بالأدلة.. “تدويل الحج” أكذوبة “سعودية” تستدعيها كلما لزم الأمر

العدسة – جلال إدريس

لا تزال قضية “تدويل الحج” واحدة من أبرز القضايا المثيرة للجدل، حيث تعمل السعودية على استدعائها بين الحين والآخر، بهدف اتهام قطر بالوقوف وراءها، وذلك لفرض مزيد من الحصار الخانق عليها.

وبرغم نفي الخارجية القطرية في أكثر من تصريح، مطالبتهم بـ”تدويل الحج”، إلا أن السعودية وذيولها الإعلامية، ولجانها الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تصر على اتهام قطر بذلك، وتكيل لها أبشع الاتهامات والسباب تحت حجة الحفاظ على الحرمين من التدويل.

وعلى مدار اليومين الماضيين، عادت قضية “التدويل” في الظهور من جديد، وشن السعوديون والإماراتيون موجة من الهجوم اللاذع على قطر، بحجة أنها من أطلقت تلك الدعوات، واشتعلت حرب ضروس بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في عدة هاشتاجات، أبرزها (تدويل الحج، وإلا الحرمين الشريفين، وتدويل الحج والعمرة).

المشاركون في الهاشتاجات أغلبهم سعوديون، وإماراتيون، ووصل الأمر إلى حد التهديد بغزو قطر عسكريا إن أصرت على موقفها المطالب بتدويل الحج والعمرة.

فهل حقا طالبت الدوحة بـ”تدويل الحج والعمرة”؟ ومن أطلق تلك الدعوات بالأساس؟ وماذا تستفيد السعودية من تلك الحرب التي تشعلها بيدها؟ وماذا يعني بالأساس مصطلح تدويل الحج والعمرة؟

حرب هاشتاجات

ومع اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاج “نطالب_بتدويل_الحرمين” والرد عليه بهاشتاج آخر حمل عنوان #إلا_الحرمين_الشريفين، ضجت تلك المواقع بالتعليقات الهجومية على دولة قطر، من قبل مسؤولين في كل من الإمارات والسعودية، الأمر الذي يعكس أن كلتا الدولتين تستغلان قضية التدويل لفرض مزيد من الحصار على الدوحة.

المستشار بالديوان الملكي السعودي، سعود القحطاني، وجه نقدًا لاذعًا لقطر، مُهددًا في تغريدة على حسابه بـ”تويتر”، أمس، باجتياح الدويلة الصغيرة عسكريًّا.

وقال “القحطاني”: إن “خلايا عزمي (في إشارة لوسائل إعلام قطرية) وإعلام الظل للسلطة القطرية الغاشمة تُروج بشدة لما تسميه بتدويل الحرمين!”.

وعلى الخط نفسه سار، الفريق ضاحي خلفان، نائب رئيس شرطة دبي، حيث أكد أن المطالبات بـ”تدويل الحرمين الشريفين” يندرج تحت الأعمال الشيطانية، وضد الأمن الخليجي، على حد تعبيره.

وقال “خلفان”: “تلاعب تنظيم الحمدين في تدويل الحرمين الشريفين يندرج تحت الأعمال الشيطانية ضد أمن خليجنا.. ضم قطر إلى السعودية أولى”.

الأمر نفسه لم يختلف عند باقي المغردين السعوديين والإماراتيين المؤيدين لحصار “قطر”، حيث شنوا هجوما لاذعا عليها، بحجة وقوفها وراء التمويل.

دعوات إيرانية

بحسب مراقبين، فإن “إيران وليست قطر” هي من تسعى إلى تدويل الحج منذ سنوات عدة، حيث تسعى الجمهورية الإيرانية إلى رفع يد المملكة عن الحرمين، ساعية بذلك إلى تجريدها من صفة القدسية والرمزية والتأثير على العالم الإسلامي، مستغلة بذلك تقصيرًا سعوديًّا في إجراء إصلاحات حقوقية حقيقية، وأحيانًا أخطاءً إدارية كارثية.

ففي عهد الخميني، وبعد مساندة السعودية لحرب العراق ضد إيران، انطلقت دعوات عنيفة لإخراج إدارة الحرمين عن المملكة، وفي نظرية “أم القرى” يؤكد محمد جواد لاريجاني، على ضرورة إخراج إدارة الحرمين من يد المملكة، لتصبح تحت إدارة لجنة دولية يكون لإيران النصيب الأكبر فيها، في حين طالب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة محمود الشاهوردي، بضرورة دخول الحرمين الشريفين تحت إدارة إسلامية غير السعودية.

كما عات إيران وطرحت القضية نفسها وبقوة، بعد حادث التدافع الذي شهدته المشاعر المقدسة عام 2015، وأدى لوفاة إصابة مئات الحجاج، أغلبهم إيرانيون.

أيضًا، فإن “قضية التدويل ليست حديثة” كما تزعم السعودية، حيث ظهرت تلك الدعوات في الثلاثينيات من القرن الماضي، وكان مسلموا الهند يطالبون بذلك، عندما بدأت الحركة الوهابية في تدمير مقابر الصحابة والأولياء الموجودة هناك، حتى وصلوا إلى وفاق مع الدولة السعودية حينها بقيادة الملك عبدالعزيز”.

قطر: لم نطلب التدويل

وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، كان قد نفى العام الماضي صدور أي تصريح من المسؤولين القطريين بشأن تدويل الحج.

الوزير أكد وقتها أنه “لم يتم اتخاذ أي إجراء من شأنه النظر في قضية الحج كقضية دولية”، وأوضح أن قطر لم “تسيّس الحج، بينما تم تسييسه للأسف من قبل السعودية”، على  حد تعبيره، وذلك بعد رد من نظيره السعودي، عادل الجبير، على تصريحات منسوبة لمسؤولين قطريين في هذا السياق، اعتبر فيها أن الدعوة لتدويل الحرمين “إعلان حرب” على المملكة.

وبحسب الدكتور محمد المسفر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قطر، فإنه وحتى الآن، لم تصدر أي دولة عربية دعوات بالتدويل، إلا أن إيران هي من صدّرت تلك القضية لخلافات سياسية مع السعودية، وطالب الإيرانيون بتدويل الأماكن المقدسة في الحجاز في المملكة العربية السعودية”.

وأكد أن قطر لم تطلب أو تدعُ إلى تدويل الحرمين، وقال: “أنا أجزم بأن قطر لم ولن تطلب ذلك، وليست قطر في حال يدعوها للمساس بسيادة المملكة العربية السعودية على أراضيها، وعلى وجه الخصوص الأماكن المقدسة”.

السعودية هي من تسيس الحج

لكن المثير في الأمر، أن المتتبع لمشهد “الحج” في كل عام، يدرك أن السعودية نفسها، هي من تسيس الحج وليس دولا أخرى، حيث تتحكم السعودية في أعداد الحجيج وأماكن سكناهم وغير ذلك، كما أنها تمنع في بعض الأحيان ممارسة شعائر الحج والعمرة بناءً على خلافات سياسية وفكرية ومذهبية لا توافق عليها السلطات السعودية.

ففي سنوات سابقة، منعت السلطات الرسمية السعودية العديد من الشخصيات والحجاج من ممارسة الشعائر المقدسة، فعلى سبيل المثال لا الحصر: في تاريخ 29 سبتمبر 2013، منعت السعودية الدكتور طارق السويدان من دخول المملكة لأداء شعيرة العمرة، بالإضافة إلى أداء فريضة الحج، حيث تم المنع بسبب آرائه الداعمة للديمقراطية في مصر، في الوقت نفسه الذي كانت السلطات السعودية تدعم الانقلاب الحاصل هناك، وكذلك، وفي الشهر السابع من عام 2012 تم منع رجل الدين البحريني “علي المتغوي”.

وفي عام 2016، ضيقت السعودية على الحجاج الإيرانيين، بعد حادث التدافع بمنى عام 2015، بحجة الحفاظ على أمن الحجيج، وهو العام الذي لم يحج فيه الإيرانيون بعد تعنت من قبل السعودية وإيران في آن واحد.

في عام 2017، تعنتت السعودية أمام الحجاج القطريين، وكادت على وشك منعهم من دخول أراضيها، لولا التصعيد القطري الذي دفع السعودية للرضوخ في نهاية الأمر والسماح للحجاج القطريين بممارسة شعائر الحج والعمرة.

كما سبق وأن دعت المنظمة العربية لحقوق الإنسان -ومقرها بريطانيا- السلطات السعودية إلى النأي بموسم الحج عن أي تجاذبات سياسية بما يمكن الحجاج القطريين من أداء موسم الحج  بسلام، دون أية عقبات أو مضايقات أسوة بباقي الحجاج من مختلف دول العالم.

كما طالبت المنظمة السويسرية لحماية حقوق الإنسان في بيان لها، السلطات السعودية والجهات الدولية المعنية، أن تقوم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتسهيل عملية الحج بالنسبة للحجاج القطريين، والالتزام بالمواثيق الدولية ذات الصلة، وعدم استخدام المشاعر المقدسة في الخلافات السياسية، وهي نداءات لم تستجب لها سلطات الرياض، في سابقة هي الأولى من نوعها.

فيما رصدت لجنة المطالبة بالتعويضات القطرية العام الماضي 163 انتهاكًا للحق في ممارسة الشعائر الدينية، فضلا عن تجاوزات كثيرة وقعت بحق المعتمرين القطريين من بينهم 3 حالات تم طردهم من الفنادق بمدينة مكة المكرمة، بالإضافة إلى 39 حالة لمعتمرين تم منعهم من السفر إلى مكة لأداء العمرة.

لماذا تثار القضية الآن؟

وبتحليل دلالة توقيت طرح قضية “تدويل الحج” وإعادة الحديث فيها مرة أخرى، يتضح أن السعودية تستهدف منها ثلاث نقاط:

أولا: أن تزيد من شيطنة “قطر” في أعين السعوديين والعرب، الذين يتعاطفون بطبييعة هويتهم الإسلامية مع “الحرمين الشريفين”، ويرفضون إقحامه في المعارك السياسية، وبالتالي، يرفضون مسألة تدوليه أو إدارته من قبل جهات دولية.

ثانيا: رغبة السعودية في شن حملة “هجوم على قطر” خلال تلك الفترة، حتى تشغل أنظار العالم عن الانتقادات الدولية التي تتعرض لها مؤخرا بسبب ملف انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، والذي تتهم فيه  السعودية بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين اليمنيين.

ثالثا: تسعى السعودية من خلال إعادة طرح قضية “التدويل” في فرض مزيد من الحصار على قطر، بسبب النجاحات الأخيرة التي حققتها الدوحة في إثبات براءتها من التهم المتعلقة بدعم الإرهاب، وخروج بيانات أممية تستنكر الحصار السعودي الإماراتي ضد قطر..

بواسطة |2018-02-08T17:22:12+02:00الخميس - 8 فبراير 2018 - 9:25 م|الوسوم: , , , , , , , |

دبي.. “مغسلة” الأموال التي تخفيها ناطحات السحاب

العدسة – منصور عطية

من جديد، تطفو على السطح أحد مساوئ حكام دولة الإمارات، لتضاف إلى سلسلة من الثقوب التي يحاول أبناء زايد وحلفاؤهم إخفاءها والترويج لصورة مثالية ناصعة البياض تضع بلادهم في مكانة ربما لا تستحقها.

دبي كانت عنوان الفضيحة الجديدة التي كشفتها قناة أمريكية، بشأن تورط الإمارة المثيرة للجدل في عمليات غسيل لأموال عصابات المخدرات والجماعات الإرهابية، لكن الحقيقة أن تلك الفضيحة ليست إلا مجرد حلقة من حلقات عدة، وضعت دبي في مكانة مرموقة بين أبرز وجهات غسيل الأموال عالميا.

دبي تدعم القاعدة!

وكشفت قناة “ABC” الأمريكية عن الدور الذي تقوم به حكومة دبي، بتمويلها شركة دولية تقوم بعمليات غسيل الأموال على نطاق عالمي واسع واستنزفت مئات الملايين من أستراليا.

وقالت، في تقرير لها، إن شركة “وول ستريت للصرافة”، وهي واحدة من أكبر شركات تحويل الأموال في الشرق الأوسط، ومكتبها الرئيسي في دبي، تعد مركزا رئيسيا لغسيل أموال عصابات المخدرات والجماعات الإرهابية.

