام الأسد وغطائه الدبلوماسي في منظمة الأمم المتحدة، حيث أساءت السعودية التقدير عندما عرضت على روسيا صفقات أسلحة كبيرة، أو حل أزمة النفط بما يتوافق مع المصلحة الروسية، وأن المملكة -وفق ما أكده وزير خارجيتها عادل الجبير لصحيفة أمريكية- مستعدة لفتح فرص جديدة لروسيا للوصول إلى أسواق الخليج، والاستثمار أكثر من الأسواق الصينية، في حال التخلي عن رئيس النظام السوري بشار الأسد، إلا أن جميع هذه العروض حكم عليها بالفشل، لتثبت فشل السياسية السعودية في الملف السوري.

سيناريو الإفشال!

وفق محللين، فإن السعودية أفشلت الثورة السورية وفق مخطط ممنهج، حيث تحولت من المعاداة إلى التأييد إلى تسليم بالأجندة الروسية، وبعد أن منت على العالم بدعمها لانتفاضة السوريين ضد نظامهم القمعي، سقطت في أحضان روسيا ووقعت علي بياض للديكتاتور، وبحسب التقارير المتواترة صارت السعودية مكلفة بالضغط على المعارضة السورية، ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات، التي تتخذ من الرياض مقرًّا لها، بكل الوسائل لدفعهم نحو الاعتراف ببشار الأسد، وصار الضغط السعودي يذهب في اتجاه واحد: إدخال معارضين ــ موالين فعليًّا، ومقربين سوريين من روسيا باسم “معارضين”، إلى الجسم الأكبر للمعارضة السورية (الهيئة العليا)، لطي صفحة شعار إطاحة بشار الأسد وأركان حكمه، كما تأخر انعقاد مؤتمر الرياض 2 للهيئة العليا للتفاوض مع بقية ما يُسمى منصّات معارِضة، أبرزها منصات القاهرة وموسكو وأستانة، بهدف تشكيل بنية جديدة للهيئة العليا، بشكل يكون لاستسلامها شرعية أوسع في حوارات جنيف، ليطوى ملف مستقبل الأسد والنظام، ويتفرغ السوريون لتلميع صورة النظام ومحو جرائم القتل والتهجير والتعذيب والتدمير الشامل والتغيير الديمغرافي الحاصل داخل سورية، كما شهد شهر أغسطس 2017، ومع انعقاد الاجتماع الذي جمع المنسق الأعلى لـ”الهيئة العليا للتفاوض” السورية رياض حجاب وأعضاء من الهيئة، مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في الرياض، الذي كان قد شدد في أكثر من مناسبة، على أن “بشار الأسد انتهى، إما أن يرحل بعملية سياسية، أو ينتهي بسبب عمليات عسكرية”، حيث كان القشة التي قصمت ظهر البعير وفضحت الدور السعودي المشبوه في الحديث عن بقاء بشار.
المراقبون يرون أن الموقف السعودي السلبي في الأشهر الأولى إزاء الثورة السورية متماشيًا مع العداء العلني من الرياض لكل ما يمت بصلة للثورات العربية، ابتداء من تونس، حيث استقبلت على أراضيها الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، مرورًا بمصر وليبيا واليمن، هو الموقف الحقيقي للرياض، وأنها لم تتحرك إلى سوريا إلا لمواجهة خصمها اللدود طهران، والتي سرعان ما غيرت رأيها مع بروز مواقف غربية داعمة للحراك السلمي ضد الأسد رغم أنها شوهت الثورة السورية في أحد مراحلها بتمويل بعض جماعات الإرهاب!

المعسكر الآخر!

