الدور الروسي الجديد بالشرق الأوسط.. “بوتين” يستفيد من أخطاء الآخرين

العدسة – بشير أبو معلا

تحت عنوان “الدور الروسي الجديد في الشرق الأوسط” نشرت صحيفة “أجورافو” الناطقة بالفرنسية، تقريرًا عن الإستراتيجية التي تتبعها روسيا في منطقة الشرق الأوسط، وكيف استطاعت الاستفادة من أخطاء المنافسين، في وقت يبدو فيه أن الصراعات بالمنطقة تتعثر، بصرف النظر عن اليمن، فلا توجد انتفاضة جديدة في فلسطين، كما أصبح “داعش” خارج السباق عمليًّا في العراق وسوريا.

داخل هذا البلد الأخير على التحديد، جميع قوى المعارضة تفقد زخمها بوضوح، وتعاني من كسور داخلية متزايدة لا يمكن التغلب عليها، لكن لا يزال من الصعب مواجهة ما يلي: إعادة الإعمار بعد الحرب، وإعادة إرساء نظام إقليمي معين، فالقوى الداخلية تريد السلطة الكاملة أو الجزئية، والقوى الأجنبية تريد حجز مكانها أيضًا.

وفي خضم التطورات المتسارعة والتي لا تحصى في الشرق الأوسط، يتطور الدور الروسي ليس فقط في سوريا، ولكن في جميع أنحاء المنطقة.

يوم 12 ديسمبر زار الرئيس فلاديمير بوتين مصر، مشيرا إلى ما يمكن أن يُطلق عليه دور روسي جديد في الشرق الأوسط، حيث يرغب “بوتين”، الذي يسعى إلى فترة رئاسة رئاسية رابعة، في إعادة تشكيل دور بلاده في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

وجاءت زيارة “بوتين” لمصر عقب زيارة خاطفة لسوريا أعلن خلالها بدء التحضير لسحب القوات الروسية، حيث قال أمام العسكريين بقاعدة حميميم في أول زيارة لرئيس روسي أو سوفييتي لسوريا، إن قواته “خلال أكثر من عامين قامت مع الجيش السوري بدحر أقوى الجماعات الإرهابية الدولية، ونظرا لذلك اتخذت قرارا بعودة جزء كبير من القوة العسكرية الروسية الموجودة في الجمهورية العربية السورية إلى روسيا”.

في سوريا، يتقاسم التحالف “التكتيكي” بين روسيا وإيران وتركيا المصالح والمكاسب بعد هزيمة “داعش”، فروسيا والولايات المتحدة لها أهداف مختلفة في سوريا، ولكن روسيا تأخذ التحالف إلى المستوى التالي: التسوية السياسية للأزمة في سوريا، وهي خطوة ضرورية في مرحلة إعادة الإعمار، ويبدو أن التنسيق مع مصر والمملكة العربية السعودية ضروري في هذه المرحلة.

وستكون الخطوة التالية في سوريا لروسيا هي إحياء النظام السوري على الساحة العربية والدولية، حيث اقتنعت القوى العظمى بالواقعية، ووافقت على تأجيل النقاش حول مصير النظام، وأنه يجب تنسيق النقاش مع الدول العربية، وخاصة السعودية، حيث إن مصر ليس لديها موقف مسبق من بقاء النظام، بل تريد ببساطة أن ترى سوريا متماسكة على المستوى الوطني وحرة وخالية من الإرهاب.
سوريا لم تكن المسألة الوحيدة التي كانت على جدول زيارة “بوتين” لمصر الأسبوع الماضي، حيث كان هناك عدة مواضيع أخرى جذابة، مثل المصالح الاقتصادية والإستراتيجية التي جذبت المصريين تجاه روسيا.

الزيارة الـ “السريعة والمركزة”، كما وصفها مسؤول مصري، شهدت إطلاق مشروع للطاقة النووية، وفي السباق لفترة ثانية يراهن الرئيس عبد الفتاح السيسي على المشروع، وعودة السياح الروس إلى مصر، فضلا عن الاتفاقيات الاقتصادية ذات السبعة مليارات دولار، التي سيتم توقيعها مع موسكو، وبينما يحرج الرئيس دونالد ترامب حلفاءه في الشرق الأوسط، بما في ذلك مصر، فإن الروس يوسعون دورهم في المنطقة عبر مصر.

هناك رهان آخر لـ”بوتين” هو المملكة العربية السعودية، إذ يتلاقى الطرفان معا في الأزمة السورية، خلال الآونة الأخيرة تحدث السعوديون عن تحويل علاقات التنافس إلى شراكة، وتصدير الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى المملكة، ومن شأن الواقع الإستراتيجي الجديد أن يمهد الطريق لأسواق الطاقة، كما أنه بعد إطلاق مشروع “Yamal LNG” للغاز الطبيعي المسال في روسيا، سيغير التعاون الثنائي والعلاقات وشبكة المصالح والتحالفات الإقليمية والدولية.

بل إن الصندوق السعودي للاستثمار العام وصندوق الاستثمار المباشر الروسي يتحدثان عن أكثر من 10 مليارات دولار من الاستثمارات المشتركة.

من الواضح أن “بوتين” يستغل تراجع النفوذ الأمريكي لضمان بهدف ألا تحل روسيا محل الولايات المتحدة، ولكن تشاركها في اللعبة العالمية للإستراتيجية الجيولوجية، الجزء الأكثر إثارة للاهتمام في الشرق الأوسط، وبفضل المصالح المشتركة والروابط التجارية والاقتصادية، تستعيد روسيا تحديد دورها، وهو ما يوفر خيارات إستراتيجية أكثر للعرب.

الولايات المتحدة والصين اختارت أحد المعسكرين، لكن من خلال التحدث إلى الجميع في المنطقة، روسيا نأت بنفسها عن الدخول في لعبة الاستقطاب بالشرق الأوسط، فهل ستكون على استعداد لأن تصبح القوة الوسيطة التي تحتاجها المنطقة بشدة؟

بواسطة |2017-12-20T00:10:06+02:00الأربعاء - 20 ديسمبر 2017 - 12:10 ص|الوسوم: , , |

على نهج معلمه.. هل يستطيع “بن سلمان” تكرار النموذج الإماراتي في السعودية؟

العدسة – بشير أبو معلا

منذ صعوده إلى ولاية العهد، والقرارات التي يتخذها الأمير محمد بن سلمان تثير استغراب الأصدقاء والأعداء على حد سواء، ذلك بسبب التحولات الجذرية التي يراها كثيرون أنها ثورة على قواعد راسخة وقديمة في المملكة سواء في السياسة الداخلية أو الخارجية ويمكن أن تؤدي إلى عواقب لا يمكن توقعها.

الخطة التي أطلقها محمد بن سلمان يسعى من خلالها إلى اعتماد مصادر أخرى للدخل بدلا من النفط، وتكرار النموذج الإماراتي في المملكة، لكن هل يستطيع تحقيق ذلك؟ يبدو أن الحلم بعيد المنال.

في الآونة الأخيرة، أطلق ابن سلمان خطة طموحة للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي لبلاده، من خلال جعل المعركة ضد الإسلام السياسي والراديكالي في قلب هذا المشروع، وهي إستراتيجية تأثر بها عن طريق معلمه، ولي العهد الحالي لدولة الإمارات محمد بن زايد، الذي يعود له الفضل في ذلك جزئيا، وفقا لصحيفة “أتلانتيكو” الفرنسية.

Related image

كما أن هناك أشياء مشتركة بين السعودية والإمارات،كأنهما يسعيان للتسلح بشكل كبير، لا يحبان قطر أو إيران، لدى الرجلين صفات كثيرة مشتركة، فلم يكن يتوقع أحد أن يصبحا الاثنان ولِيَيْ عهد، كلاهما الابن المفضل لوالده، الاثنان طائشان وعسكريان.