وأشار “ديفيد ستيوارت” المفوض المساعد لوكالة “فرانس برس”، إلى أن 4 عمليات تقوم بها الشركة التي يديرها الباكستاني “ألطاف خناني” المسجون حاليا في ولاية فلوريدا الأمريكية، أجرت عمليات نقل أموال دولية؛ من خلال تبادل العملات.

وتقوم شبكة “الخناني”، بحسب “ستيوارت”، بغسل ما بين 14 إلى 16 مليار دولار سنويا لمنظمات إجرامية في أنحاء العالم.

وفي أستراليا، كان يغسل أموال المخدرات لعصابات لون وولفز وكومانشيرو بيكي، فضلا عن شخصيات المافيا اللبنانية التي تعيش في غرب سيدني، كما كان ينقل المال نيابة عن الكارتيلات المكسيكية الكوكايين وجماعات الإرهاب، بما في ذلك “القاعدة”، ومنظمة إرهابية إجرامية يديرها “داود إبراهيم” ومقرها في الهند، بحسب التقرير.

ومنذ عام 2008، كان “خناني” يدير الشبكة من شركة “الزرعوني” للصرافة في دبي، وبعد أن تم ضبطه في بنما سبتمبر 2015، من قبل إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على أسرته وشركائه، وأغلقت السلطات في دبي شركة “الزرعوني”.

وقالت صحيفة “فورد كورنر” الأسترالية إن حجما كبيرا من الأموال التي كان “خناني” يتحرك بها في جميع أنحاء العالم، يجري تشغيلها من خلال شركة “وول ستريت للصرافة” التي تدار من دبي.

بكل لغات العالم

الحديث عن علاقة إمارة دبي بعمليات غسيل الأموال ليس وليد هذا الحادث، لكنه يبدو ثريا إلى حد كبير ويضم بين دفتيه العديد من الوقائع والاتهامات التي طالت الإمارة على مدار السنوات الماضية.

ففي نوفمبر الماضي، كشف النائب البريطاني اللورد “بيتر هين” أن دبي استُخدمت كوسيط لنقل أموال مشبوهة لعائلة ثرية مقربة من رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما.

وفى خطابه الذي بثه التليفزيون على الهواء مباشرة، قال إنه سلم “دليلا دامغا” إلى وزارة الخزانة البريطانية، وهو عبارة عن وثائق تكشف تفاصيل الأموال التي غسلتها عائلة “جوبتا” من جنوب إفريقيا، عبر المملكة المتحدة إلى هونج كونج ودبي.

وتظهر المعلومات تحويلات غير مشروعة للأموال، من جنوب إفريقيا، حولتها عائلة جوبتا على مدى الأعوام القليلة الماضية، من حساباتها في جنوب إفريقيا إلى حسابات في دبي وهونج كونج.

وفي الشهر نفسه، كشفت تحقيقات استقصائية، ضلوع 13 شركة إماراتية في أكبر فضيحة لغسيل الأموال الروسية، والتي عرفت إعلاميًّا باسم “المغسلة الروسية”.

فمنذ 2014، ينشر مشروع التحقيقات في الجريمة المنظمة والفساد OCCRP سلسلة تحقيقات بالتعاون مع صحيفة “نوفا جازيتا” الروسية، لكشف أكبر عملية غسل أموال في التاريخ بحجم 21 مليار دولار لمنفعة شخصيات وشركات روسية.

وأشار التقرير الأخير الصادر عن الخارجية الأمريكية في مارس 2017، إلى تصنيف الإمارات العربية المتحدة من بين “البلدان الرئيسية في مجال غسل الأموال”، وشرح التقرير أن هذا التصنيف يطال أي بلد “مؤسساته المالية تنخرط في معاملات نقدية تنطوي على مبالغ كبيرة من العائدات المتأتية من الاتجار الدولي بالمخدرات”، لتصبح البلد الخليجي الوحيد الذي دخل ضمن هذا التصنيف.

وأضاف التقرير: “يرتبط جزء من نشاط غسل الأموال في دولة الإمارات العربية المتحدة على الأرجح، بعائدات غير قانونية من المخدرات المنتجة في جنوب غرب آسيا، ونقاط الضعف الأخرى لغسل الأموال في دولة الإمارات تشمل القطاع العقاري، وإساءة استخدام تجارة الذهب والماس الدولية”.

في نوفمبر 2016، حذر خبراء من أن الإمارات تواجه خطر إدراجها في القائمة السوداء للملاذات الضريبية، وسط مخاوف متزايدة حول استخدامها كقناة لتدفقات مالية غير قانونية، ونقلت تقارير إعلامية عن مسؤول في منظمة التعاون والتنمية إنه على الإمارات أن توقع على معاهدة لتيسير تبادل المعلومات عن المتهربين من الضرائب، لأنها باتت “مصدر قلق”.

ويقول خبراء إن دبي ازدهرت في السنوات الأخيرة كملاذ ضريبي كبير، إذ يتم تسجيل الآلاف من الشركات في المناطق الحرة هناك، والاستفادة من الإعفاءات الضريبية الكبيرة، والتراخي في قواعد الإقامة؛ ما يجعل من السهل عليها التهرب من التدقيق المالي الدولي.

وتحت عنوان “الجانب المظلم من دبي”، نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية في 2010، تقريرًا عن عمليات غسيل الأموال في دبي، ويشرح التقرير أن “ريش كومار جين”، وهو المليونير الهندي الذي يشتبه في كونه أحد أكبر غاسلي الأموال في العالم، قُبض عليه في مدينة دلهي الهندية بعد دفعه كفالة في دبي، التي كانت مقر معظم إمبراطوريته الواسعة، واتهم بنقل مئات الملايين من الدولارات لتجار المخدرات.

وكشفت برقية صادرة من السفارة الأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول عام 2009، سربها موقع ويكيليكس، ونشرتها العديد من المواقع ووسائل الإعلام العربية، تورط مساعدين للرئيس الأفغاني حينها “حامد كرزاي” ومسؤولين كبار من الحكومة الأفغانية في عمليات تهريب أموال من مطار كابول إلى إمارة دبي.

وبحسب البرقية المؤرخة في 2009، فإن 190 مليون دولار هُرّبت من كابول إلى دبي، مضيفة أنه يُعتقد أن المبالغ المهربة أكبر بكثير مما هو معلن، وتشير الوثائق أن رئيس بنك كابول “شير خان فرنود” يمتلك 39 عقارًا في جزيرة النخلة بالجميرة في دبي، حيث تم نهب أكثر من 900 مليون دولار من الأموال المغسولة خلال انهيار البنك.

وفي 2016، كشف موقع “ذا كليفر”، قال إن الجنرال توكور يوسف بوراتاي، رئيس أركان الجيش النيجيري، كان يجري بعض المشتريات المثيرة للاهتمام داخل إمارة دبي باستخدام زوجتيه كواجهة.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 200 مليار دولار من المكاسب غير المشروعة من نيجيريا قد استثمرت بمبيعات العقارات في دبي.

وفي نهاية 2016، أدرجت الولايات المتحدة في القائمة السوداء 4 أشخاص وشركاتهم في باكستان والإمارات، لارتباطهم بمنظمة متهمة بغسل الأموال لمهربي المخدرات وجماعات الجريمة الصينية والكولومبية والمكسيكية، وكان من بين هؤلاء “عبيد” نجل الباكستاني “خناني”.

وتشير الأرقام التي تم نشرها على موقع خلية معالجة الاستعلام المالية في الجزائر، إلى ارتفاع عدد حالات الاشتباه بتبييض الأموال منذ بداية سنة 2015، حتى الآن، إلى 716 تصريحًا مبلغًا عنه من طرف البنوك، ونقل عن مصادر من إدارة الجمارك، أن هناك بعض الدول ما زالت تمثل الوجهة المفضلة لمبيضي وغاسلي الأموال في الجزائر، وفي مقدمتها إمارة دبي.

وأشار تقرير ديوان المحاسبة الليبي نُشر في أبريل الماضي، أن المبالغ المهربة عبر الاعتمادات المستندية برسم التحصيل وصلت قيمتها إلى 570 مليون دولار حتى نهاية شهر العام الماضي، وتطال 81 شركة محلية من خلال 3711 تحويلاً، وشملت عمليات التهريب أربع دول، من بينها دبي.

فضيحة الأموال الإيرانية

ولطالما كان غسيل الأموال سياسة إيرانية تتبعها طهران للإفلات من العقوبات الاقتصادية الدولية والأمريكية المفروضة عليها، وألقى تقرير نشره موقع شبكة بلومبرج الأمريكية في ديسمبر الماضي، الضوء على التعاملات الخفية والطرق التي استخدمتها إيران للالتفاف على العقوبات وهي الطرق التي كشف عنها الإيراني التركي “رضا ضراب”، الشاهد الرئيسي في القضية التي تولى التحقيق فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).

ففي 2011، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إنها لا يمكنها استبعاد نية عسكرية في البرنامج النووي الإيراني الذي كانت تنتهجه طهران وتعلن أنه للاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

قاد ذلك الولايات المتحدة، إلى جانب الأمم المتحدة، إلى فرض عقوبات أقسى عام 2012 لعزل البنوك الإيرانية عن النظام المالي العالمي، وحظر وصولها إلى عوائد مبيعات النفط والغاز.

دخل الاقتصاد الإيراني في فترة ركود، وارتفع التضخم بشدة متجاوزًا 10%، ورغم استمرار إيران في بيع النفط، إلا أن المتحصلات بدأت تتراكم في بنوك لا تستطيع الوصول إليها، وبحلول عام 2012، كان لدى إيران مليارات الدولارات واليوروات في بنوك في تركيا والصين والهند وإيطاليا واليابان.

ومع تشديد العقوبات، شهد “ضراب” بأنه علم بأن البنك المركزي الإيراني وشركة النفط الوطنية يبحثان عن طرق للوصول إلى أموالهم.

وحسب المدعين، صمم “ضراب” بدءًا من عام 2012، مخططًا لنقل الأموال الإيرانية في تركيا إلى حسابات شركته هناك ثم تصديرها على هيئة ذهب إلى دبي.

من هناك، كانت تُوجه إلى النظام المالي العالمي وتُستخدم في تسديد مدفوعات لهيئات تحددها إيران، أحيانًا من خلال بنوك في نيويورك.

تقرير الخارجية الأمريكية سالف الذكر، قال إن العديد من الطبقة التجارية الإيرانية التقليدية لها صلات بمركز الحوالة الإقليمي في دبي، ويقيم ما يقدر بـ 400 ألف إيراني في الإمارات العربية المتحدة، مع ما يصل إلى 50 ألف شركة تملكها إيران.

ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام، استثمر الإيرانيون مليارات الدولارات في رأس المال بدولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة بالعقارات في دبي.

بواسطة |2018-02-08T16:16:06+02:00الخميس - 8 فبراير 2018 - 4:25 م|الوسوم: , , , , |

إقالة مسؤول إعلامي بالتليفزيون السعودي بسبب “توكل كرمان”

أعفى رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون السعودية، داوود الشريان (مسؤول في القناة الثقافية السعودية) من منصبه بعد إذاعة فقرة عن الناشطة اليمنية توكل كرمان.

وذكرت الهيئة عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أنه “تم إعفاء مدير الفترة التي بث من خلالها برنامج الذاكرة الثقافية”، مشيرة إلى أن الإعفاء جاء “لتقصيره في أداء عمله”، حسبما أفادت صحيفة عكاظ السعودية.

وكانت القناة الثقافية السعودية عرضت خلال البرنامج فقرة عن الناشطة اليمنية، التي تبدي ملاحظات على السعودية والتحالف العربي في اليمن.

وسبق أن دعت “كرمان” الحائزة على جائزة نوبل للسلام إلى إنهاء ما وصفته بـ “احتلال عسكري سعودي إماراتي لبلادها”، واتهمت البلدين بـ “قمع التحول الديمقراطي بالمنطقة”.

وتقود السعودية تحالفا عسكريا عربيا في اليمن منذ 2015، لدعم حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بعد سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على السلطة في صنعاء.

وفازت “كرمان” بجائزة نوبل عام 2011، بعدما اعتصمت في خيمة لعدة أشهر، خلال احتجاجات مؤيدة للديمقراطية أفضت في النهاية إلى تنحي الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وقبل أسبوع أعلن حزب التجمع اليمني للإصلاح تجميد عضوية الناشطة كرمان على خلفية مهاجمتها للسعودية مخالفتها لأنظمة ولوائح الحزب الداخلية.