وفي المعسكر الآخر يتحدث المراقبون الموالون لبشار الأسد في روسيا، أن السعودية اعترفت واقعيًّا بالهزيمة في سوريا عندما ذهبت إلى روسيا، حيث حدث المتوقع، وهو أن الحرب في سوريا ستنتهي بطريقة بسيطة جدًّا، وهي حين يتوقف تمويلها، وهذا تحديدا ما حدث، وبفضل نشاطنا الدبلوماسي، وبفضل الاتفاقات مع الإيرانيين والأتراك، يعود السلام إلى سوريا، فيما قال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إن السعوديين سيكتشفون أنهم “يخوضون معركة خاسرة، أنا بكل واقعية أتفهم غضب السعودية لأنه عندما يفشل أحد، أقلّه يغضب، وإذا غضب ويستطيع أن يقوم بشيء يحاول أن يقوم به، ورأي نصرالله أن “السعودية بَنَتْ حساباتها على أن سوريا ستسقط خلال شهرين في أيديهم، ومرت السنوات وخابت الآمال، فشل كبير وسقوط رهانات، مضيفًا أن “النظام السعودي يأتي في مقدمة المتآمرين على أي نظام أو جيش عربي يريد قتال إسرائيل واستعادة الكرامة العربية”.

بواسطة |2018-04-01T14:36:36+02:00الأحد - 1 أبريل 2018 - 2:36 م|الوسوم: , , |

دراسة لـ”كارينجي” تكشف دور السعودية في دعم قبضايات التطرف في لبنان

العدسة – معتز أشرف

في دراسة جديدة لوحدة الأبحاث بمركز  كارينجي للدراسات بالشرق الأوسط سقطت ديار الأمير الطائش محمد بن سلمان في الفشل بجدارة؛ حيث وثقت الدراسة دور السعودية في دعم قبضايات التطرف السلفي في لبنان، والذين استخدمتهم لمواجهة حزب الله وإيران في لبنان وسوريا، ولكن وصل الحال بهم إلى صعود دورهم بشكل واضح في المشهد اللبناني.

أكدت الدراسة أن لبنان شهد في الآونة الأخيرة نموًا مُطّردًا للتشدُّد السلفي، حيث انعكاسات وتداعيات الحرب السورية والتوترات الطائفية كعوامل مغذّية لهذا التطور، موضحة أن تفاقم العنف السلفي هو في الواقع عارض من عوارض تظلُّمات السنّة اللبنانيين التي فشلت النخبة السنية في معالجهتها حتي الآن، لكن يوفّر الاستقرار السياسي النسبي الراهن فرصة فريدة لصانعي السياسة اللبنانيين من كل الأطياف كي يتوحّدوا صفاً واحداً لسنّ الإصلاحات الهادفة إلى معالجة هذه الأسباب المحلية من جذورها.

3 أسباب

رافاييل لوفيفر  الباحث غير مقيم في مركز كارنيجي للشرق الأوسط في بيروت، الذي تتركّز أبحاثه على الحركات الإسلامية السنّية في لبنان، صاحب الدراسة التي وصلت “العدسة”، يرى أن جوهر صعود التطرُّف السلفي ينبع من بيئة تمرّد اجتماعي- سياسي متفشية في المناطق السنّية المُهمَّشة. إذ هناك، تشي ظاهرة قبضاي السلفية المتنامية بأن سطوة الجماعات السلفية الجهادية تتعلّق بالديناميكيات الاجتماعية وليس، في المقام الأول، بأي جاذبية إيديولوجية متطرّفة.

وأوضح أن جماعة القبضايات تحتضن غالباً السلفية كوسيلة لغايات أخرى، مثل ادّعاء وجود دعم سماوي ضمني لهؤلاء القبضايات في حمأة صراعاتهم على السلطة والموارد. كما أنهم يستخدمون الخطاب المتطرّف لتبرير الانضمام إلى المتمردين في سوريا، أو لتغطية أعمال العنف التي تبدو في ظاهرها شبيهة بالتشدّد السلفي، لكنها في الواقع أكثر تناغماً مع التقاليد المحلية المتعلّقة بالصراعات الاجتماعية.