محمد بن زايد كذلك من أتباع دبلوماسية القوة، كما أنه وابن سلمان بارعان في استخدام هذا المنهج، وطموحان جدا، ولا يمكنهما الحرب في أكثر من جهة في آن واحد، والجميع يؤكد أنهما قريبان جدا.
ولي العهد الإماراتي، قرر شن حرب ضد جماعة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي، لأنه يريد فصل الدين عن السياسة، ويعتبر الإخوان المسلمين أعداء وكذلك الشيعة.
التأثير الحقيقي لمحمد بن زايد، أدى لاقتناع أخيه الأصغر وصديقه محمد بن سلمان، بأن الرياض لا يمكنها أن تكون نموذجا للحداثة والكفاءة كالإمارات، طالما أنه لم يتخلص من الظلام الديني، رغم أنه يعلم أن هذا الأمر إن كان يصعب تطبيقه في الإمارات، فهو أكثر صعوبة في المملكة.

Image result for ‫بن سلمان وبن زايد‬‎

افتتان ولي العهد السعودي بنظيره الإماراتي، بات ظاهرا وبوضوح، فهو أدرك أن الإسلام الراديكالي للمذهب الوهابي يقف حائلا أمام التقدم والحداثة.

محمد بن سلمان ليس ليبراليا ديمقراطيا أو علمانيا، لكنه يدرك أن البلاد لا يمكن أن تتطور دون المرور بحد أدنى من الحد من السلطة الدينية التي تعترض على السماح للمرأة بقيادة السيارة، وغيرها من السخافات، وبدون ذلك لن تشهد السعودية أي تنمية.
محمد بن زايد أقنع تلميذه أيضا باستخدام منهج القوة، السعودية لم تستخدم العدوانية المباشرة، لكن منذ وصول محمد بن سلمان للسلطة أصبح أسلوبه عسكريا جدا، وبدعم من الإمارات، أعلن حربا غير عسكرية ضد قطر، وبدعمهم أيضا يحلمون بغزوها.

لكن إمكانية محمد بن سلمان تكرار النموذج الإماراتي في السعودية يعتبر صعب لعدة أسباب، أولا بالنسبة للسكان، عدد السعوديين يفوق بأكثر من ثلاث مرات عدد مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، ويوجد عدد أكبر من الفقراء، فالسعوديون الأصوليون يزدادون فقرا، حيث يوجد ما لا يقل عن 30٪ من الفقراء الجدد، وثانيا الديمغرافيا المتفجرة.

الشيء الثالث، منذ نشأة السعودية، تقوم مملكة الفصام على التحالف بين القبيلة البراجماتية (آل سعود) والطائفة الدينية الراديكالية، التي باتت جزءا من الدولة السعودية منذ تأسيسها.

أما في الإمارات من السهل محاربة الراديكاليين، رأينا لوحة للعذراء المقدسة في متحف “اللوفر”بأبو ظبي، وهو الأمر الذي من المستحيل رؤيته في السعودية، فهناك جزء من الشباب مؤيد للغرب، الذي يدعم محمد بن سلمان، وعلى عكس الإمارات، هناك أيضا جزء كبير من المتشددين الذين من المرجح أن يعارضوا معركة ولي العهد ضد الدين.

أما من الناحية الاقتصادية للإصلاحات التي يمكنها المضي قدما، فمحاربة الفساد تحظى بشعبية كبيرة، لكن الأسس الدينية الراديكالية قد تكون هي المشكلة، لأن هناك جزءا من المؤيدين لابن سلمان أصوليون، وكذلك الكثير من الزعماء الدينيين يتولون مناصب رسمية.

توجد أيضا بؤرة من المتعصبين الذين قد يعتبرون ولي العهد “كافرا”، والبعض يتحدث عن أن الدعوة إلى الحداثة قد ينتج عنها ردود فعل عنيفة ضده، وهي المشكلة التي لا نجدها في الإمارات.

بواسطة |2017-12-19T13:40:28+02:00الثلاثاء - 19 ديسمبر 2017 - 6:00 م|الوسوم: , , , , |

السينما في السعودية.. أوقفتها الرذيلة وأعادها التطرف و”البيزنس”

العدسة – كنان الشامي

حتى سبعينيات القرن الماضي، ظلت دور السينما حالة اعتيادية داخل المملكة العربية السعودية، وتتواجد في  شوارع الرياض الرئيسية، ولا تختلف في  شيء عن نظيرتها من العواصم العربية الأخرى كالقاهرة وبيروت.

وتفيد المعلومات الموثقة أن المملكة العربية السعودية كان لديها أكثر من 30 قاعة سينما تجارية في المدن الكبرى، وكانت تبث أفلامًا تسجيلية تنتجها شركات النفط “كاليفورنيا العربية للزيت القياسي” (التي تحول اسمها إلى أرامكو فيما بعد)، في المنطقة الشرقية للتوثيق، بالإضافة إلى بعض الأفلام القصيرة.

واقتصر الجمهور في  البداية على الرجال فقط، ثم دخلت “العوائل” كجمهور أساسي في مقاعدها الخلفية في مراحل لاحقة، وشهدت السينما السعودية ظهور أول فيلم محلي عام 1950 وحمل عنوان “الذباب”، من بطولة حسن الغانم، الذي سجل التاريخ اسمه، باعتباره أول ممثل سينمائي سعودي.

فيما كانت البداية الحقيقية للإنتاج السينمائي السعودي في عام 1966، حيث أنتج فيلم “تأنيب الضمير” للمخرج السعودي سعد الفريح، من بطولة الممثل السعودي حسن دردير.

وصل التطور في  صناعة السينما السعودية إلى محطة عام 1976، حين قدم المخرج السعودي، عبد الله المحيسن، فيلمه “اغتيال مدينة”، الذي تناول الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى الضرر الذي ألحقته بمدينة بيروت الجميلة، وحاز حينها على جائزة (نفرتيتي) لأفضل فيلم قصير، ليعرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977.

 

عقبتان

وبعد ذلك اصطدمت السينما بالمملكة بعقبتين رئيسيتين، تسببتا في تعطل مسيرة تطور السينما، وأدت إلى توقفها بشكل كامل في  المملكة بأكملها، وتمثلت العقبة الأولى في “أفلام السبعينيات” والتي كانت سببا في توجيه اتهامات لقطاع السينما بأكمله، بأنه يروج لمخالفات شرعية وثقافات انحلالية لا تتوافق مع نظام الدولة، ولا تناسب قيم مجتمعها، وهو ما كان سببًا رئيسيًّا للبدء التدريجي في إغلاق دور السينما، حتى انتهى وجودها بشكل تام في حقبة الثمانينيات.

والعقبة الثانية، هي حادث اقتحام الحرم، والتي شهدت سيطرة نحو 200 مسلح بقيادة جهيمان العتيبي على الحرم المكي أواخر عام 1979، متهمين القيادة السعودية بالعلمنة والغربنة والانحراف عن الإسلام.

وجاء هذا الحادث بعد الثورة الإسلامية في إيران، والتدخل السوفيتي في أفغانستان، وكانت لهذه التطورات تداعيات تركت آثارها على السياسة السعودية والعالم الإسلامي من المغرب إلى الحدود الهندية.

ورأت العائلة المالكة أن الحادث كان إشارة من الله، وتعالت الأصوات داخل الأسرة المالكة بضرورة العودة للدين مرة أخرى ونبذ ما وصف بالتغريب، استغل ذلك التيار المحافظ، وفرض سطوته على المملكة.

وتحت ضغط من التيار الديني المحافظ، الذي نادى بتقييد وسائل الترفيه العام والاختلاط بين الجنسين، قررت المملكة حظر دور السينما في أوائل الثمانينيات.

 

التطرف

وبعد أكثر من 3 عقود، تعهد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالعمل على إعادة “الإسلام المعتدل” إلى البلاد.