وعلقت “كرمان” على قرار تجميد عضويتها في الحزب، بأن القرار مسلوب الإرادة من قبل قيادة الحزب، معتبرة قيادة الحزب رهائن لدى الرياض وأبو ظبي وعبيدًا لهم، على حد تعبيرها.

وتنشط “كرمان” على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي المؤتمرات والمحافل الدولية، في مهاجمة السعودية والسلطات الحكومية في الإمارات، على خلفية انحراف التحالف العربي عن أهدافه الرئيسية، ومحاولة تقسيم اليمن إلى جماعات مسلحة خارجة عن الدولة، عبر دعم أبو ظبي لجماعات انفصالية بالجنوب وأخرى على ارتباط بالحوثي في الشمال.

بواسطة |2018-02-08T14:15:14+02:00الخميس - 8 فبراير 2018 - 2:15 م|الوسوم: , , , |

“التيار المدخلي” يفضح ألاعيب السعودية والإمارات في دول الربيع العربي

العدسة – منصور عطية

حلقة جديدة من حلقات التدخل السعودي والإماراتي في دول الربيع العربي لتخريب ثوراتها، كشفها تسجيل مصور لأحد المشايخ السلفيين التابعين للعسكري الليبي خليفة حفتر قائد القوات المنبثقة عن برلمان طبرق، توعد فيه أهالي مدينة “درنة” بالقتل.

العلاقة المريبة بين قادة وأتباع التيار السلفي المدخلي السعودي المنشأ، أو من يسمون “المداخلة”، خاصة في اليمن وليبيا، أصبح ظاهرة تستدعي التوقف بعد أن تحول هؤلاء من مجرد موالاة الحكام إلى تكفير المخالفين، واستخدام السلاح لتنفيذ مخططات الأنظمة.

تهديد أهالي درنة

وخلال اليومين الماضيين أثار فيديو لداعية ليبي يحرض قوات حفتر على اقتحام مدينة “درنة” ويهدد أهل المدينة بالقتل، موجة كبيرة من الجدل في كل من ليبيا والسعودية التي يقيم بها الداعية منذ سنوات.

وبثت صفحة تدعى “غرفة عمليات سرية شهداء عين مارة”، التابعة لقوات حفتر تسجيلا مصورا للداعية السلفي “أبو عبدالرحمن المكي” على مشارف مدينة درنة، حيث حث قوات حفتر (التي قال إنها تجاهد في سبيل الله) على اقتحام المدينة، وشبّه أهل درنة بالخوارج وهددهم بالقتل إذا لم يسلموا أسلحتهم ويغادروا المدينة.

ويسيطر بشكل كبير مقاتلو “مجلس شورى مجاهدي درنة” على الأوضاع في المدينة، وإليهم يرجع الفضل في طرد عناصر تنظيم الدولة “داعش”، بينما تخوض معهم قوات حفتر المدعومة مصريا وإماراتيا معارك عنيفة بين الحين والآخر، يهدف منها إلى السيطرة على المدينة، فضلا عن غارات مصرية متقطعة.

وحول شخصية الداعية المثير للجدل، نقلت تقارير إعلامية عن الكاتب “محمود الغرياني” قوله: “الهيكل ليبي والمحرك سعودي، هذا المدعو أبو عبدالرحمن المكي، ليبي الجنسية من الشرق، كان يعيش بالسعودية، ورجع مؤخرا لدعم حفتر باستصدار الفتاوى الخاصة لنصرة الكرامة (مسمى أطلقه حفتر على انقلابه الذي بدأ 2014)، مقرب من الدائرة الأولى لربيع المدخلي، معروف عنه التشدد والتطرف والغلو”.

يأتي هذا التطور اللافت، بعد نحو 3 أشهر من تقارير متواترة، أكدت أن السعودية بدأت في التدريب العسكري لشباب ليبيين من أتباع التيار السلفي المدخلي (لمؤسسه الشيخ ربيع المدخلي الأكاديمي السعودي المثير للجدل) داخل أراضيها.

وأفادت مصادر، أن الشباب يذهبون دفعات تحت غطاء شركات سياحية تمنحهم تأشيرات لأداء العمرة، إلا أن الغرض الأساسي منها هو حضور تلك التدريبات العسكرية التي تشرف عليها السعودية.

السعودية منبع الفكر المدخلي

يرجع كثير من الباحثين بداية الظهور العلني لتيار المداخلة في المملكة العربية السعودية إبان حرب الخليج الثانية عام 1991، التي كانت نتيجة لغزو العراق تحت حكم صدام حسين للكويت، نشأت المدخلية المقترنة بما يسمى “الجامية” في المدينة المنورة علي يد الشيخ محمد أمان الجامي الهرري الحبشي، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي أستاذ الحديث بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، فالأول مختص في العقيدة، والثاني مختص بالحديث.

الشيخ ربيع المداخلي

الشيخ ربيع المداخلي

 

برز تواجدهم على سطح الأحداث كفكر مضاد للعلماء الذين استنكروا دخول القوات الأجنبية إلى الخليج، وأيضًا كانوا في مقابل هيئة كبار العلماء التي رأت في دخول القوات الأجنبية مصلحة، إلا أنها لم تجرم من حرَّم دخولها، أو تنكر ذلك، فجاء المداخلة أو الجامية واعتزلوا كلا الطرفين، وأنشئوا فكرًا خليطًا، يقوم على القول بمشروعية دخول القوات الأجنبية، وفي المقابل يقف موقف المعادي لمن يحرّم دخولها، أو أنكر على الدولة ذلك.

المنتمون لهذا التيار، يقومون وفق ما تشير إليه بعض الدراسات، بالبحث في أشرطة وتسجيلات العلماء والدعاة، ويتصيدون المتشابه من كلامهم وما يحتمل الوجه والوجهين، ثم يجمعون ذلك في نسق واحد، ويشهرون بالشخصية المستهدفة، محاولين بذلك إسقاطها وهدرها.

ويخوض أتباع هذا التيار الذين يسمون في السعودية بـ”أتباع الجامية” معارك فكرية ضارية مع كل العلماء والمشايخ، يحاولون خلالها فقط أن يتصيدوا أخطاء هؤلاء، وتوفر لهم وسائل التواصل الاجتماعي بوقًا لنشر أفكارهم وحصائد حملاتهم التي تكون ممنهجة في غالب الأحيان، خاصة ضد من ينتمون لحركة “الصحوة” التي انبثقت فكريًّا وليس تنظيميًّا من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وفي مقدمة أتباعها الدكتور سلمان العودة وعلي العمري وناصر العمر وغيرهم.

كما يتمتعون عكس غيرهم بعلاقات قوية مع حكومة المملكة، خاصة مع اشتعال الأوضاع في دول الربيع العربي عام 2011.

مؤخرًا، كان مؤشر يدل بقوة على متانة تلك العلاقة، متمثلًا في إعلان “محمد بن سلمان” سبتمبر الماضي، تكفله بعلاج “ربيع المدخلي” بعدما ساءت حالته الصحية ووجه بنقله إلى أحد المستشفيات لتلقي العلاج على النفقة الخاصة للأمير.

علاقة المداخلة كانت متوترة على الدوام، حتى مع غير المنتمين لفكر الإخوان أو غيرهم، بل مع كبار العلماء الذين أثنوا عليهم سابقًا، مثل الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ صالح الفوزان، قبل أن يروجوا لفكرهم القائم على عدة مبادئ خاطئة، ومنها بخاصة مبدأ التجريح للعلماء الكبار.

ومن مظاهر هذا التوتر، التسجيل المنسوب للفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، والذي يصف فيه “المدخلي” بالكذب وتبني آراء “المرجئة” المخالفة لأهل السنة والجماعة.

نفوذ متنامٍ برعاية خليجية

وخلصت دراسة نشرها مؤخرا مركز “رؤيا للبحوث والدراسات”، إلى أن نفوذ التيار المدخلي المسلح يتنامى في كل من اليمن وليبيا، بصورة مفاجئة بشأن التيار الذي انشغل دوما بالتثبيت السلمي والفكري لسلطة ولاة الأمور، وبالهجوم على الجماعات والرموز الإسلامية المعارضة سياسيًّا للأنظمة.

ووفق الدراسة، يُستخدم التيار المدخلي بوضوح تام حاليا، لتأدية دور وظيفي خليجي في كل من اليمن وليبيا؛ ففي اليمن يعمل التيار على الحد من النفوذ الإيراني، وفي الوقت نفسه يعمل على تقليم أظافر المعارضين السنة، تارة بالوجود على الأرض وملء الساحة حتى لا يتزايد نفوذ الحركات السنية المعارضة، وتارة باغتيال المعارضين الإسلاميين لمشروع التحالف العربي في اليمن.

وفي ليبيا يساعد التيار المدخلي حفتر في محاولته القضاء على المعارضين لنفس المشروع الخليجي في ليبيا، ولا يتوانى في أثناء ذلك عن الفتك بمعارضيه، لأنهم في نظره “خوارج” ويجب التخلص منهم لأنهم “كلاب أهل النار”، وما شابه ذلك من شعارات يُلبسها ثوب الدين لتحقيق أجندات سياسية.

ورأى التحالف العربي ممثلا بالسعودية والإمارات على وجه الخصوص في التيار المدخلي أفضل خيار للحد من النفوذ الإيراني من ناحية، ومن البؤر السياسية السنية في المنطقة من ناحية أخرى.

والتيار المدخلي ليس له أحلام توسعية أو سلطوية، ويتحرك بالفتاوى الدينية للقيادات المقيمة بأراضي السعودية، وينطلق من منطلق عقدي في قتال الشيعة و”الخوارج”، كما هو تعريفهم الخاص للحركات والشخصيات السنية المعارضة.

وبحسب الدراسة، فلا يوجد فيما يبدو ترابط مباشر بين أفراد المداخلة المسلحين في اليمن وليبيا، فالأوضاع السياسية مختلفة وكذلك العسكرية، ولكن يتأكد بشكل متزايد وجود تنسيق أو ترتيب أدوار تقوم به الأجهزة الاستخباراتية المختصة بهذا الملف في كل من السعودية والإمارات.

فضائح التطبيع.. رباعي الحصار يسقطون في “مستنقعات إسرائيل”

العدسة – معتز أشرف

اتفقوا أخيرا على أن يتفقوا، بعد أن كان الكيان الصهيوني يعاير العرب بأنهم اتفقوا ألا يتفقوا، ولكن اتفقت 4 دول عربية هي مصر والسعودية والامارات والبحرين بصورة واضحة وفجة في الفترة الأخيرة، اتفقوا على التطبيع بسفور مع الكيان الصهيوني المحتل للأرض والمقدسات، وكان الاتفاق الثاني لهم هو فرض الحصار علي قطر، ليدشن رباعي الحصار المستهجن حقوقيا ودوليا وعربيا، مرحلة سقوط مشين لممالكهم من ركب العرب الذين دفعوا دماء طاهرة كثيرة لتحرير الأرض ومقاومة الاحتلال المستمر والتطبيع، خاصة بعد القرار المشبوه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب باعتبار القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وهو القرار الذى أدانته جامعة الدول العربية باعتباره خرقا للقرارات الدولية حول وضع القدس.

بجاحة بحرينية!

وزير الاتصالات الإسرائيلي “أيوب قرا”، لم يتحمل فرط السعادة من الهرولة البحرينية الفجة إلى إسرائيل، وكتب عن استقباله -لأول مرة علنا- للشيخ البحريني مبارك آل خليفة”؛ في تل أبيب، بهدف تقوية العلاقات بين البلدين، وكشف عن نيته استضافته فى الكنيست الإسرائيلى أمس وهي الزيارة التي ألغيت بعد ظهور الفضيحة، ولكن بدورها، نقلت هيئة الإذاعة الإسرائيلية، عن مكتب الوزير أيوب قرا قوله: إن «مبارك آل خليفة قرر دفع العلاقات بإسرائيل ودول الخليج إلى الأمام بشكل علنى»، موضحا أن «له علاقات وطيدة ومتشعبة مع دول الغرب، وهو من أكثر المقربين من ولى العهد السعودى محمد بن سلمان». كما نقلت الإذعة عن مبارك قوله إن «حاكم البحرين الآن هو ابن عمى»، ​ولفتتت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن «قرا أجبر قبل عدة أشهر على إزالة تغريدة له، رحّب خلالها بوصول وفد رسمى بحرينى إلى إسرائيل».