واستنكرت الدراسة تعامل الحكومة اللبنانية مع الظاهرة والأزمة، وقالت: ” بدلاً من الإطلالة على هؤلاء المُتشدّدين كعوارض للبيئة الاجتماعية والسياسية البائسة التي انبثقوا منها، تقاربهم الحكومة اللبنانية من منظور أمني، فتُرسل المئات منهم إلى السجون التي تعاني أصلاً من أوضاع مزرية تؤدي، إضافةً إلى لامبالاة الساسة السنّة، إلى قذفهم نحو أشداق التطرّف، فضلا عن إضفاء الطابع الأمني على اللاجئين السوريين، والخلل المتمادي لدار الإفتاء. لكن حتى الآن على الأقل، لاتزال قدرة المُتطرفين السلفيين على الغرف من هذه الإمكانيات الثورية، محصورة في إطار قطاعات محدودة من الجمهور السنّي”.

للسعودية دور!

السعودية وفق الدراسة كانت سببا في تصاعد التطرف السلفي في بلاد الأرز، وأوضحت الدراسة أن لبنان كان هدفاً رئيساً للتطرّف والتشدّد الإسلاميين منذ اندلاع النزاع السوري العام 2011، حيث فتك المتطرّفون المُلتحقون بجماعات جهادية سلفية (على غرار تنظيم الدولة الإسلامية المُعلن ذاتيا، وهيئة تحرير الشام المعروفة سابقاً بجبهة النصرة ثم جبهة فتح الشام) بأعداد كبيرة من المدنيين، عبر عمليات تفجير انتحارية وهجمات بالصواريخ داخل بيروت وخارجها، وخاضوا معارك دامية مع الجيش اللبناني. وفي العام 2014، كانت أعداد هذه الجماعات وقوتها تتنامى إلى درجة أنها باتت تُسيطر بفعالية على أجزاء من سهل البقاع، وصيدا، وطرابلس، حين كانوا يسعون، وفق ما قال مسؤولون أمنيون، إلى إقامة “إمارة إسلامية”..

ولمواجهة هذه التحديات عمدت الحكومة اللبنانية إلى اعتقال مئات من المتشدّدين المُشتبه بهم، وقادت حملة عسكرية على ما تعتقد أنه خلايا إرهابية، كان حصيلة كل ذلك انحسار كبير في أعمال العنف، بيد أن هذه المقاربة المتمحورة حول الأمن، لم تفعل شيئاً لمعالجة أسباب صعود التطرّف السلفي من جذوره. وإلى أن يحدث ذلك، سيواصل شبح التطرّف الراديكالي إلقاء كلكله على بلاد الأرز.

وحملت الدراسة ضمن تفسيرات عديدة حول صعود ظاهرة السلفية الجهادية في لبنان السعودية ما يحدث، حيث نسبوا صعود السلفية إلى الحرب بالواسطة التي شنّتها السعودية التي كانت المموّل الرئيس للمساجد السلفية والجمعيات الخيرية، لمواجهة إيران التي تدعم حزب الله حتي وصل في الآونة الأخيرة، التطرف السلفي كحصيلة جانبية للصراع السوري الذي تلعب فيه الميليشيات السلفية دورًا قياديًا بارزًا تحت الإشراف السعودي في مواجهة طهران، وهو الإشراف الذي ربطته الدراسة “بالسخاء التمويليي”.

واتهمت الدراسة السعودية كذلك بتسهيل مهام تصاعد التطرف السلفي، ونقلت عن رئيس منظمة سلفية غير حكومية في شمال لبنان، بكل فخر: “نحن ندفع بدلات الإيجار للاجئين، ونؤمّن لهم الغذاء والمازوت”، وأردف قائلاً إنه ينسّق مع جمعيات خيرية سلفية أخرى في سائر أنحاء البلاد، وإن تأثير انخراط السلفيين في المجال الإنساني بات أقوى من أي وقتٍ مضى، ولاسيما مع تزايد المساعدات الكويتية والسعودية التي يتّكلون عليها على نحو مطّرد. لكنهم في الواقع يأملون أيضاً أن تكسبهم أعمالهم الخيرية أعضاء سلفيين جددا، إذ شدّد القائد السلفي قائلاً: “إننا نقدّم مساعدات غير مشروطة، لكننا نفتح أيضاً صفوفاً للتعليم الديني، ونأمل أن تقنع رسالتنا بعض اللاجئين”.