وردا على سؤال خلال منتدى اقتصادي بالعاصمة السعودية الرياض، قال “بن سلمان” إنه قد “حدثت تغيرات بعد عام 1979، لكن المسؤولين سيزيلون بقايا التطرف في المستقبل القريب”.

وأكد “بن سلمان” على أن “السعودية لن تضيع السنوات الثلاثين المقبلة في التعامل مع هذه الأفكار المتطرفة”.

وفى هذا الصدد كشف الصحفي الأمريكي توماس فريدمان أن ولي العهد طلب من أحد مساعديه -خلال حوار “فريدمان” مع “بن سلمان”- الذهاب إلى غرفة أخرى في منتصف المقابلة، وأتى بهاتف عليه صور أخذ يريها له وهي لقطات من المملكة في 1950 و1960 حين كانت هناك دور سينما ونساء ورجال يمشون معاً.

 

بيزنس

وجاءت تصريحات ولي العهد بالتزامن مع خطط للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بعد انهيار أسعار النفط، ومحاولته المستمرة لتنويع الاقتصاد المعتمد على النفط فقط.

وشهد الأسبوع الماضي إعلان السعودية أنها ستمنح ترخيصا بافتتاح صالات للعرض السينمائي في عام 2018، وأوضحت وزارة الثقافة والاستعلامات أنها ستبدأ بإصدار التراخيص في الحال، وأن افتتاح أولى صالات السينما سيكون في مارس المقبل.

وقال وزير الثقافة والإعلام، عواد بن صالح العواد: “الوزارة تسعى للارتقاء بالعمل الثقافي والإعلامي في إطار دعمها للأنشطة والفعاليات، ونأمل أن تسهم هذه الخطوة في تحفيز النمو والتنوع الاقتصادي، عبر تطوير اقتصاد القطاع الثقافي والإعلامي ككل، وتوفير فرص وظيفية في مجالات جديدة للسعوديين، وإمكانية تعليمهم وتدريبهم من أجل اكتساب مهارات جديدة”.

وقالت الحكومة إنها تتوقع فتح أكثر من 300 دار سينما بأكثر من ألفي شاشة عرض بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن تسهم صناعة السينما “بنحو أكثر من 90 مليار ريال (24 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي، واستحداث أكثر من 30 ألف وظيفة دائمة، إضافة إلى أكثر من 130 ألف وظيفة مؤقتة بحلول عام “2030”.

وأضافت: “من المقرر البدء بمنح التراخيص بعد الانتهاء من إعداد اللوائح الخاصة بتنظيم العروض المرئية والمسموعة في الأماكن العامة خلال مدة لا تتجاوز 90 يوما”.

بواسطة |2017-12-18T12:05:23+02:00الإثنين - 18 ديسمبر 2017 - 11:54 ص|الوسوم: , , |

السعودية تدافع عن “ترامب” وتستعد للتطبيع رسميًّا.. هل أصبحت “صفقة القرن” واقعًا؟

العدسة – منصور عطية

بينما تواصل عواصم العرب والعالم الانتفاض من أجل القدس احتجاجًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد “ترامب” بشأن اعتبارها عاصمة موحدة وأبدية للاحتلال الإسرائيلي، تدافع السعودية عن “ترامب”.

لم تكتف المملكة بمواقفها المتتالية التي كشفت خيانة متكاملة للقدس وللقضية الفلسطينية منذ إرهاصات قرار “ترامب” مرورًا برد الفعل الباهت عليه، وصولًا إلى التمثيل المنخفض في قمة إسطنبول الطارئة، وربما ليس انتهاء بما عبر عنها وزير خارجيتها أخيرًا.

هذه المعادلة تعطي تأكيدات غير مشكوك فيها بأن “صفقة القرن” التي تفضي إلى تصفية القضية الفلسطينية برمتها أصبحت واقعًا، وأن قرار “ترامب” بشأن القدس لم يكن سوى جزء منها، لكنه الجزء الأكبر حساسية.

 

دفاع مستميت واستعداد للتطبيع

الطامة الكبرى في مجموعة المواقف السعودية الأخيرة مثلتها تصريحات وزير الخارجية عادل الجبير، لقناة “فرانس 24″، والمنشورة الخميس 14 ديسمبر الجاري.

فعلى الرغم مما لاقاه “ترامب” من هجوم عاصف في مختلف عواصم العالمين العربي والإسلامي وفي الدول الغربية على حد سواء، تطوع الجبير للدفاع عنه بقوله إن “إدارة الرئيس الأمريكي دونالد “ترامب” جادة بشأن إحلال السلام بين الإسرائيليين والعرب”.

” عادل الجبير “

 

“الجبير” أضاف أن الأمريكيين “يعملون على أفكار، ويتشاورون مع كل الأطراف وبينها السعودية ويدمجون وجهات النظر التي يعرضها عليهم الجميع”، مشيرًا إلى أنهم أعربوا عن احتياجهم “لمزيد من الوقت لوضع خطة للتسوية في الشرق الأوسط وعرضها”.

وبرغم نفيه وجود أي علاقات للمملكة مع إسرائيل، رغم أنها تشاركها القلق من نفوذ إيران بالمنطقة، إلا أن وزير الخارجية السعودي أكد أن لدى بلاده “خارطة طريق” لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل بعد اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

اللافت في تصريحات الجبير أنها تضمنت أمرين في غاية الأهمية؛ أولهما ما يمكن أن نسميه دفاعًا مستميتًا عن قرار “ترامب” وإدارته، والثاني يرتبط بالقرار من جانب وبالتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي واتفاق السلام مع الفلسطينيين من جانب آخر.

 

ابن سلمان عراب أمريكا

السعوية تبدو وكأنها جندت نفسها في هذه الأزمة عرابًا لإرادة أمريكا في إنفاذ قرارها، رغم ما أبدته الرياض من رفض له في بادئ الأمر، غير أن ربط ملابسات ما حدث بتصريحات “الجبير” يكشف دون لبس أو غموض حقيقة الموقف السعودي من قضية القدس.

البداية كانت مع تقارير إعلامية نقلت عن وزير الاستخبارات الإسرائيلي “يسرائيل كاتس”، قوله إن “ترامب” أجرى سلسلة اتصالات مع الزعماء العرب، قبل إعلان قراره، مشيرًا إلى استبعاده ردود فعل جدية من قبل هؤلاء الزعماء تتجاوز التقديرات السائدة في واشنطن وتل أبيب.

واستبعد الوزير بحكومة الاحتلال أن يكون للسعودية ردود أفعال سلبية تجاه قرار “ترامب” تؤثر على تحالفها مع إسرائيل.

ثم كان ما كشفته القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي، التي قالت إن قرار الرئيس الأمريكي بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، “لا يمكن أن يتم دون التنسيق عربيًّا”.

السيسي و “بن سلمان”

 

وكشف مراسل القناة العبرية أن كلاً من السعودية ومصر “أعطتا “ترامب” الضوء الأخضر لتنفيذ قراره ونقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، تمهيدًا للقرار الكبير بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل”، وفق تقارير إعلامية.

وتابع المراسل: “ومن المؤكد أن إعلان “ترامب” وبداية إجراءات نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والتي يعتقد البعض أنها قد تشعل المنطقة، لم يكن ممكنًا أن يتم دون التنسيق مع السعودية ومصر، فالفلسطينيون يدفعون ثمن التغييرات الكبرى في المنطقة”.

ومؤخرًا كان التمثيل الهزيل للمملكة في قمة إسطنبول الإسلامية الطارئة بشأن القدس، والذي عكس مدى اهتمام قيادتها بالقضية، على نحو فُضح فيه موقف الدولة التي تحتضن أقدس المقدسات الإسلامية.(تفاصيل أكثر في تقرير سابق للعدسة)

ولم يكن لتلك الخطوات المتتالية فيما يتعلق بقضية القدس أن تتم لولا خطوات أخرى تمهيدية على مدار الأشهر الماضية، بدا منها عبر وقائع رصدها وحللها (العدسة) أن السعودية تهرول حثيثة وبخطوات متسارعة نحو التطبيع الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي.