وفى ديسمبر الماضى، وصل إلى إسرائيل وفد من البحرين يضم أربعة وعشرين شخصا من جمعية «هذه هى البحرين» فى زيارة استمرت لأربعة أيام، وذكرت القناة الإسرائيلية الثانية وقتها أن الزيارة ليست سياسية، وإنما تحقيقا لرسالة ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة حول التسامح والتعايش والحوار بين الديانات المختلفة، وهو ما استنكرته حركة «حماس»، فى بيان حينها،  وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية نقلت في سبتمبر الماضي، أن ملك البحرين شجب المقاطعة العربية لإسرائيل، في حديث نقله عنه الحاخام “أفرهام كوبر” رئيس مركز “شمعون روزنتال” في مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، وقال الحاخام كوبر إن ملك البحرين أبلغه أن لمواطني بلاده الحرية في زيارة إسرائيل، رغم أن الدولتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية.

صهينة السعودية!

في السعودية، مازال التكتم في الرياض سيد الموقف لحسابات الأمير الطائش المتطلع، ولكن ظهرت حسابات دولة الاحتلال الصهيوني مختلفة حيث يواصل مسئولوها علي التوالي كشف النقاب عن جرائم التطبيع السعودية، وآخرها ما كشفه الوزير الإسرائيلي للمواصلات والشؤون الاستخبارية، “يسرائيل كاتس”، خلال حواره مع صحيفة “إيلاف” السعودية التي تتخذ من لندن مقرا لها، “الأربعاء” 17 يناير، عما أسماه “المشروع الإقليمي”، في إشارة إلى المخطط الإسرائيلي لإحياء قطار الحجاز، بالتزامن مع ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، عن تشغيل خط جوي يربط نيودلهي وتل أبيب، عبر الأجواء السعودية، بجانب بدء محادثات منذ 18 يونيو الماضي لإقامة علاقات تجارية بين البلدين، بدأت بالسماح بعمل الشركات الإسرائيلية في الخليج، والسماح كذلك للخطوط الجوية الإسرائيلية بالتحليق في المجال الجوي السعودي، والتي كانت أول رحلة جوية في مايو الماضي عندما غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المملكة على متن الطائرة الرئاسية، متوجهاً إلى محطته الثانية إسرائيل، ولم يكن ولي العهد الذي يوصف بالطائش محمد بن سلمان بعيدا عن السقوط في مستنقع التطبيع، حيث تناقلت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن “محمد بن سلمان”، قام بزيارة إلى “إسرائيل”، في سبتمبر الماضي، شملت لقاءً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، فيما لم يكشف عن فحوى اللقاء، وفي ذات السياق، دخل وزير العدل السعودي السابق، الدكتور محمد العيسى ورئيس رابطة العالم الإسلامي الحالي، فى سباق مع الأمير تركي الفيصل، وزير الاستخبارات السابق، فى الهرولة تجاه التقارب والتطبيع مع دولة ورموز الكيان الصهيوني (إسرائيل)، وسجلت الأشهر الماضية العديد من اللقاء والمقابلات التي كان أبطالها، العيسى والفيصل، والتي جمعتهما بعدد من الرموز الإسرائيلية، وتنوعت ما بين ندوات سياسية، وزيارات لدور عبادة يهودية فى أمريكا وأوروبا، وآخرها رسالة العيسى لمديرة متحف الهولوكوست التي اعترف فيها بالمحرقة اليهودية.

كما كشف موقع (ويكيليكس) مؤخرا مراسلات للخارجية السعودية ممهورة بعبارة (سرّي للغاية) تؤكّد أن ثمة علاقات تاريخية مهمة بين الكيان الصهيوني والمملكة، وإنها تجاوزت السياسة إلى الاقتصاد ومنه إلى زيارات رجال المخابرات (أبرزهم اللواء السابق أنور عشقي في زيارته الأخيرة عام 2016 للكيان الصهيوني )، وعن علاقات سعودية مع إسرائيل في مجالات عدّة منها تبادُل المعلومات والتنسيق ضدّ حركات المقاومة وضدّ إيران وتفاصيل مهمة عن زيارات لطلاب وأكاديميين لتقوية (العلاقات) وتحويلها من المستوى الرسمي إلى المستوى الشعبي

فتاة تل ابيب!

وفي ذات الطريق المخالف للمواثيق العربية والاسلامية، ارتمت الإمارات بقيادة الأمير محمد بن زايد في أحضان دولة الاحتلال الصهيوني، وهو ما أكدته صحيفة ميدل إيست مونيتور حيث شددت علي أن التطبيع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل يتواصل عبر قنوات سرية، مشيرة إلى أن بوابة هذا التطبيع السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة، موضحة  أن العلاقات تعززت بين البلدين منذ افتتاح الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي في عام 2015، منوهة إلى أن الإمارات استضافت في عام 2010 فريق الجودو الإسرائيلي، وهو ما وثقته دراسة جديدة لـ “مركز أبحاث الامن القومي” الإسرائيلي الذي يعتبر أهم المراكز الاستراتيجية في إسرائيل، حيث أكدت أن اسرائيل معجبة بالدور السياسي الذي تؤديه “فتاة تل ابيب المدللة ” إقليمياً وتسعى للتقارب معها، لدرجة أنها تبذل جهوداً كبيرة جداً” لذلك، وذكرت أن ذلك ” ينبع من دور الإمارات الكبير “في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي نتجت عن الربيع العربي”، مشيرة إلى أن “الكثير من القوى في العالم العربي أصبحت تدرك أهمية دور الإمارات وتحاول أن تجنّدها لصالحها”.

عروض السيسي!

والرئيس المصري المنتهية ولايته عبد الفتاح السيسي تجاوزت عروضه الجميع، كعادته بحسب المراقبين منذ الإطاحة بالدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد، وزعم أن 50 دولة عربية وإسلامية ستطبع علاقاتها مع إسرائيل في حال تطببق حل الدولتين، وأضاف في لقاء مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن مبادرة السلام العربية ستضمن لإسرائيل علاقات دبلوماسية وتجارية مع 50 دولة عربية وإسلامية، وكل ما عليها فعله هو تطبيق حل الدولتين.

مصر، بحسب المراقبين، لم تصل من قبل في مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى الأوضاع التي وصلت لها الآن في عهد “السيسي” وذلك منذ التوقيع على اتفاقية السلام “كامب ديفيد” عام 1978، حيث طال التطبيع بجانب التعاون العسكري والأمني والسياسي الجانب الثقافي والأكاديمي.

على الخط دخل أمس علي التوزاي، وفد اعلامي نسب للعرب، حيث كشفت وزارة الخارجية الإسرائيلية، عن استقبال إسرائيل لوفد إعلامي عربي في أول زيارة له لإسرائيل أمس تلبية لدعوتها، ويضم الوفد 9 أعضاء ضمنهم 5 مغاربة، لبناني، كردي، يمني وسوري.

وكانت المحطة الأولى زيارات بالقدس، وزعمت أن ذلك يأتي استمراراً للجهود الإسرائيلية الهادفة إلى التقارب مع الدول العربية، حيث إنها  استضافت في وقت سابق بعثة مكوّنة من 6 صحافيين ومدوّنين عرب معظمهم يقيم في الدول الأوروبية.

مقاومة التطويع

المغرد الشهير “مجتهد” من جانبه كشف عن خطة أمريكية إسرائيلية لتطويع العالم العربي وخاصة دول الخليج ومصر للتطبيع مع إسرائيل، موضحا في تسريبات هي الأخطر من نوعها عن العلاقة التي تربط السعودية والإمارات ومصر والبحرين من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، في حصار قطر، والأسباب الحقيقية لهذا الحصار.

الخطة تعتمد على أن تكون مصر هي المرجع ومزود الكوادر في التعامل مع الإعلام والأمن والتيارات الإسلامية ومناهج التعليم والمؤسسات الدينية بهدف إبعاد أي تأثير سياسي أو ثقافي أو تربوي أو مالي للدين في شعوب المملكة العربية السعودية والخليج ومصر لتهيئة هذه الشعوب للتطبيع الكامل والأبدي مع إسرائيل.

الكويت من جانبها قرأت معالم الخطة مبكرا، وأطلقت مؤتمرا لمقاومة التطبيع في الخليج برعاية رئيس مجلس الأمة الكويتي، مرزوق الغانم، ونظمته حركة “مقاطعة إسرائيل في الخليج” في نوفمبر الماضي بالكويت، وقالت عضوة اللجنة التنسيقية للمؤتمر مريم الهاجري: “يأتي تنظيم هذا المؤتمر ردا على التوجهات التطبيعية مع العدو الصهيوني التي تشهدها المنطقة مما يدعو إلى ضرورة إبراز الصوت الشعبي في الخليج الرافض للتطبيع، والتصدي لمحاولات التطبيع بكل أشكاله المباشرة وغير المباشرة” بالتزامن مع رسالة أمير الكويت مخاطبا رئيس مجلس الأمة بشأن التصدي لوفد برلماني صهيوني قائلا: تصديكم للوفد الإسرائيلي في اجتماع البرلمان الدولي مشرف، مع احتفاء وسائل إعلام الكويت برئيس برلمانها ووصفته “قائد انتفاضة ضد إسرائيل”.

المؤتمر أطلق جرس انذار واضح للرباعي المطبع، حيث أكد ضرورة توحيد الجهود للتصدي لعملية التطبيع المتزايدة، بين الأنظمة العربية وإسرائيل، بما فيها أنظمة “دول مجلس التعاون الخليجي”، ودعا المؤتمر إلى “تطوير القوانين والأنظمة المحلية لإقصاء الشركات الأجنبية المتورطة في جرائم الاحتلال”، وإلى أن تتولى المجالس التشريعية في المنطقة مسؤولية صياغة قوانين لمناهضة للتطبيع وتفعيلها، وشدد على سحب الاستثمارات الخليجية من الشركات العالمية التي تعمل في الأراضي المحتلة، وهو ما ينتظر التفعيل فيما يبدو مع أول تغيير للانظمة الحالية والتي لا يتفق مراقبون على احتمالية حدوثه قريبا !.

غزة والحصار المر.. 7 أزمات تواجه القطاع وإسرائيل تمهد للحرب

العدسة – جلال إدريس

إلى أين يسير قطاع غزة؟ سؤال يطرح نفسه مع تأزم الأوضاع في القطاع المحاصر بصورة غير مسبوقة،  بلغت إلى حد إغلاق المؤسسات الصحية أبوابها في وجه المترددين عليها بسبب نفاد الوقود.

الحياة في القطاع أصبحت غير صالحة للشرب، البطالة انتشرت بشكل غير مسبوق، مصير مليوني فلسطيني بات مهددا بسبب استمرار الحصار الضاري على القطاع من جانبي الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية.

ومع تفاقم الأوضاع في القطاع، بدأت تلوح في الأفق، أحاديث متناثرة عن احتمالية نشوب حرب إسرائيلية على القطاع في وقت قريب، الأمر الذي سيزيد سوءا في ظل صمت عربي، وتخاذل دولي كبير.

العدسة ومن خلال التقرير التالي تحاول تسليط الضوء على الأوضاع المأساوية في القطاع المحاصر، وكذلك تطرح الخيارات المتوقعة بشأن نشوب الحرب من عدمها:

حصار من كل الاتجاهات

يشبّه الناس في غزة حياتهم الآن بالموت سريرياً، في انتظار إنعاشهم أو إتمام مراسم دفنهم، وباتوا يتوقعون خيارات صعبة لمن يحكم غزة.

ورغم أن حكومة الوفاق الفلسطينى برئاسة رامي الحمد الله قد تسلمت مسؤولية معابر القطاع فى الأول من نوفمبر الماضى بعدما سيطرت عليها حركة حماس لنحو عشر سنوات، إلا أن الأوضاع في غزة اتجهت لمزيد من التأزم.

وبدلا من التفاؤل الذي كان يملأ جنبات القطاع بعد تسلم “السلطة” غزة، تحول الأمر إلى يأس شديد، حيث يرى الفلسطينيون أن قطاع غزة لم يزدد إلا حصارا وفقرا مع مجيء حكومة الحمد الله.

ومنذ أحد عشر عاما تفرض إسرائيل حصارا مشددا برا وجوا وبحرا على القطاع، حيث تزعم إسرائيل أن الحصار ضروري لمنع دخول مواد قد تستخدم لأهداف عسكرية في القطاع الفقير.