في بعض الحالات، قد يشجّع الناشطون السلفيون اللاجئين على العودة إلى سوريا والانضمام إلى إحدى الكتائب السلفية العديدة والكبيرة والقوية المُنخرطة في القتال ضد النظام وحلفائه. وأقرّ رئيس المنظمة غير الحكومية السلفية بحذر “إننا نحيط اللاجئين علماً بالوضع في سوريا، ونعلّمهم أن يكونوا مواطنين فعّالين – وليس مجرّد لاجئين عاجِزين”.

حرمان السنة وغياب الدولة !

وأوضحت الدراسة أنه على رغم أن الصدع السنّي- الشيعي غالباً ما يُعتبر أهم الانقسامات في المجتمع اللبناني، إلا أن الفجوة الاجتماعية المتنامية بين المحظوظين من ذوي الامتيازات وبين الفقراء مُهمة بالقدر نفسه في دراسة الظاهرة،  فالحرمان يمس الطائفة السنّية على وجه الخصوص. مثلاً: في طرابلس، وهي ثاني أكبر مدينة في لبنان حيث يشكّل السنّة الغالبية الكاسحة من سكانها، يُعتبر 57 في المئة من قاطنيها فقراء، وهي نسبة تبتعد كثيراً عن المتوسط الوطني الذي يبلغ 28 في المئة. ومع ذلك، فالأكثر لفتاً للانتباه هي الفروقات المتنامية بوتائر سريعة بين الأحياء المسوّرة للأغنياء حيث تتوافر الخدمات الأساسية، وبين المناطق المهمّشة التي يعاني سكانها من تفاقم فقدان الأمن، وتدهور البنى التحتية، والأداء البائس للمدارس الرسمية، ومعدلات الفقر المرتفعة.

وفي المناطق المدينية الفخمة كبساتين طرابلس، يُعتبر 19 في المئة من السكان فقط محرومون، بالمقارنة مع 69 في المئة في منطقة القبّة و87 في المئة في باب التبانة.

في هذه المناطق الأخيرة بالتحديد وجدت السفلية الأرض الخصبة للانتشار، وكَسَبَ الناشطون الدينيون المتزمتون الذين لهم روابط مع هيئات خليجية خاصة السعودية احترام العديد من السكان المحليين من خلال فتح المدارس، وإدارة الجمعيات الخيرية، وتمويل دور الأيتام، ومساعدة اللاجئين.

وبحسب الدراسة فإن العامل الرئيس في الجاذبية المُتنامية للسلفية في المناطق المحرومة، يكمن في قدرة هذه الحركة على استقطاب قادة الأحياء الذين يجلبون معهم أتباعهم إلى صفوف الجماعة.

هذه الأحياء عانت منذ قرون طويلة من الإهمال النسبي لها من لُدن الدولة، وسيطرت عليها فئة “القبضايات” الذين يوفرون للسكان الخدمات، وينظّمون العلاقات الاجتماعية، ويدافعون عن هوية مناطقهم في مقابل ولاء القاطنين لهم.

وفي حين أن سكان الأحياء الأغنى، والطبقة العليا بوجه عام، يعتبرون هؤلاء القادة “زعراناً” ومشاغبين بسبب ميلهم إلى الانغماس في الخلافات العنيفة مع العصابات المنافسة، إلا أن أحياءهم غالباً ما تُطل عليهم كأبطال. وهكذا، يقول قبضاي في حي مُفقر إنه يفخر بكونه قائداً غير رسمي، وأنه يقف على أهبة الاستعداد لاستخدام سلاحه لإنفاذ العدالة وتحقيق الأمن بسبب غياب الدولة: “إنه قانون الغابة هنا”. وإذا ما كان القبضايات في الماضي يبررون أعمالهم وسلوكهم العنيف من خلال التلحُّف بعباءة الإيديولوجيات اليسارية، إلا أن عدداً وازناً منهم يبدو الآن ميالاً إلى الخطاب السلفي والتراث الوهابي على النمط السعودي .