وبعيدًا عن الشواهد غير الرسمية وتلك التي يكون أبطالها أشخاصًا ليسوا في منظومة الحكم أو يتمتعون بحيثية كبيرة، أكد مسؤول إسرائيلي، رفض الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية إن المسؤول السعودي الذي زار إسرائيل سرًّا في شهر سبتمبر الماضي، هو ولي العهد محمد بن سلمان.

محمد بن سلمان برفقة “ترامب”

 

وها هو “الجبير” يتحدث الآن بشكل علني غير مسبوق عن خطة سعودية متكاملة للتطبيع، لكنه ربطها باتفاق سلام مع الفلسطينيين، إذن فالأمور أصبحت واضحة ولا مجال لاستمرار نغمة الحديث السعودي عن استبعاد التطبيع مع الاحتلال.

ليس هذا فحسب، بل الدلالة الأكبر في الحديث عن قضية التطبيع مع إسرائيل، تبرز في تزامنه مع أزمة القدس، ربما لتتضافر الأحداث كاشفة الوجه القبيح لآل سعود، بعد سنوات من بذل الجهد في محاولة تلميعه.

 

“صفقة القرن” أمر واقع

السياق ينقلنا مباشرة إلى الجزئية الثانية في تصريحات “الجبير”، تلك المتعلقة باتفاق التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين، وتأكيده وجود خطة أمريكية بهذا الشأن تتم بالتشاور والتنسيق مع الأطراف المختلفة في المنطقة.

على الفور يتبادر إلى الأذهان الحديث المتزايد خلال الفترة الماضية عن “صفقة القرن” ودورها في تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما أشار إليه إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في احتفالية انطلاقتها الثلاثين، أمس الخميس.

“هنية” رأى في كلمته بالاحتفالية، أن قرار “ترامب” بشأن القدس جزء من مخطط تمرير “صفقة القرن”، متعهدًا بمواجهة الأمرين على حد سواء لإسقاطهما.

” إسماعيل هنية ” أثناء الإحتفالية

 

الحديث عن “صفقة القرن” يعود إلى عام 2010، حين أنهى مستشار الأمن القومى الإسرائيلي السابق، اللواء احتياط “جيورا أيلاند”، عرض المشروع المقترح لتسوية الصراع مع الفلسطينيين في إطار دراسة أعدها لصالح مركز “بيجين-السادات” للدراسات الإستراتيجية، بعنوان: “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”.

الدراسة التي نشرت تفاصيلها تقارير إعلامية في حينه، تقوم على اقتطاع 720 كيلومترًا مربعًا من شمال سيناء للدولة الفلسطينية المقترحة، تبدأ من الحدود المصرية مع غزة، وحتى حدود مدينة العريش، على أن تحصل مصر على مساحة مماثلة داخل صحراء النقب الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، بينما تخلو الضفة الغربية بالكامل للاحتلال.

ترتكز الخطة على تحويل غزة إلى مدينة اقتصادية عالمية على غرار “سنغافورة” بعد زيادة مساحة شريطها الساحلي، مقابل إغراء مصر بمكاسب اقتصادية ضخمة لتحكمها في شبكة الحركة البرية والجوية والبحرية، التي ينتظر أن تربط تلك الدولة الفلسطينية بمصر والأردن والعراق ودول الخليج أيضًا.

ما أسماه الجنرال “أيلاند” – الموصوف بـ”أحد القريبين من دوائر صنع القرار” في إسرائيل – “تسوية إقليمية”، تجبر 22 دولة عربية على حل القضية الفلسطينية، ويُظهر خطته وكأنها ملائكية هدفها الأول والأخير تحويل فلسطين إلى “سنغافورة الشرق الأوسط”.

السيسي و”ترامب”

 

اللافت في الدراسة التي نُشرت تفاصيلها، أن مسؤولًا رفيعًا ومؤثرًا في الإدارة الأمريكية حينها سبق وأن اطلع على مشروع التسوية الإسرائيلي، قال للمسؤولين في تل أبيب: “انتظروا عندما يأتى وريث مبارك”.

هذا الوريث يكشفه تصريح أدلى به الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته إلى أمريكا ولقائه “ترامب” في أبريل الماضي، حينما قال: “ستجدنى بكل قوة ووضوح داعمًا لأى مساعٍ لإيجاد حل للقضية الفلسطينية في “صفقة القرن”، ومتأكد أنك تستطيع أن تحلها”.

بواسطة |2017-12-17T18:19:31+02:00الأحد - 17 ديسمبر 2017 - 10:55 م|الوسوم: , , , , , |

الإمارات تتحالف مع إخوان اليمن.. “شيزوفرينيا” أم لغة مصالح؟

العدسة – منصور عطية

لقاء غير مسبوق، تمثّل فيه الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي المثل الشعبي المصري “عصر على نفسه ليمونة”، في دلالة على اضطرار شخص ما إلى فعل شيء على غير إرادته.

ربما ينطبق الحال على اللقاء الذي جمع في الرياض الأربعاء الماضي، ابن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان برئيس وقادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، ممثل جماعة الإخوان المسلمين في البلاد.

فهذه الإمارات التي تصنف الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا، وتحارب تيار الإسلام السياسي في بلدان ثورات الربيع العربي، بل وتمارس انتهاكات أمنية بحق قيادات وأعضاء الإصلاح في اليمن.

هل يعبر هذا التناقض عن ضيق في أفق “عيال زايد”، أم يكشف أنهم يتبعون لغة المصالح، وهل يمكن اعتبار اللقاء تحالفًا جديدًا بين أبو ظبي وإخوان اليمن، أم أنها مرحلة “تكتيكية” لها أهدافها، وتنتهي بمجرد تحقيق تلك الأهداف؟.

 

هل توسط ابن سلمان؟

اللقاء الثلاثي هو الأول من نوعه منذ قيادة السعودية والإمارات للعمليات العسكرية تحت لافتة التحالف العربي في مارس 2015، باسم عاصفة الحزم ضد الحوثيين المدعومين إيرانيًّا من أجل إعادة الشرعية في اليمن المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي.

لكن من اللافت، أن هذا اللقاء سبقه لقاء آخر قبل نحو شهر، جمع ولي العهد السعودي ورئيس حزب التجمع اليمني للإصلاح “محمد عبد الله اليدومي” في العاصمة الرياض، وآخرين من قادة الحزب المقيمين في الرياض منذ العام 2015.

هذه المفارقة التي تبدو مرتبة تعزز ما كشفته مصادر يمنية مطلعة من أن اللقاء الأخير تم بوساطة من ولي العهد السعودي، وأن ولي عهد أبو ظبي “ليس مقتنعًا بأي دور لحزب الإصلاح في اليمن من منطلق رفضه التعامل مع أي طرف محسوب على جماعة الإخوان المسلمين”.

الدور الإماراتي الذي يوصف بالمشبوه في اليمن، وما يثار حول مناهضته للهدف من الحرب وللقوات السعودية هناك، ينسحب على ممارسات قمعية تمارسها أبو ظبي بشكل مستمر ضد حزب الإصلاح.

وقبل نحو شهرين اعتقلت ‏قوات موالية للإمارات عضو المجلس المحلي لحزب التجمع اليمني للإصلاح بمنطقة القلوعة في محافظة عدن، وهيب هائل، واقتادته إلى جهةٍ مجهولة بعد يوم على اعتقال نفس القوات 10 من قيادات وكوادر الحزب.

وأكد الحزب في بيانه وقوع مداهمات وعمليات اعتقال بحق عشرة أعضاء بينهم الأمين المساعد للحزب محمد عبد الملك، مطالباً وقتئذٍ بـ”سرعة الإفراج عن المعتقلين”.