فيما تفرض السلطة الفلسطينية إجراءات حصار قاسية على قطاع غزة من بينها إحالة آلاف الموظفين العموميين للتقاعد المبكر وخفض رواتب موظفيها بنسبة ثلاثين بالمائة تقريبا قبل عشرة أشهر، وذلك كنوع من أنواع الضغط على حماس لإرغامها على الاستسلام لشروط وإملاءات السلطة.

فيما تغلق مصر من جانبها بصورة متواصلة منفذ رفح البري الذي يصل قطاع غزة مع العالم الخارجي عبر الأراضي المصرية.

المستشفيات تغلق أبوابها

وإلى جانب ذلك فإن الناطق بلسان وزارة الصحة في قطاع غزة، د. أشرف القدرة  كشف عن أن المولدات الكهربائية  قد توقفت تماما في ثلاثة مراكز صحية إضافية عن العمل، لتصل عدد المرافق الصحية التي توقفت مولداتها إلى 3 مشافٍ و13 مركزا صحيا، وذلك بسبب نفاد الوقود.

وبحسب “القدرة” فقد توقفت المولدات الكهربائية الاثنين في مراكز “الزوايدة” و”البريج” المركزية و”البركة” عن العمل.

وتوقفت خلال الأيام الماضية مولدات الكهرباء بثلاثة مستشفيات و13 مركزًا صحيًا في أنحاء القطاع بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها.

وبسبب أزمة الكهرباء في قطاع غزة تضطر المستشفيات في القطاع الى استخدام المولدات الكهربائية لإنتاج الطاقة الحيوية، وبحسب وزارة الصحة في غزة فهي بحاجة إلى 450 ألف ليتر من السولار شهريا على الأقل، وقد تبلغ 950 ألف ليتر شهريا في حال ساء الوضع وزادت ساعات الانقطاع.

نقص حاد في الأدوية

من جانب آخر، بلغ عدد الأصناف الصفرية من الأدوية (230) صنفا دوائيا لترتفع نسبة العجز إلى (46%)، فيما وصلت نسبة العجز من قائمة المستهلكات والمستلزمات الطبية المتداولة إلى 30%، وترتفع نسبة العجز في لوازم المختبرات وبنوك الدم إلى 58%.

وكان الناطق باسم الصحة في غزة قد أعلن أواخر يناير الماضي عن تخصيص وزير الصحة بحكومة الوفاق مليون شاقل لتزويد المرافق الصحية في غزة بالوقود، لكنه قال إن المبلغ لم يصل حتى اليوم.

وكانت إسرائيل قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستسمح بإدخال مولدات كهربائية إلى قطاع غزة، وذلك خلال استعراض مندوبها في مؤتمر المانحين ببروكسل، الخطة الإسرائيلية لتحسين الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والتي تنص على إقامة منشآت لإزالة ملوحة مياه البحر ومشاريع أخرى في مجال الكهرباء والغاز وتطوير المنطقة الصناعية ايرز، والتي تكلفت مليار دولار طالبت إسرائيل الدول المانحة بتوفيرها.

توقف تسلم البضائع

من جهة أخرى فإن عددا من مؤسسات القطاع الخاص في غزة، قد قررت  منع دخول البضائع التى تورد من إسرائيل إلى غزة ليوم واحد الثلاثاء احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية “الكارثية”، وفق ما أعلن مسؤول فى الغرفة التجارية فى قطاع غزة الاثنين.

وفى بيان قال ماهر الطباع مسؤول العلاقات العامة فى الغرفة أنه “بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الكارثية فى قطاع غزة قررت مؤسسات القطاع الخاص وقف تنسيق دخول كافة البضائع عبر معبر كرم أبو سالم الثلاثا وليوم واحد فقط كخطوة أولى”.

وأشار إلى أن هذه الخطوة ستترافق مع تظاهرة ووقفة احتجاجية الثلاثاء أمام مقر مجلس الوزراء الفلسطينى فى غزة.

وكانت مؤسسات القطاع الخاص قبل نحو أسبوعين أضربت إضرابا تجاريا عاما فى القطاع هو الأول من نوعه احتجاجا على سوء الأوضاع الاقتصادية

ارتفاع الفقر لـ 65 %

ومن جانب كل تلك المظاهر الصعبة، فإن نسبة الفقر بدأت في الارتفاع بشكل كبير، بسبب ما يعانيه القطاع من ارتفاع نسبة البطالة التى تتجاوز 40% فى ظل كساد تجارى غير مسبوق.

وبحسب تقرير صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الشهر الماضي، فإن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة للعام العاشر على التوالي رفع نسبة الفقر بين سكانه إلى 65%.

وذكر المركز في تقرير صدر نهاية الأسبوع الماضي أن نسبة البطالة في غزة ارتفعت في الآونة الأخيرة إلى 47%، وأن 80% من سكان القطاع باتوا يعتمدون على المساعدات الخارجية لتأمين الحد الأدنى من متطلبات المعيشة اليومية.

وأكد التقرير أن الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عشر سنوات يمثل “انتهاكا صارخا لحقوق سكان غزة الاقتصادية والاجتماعية”.

وكان البنك الدولي أصدر تقريرا في سبتمبر 2016 أفاد بأن نسبة البطالة في غزة بلغت 43% وأن نسبة الفقر بلغت 60%.

لا كهرباء ولا وقود

ووفقا لتقارير صحفية فإن المواطنين الغزاويين باتوا يُمنون أنفسهم ببقاء جدول الكهرباء 6 ساعات يومياً مقابل قطعها 12 ساعة، نتيجة إعلان الاحتلال الإسرائيلي إبلاغ السلطة الفلسطينية له بوقف تمويل إمداد غزة بالكهرباء.

ويزود الاحتلال غزة بالكهرباء عبر 10 خطوط تنتج 125 ميجاواطاً وتشكّل نحو ربع الكهرباء الثابتة في القطاع، وتقول جهات الاختصاص في غزة إنّ إسرائيل تأخذ ثمن الكهرباء من المقاصة الضريبية، التي تجريها بدلاً عن السلطة في معابر الاحتلال التي ترتبط بغزة.

وسرعان ما انتشرت أخبار التهديدات لغزة، وتحوّل بعضها إلى واقع ملموس، حتى اصطفت عشرات السيارات على محطات الوقود في مناطق مختلفة من القطاع، ما تسبب في أزمة، لم تنجح معها التطمينات الحكومية في غزة بعدم وجود أزمة في الوقود وتوفّره بما يكفي لحاجة السكان من إنهائها، ما أدى إلى نفاد كميات الوقود من المحطات المحلية.

التحريض على حماس

وبينما تعاني “حماس” ما يعانيه الشعب الغزاوي من حصار ضارٍ، بدأت وسائل إعلام إسرائيلية، وشخصيات سياسية ومسؤولون صهاينة في التحريض ضد “حركة المقاومة الإسلامية حماس” بصورة تشير إلى احتمالات نشوب حرب قريبة على القطاع.

وعلى ما يبدو أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان قد استغل فرصة الأزمات في القطاع فأخذ في التحريض ضد غزة، في محاولة لإعفاء الاحتلال والحصار من المسؤولية عن الوضع في القطاع.

وقال ليبرمان خلال اجتماع لكتلة حزبه، يسرائيل بيتينو، إن هناك تدهورا في قطاع الخدمات المختلفة لكنها ليست أزمة”، محملا كلا من فتح وحماس مسؤولية هذا الوضع، وقال إنهم يرفضون “تحمل مسؤولياتهم، ونحن لسنا طرفًا في هذا”، متناسيًا السبب الرئيسي وهو الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ أكثر من 10 سنوات.

وتابع ليبرمان “حماس أنفقت 260 مليون دولار عام 2017 على صناعة القذائف وحفر الأنفاق، 100 مليون دولار منها جاءت من إيران والباقي من التبرعات وجباية الضرائب، لم ينفقوا أي دولار على الصحة أو التعليم أو أي شيء آخر، حماس مستعدة للتضحية بكل قطاع غزة وعدم تخصيص أي مبلغ لهم” بحسب زعمه.

إسرائيل تمهد للحرب

ومع تأزم الأوضاع في غزة بدأت إسرائيل في التمهيد لشن حرب وشيكة على قطاع غزة، حيث اعتبر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي آيزنكوت، في تصريحات له  أول أمس، أن احتمال نشوب حرب في قطاع غزة خلال العام 2018 الجاري ترتفع، بسبب الأزمة الإنسانية المتصاعدة في القطاع الذي المحاصر منذ 13 عامًا.

وقال آيزنكوت خلال جلسة الحكومة، إن الوضع في القطاع يتدهور في مجال المياه والمواد الغذائية والكهرباء، وأشار إلى أن أزمة الكهرباء هي الأكثر حساسية نظرًا لظروف الطقس الصعبة والحاجة الماسة إلى التدفئة، بحسب ما نقلت القناة الإسرائيلية العاشرة عن وزيرين حضرا الاجتماع.

وتابع قائلا “: هناك فرصة أكبر لاندلاع جولة أخرى من القتال حيث احتمالات المواجهة في تصاعد”.

فيما تؤكد مصادر أمنية إسرائيلية في تقرير لها أن قطاع غزة يتجه إلى الانهيار الاقتصادي والحياتي مما ينذر بمواجهة عسكرية.

ووفقا للمواقع العبرية فإنه جرى إطلاع نتنياهو على الوضع المتدهور في قطاع غزة والذي ينص على أن إسرائيل ستضطر إلى ضخ المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء والأدوية المباشرة إلى قطاع غزة، إذا لم يتم ضخ مساعدات أجنبية للقطاع.

بالإضافة إلى ذلك، قال مصدر أمني إسرائيلي “إنه نتيجة لتفاقم الوضع في قطاع غزة، هناك فرصة كبيرة لمواجهة عسكرية”.

وحسب القناة الثانية الإسرائيلية، فإن تقديرات الوضع على صعيد القطاع خطيرة بشكل خاص، إذ بعث كبار قادة الأمن تحذيراتهم لنتنياهو مؤخرا بشأن دلائل على تدهور دراماتيكي في الوضع الاقتصادي والإنساني داخل القطاع.

وذكر التقرير أن “الوضع بالقطاع يسير نحو الهاوية ما يرفع من فرص اندلاع مواجهة عسكرية على الرغم من عدم رغبة حماس بجولة أخرى”.

بواسطة |2018-02-06T17:01:32+02:00الثلاثاء - 6 فبراير 2018 - 8:30 م|الوسوم: , , , , |

ملك الأردن يروِّج لصفقة القرن: ليس لها بديل

منصور عطية

قناع حاول العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ارتداءه خلال الشهرين الماضيين، لكنه سقط أخيرا بتصريحات هدمت كل ما سبق، فبعد أن ظهر بموقف المدافع عن القدس ضد القرار الأمريكي الذي اعتبرها عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، ها هو يتماهى مجددًا مع موقف واشنطن.

ليس مجرد تماهٍ بل ترويج للمخطط الأمريكي لتصفية القضية الفلسطينية تحت شعار صفقة القرن تورط فيه ملك الأردن بدعوى عدم وجود بديل.

لا بديل لصفقة القرن

ملك الأردن أكد في تصريحات متلفزة من المنتدى الاقتصادي في دافوس أن دور الولايات المتحدة “يبقى ضروريًا لأي أمل بحل سلمي بين إسرائيل والفلسطينيين”، وقال: “لا يمكن أن تكون لدينا عملية سلام أو حل سلمي بدون دور الولايات المتحدة”.

التصريحات تضمنت عبارات صادمة تهدم الموقف الأردني الصلب في أعقاب القرار الأمريكي بشأن القدس، حيث اعتبر أن “هذا الواقع (لا سلام بدون دور أمريكي) يبقى حقيقيا حتى بعد قرار الرئيس دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس..”.

وعلى الرغم من الموقف الفلسطيني المعلن والرافض لوساطة أمريكا في عملية السلام، قال الملك عبدالله: “أنا أود أن أتمهل في إصدار الأحكام، لأننا ما زلنا ننتظر من الأمريكيين أن يعلنوا عن خطتهم (للسلام)”، في إشارة واضحة لما يسمى إعلاميا بصفقة القرن.

وتابع: “أعتقد أن علينا أن ننظر إلى الجانب الملآن وأن نعمل جميعا معا ما إن يعلن البيت الأبيض عن خطة سلام”، مضيفا: “أما إذا تبين أنها ليست خطة جيدة (…) فلا أعتقد أن لدينا خطة بديلة عنها في هذه المرحلة”.