السجون سبب

ووفق الدراسة فإن السجون اللبنانية تغذي التطرف، فسجن رومية، وهو أكبر مركز اعتقال في البلاد، بات يشتهر على مدى العقد الماضي على أنه “مصنع التطرّف”، حيث تُجنّد الجماعات الجهادية الأعضاء الجدد وتُعد الخطط للهجمات الإرهابية.

لكن، بدءاً من العام 2014 اتخذت المشكلة أبعاداً جديدة أخطر وباتت تتمدد إلى كل السجون، وفي تلك الأثناء، سمح تشكيل حكومة لبنانية جديدة للجيش اللبناني بشن “خطة أمنية” تضمّنت اعتقال مئات المُشتبه بأنهم مُتشدّدون سنّة في كل أنحاء لبنان. وقد استمرت هذه الحملة ضد ملاذات وخلايا المتشدّدين حتى صيف 2017.

على المدى القصير، أعادت هذه الخطوة الشعور بالأمن بعد أن انحسرت هجمات المتطرّفين إلى حد كبير، لكنها أسفرت أيضاً عن اكتظاظ سجون البلاد وتراكم القضايا في الهيئات القضائية، وكل ذلك سيكون له آثار ستجعل الأمور أكثر سوءاً من خلال مفاقمة شبح التطرّف على المدى البعيد، فيما كشفت الدراسة عن أن حجم هذا التحدي لا سابق له، ففي حين كانت السجون اللبنانية مُصممة أساساً لاستيعاب 2700 مسجون، ترفع تقديرات العقد الأول من القرن الحالي العدد إلى نحو 4700 سجين، وإلى 7000 في العام 2016.20 معظم هؤلاء الموقوفون متهمون بأن لديهم روابط مع جماعات المتمردين التي تعتبرها الدولة “إرهابية”، ولذلك فإن العوامل الطائفية والمعادية للدولة في خطابهم، تمهّد الطريق أمام تفشّي الأيديولوجيات السلفية في السجن، ولاحظ رجل دين يعظ السجناء السنّة أن الجماعات الجهادية مثل هيئة تحرير الشام والدولة الإسلامية حصدوا مؤخراً شعبية في السجن بفعل خطابهم الذي يعطي “معنى” لإحساس السجناء بالظلم، خاصة بعد أن أقرّ السياسيون السنّة الرئيسيون الخطة الأمنية.

تعثرات دار الفتوى

وتحمّل الدراسة دار الفتوى المسئولية عن الأزمة فبعد عقد تقريباً من الشلل بسبب الأزمة الداخلية المُتعلقة بأسلوب إدارة مفتيها السابق الشيخ محمد رشيد قباني، أطلق انتخاب رئيس أكثر ديناميكية للدار في 2014 هو عبد اللطيف دريان، العنان للأمل بأن هذه الهيئة ستصبح أكثر فعالية، لكن الحقيقة أن مدى تأثير ذلك لايزال محدوداً للغاية على ما يبدو في السجن وفق متابعة الدراسة التي قالت: “قد غرق مسؤول في سجن القبة في نوبة ضحك حين سُئل عن نشاطات دار الفتوى في تلك المنشأة ثم قال: “لا نراهم سوى لساعة واحدة صبيحة أيام الجمعة. إنهم لا يفعلون الكثير هنا!” وقال سجين سابق في سجن رومية إن دار الفتوى أصبحت غير شعبية إلى حد كبير؛ لأن زيارات رجالها محدودة للغاية ولا تنتقد سوى ظروف السجن”، وأضافت أن أحد العوامل الرئيسة التي تقيّد نشاطات دار الفتوى في السجون يكمن في النقص الحاد للتمويل. على سبيل المثال، في حين أن منطقة شمال لبنان تتضمن خمس منشآت اعتقال تأوي آلاف السجناء، ليس في وسع دار الفتوى المحلية سوى توفير ثلاثة رجال دين للإدلاء بالخطبة.

بواسطة |2018-03-31T18:58:22+02:00السبت - 31 مارس 2018 - 7:25 م|الوسوم: , , , , |
اذهب إلى الأعلى