 

صفحة جديدة

تقارير إعلامية، قالت إن حزب التجمع اليمني للإصلاح، تبرأ من جماعة الإخوان بشكل رسمي، متعهدًا بفتح صفحة جديدة تقوم على التعاون العربي، لمواجهة الحوثيين وتراعي مصالح المنطقة.

وأعلنت الحكومة الإماراتية رسميًّا فتح صفحة جديدة مع الحزب، والتحالف معه عقب قطيعة استمرت 3 سنوات، وقال وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات “أنور قرقاش”: “حزب الإصلاح اليمني أعلن مؤخرًا فك ارتباطه بتنظيم الإخوان الإرهابي، وأمامنا فرصة لاختبار النوايا وتغليب مصلحة اليمن ومحيطه العربي، نعمل بمرونة، وهدفنا أمن المنطقة واستقرارها”.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يعلن فيها الحزب قطع صلته بالإخوان، ففى سبتمبر 2016، قال الحزب إنه ليس فرعًا من الإخوان “التنظيم الدولي”.

وجاء فى البيان: “يؤكد التجمع اليمني للإصلاح- ومن خلال نظامه الأساسي وبرنامجه السياسي ولوائحه الداخلية، وبهذه المناسبة، أنه وبمنتهى الوضوح والشفافية، وقطعًا لأي تأويلات أو شائعات- عدم وجود أي علاقات تنظيمية أو سياسية تربطه بالتنظيم الدولي للإخوان”.

وسبقها بثلاثة أعوام، تبرؤ آخر، فى أكتوبر 2013، كان هو الأول بشأن فك علاقته بالإخوان، جاء فيه: “ننفي علاقتنا بأي جماعة مسلحة تحت أي مسمى كان” – في إشارة إلى الإخوان- حيث جاء البيان ردًّا على اتهام علي عبد الله صالح لهم بالانتماء للجماعة.

 

تداعيات موت صالح

المصادر اليمنية سالفة الذكر، استبعدت أن يكون التعاون السعودي الإماراتي مع حزب الإصلاح “إستراتيجيًّا”، وإنما هو “تكتيكيٌّ”.

مصدر آخر قال في تصريحات صحفية، إن “إستراتيجية الرياض وأبو ظبي كانت تقوم على إعادة إحياء دور الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لكن قتل الحوثيين له شكل ضربة قوية لهذه الإستراتيجية”.

وأوضح أن مقتل “صالح” أدى إلى تفكك حزب المؤتمر الشعبي، وبالتالي فإن المشهد اليمني مشتت إلا من قوتين رئيسيتين: الأولى، تنظيم شعبي ممتد في الشمال والجنوب، ويمثله حزب الإصلاح، والثانية، تنظيم مِلِيشيوي، تمثله جماعة الحوثي.

ويخلص المصدر إلى أن الإمارات تريد إحياء دور أحمد علي عبد الله صالح، وأنها ربما وافقت لحليفها السعودي على التعامل مع الإصلاح على قاعدة المصلحة التكتيكية لا الإستراتيجية، حتى تتمكن من تصعيد نجل “صالح” إذا ما وافق الإصلاحيون على التحالف معها في هذا الإطار.

لكن مصادر يمنية مطلعة أشارت إلى التأكيد الذي ورد في تصريحات قيادات الإصلاح بعد اللقاء، بأنها متمسكة بشرعية الرئيس “هادي”، وهو ربما يصطدم مع أي محاولات لتجاوز الشرعية.

المصادر ذاتها قالت إن حزب الإصلاح رفض تاريخيا أي مساعي لتوريث الحكم في اليمن، وأشارت إلى أن الرئيس السابق علي صالح حاول حث الإصلاح على الموافقة على توريث نجله قبل ثورة الشباب التي أطاحت به عام 2011، لكن الإصلاح رفض ذلك بشدة، وحصلت القطيعة بينه وبين “صالح” قبل الثورة عليه.

وربما تعد أي مقاربة إماراتية – سعودية للتعامل مع واقع حضور الإصلاح شعبيًّا، وفي تشكيلات المقاومة ربما يقتضي إعادة التعامل مع الشرعية اليمنية لا تجاوزها.

بواسطة |2017-12-17T17:56:32+02:00الأحد - 17 ديسمبر 2017 - 5:55 م|الوسوم: , , , , , , |

القدس.. رهان أمريكا الخاسر على السعودية

خمسون عاما مرت على حرب الأيام الستة، وصراع يونيه 1967 الذي ما زال، إلى جانب أحداث أخرى، يحدد المأزق الإسرائيلي – الفلسطيني بعد انتهاء المعركة، سيطرت إسرائيل على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان.

في ذلك الوقت، اعتبر العالم هذه النتائج العسكرية مؤقتة، واعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 242 الذي أصبح جوهره حل دبلوماسي لمشكلة الفلسطينيين عديمي الجنسية، بعد حوالى خمسة أشهر من انتهاء الحرب، لكن كما هو الحال في كثير من الأحيان، الوضع الذي بدأ مؤقتا مستمر حتى الآن، وفقا لصحيفة “لوريون لو جور” الفرنسية.

وفي هذا السياق، أعلن الرئيس دونالد ترامب مؤخرا اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأكد أن بلاده لم تتخذ موقفا بشأن الوضع النهائي للقدس بهذا المعنى، ولا سيما فيما يخص “الحدود المحددة للسيادة الإسرائيلية”، وقال إن الولايات المتحدة تؤيد حل الدولتين إذا كان ذلك مناسبا للجانبين، كما اختار عدم البدء فعلا في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب.
هذه المحاولة لتغيير السياسة الأمريكية، في الوقت الذي تجادل فيه بأن أشياء قليلة قد تغيرت لم تقنع العالم، لكن معظم الإسرائيليين كانوا سعداء بالموقف الجديد للولايات المتحدة، ومعظم العالم العربي متفاجئا.

 

تفويض السلام إلى الرياض؟

لماذا اختار “ترامب” هذه اللحظة للإعلان عن هذا الموقف؟ في هذه المرحلة لا يوجد إلا التخمينات، ومنها أن الرئيس افترض أن الأمر ببساطة يتعلق بالاعتراف بالواقع، وأن الإخفاقات السياسية لأسلافه في هذه القضية لم تحرز أي تقدم دبلوماسي.

وهذا صحيح، على الرغم من أن سبب فشل الدبلوماسية لعقود من الزمن ليس له علاقة بسياسة الولايات المتحدة تجاه القدس، فإن كل ما له علاقة بالانقسامات بين الإسرائيليين والفلسطينيين وسع الفجوة بين المعسكرين.

وعزا آخرون هذا الإعلان للسياسة القومية الأمريكية، وهو استنتاج مدعوم بحقيقة أن الإعلان الأحادي لم يطالب بأي شيء من إسرائيل، (على سبيل المثال، منع بناء المستوطنات) أو تقديم أي شيء للفلسطينيين (على سبيل المثال، دعم مطالبتهم بالقدس)، وعلى الرغم من أن القرار أدى إلى بعض العنف، إلا أنه أشبه بفرصة ضائعة، أكثر من أزمة نشأت.

ما جعل هذا البيان ليس فقط مثيرا للجدل، ولكن يمكن أن يؤدي أيضا إلى نتائج عكسية، هو أن إدارة “ترامب” قضت وقتا كبيرا خلال سنتها الأولى في وضع خطة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وربما أدى هذا الإعلان إلى إضعاف التوقعات المحدودة بالفعل لهذه الخطة.

يبدو أن إدارة “ترامب” تفكر في إعطاء أطراف ثالثة، وخاصة المملكة العربية السعودية، دورا رئيسيا في استعادة السلام، وتأييدا لهذا النهج، فإن السعودية والحكومات العربية الأخرى أكثر قلقا بشأن التهديد الإيراني الذي يتصورونه، أكثر من أي شيء يتعلق بإسرائيل، ولذلك فإن من المفترض أن يكونوا على استعداد لوضع عدائهم الطويل الأمد لإسرائيل جانبا، وهي دولة تشاطر إلى حد كبير رأيهم في إيران.