ليس التراجع الأول

لكن في حقيقة الأمر فإن ما يمكن اعتباره تراجعا أردنيا عن موقف سابق بشأن القدس ليس هو الأول من نوعه، بل سبقه تراجع آخر في يناير الماضي أكد خلاله الملك عبدالله أن القدس “ليست مسؤولية الأردن وحده، بل مسؤولية مشتركة مع المجتمع الدولي”، وأن “مصلحة بلاده فوق كل الاعتبارات”.

تصريحات ملك الأردن جاءت على هامش لقاء حواري في عمان نقلت منه صحف إلكترونية ومواقع مقربة من السلطات عن الملك قوله إن “أجندة الدول العربية متباينة من حيث الأولويات والاستراتيجيات”.

ومن أبرز ما نُقل عن الملك عبدالله الثاني خلال تلك الجلسة قوله إن “القضية الفلسطينية يتحمل مسؤوليتها المجتمع الدولي وليس الأردن وفلسطين”، كما أكد أيضًا أن “المصالح الأردنية في ظل الوضع القائم حاليًا فوق كل الاعتبارات”.

وشدد العاهل الأردني على أن بلاده “لا تستطيع التعامل وحدها مع استحقاقات الوضع المؤسف حاليًا وإن كانت ستقوم بواجبها ودورها”.

اللافت أن هذا التصريح يأتي بعد شهر واحد من موقف أردني، قيل حينها إنه الوحيد بين جيرانه العرب الذي يبقي على القدس وفلسطين كقضية مركزية ويضعها في مقدمة أولوياته، في أعقاب القرار الأمريكي.

تحركات شعبية هي الأكبر عربيًا، أيدها دعم رسمي عبر عنه الملك عبدالله الثاني بتغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر بقوله: “الأردنيون هم على الدوام نبض هذه الأمة، وما أظهروه اليوم من مشاعر جياشة تجاه القدس، قضيتنا الأولى، بتلاحم وتآخ لا مثيل لهما، يعكس مقدار شموخ شعبنا ورقيه، وهو مصدر فخر لي ولكل عربي. حفظ الله الأردن وشعبه درعا وسندا لأمتنا وأبنائها”.

استسلام لصفقة القرن

وليس بعيدا عن التراجع البادي في الموقف الأردني بشأن القدس، فإن ثمة متغيرا جديدا ربما يكون أكثر أهمية وشمولية، وهو ما يتبين من تصريحات الملك عبدالله بشأن صفقة القرن التي تعدها الولايات المتحدة.

العاهل الأردني ظهر في التصريحات مروجا للصفقة، بل ومسلما بها ومستسلما لها باعتبارها الحل الوحيد، حتى ولو لم تكن مناسبة، وهو قد تجاوز هنا، وفق مراقبين، الموقفين السعودي والمصري المروج للصفقة.

وبهذا يتماهى الأردن مع المعسكر الأمريكي الذي يضم إلى جواره إسرائيل والسعودية ومصر، وربما يكون له دور في إطار المخطط الأمريكي لبناء تحالف إقليمي لمواجهة إيران ومحاربة الإرهاب.

اللافت والمثير أن تصريحات الملك عبدالله تأتي بعد يوم واحد مما نُقل عن المبعوث الأمريكي لعملية السلام “جيسون جرينبلات” الذي أبلغ قناصل دول أوروبية معتمدين في القدس، بأن صفقة القرن “في مراحلها الأخيرة”.

تقارير إعلامية نقلت عن أحد المشاركين في اللقاء- دون ذكر اسمه- أن “جرينبلات” في معرض حديثه عن صفقة القرن أكد للمسؤولين الأوروبيين أن “الطبخة على النار ولم يبق سوى إضافة القليل من الملح والبهارات”، على حد تعبيره.

وقال المبعوث الأمريكي إن الخطة الجاري إعدادها تشمل المنطقة، وإن الفلسطينيين أحد أطرافها، لكنهم ليسوا الطرف المقرر في تطبيقها، وفي السياق ذاته يقول مسؤولون أمريكيون إن الرئيس دونالد ترامب سيكشف قبل منتصف العام الحالي عن خطة لتسوية الصراع الفلسطيني، بات من المؤكد أنها هي صفقة القرن.

شو إعلامي لامتصاص الغضب

وبعد أن سقط القناع الذي ارتداه ملك الأردن لفترة قصيرة، فإن تفسير موقفه السابق الرافض للقرار الأمريكي لا يحتمل إلا تفسيرا واحدا وهو محاولته أن يكون على قدر الغضب الشعبي الواسع في بلاده مع الصدمة التي سببها القرار.

وربما سعى الملك عبدالله أيضا إلى امتصاص هذا الغضب بشكل مؤقت فقط حتى تهدأ الأمور، وتتراجع موجة الرفض التي اجتاحت العالمين العربي والإسلامي، حتى يتجنب الانتقادات بالنظر إلى خصوصية العلاقة بين بلاده والقضية الفلسطينية تاريخيا وجغرافيا.

وبقدر ما يمكن أن يفسره هذا التأويل، فإن الأمر ينطوي على ضغوط ما قد تكون مورست على العاهل الأردني لتحريف بوصلته التي أقرها عقب قرار ترامب.

أول تلك الضغوط المحتملة وأبرزها وأقواها هي الأمريكية، ولعل هذا ما يمكن استنتاجه من تصريح سابق للعاهل الأردني حذر فيه من “فراغ يضر بالمصالح الأردنية في حال عدم التواصل مع الإدارة الامريكية”.

ولعل ورقة المساعدات الأمريكية للأردن والتلويح بتجميدها أو سحبها نهائيًا، خاصة بعد ما حدث مع مصر في سبتمبر الماضي، تعد ورقة رابحة في التهديد والضغط الأمريكيين للأردن بغية تحوير بوصلته بعيدًا عن محاربة قرار ترامب بشأن القدس.

ووفقًا لسجلات “الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID“، فإن 20 دولة عربية تلقت الدعم عام 2016، وحل الأردن في المرتبة الثالثة بين تلك الدول الـ20 حيث حصل على 1.21 مليار دولار، مالت نسبيًا لصالح الدعم التنموي على الدعم العسكري.

ومن أهم ما تلقاه الأردن خلال هذه السنة، 510 ملايين دولار لما هو أمني وعسكري، و213 مليونًا للموازنة العامة، و188 مليونًا للخدمات الإنسانية الإغاثية، و82 مليون دولار للتعليم، و60 مليونًا للمجال الصحي.

بواسطة |2018-02-06T13:42:14+02:00الثلاثاء - 6 فبراير 2018 - 3:00 م|الوسوم: , , , , , |

“رتوش” تفصل صفقة القرن عن الواقع.. هل تتحول لحرب إقليمية؟

العدسة – منصور عطية

على قدم وساق تجري الترتيبات النهائية لكي تصبح التسوية الإقليمية الكبرى أو ما يمكن تسميته بـ”تصفية القضية الفلسطينية” أمرا واقعا، دون الالتفات لأصحاب القضية أنفسهم، وهي الخطة التي باتت تعرف باسم “صفقة القرن”.

الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الدولي والمسوق للصفقة، كشفت أنها في مراحلها الأخيرة، وسط تنسيق متزايد مع الاتحاد الأوروبي كضامن قوي وموثوق لدى الفلسطينيين، لتمرير الصفقة وإقرارها دون إزعاج.

الطبخة جاهزة!

الكشف الجديد بشأن آخر تطورات الصفقة، جاء عن طريق المبعوث الأمريكي لعملية السلام “جيسون جرينبلات”، الذي أبلغ قناصل دول أوروبية معتمدين في القدس، بأن صفقة القرن “في مراحلها الأخيرة”.

تقارير إعلامية، نقلت عن أحد المشاركين في اللقاء -دون ذكر اسمه- أن “جرينبلات” في معرض حديثه عن “صفقة القرن” أكد للمسؤولين الأوروبيين أن “الطبخة على النار، ولم يبق سوى إضافة القليل من الملح والبهارات”، على حد تعبيره.

وقال المبعوث الأمريكي إن الخطة الجاري إعدادها تشمل المنطقة، وأن الفلسطينيين أحد أطرافها، لكنهم ليسوا الطرف المقرر في تطبيقها.

في السياق ذاته، يقول مسؤولون أمريكيون إن الرئيس دونالد ترامب سيكشف قبل منتصف العام الحالي عن خطة لتسوية الصراع الفلسطيني، بات من المؤكد أنها هي “صفقة القرن”.

وأوضحوا أن هذه الخطة -التي يضعها جاريد كوشنر، مستشار وصهر “ترامب” بالتعاون مع جرينبلات- ستكون شاملة وتتجاوز الأطر التي وضعتها الإدارات الأمريكية السابقة، وستتناول كل القضايا الكبرى، بما فيها القدس والحدود واللاجئون، وتكون مدعومة بأموال من السعودية ودول خليجية أخرى لصالح الفلسطينيين.

التنسيق الأمريكي مع الاتحاد الأوروبي -حتى تضمن تمريرا دوليا من طرف لا يزال يتمتع بثقة الفلسطينيين- آتى أكله حيث نصح دبلوماسيون غربيون القادة الفلسطينيين بعدم التسرع في اتخاذ “مواقف متشنجة”، وانتظار عرض الخطة رسميا.

المسعى الأوروبي يتماهى مع الرغبة الأمريكية المعلنة في إخراج الفلسطينيين من معادلة التسوية، وعدم وضعهم في الاعتبار كرقم هام بالمعادلة، وذلك على الرغم من مواقف أوروبية، في مقدمتها الموقف الفرنسي، رافضة ما أُثير بشأن “صفقة القرن” وتفاصيلها.

خطوات عملية للصفقة

وفي سياق الآليات العملية التي اتخذتها الولايات المتحدة بالفعل كخطوات تمهيدية في طريق الصفقة، يبرز ملمحان أساسيان يعنيان ضمنيا أن تصفية القضية الفلسطينية من أهم مرتكزاتها وقضايا الحل النهائي لها.

الخطوة الأشهر والأكثر جدلا، كانت في ديسمبر الماضي، عندما أعلن “ترامب” قرار إدارته الاعتراف بمدينة القدس عاصمة موحدة للاحتلال الإسرائيلي، وما عناه ذلك من تفريغ القضية من مضمونها، نظرا لما تتمتع به المدينة المقدسة من وضع مصيري وسط مختلف أبعاد القضية الفلسطينية.

وفي يناير، كانت الخطوة الثانية، وهي تجميد 125 مليون دولار من التمويل الذي تقدمه أمريكا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويشكل هذا المبلغ ثلث التبرع السنوي الأمريكي للوكالة، وجاء تطبيق قرار التجميد بعد أيام من التهديد الذي أطلقه “ترامب” ضد السلطة الفلسطينية بوقف تقديم المساعدات لها، كرد فعل على رفضها قراره بشأن القدس.

المبعوث الأمريكي للسلام “جرينبلات” أدلى بدلوه في سياق اللقاء سالف البيان وعبر عن نية بلاده في المستقبل القريب بشأن الأونروا، حيث أبلغ القناصل الأوروبيين بأن إدارة “ترامب” تريد إنهاء عمل الوكالة، وليس فقط تجميد مستحقاتها.

تتماهى الرغبة الأمريكية مع تصريح أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يشكل ما يعد تحريضا لداعمي الوكالة بهدف إنهاء وجودها للأبد، ادعى فيه أن أحفاد اللاجئين الذين ترعاهم الوكالة “ليسوا لاجئين”.

وبهذه الخطوات، تضمن أمريكا تصفية قضيتي القدس واللاجئين، باعتبار أنهما من القضايا العالقة بين الفلسطينيين وإسرائيل، والتي تُركت لحين الحل النهائي للقضية الفلسطينية برمتها.

مهندسون و”عرابون”

وفضلا عن الدور الذي أفصح عنه “جرينبلات”، كأحد مهندسي “صفقة القرن”، فإن ثمة مهندسين آخرين لهذه الصفقة، أبرزهم “ديفيد فريدمان”، السفير الأمريكي في تل أبيب، والذي أزاح الستار عن الصفقة في سبتمبر الماضي، حيث قال إن الإدارة الأمريكية تُعِدُّ الآن خطة سلام ستُعرَض ملامحها في غضون أشهر قليلة، وأن حل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية لا يتضمنها.