ومن شأن إحراز تقدم في القضية الإسرائيلية –الفلسطينية، خلق سياق سياسي في العالم العربي، يسمح لها بالتحرك في هذا الاتجاه، وتأمل إدارة “ترامب” أن يستخدم السعوديون مواردهم المالية لإقناع الفلسطينيين بالموافقة على السلام مع إسرائيل، بالشروط التي تريدها الأخيرة.

 

غير متوقع

والمشكلة هي أن الخطة الوحيدة التي من المرجح أن تقبلها الحكومة الإسرائيلية سوف تقدم للفلسطينيين أقل بكثير مما كانوا يطالبون به تاريخيا، إذا كان هذا صحيحا، قد يقرر القادة الفلسطينيون أن الأكثر أمانا هو قول “لا”، بدلا من التوقيع على خطة للسلام من المؤكد أنهاستخيب آمال الكثير منهم وتتركهم تحت سيطرة حماس وجماعات أخرى.

من جانبهم، قد يكون السعوديون غير راغبين في تحمل المسئولية عن خطة قد يعتبرها كثير من الناس خيانة، إن الأولوية للحكم السعودي الجديد برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، هي تعزيز سلطته من خلال مكافحة الفساد في المملكة، ومتابعة سياسة خارجية مضادة لإيران، لكن ليس أيٌّ من هذه التكتيكات ستسير كما هو مخطط لها.

إن مكافحة الفساد، التي تحظى حتى الآن بشعبية قد تكون مشوهة، من خلال محاكمة انتقائية للموقوفين (مما يشير إلى أن الأمر مسألة أموال أكثر من الإصلاح)، من ناحية أخرى، أصبحت الجهود المناهضة لإيران لا يمكن فصلها عما أصبح حربا لا تحظى بشعبية في اليمن والحرج الدبلوماسي في لبنان وقطر، وفي الوقت نفسه، الخطط الطموحة لإصلاح البلد تصورها أسهل من الناحية العملية، ومن المؤكد أنها ستغض الطرف عن الأشياء الأكثر تحفظا.

إن مشكلة “ترامب” وجاريد كوشنر، صهره المسؤول عن السياسة الأمريكية تجاه هذه القضية، هو أن السعوديين قد يتحولون إلى حليف دبلوماسي أقل ثقة بكثير مما يتوقع البيت الأبيض، إذا كان ولي العهد الجديد يشعر بالقلق إزاء موقفه السياسي الوطني، فإنه سيكون مترددا في الوقوف جنبا إلى جنب مع الرئيس الأمريكي، الذي يعتبر قريبا جدا من دولة إسرائيل الغير راغبة في الاستجابة حتى للحد الأدنى من متطلبات الاعتراف بالدول، كل هذا يعيدنا إلى القدس.

“ترامب” قال: إن الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل “خطوة طال انتظارها في دفع عملية السلام والعمل من أجل التوصل إلى اتفاق دائم”، وأصبح من الواضح بشكل متزايد أن انقلاب الرئيس الأمريكي السياسي سيكون له تأثير معاكس تماما.

بواسطة |2017-12-17T13:17:08+02:00الأحد - 17 ديسمبر 2017 - 3:55 م|الوسوم: , , |

تحالفات أباطرة النفط في العالم .. من يقضي على الآخر ؟

العدسة – بشير أبو معلا

التقارب بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، الذي يديره جاريد كوشنر، صهر دونالد ترامب، كان ردا على صعود التحالف الإيراني الروسي، فهذه المواجهة بين عمالقة النفط الأربعة (واشنطن والرياض وموسكو وطهران)، مع الارتفاع المحتمل في سعر البرميل، قد يضخ المزيد من هرمون “التستوستيرون” في هذا الاضطراب.

بسعر يتجاوز الـ 60 دولارا، تتضاعف طموحات جميع الأطراف، فإدارة “ترامب” تحلم بالهيمنة على قطاع الطاقة بفضل إنتاجها الصخري، أما فلاديمير بوتين من المتوقع أن يجني ما يكفي من النقد لتمويل إستراتيجيته، بينما نجد الإنفاق الهائل لدول “البترودولار” لإرهاق إيران في الشرق الأوسط، أظهر علامات الضعف على السعودية.

منذ أن روج الملك سلمان، لابنه البالغ من العمر 35 عاما محمد بن سلمان آل سعود، لتولي زمام الأمور، فإن أركان أكبر مصدر للنفط في العالم بدأت تهتز، فثروة المملكة تستند كليا على المادة الخام المستنفدة، وبما أن الأخبار السيئة لا تأتي فرادى، فإن استهلاك النفط المحلي يتزايد باطراد بينما تنخفض ​​في الوقت نفسه صافي صادرات البلاد.

الحاصدون، وهم أعضاء الأسرة المالكة، يفضلون وضع ثرواتهم في الخارج، وبالإضافة إلى ذلك، ينفق جزء كبير من الميزانية الوطنية على شراء الأسلحة للحروب الخارجية، بما في ذلك اليمن والعراق، كما أن الأسرة المالكة تدعم الإسلام السني، في حين أن السكان الذين يعيشون بالقرب من حقول النفط هم من الشيعة.

 

هل النفط لعنة؟

وبما أن 70% من السكان تقل أعمارهم عن 30 عاما، فالضغط لتوسيع الحريات الاجتماعية، وإيجاد فرص عمل مبتكرة آخذ في الازدياد، ومن خلال “رؤية 2030″، استوعب الأمير محمد بن سلمان هذه القضية، ومنذ أشهر يسعى لجمع تريليون دولار من أجل تحرير بلده من الذهب الأسود وجذب المستثمرين.

كما لو أن النفط، وليس ذروة النفط، أصبح لعنة للمملكة العربية السعودية، ومع ذلك، يبدو أن درجات الحرارة والجفاف اللذين لا يمكن تحملهما بصورة متزايدة في ظل الاحتباس الحراري الذي يعاني منه العالم، يجعل هذه المنطقة غير قابلة للاستمرار، فإلى أي مدى سيكون النفط قادرا على تشغيل أنظمة تكييف الهواء وتحلية المياه؟

كذلك قرارات الأمير الشاب لها نتائج مؤسفة، فبدلا من إحراز هدف في الخصم يضع الكرة في شباكه؛ فكوزير للدفاع أقحم بلاده في حرب اليمن، وبقصف الطيران السعودي قُتل عدة آلاف من المدنيين، مما أثار اتهامات ضدها بارتكاب “جرائم حرب”، وفي نوفمبر، قررت المملكة إغلاق الموانئ معرضة 7 ملايين يمني للمجاعة.

هدد الحوثيون الذين تقاتلهم السعودية بمهاجمة ناقلات النفط، ما جعل الرياض تعيد النظر فورا في قرارها، خاصة بعد أن قامت الميلشيات بإطلاق صاروخ باليستي باتجاه الرياض، لكنه فشل في استهداف مصفاة للنفط.

أما في سوريا، فمنذ بداية الحرب، سارعت السعودية بدعم مختلف الميليشيات السنية، وبعد أن وصل الأمير الشاب في عام 2015، قرر زيادة دعمه ضد الرئيس الأسد، وكان ذلك دون النظر لتدخل ونجاح الجيش الروسي في هذا الصراع بمساعدة إيران وحزب الله.

وبعد زيارة دونالد ترامب للرياض، جاءت المناورة الأكثر غموضا من قبل الأمير، وبجانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والإمارات العربية المتحدة، أعلنت الرياض الحصار على قطر، لأسباب غير مقنعة، وحتى الآن، لا يعرف أي طرف كيفية الخروج من هذا المستنقع.

وفي آخر قراراته، أجبر ولي العهد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على الاستقالة أمام كاميرات التليفزيون السعودي، وعندما أطلق سراح سعد الحريري من المملكة برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، سارع الحريري بالعودة إلى بلده والاستمرار في منصبه.