لكن المهندس الأول للصفقة هو “جاريد كوشنر”، مستشار وصهر “ترامب”، والذي كشف علاقته بالصفقة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، “أحمد مجدلاني”، حيث قال في تصريحات متلفزة، إن مستشار الرئيس الأمريكي نقل تفاصيل الصفقة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي نقلها بدوره إلى السلطة الفلسطينية.

ومن هنا يبرز اسم “بن سلمان” كأحد عرابي الصفقة، والذي سبق وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية ما اقترحه على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال لقائهما في نوفمبر الماضي.

الصحيفة، نقلت عن مصادر رسمية فلسطينية وعربية وأوروبية، قولها إن “بن سلمان” اقترح على الرئيس الفلسطيني، خطة ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية، وصفتها بأنها منحازة لإسرائيل أكثر من خطة “ترامب” نفسه.

وذكرت أن “بن سلمان” اقترح خطة تكون فيها الدولة الفلسطينية مقسمة إلى عدد من المناطق ذات حكم ذاتي، وتبقى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة “ملكًا” لإسرائيل، وتكون “أبو ديس” عاصمة فلسطين، وليس القدس الشرقية المحتلة، وكذلك لن يمنح حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

ولعل الرئيس عبدالفتاح السيسي، هو أول من تحدث عن “صفقة القرن” في تصريح أدلى به خلال زيارته إلى أمريكا ولقائه نظيره دونالد ترامب في أبريل الماضي، حينما قال له: “ستجدني بكل قوة ووضوح داعمًا لأي مساعٍ لإيجاد حل للقضية الفلسطينية في “صفقة القرن”، ومتأكد أنك تستطيع أن تحلها”.

الحديث عن “صفقة القرن” يعود إلى عام 2010، حين أنهى مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اللواء احتياط “جيورا أيلاند”، عرض المشروع المقترح لتسوية الصراع مع الفلسطينيين في إطار دراسة أعدها لصالح مركز “بيجين-السادات” للدراسات الإستراتيجية، بعنوان: “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”.

الدراسة التي نشرت تفاصيلها تقارير إعلامية في حينه، تقوم على اقتطاع 720 كيلومترًا مربعًا من شمال سيناء للدولة الفلسطينية المقترحة، تبدأ من الحدود المصرية مع غزة وحتى حدود مدينة العريش، على أن تحصل مصر على مساحة مماثلة داخل صحراء النقب الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، بينما تخلو الضفة الغربية بالكامل للاحتلال.

ترتكز الخطة على وعد ملائكي بتحويل غزة إلى مدينة اقتصادية عالمية على غرار “سنغافورة”، بعد زيادة مساحة شريطها الساحلي، مقابل إغراء مصر بمكاسب اقتصادية ضخمة لتحكمها في شبكة الحركة البرية والجوية والبحرية، التي ينتظر أن تربط تلك الدولة الفلسطينية بمصر والأردن والعراق ودول الخليج أيضًا.

مجرد وسيلة!

وعلى الرغم من ضخامة الصفقة، وكم الأطراف الدولية والإقليمية المشتركة فيها، إلا أن تحليلات سياسية عدة، ذهبت إلى القول بأنها مجرد وسيلة لتحقيق غاية أكبر وأهم، وهي بناء تحالف إقليمي واسع يتمكن من تحقيق هدفين محددين، هما مواجهة الطموح الإيراني والحرب على الإرهاب.

ولم تكن “صفقة القرن” هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق الغاية الأمريكية، بل سبقتها وسائل أخرى، أبرزها تشجيع ودفع التطبيع في العلاقات بين إسرائيل ودول عربية في مقدمتها السعودية والإمارات.

وغير ما كشفته المواقف السعودية المتتالية من قضية القدس، فقد بدا عبر وقائع رصدها وحللها )العدسة)، أن السعودية تهرول حثيثة وبخطوات متسارعة نحو التطبيع الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي.

وبعيدًا عن الشواهد غير الرسمية وتلك التي يكون أبطالها أشخاصًا ليسوا في منظومة الحكم أو يتمتعون بحيثية كبيرة، أكد مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية أن المسؤول السعودي الذي زار إسرائيل سرًّا في شهر سبتمبر الماضي، هو ولي العهد محمد بن سلمان.

وهكذا يبدو “ترامب” مجتهدا في نسج خيوط تحالفه الجديد، في مخطط يعيد إلى الأذهان الأجواء التي سبقت الحرب العالمية الثانية، بحسب تحليل نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في ديسمبر الماضي.

التحليل رأى أن “إستراتيجية الأمن القومي” التي أطلقها “ترامب”، “تشبه كثيرًا ما كانت الولايات المتحدة تقوم به منذ عام 1940، مع التشديد على الصحة الاقتصادية والمنافسة والقوة العسكرية الأمريكية أكثر من الإدارات السابقة”.

نحن هنا أمام معسكرين؛ أحدهما تتزعمه أمريكا، ويضم إلى جانبها كل من إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر وربما الأردن، أما المعسكر الثاني في تلك الحرب المحتملة فيضم بشكل أساسي إيران ومن يمكن أن يدعمها، مثل روسيا وتركيا، فضلا عن ترقب لموقف قطر التي يعاديها حلفاء أمريكا لكنها تحتضن أكبر القواعد العسكرية لواشنط

بواسطة |2018-02-05T14:57:16+02:00الإثنين - 5 فبراير 2018 - 8:55 م|الوسوم: , , , , |

“لوموند” ترصد الفشل السعودي في حرب اليمن

العدسة – إبراهيم سمعان

“الإخفاق السعودي في حرب اليمن”.. عنوان علقت به صحيفة “لوموند” الفرنسية على سقوط عدن في أيدي الحراك الجنوبي، مشيرة إلى أن الفوضى والتقسيم الذي يعم البلاد نتيجةُ خلاف السعودية والإمارات على كيفية إدارة الأزمة التي أدت إلى آلاف القتلى والجرحى.

وأوضحت في افتتاحيتها، أنه وفقا للأمم المتحدة، بعد التدخل العسكري للرياض، أصبحت اليمن أكثر انقساما من أي وقت مضى، وباتت تواجه “أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض”.

وقالت الصحيفة: أعرب زعماء الخليج عن أسفهم لعدم كفاءة واشنطن والكارثة التي سببها غزوها للعراق عام 2003، لكنهم لم يظهروا الحد الأدنى من الوضوح تجاه الفوضى الخاصة بهم في اليمن”.

وأضافت “الحلقة الأخيرة من الهبوط للهاوية لما عرف في السابق بـ (العربي السعيد)، هو استيلاء الميليشيات المحلية ذات الصلة بالحركة الانفصالية الجنوبية على ميناء عدن”.

وأشارت “لوموند” إلى أنه كان يوجد بالفعل لليمنيين ثلاث دويلات؛ إحداهما، تلك التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، المتواجدون في العاصمة صنعاء ومعظم المرتفعات في الشمال، والأخرى، تلك التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، والتي تمتد على طول الساحل الجنوبي والغربي، وكذلك في الصحراء الشرقية وبعض الجيوب في الشمال.

أما اليمن الثالثة فتوجد حاليا في عدن، تكتب الصحيفة، وفي المقلة والطرف الشرقي من البلاد، حيث يوسع الانفصاليون الجنوبيون قبضتهم، ناهيك عن “المناطق الرمادية” التي ينشط فيها تنظيم القاعدة.

وأكدت أنه من المفارقات، أن تَفَكُّك البلاد، ولاسيما ظهور الحركة الجنوبية – التي لها جذور عميقة في التاريخ اليمني – هو نتيجة الاختلافات في النهج بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، العضوين الرئيسيين في التحالف العربي الذي تدخل في مارس 2015 باليمن لوقف التهديد الحوثي (الشيعة المدعومون من إيران) المنافس الإقليمي للمملكة الخليجية السنية.

أبو ظبي، لا تثق في الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي، الذي تستضيفه وتحميه الرياض، وذلك بسبب صِلاته بجماعة الإخوان المسلمين، ما يُقوض باستمرار سلطته الهشة بالفعل، وتجاه هذا تتّبع السعودية أسلوب عدم التدخل، من خلال مزيج من عدم الاتزان وعدم الكفاءة، تنوه”لوموند”.

أكثر من 10 آلاف قتيل

وقالت: قرار شن هذه الحرب، اتخذته السعودية دون التشاور مع حلفائها، بدءا من الولايات المتحدة، ففي مارس 2015، كان باراك أوباما لا يزال في البيت الأبيض، وكانت علاقاته مع الرياض في أدنى مستوياتها.

وذكرت أن النظام الملكي السعودي الذي سيطر عليه “الصقور” من خلال محمد بن سلمان ولي العهد الشاب وابن الملك سلمان،كان يشتبه في أن الرئيس الأمريكي يريد التضحية بأمن حلفائه التقليديين في الخليج، للتوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، الذي كان في مرحلة التفاوض، ومن أجل عدم المساس به، غض أوباما الطرف عن تهديد طهران لحدود المملكة، في إشارة إلى الحوثيين.

من خلال حملتهم في اليمن، أراد القادة السعوديون إثبات أنهم قادرون على إدارة سياساتهم الخاصة، والنتيجة هي الفشل- تكتب “لوموند”- دُمرت البنية التحتية لليمن، البلد العربي الأكثر فقرا، بشكل منهجي بسبب القصف الجوي للتحالف العربي، يزيد عدد القتلى عن 10 آلاف شخص، وهو الرقم الرسمي الذي أحصته الأمم المتحدة منذ عام ونصف.

كما تسبب الحصار الذي تفرضه القوى العربية على البلاد في “أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض”، وبحسب الأمم المتحدة: 7 ملايين نسمة، أي ربع السكان، على وشك المجاعة، ومليون شخص مصابون بالكوليرا، وحكومة هادي، الذي لا يزال في المنفى بالرياض، ليس لها تقريبا أي سيطرة على اليمن.

وفي ختام افتتاحيتها قالت الصحيفة: لقد حان الوقت لتذكير السعودية والإمارات بأن الحرب في اليمن سيتبعها إعادة إعمار، والرياض ستتكبد، على مدى عقود قادمة، عبء الجارة المدمرة وملايين البؤساء على حدودها.

بواسطة |2018-02-05T14:28:32+02:00الإثنين - 5 فبراير 2018 - 3:55 م|الوسوم: , , , , |

نيويورك تايمز: إسرائيل تنفذ غارات جوية فى سيناء بموافقة السيسي

العدسة – إبراهيم سمعان

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير لها عن وجود تعاون عسكري سري بين مصر وإسرائيل، تشن بموجبه الأخيرة غارات ضد مسلحين في شمال سيناء، مشيرة إلى أن العمليات الإسرائيلية داخل الأراضى المصرية تجاوزت الـ 100 ضربة جوية بعلم وموافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

وإلى نص التقرير ..

قتل الجهاديون فى شمال سيناء المئات من الجنود وضباط الشرطة، وتعهدوا بالولاء لتنظيم الدولة (داعش)، واستولوا لفترة زمنية وجيزة على مدينة رئيسية، وأقاموا نقاط تفتيش مسلحة، وطالبوا بأراض. وفى أواخر 2015 أسقطوا طائرة ركاب روسية.

وحيال ذلك بدت مصر غير قادرة على وقف هؤلاء الجهاديين، ولذا فإن إسرائيل التي كانت تشعر بالفزع جراء هذه التهديدات، فقط، عبرت الحدود  المصرية، وتحركت للتصدي لهذا المخاطر.

وعلى مدى عامين شنت طائرات (بدون طيار، و هليكوبتر، ونفاثة) إسرائيلية لا تحمل علامات على هويتها، حملة جوية سرية، بتنفيذ أكثر من 100 غارة جوية داخل مصر، بأكثر من مرة فى الأسبوع، وبموافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

هذا التعاون الاستثنائي بين مصر بين وإسرائيل، دشّن لمرحلة جديدة فى تطور علاقتهما المشحونة والاستثنائية، فبعد أن كانتا عدوّين فى ثلاثة حروب، ثم خصمين فى سلام غير مستقر، أصبحتا الآن حليفين سريين فى حرب سرية ضد عدو مشترك.

فبالنسبة للقاهرة، ساعد التدخل الإسرائيلي الجيش المصري في استعادة موطئ قدمها المفقود فى المعركة المستمرة منذ 5 سنوات ضد العناصر المسلحة فى سيناء، وبالنسبة لإسرائيل، عززت الغارات الجوية من أمن حدودها واستقرار جارتها.