ومؤخرا، أطلق محمد بن سلمان حملة تطهير داخلي، أوقف من خلالها مئات الأمراء، ومسؤولين بالحكومة، وكبار الشخصيات، بحجة الفساد، وصادر أكثر من 800 بليون دولار من ثرواتهم الخاصة، فهل سيكون لدى الأسر المتضررة القدرة على الرد والإطاحة بالأمير؟ هذا السؤال ليس له إجابة حتى الآن.

بواسطة |2017-12-17T11:50:19+02:00الأحد - 17 ديسمبر 2017 - 11:55 ص|الوسوم: , , , , , |

ماذا لو قطع “أردوغان” علاقته بـ”تل أبيب”؟

 

العدسة – باسم الشجاعي

منذ قرار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، بأن القدس عاصمة “تل أبيب”، و”إسرائيل” تحبس أنفاسها، وخاصة بعد صب الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، جام غضبه على الكيان الصهيوني، على مدار السنوات الماضية، والتي كان آخرها الأربعاء 13 ديسمبر، في القمة “الاستثنائية”، لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في إسطنبول.

نبرة تصعيد “أردوغان” ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، تأتي بعد عام من الهدوء الحذر الذي شهده الطرفان، بعد عقد اتفاق المصالحة (وقع في يونيو 2016).

الجدير بالذكر، أن العلاقات التركية الإسرائيلية، منذ وصول “أردوغان” للسلطة، وهى تفقد بريقها، على رغم أن التدهور اللاحق لم يتسبب في حدوث قطيعة فعلية بين الطرفين، ولكن كان واضحًا أن الرئيس التركي يقود بلاده نحو التصعيد مع” تل أبيب”، مما يعيد للأذهان خلافا استمر ستة أعوام، بسبب الهجوم الصهيوني على “أسطول الحرية” في 2010.

ويبدو أن الرد التركي على “قضية القدس” قد يتجه للقطيعة، خاصة بعد مجموعة التراكمات التي أزعجت “أردوغان”، الفترة الماضية؛ حيث إن الدعم الإسرائيلي لانفصال إقليم كردستان العراق ما زال عالقا في أذهان القادة الأتراك، على الرغم من التطبيع الذي مر عليه أكثر من عام بعد قطيعه ست سنوات.

أردوغان من أحد مؤتمراته الشعبية

 

خسائر كبرى

ولكن في حين قرر “أردوغان” قطع العلاقات مع الجانب الإسرائيلي، فإن “تل أبيب” ستكون المتضرر الأكبر من هذا الأمر؛ حيث إن دولة الاحتلال الصهيوني تعي جيدا أن أي وسيلة لنقل موارد الطاقة لن يتحقق إلا بالتعاون مع تركيا.

لذلك فإن العلاقة مع تركيا ضرورية لدولة الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث تعتبر بذلك مصدرًا رئيسيًّا للطاقة عبر تطوير حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، ما يعني أن اندلاع أي أزمة مع “أردوغان”، قد تجعل من “تل أبيب” رهينة لدى الأتراك.

كما أن نقل الغاز إلى أوروبا سيكون حتمًا عبر الأراضي التركية؛ حيث إن “إسرائيل” تمتلك نحو 800 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي تستخرجها من حقلي “تمر” و”ليفياثان” للغاز الطبيعي، (شرق البحر المتوسط، وتبعد عن مدينة حيفا نحو 80 و130 كيلو مترًا)، كما أن “تل أبيب” لا توجد لديها خطوط أنابيب جاهزة لنقل هذا الغاز في الوقت الحالي، وسيكون صعبا عليها مد خطوط غاز في الوقت الراهن.

ولعل لغة الأرقام هي الأدق في هذه الحالة، فوفقا لتصريحات صحفية نهاية 2015، للقنصل الإسرائيلي في إسطنبول “شاعي كوهين”، فإن ارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل، ارتفع لأكثر من 5.5 مليارات دولار، بينما بلغت في 2010 نحو 3.4 مليارات دولار، بزيادة بلغت نسبتها 62%، كما صعدت أسهم شركة “زورلو” التركية للطاقة، التي تدير أنشطة في إسرائيل 7%، بعد الإعلان عن الاتفاق بشأن تطبيع العلاقات بين البلدين في 2016.

وفي إطار سلسلة الخسائر التي قد تتكبدها “إسرائيل”، في حين قطع تركيا العلاقات معها، يأتي ملف الاقتصاد الذي لايقل أهمية عن ملف الغاز.

فبحسب إحصاءات نمو الميزان التجاري بين البلدين بعد سنوات الأزمة (2010- 2016)، فقد احتلت “إسطنبول” المرتبة السادسة على مستوى العالم في قائمة التصدير الإسرائيلية، بمبلغ وصل إلى 4 مليارات دولار سنويًّا، ما يعني أن الخسائر ستكون فادحة على “تل أبيب”.

 

“صفقة القرن” في خطر

وعلى مايبدو أن “إسرائيل”، ستحاول للدفع نحو عدم القطيعة مع الجانب التركي، بعيدا عن العلاقات التجارية، لأسباب أخرى تهدد مستقبلها في المنطقة.

فـ”إسرائيل” تخشى من “أردوغان”؛ حيث إن له وزنا إقليميا ودوليا كدولة مسلمة، فضلا عن كونه عضوا في حلف الناتو، وهو فاعل إستراتيجي في كل القضايا التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في العشرية الأخيرة، مما سيعرقل مشروع “صفقة القرن” التي تحدثت عنها تقارير أمريكية.

المظاهرات التركية الداعمة للقدس

فوفقا لما ذكرته صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن “الوقت قد حان لهذه الخطة (صفقة القرن) فى ظل استعداد الدول العربية لحل المسألة؛ من أجل  تركيز الاهتمام على إيران، واعتبارها التهديد الأكبر”.

كما أن “إسرائيل” تخشى من سطوع نجم “أردوغان” في العالم الإسلامي الذي قد يقود تحالفا قويا ضدها، وسيسحب البساط من تحت أقدام الدول العربية الكبرى، مثل (السعودية ومصر) الشريك الأساسي في صفقة القرن، بسبب سياسية الانبطاح التي تنتهجها أمام السياسة الأمريكية والإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية، وسعيهم للتطبيع مع “تل أبيب”.

ولعل أكثر مايقلق “تل أبيب”، من السياسة التركية، هو أن عداء “إسرائيل” ليس وجهة نظر شخصية لـ”أردوغان”، بل هو تعبير عن وجهة نظر شعبية تركية، مما يعطي الرئيس التركي قوة أكبر.

 

تاريخ من التوتر

المتابع لتاريخ العلاقات “الإسرائيلية – التركية”، يعي جيدا أن بينهما تاريخا كبيرا من الشد والجذب، فضلا عن أنها تقف إلى جانب القضايا العربية والإسلامية، وخاصة فيما يتعلق بالقدس منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم.

فقد ساد البرود العلاقات التركية – الإسرائيلية خلال سبعينيات القرن الماضي؛ حيث ثارت حفيظة “إسرائيل” بسبب دعم تركيا لردود الفعل على حريق المسجد الأقصى عام 1969، وتصويتها لصالح القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1975، باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، واعتراف تركيا بمنظمة التحرير الفلسطينية.

حريق المسجد الأقصى 1969

كما تسببت مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “أرييل شارون” المعادية للسلام في تخريب العلاقات بين تركيا وإسرائيل، التي كانت تحسنت مع المناخ الذي نشأ نتيجة عملية السلام في الشرق الأوسط خلال تسعينيات القرن الماضي.

وقبل أزمة قرار “ترامب”، كانت قد وقعت أزمة جديدة بين البلدين في مايو الماضي؛ حيث قال “أردوغان”: إن “بلاده لن تسمح بمنع الأذان في الأراضي المحتلة”، واصفا مجرد النقاش في الموضوع بالأمر المخجل.