ويعد التعاون المصري الإسرائيلي، هو الدليل الأكثر دراماتيكية حتى الآن، على عملية إعادة التشكيل الهادئ لسياسات منطقة الشرق الأوسط.

فقد جلب الأعداء المشتركون مثل “داعش”، و”إيران” و”الإسلام السياسي”، زعماء العديد من الدول العربية، بهدوء إلى تقارب متزايد مع إسرائيل، حتى ولو واصل مسؤولو تلك الدول ووسائل إعلامها، توجيه الانتقادات (والذم) للدولة اليهودية فى العلن.

وقال مسؤولون أمريكيون إن الحملة الجوية الإسرائيلية لعبت دورًا حاسمًا فى تمكين القوات المسلحة المصرية أن تكون لها اليد العليا ضد المسلحين، لكن الدور الإسرائيلي كان له بعض العواقب غير المتوقعة بالنسبة للمنطقة، بما في ذلك مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، حيث ساهم جزئيا فى اقتناع مسؤولين إسرائيلين كبار، أن مصر الآن تعتمد عليهم ، حتى في السيطرة على أراضيها.

وقد أعطى 7 مسؤولين بريطانيين وأمريكييين  (حاليين أو سابقين)، مشاركين فى سياسات الشرق الأوسط، الحملة الجوية الإسرائيلية داخل مصر، أوصافا للهجمات الإسرائيلية داخل مصر، وجميعهم تكلم شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة تلك المعلومات السرية.

ورفض المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي والمصري التعليق على ذلك، وكذالك رفض أيضا المتحدث باسم الخارجية المصرية التعليق.

وقد سعت الجارتان مصر وإسرائيل إلى إخفاء الدور الإسرائيلي فى الضربات الجوية على سيناء خوفا من رد فعل عنيف داخل مصر، حيث يواصل المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة بتناول إسرائيل كعدو، وتتعهد بالولاء للقضية الفلسطينية.

ولا تحمل الطائرات الإسرائيلية بدون طيار علامات، وتغطِّي المروحيات والمقاتلات الإسرائيلية علاماتها التي تشير لهويتها الإسرائيلية. ووفقاً لمسؤولين أمريكيين مطّلعين على العمليات، تقوم بعض الطائرات الإسرائيلية بالتحليق في مسارات غير مباشرة، للإيحاء أنها قادمة من الأراضي المصرية.

في إسرائيل، تضع الرقابة العسكرية قيودا على نشر أخبار الغارات الجوية. ومن غير الواضح ما إذا كانت القوات الإسرائيلية أو القوات الخاصة، قد وضعت أقدامها داخل الحدود المصرية، الأمر الذي من شأنه أن يزيد خطر كشف الأمر.

من جانبه أولى السيسي مزيدا من الاهتمام، كما يقول المسؤولون الأمريكيون، لإخفاء مصدر الغارات عن جميع الدوائر، باستثناء دائرة محدودة من مسؤولي الجيش والاستخبارات. وكانت الحكومة المصرية قد أعلنت شمال سيناء منطقة عسكرية مغلقة، ما منع الصحفيين من جمع المعلومات هناك.

وخلف الكواليس، تزايد التقارب بين كبار الجنرالات المصريين ونظرائهم الإسرائيليين بصورة منتظمة، منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد قبل 40 عاماً في عام 1978. وساعدت قوات الأمن المصرية إسرائيل على فرض قيودٍ على تدفق البضائع من وإلى قطاع غزة، المنطقة الفلسطينية المتاخمة لمصر، التي تسيطر عليها حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وتتبادل أجهزة الاستخبارات المصرية والإسرائيلية منذ فترة طويلة المعلومات عن المسلحين على جانبي الحدود.

وفى عام 2012، كان لدى المسؤولين الإسرائيلين حالة من القلق  بعد أن أفرزت الانتخابات التي جاءت بعد ثورة يناير بأحد قياديي جماعة الإخوان المسلمين وهو الرئيس السابق محمد مرسي، وتعهد مرسي باحترام اتفاقية كامب ديفيد. لكن الإسرائيليين كانوا قلقين من العلاقة الأيدولوجية التي تربط جماعة الإخوان بحركة حماس، وعدائها التاريخي للدولة اليهودية نفسها .

وبعد عام من انتخاب مرسي، استولى وزير دفاعه عبد الفتاح السيسي على السلطة فى انقلاب عسكري، ورحبت إسرائيل بخطوة السيسي، وحثت واشنطن على قبولها، وقد عزز ذلك الشراكة بين الجنرالات على جانبي الحدود.

وأصبحت شمال سيناء -وهي منطقة صحراء جبلية تخضع لسيطرة رخوة بين قناة السويس والحدود الإسرائيلية- ملاذاً للمسلحين الإسلاميين، في العقد الذي سبق تولِّي السيسي للسلطة. وركَّز التنظيم الجهادي الرئيسي، أنصار بيت المقدس، على مهاجمة إسرائيل، لكن بعد تولِّي السيسي الحكم بدأ التنظيم قيادة موجة من الهجمات المميتة ضد قوات الأمن المصرية.

بعد بضعة أسابيع من توِّلي السيسي للحكم، وفي أغسطس 2013، أسفر انفجاران غامضان عن مقتل خمسة مسلحين مشتبهين في منطقةٍ بشمال سيناء، ليست بعيدة عن الحدود الإسرائيلية.

ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن مسؤولين مصريين -لم تُسمِّهم-  قولهم إن طائرات بدون طيار إسرائيلية أطلقت صواريخ؛ أسفرت عن مقتل المسلحين، ربما نتيجة تحذيرات مصرية من هجوم عابر للحدود مزمع على مطارٍ إسرائيلي. كانت إسرائيل قد أغلقت المطار في اليوم السابق .

ونفى المتحدث باسم الجيش المصري آنذاك، العقيد أحمد علي، الأمر. وقال في بيانٍ في ذلك الوقت: “لا صحة شكلاً وموضوعاً لوجود أية هجمات من الجانب الإسرائيلي داخل الأراضي المصرية”، وتعهد بفتح تحقيق.

وأضاف العقيد المصري أن: “الادعاء بوجود تنسيق بين الجانبين المصري والإسرائيلي بهذا الشأن هو أمرٌ عارٍ تماماً عن الصحة، ويخالف العقلَ والمنطق”… ورفضت إسرائيل التعليق، وأصبحت الحادثة فى طي النسيان تقريبا.

وبعد مرور عامين، كان السيسي لا يزال يعاني من أجل إلحاق الهزيمة بالمسلحين، الذين قتلوا بضع مئات على الأقل من الجنود وأفراد الشرطة المصريين.

وفى نوفمبر 2014 ، أعلن تنظيم أنصار بين المقدس رسميا أنه الفرع الرسمي لتنظيم الدولة فى سيناء، وفي 1 يوليو 2015 ، استولى مسلحون لفترة وجيزة على مدينة الشيخ زويد، وتراجعت سيطرتهم فقط بعد أن قامت الطائرات والمروحيات المصرية بضرب البلدة، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية .

فى نهاية أكتوبر، أسقط المسلحون طائرة روسية ما أدى لمقتل 224 شخصا كانوا على متن الطائرة .

وقال مسؤولون أمريكيون ” بالتزامن مع ورود تلك النذر السيئة فى أواخر 2015، بدأت إسرائيل شن غارات جوية ، وأدت هذه الغارات بوقوع قائمة طويلة من القتلي من القادة المسلحين .

وعلى الرغم من صعود أشخاص لديهم نفس القدر من الوحشية لخلافة قيادات المسلحين، بدا أنَّهم تبنَّوا أهدافاً أقل طموحاً. فلم يعودوا يتجرأون على محاولة إغلاق الطرق، أو إقامة نقاط تفتيش، أو السيطرة على الأرض. وانتقلوا لضرب أهداف ذات طبيعة أكثر رخاوة، مثل المسيحيين في سيناء، أو الكنائس في وادي النيل، أو المسلمين الآخرين الذين يعتبرونهم كفاراً. وفي نوفمبر 2017، قتل المسلحون 311 مصلياً في مسجد صوفي بشمال سيناء .

وبحلول هذا الوقت، قال مسؤولون أمريكيون إن الإسرائيليين كانوا يشتكون لواشنطن من أن المصريين لا يلتزمون من جانبهم بالاتفاق. وإن القاهرة أخفقت في إتْبَاع الغارات بتحركاتٍ مُنسَّقة لقواتها على الأرض.

ومع أنَّ الرقابة العسكرية الإسرائيلية منعت وسائل الإعلام هناك من تناول الضربات، تحايلت بعض وسائل الإعلام على الرقابة بنقلها تقريراً لوكالة بلومبيرج في 2016، قال فيه مصدرٌ إسرائيلي لم تجرِ تسميته إنَّه توجد طائرات بدون طيار إسرائيلية داخل مصر.

وقارن زاك غولد، وهو باحث متخصص في شمال سيناء يعمل في إسرائيل، تلك الغارات ببرنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي؛ فكلاهما سرٌّ معروف.

وأضاف لنيويورك تايمز، أنَّ “الغارات الإسرائيلية داخل مصر هي بنفس الصورة تقريباً. ففي كل مرة يقول فيها أحدهم أيَّ شيءٍ عن البرنامج النووي، يتعيَّن عليهم أن يضيفوا عبارة: وفقاً للصحافة الأجنبية. مصلحة إسرائيل الاستراتيجية الرئيسية في مصر هي الاستقرار، ويعتقدون أنَّ الإفصاح الصريح عن هذه المسائل سيُهدِّد ذلك الاستقرار”.

وداخل الإدارة الأمريكية، توجد معرفة واسعة النطاق للغارات، لدرجة أنَّ دبلوماسيين ومسؤولي استخبارات قد ناقشوها في جلسات إحاطةٍ مغلقة مع المشرعين في الكونجرس.

وأشار المشرعون في جلسات استماعٍ مفتوحة إلى الموافقة على التعاون المصري والإسرائيلي الوثيق في شمال سيناء.

وفي مقابلة هاتفية، مع الصحيفة الأمريكية، رفض السيناتور بنيامين كاردين عن ولاية ميريلاند، وهو سيناتور ديمقراطي بارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، مناقشة تفاصيل العمليات العسكرية الإسرائيلية في مصر، لكنَّه قال إنَّ إسرائيل لم تكن تتصرف “من باب حُسن الجوار”.

وأضاف: “إسرائيل لا تريد أن تمتد الأنشطة السيئة التي تحدث في سيناء المصرية إلى داخل أراضيها”، مشيراً إلى أنَّ الجهود المصرية لإخفاء دور إسرائيل عن مواطنيها “ليست ظاهرة جديدة”

ويشكو بعض مؤيدي إسرائيل من أنَّه نظراً لاعتماد مصر على الجيش الإسرائيلي، فإنَّ المسؤولين المصريين والدبلوماسيين ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة يجب أن تكف علناً عن إدانة الدولة اليهودية، خاصةً في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة.

ويقول إليوت إنجل، النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك، والعضو البارز بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب: “تتحدث إلى السيسي وتراه يتحدث عن التعاون الأمني مع إسرائيل، وتتحدث إلى الإسرائيليين وتراهم يتحدثون عن التعاون الأمني مع مصر، لكن بعد ذلك تستمر هذه اللعبة مزدوجة الأوجه. إنَّها مسألة مُحيِّرة بالنسبة لي”.

وقد ذكَّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أيضاً بوضوح الدبلوماسيين الأمريكيين بالدور العسكري الإسرائيلي في سيناء. ففي فبراير 2016 على سبيل المثال، عقد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قمةً سريةً في مدينة العقبة الأردنية مع الرئيس السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ونتنياهو، وفقاً لما ذكره ثلاثة مسؤولين أمريكيين شاركوا في المحادثات أو اطلعوا عليها.

واقترح كيري اتفاقاً إقليمياً تضمَن فيه مصرُ والأردن أمنَ إسرائيل، كجزءٍ من اتفاقٍ لإقامة دولةٍ فلسطينية.

لكنَّ نتنياهو سخر من هذه الفكرة.

وقال إنَّ الجيش الإسرائيلي يدعم بالفعل الجيشَ المصري. ورأى أنَّه إن كانت مصر عاجزة عن السيطرة على الأرض داخل حدودها، فإنَّها في وضعٍ لن يسمح لها بضمان الأمن لإسرائيل.

بواسطة |2018-02-04T11:22:19+02:00الأحد - 4 فبراير 2018 - 11:22 ص|الوسوم: , , , , , , , , |
اذهب إلى الأعلى