وتساءل  “أردوغان” في مناسبة أقيمت في إسطنبول، وركزت على القدس عن “الفرق بين الأعمال الحالية للحكومة الإسرائيلية، والسياسات العنصرية والتمييزية التي كانت تمارس ضد السود في الماضي في أميركا، وحتى وقت قصير، كتلك التي كانت تنفذ في ظل نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

 

 

 

 

بواسطة |2017-12-16T23:07:12+02:00السبت - 16 ديسمبر 2017 - 11:07 م|الوسوم: , , , , , , |

بعد عام .. إلى أين تتجه أمريكا مع ترامب؟

العدسة – بشير أبو معلا

في 8 نوفمبر 2016، أدهش دونالد ترامب أمريكا والعالم بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، وعقب عام من الحكم، أصبح الرئيس ألأقل شعبية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، ومعظم المخاوف التي أثيرت بعد فوزه تحقق حتى الآن بالفعل، باستثناء انهيار سوق الأسهم.

وصوله إلى البيت الأبيض جاء في لحظة كان فيها الشارع السياسي الأمريكي منقسمًا بعد حملة انتخابية أثارت الفوضى، ومنذ ذلك الحين لا تزال القرارات التي يتخذها “ترامب” تُرهب العالم والكثير من الأمريكيين في ظل انعدام الخبرة، والعفوية في الحكم، والتي كان آخرها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

خلال هذه المدة لم يسلم العالم من انتقاداته اللاذعة، بل شتائمه المباشرة للبعض، عبر حسابه الرسمي بموقع التغريدات القصيرة “تويتر”، الذي استخدمه للتعبير عما يجول بخاطره دون أدنى حساب لتأثير ذلك على المسئولين أو المواطنين في أمريكا أو غيرها.

رئيس تحرير صحيفة “كورييه إنترناسيونال” الفرنسية “إريك كول” سلطت الضوء في افتتاحية الصحيفة على السياسة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي وتأثيرها على صورة الولايات المتحدة الأمريكية في العالم بعد قراره الأخير بشأن القدس.

مظاهرات نصرة “القدس”

 

لا يزال أمام دونالد ترامب 1,132 يوما في السلطة قبل مغادرة البيت الأبيض، ما لم يمنحه الناخبون فترة ولاية ثانية.

في نيويورك، على أرصفة النهر الشرقي، تتحرك عقارب الساعة، لكن إلى أين تذهب أمريكا؟ .

كل أسبوع، السؤال الذي يطرح نفسه، بعد التغريدة الصباحية، من خلال إعلان عدواني، أو رد فعل لا يمكن التنبؤ به، هل جاء دونالد ترامب لقلب النظام الدولي.

” دونالد ترامب “

 

لمدة عشرة أشهر، بدأ الناس في التعود على أسلوبه وتجاوزاته، حتى اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، لأنه، في هذه المرة، قد أظهر رجل الأعمال قبل كل شيء أنه يحب التفكك، ولن يغادر حتى يشعل النار في الشرق الأوسط الذي تسوده بالفعل حالة من الفوضى.

قراراته السابقة لم تكن بناءة- الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، ومن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ومن اتفاق باريس، وعدم التصديق على الاتفاق مع إيران … ولكن هذه المرة، القدس عاصمة لإسرائيل، فالدبلوماسية الأمريكية التي بدأها دونالد ترامب تأخذ منعطفا جديدا، أكثر إثارة للقلق.

مهما كانت دوافعه: دعمه الذي لا يتزعزع لنظام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الوفاء بوعد قطعه على نفسه خلال الحملة الانتخابية أو الإيحاءات المتعمدة لناخبيه… دونالد ترامب يظهر أن تصرفاته لا تزال غير خاضعة للرقابة، وأنه في الإدارة الأمريكية “الخط الشعبوي يبدو سائدا”، كما تم تحليلها بشكل جيد جدا من خلال تقرير مكرس لبداية رئاسة “ترامب”.

يجب علينا ألا نندهش بعد ذلك عندما نجد صورة الولايات المتحدة في العالم آخذة في السقوط الحر، ونزلت من  المركز الأول إلى السادس، وفقا لأحدث تصنيف أجراه “أنولت-جي إف كي روبر” السنوي المتعلق بمؤشرات تصنيف الأمم.

بواسطة |2017-12-16T19:23:21+02:00السبت - 16 ديسمبر 2017 - 8:55 م|الوسوم: , , , |

رغم اعترافه بالخدعة “الأمريكية الإسرائيلية”.. لماذا يتمسك “عباس” بالسلام مع “تل أبيب”؟!

العدسة – باسم الشجاعي

لم ترق كلمة الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” (أبو مازن)، في القمة “الاستثنائية” لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت في مدينة إسطنبول التركية، “الأربعاء” 14 ديسمبر، لآمال المقدسيين.

كلمة “عباس”، التي استغرقت أكثر من ساعة كاملة، امتلأت بالتناقضات “ربما بسبب خروجه عن النص المحدد له”، وذلك بحسب رصد موقع “العدسة”.

بداية، كانت كلمة الرئيس الفلسطيني “قوية”؛ حيث طالب بتشكيل آلية جديدة تتبنى مسارًا جديدًا حول القضية الفلسطينية (لم يحدد شكله)، ليتراجع مجددا ويطالب بالدفع في عملية السلام مع الجانب الإسرائيلي.

كما طالب أيضا بمزيد من الضغط  الدولي على “تل أبيب” بعقد قمة طارئة للأمم المتحدة، لـ” اتخاذ مواقف سياسية واقتصادية تجاه “إسرائيل”، وإجبارها على إنهاء الاحتلال، والقبول بحل الدولتين، إلا أنه نسف جدوى هذه التحركات التي حث عليها، قائلًا: إن “الكيان الصهيوني لا يحترم المواثيق والاتفاقات الدولية”.

الأسباب الرئيسية للناقض الذي بدا على “عباس” في كلمته أمام القمة الإسلامية، عزاه البعض لأمرين؛ أولهما، زيارة الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، التي سبقت عقد “قمة القدس” بـ”24 ساعة”.

فـ”السيسي”- أحد المقربين للولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي يلعب دورا بارز في إتمام “صفقة القرن”، ويخشى من تدهور العلاقة مع واشطن وتل أبيب- كان أحد وسائل الضغط على “عباس”، في تقليل نبرة الحدة التي كان ينوى الرئيسي الفلسطيني التحدث بها في إسطنبول، مقابل السماح له بالخروج عن النص بعض الشيء “حفاظا على حمرة الخجل له أمام شعبه”.

وهذا ما أكدته تسريبات من الاجتماع الثلاثي بالقاهرة، والتي تقول إن “السيسي” طلب من “عباس” تخفيف حدّة الاتهامات التي يوجهها لـ”ترمب” بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”؛ حيث إن مصر لا ترغب في تدهور علاقاتها مع واشنطن، وذلك بحسب “صحيفة المانيفيستو” الإيطالية.

الضوء الأخضر الذي سمح لـ”ترامب”، بإصدار قرار بنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة، “لا يمكن أن يتم دون التنسيق عربيًّا وخاصة مصر والسعودية”، وهذا ما أكدته القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي.

فـ”عباس”، قبل اجتماعه مع “السيسي”، كان التقى وليّ العهد السعودي “محمد بن سلمان”، والرئيس الفلسطيني “محمود عباس”، دون موعد مسبق، أو إعلان رسمي.

كواليس هذا الاجتماع أو الاستدعاء، إن صح التعبير، كشفها “غوفري أرونسون”، الباحث المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والقضايا المتعلقة بالصراع “العربي الإسرائيلي”، في معهد دراسات “الشرق الأوسط”.

ونقل الباحث الأمريكي عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى (لم يسمه)، قوله: إن “”عباس” قد استدعي إلى الرياض، في 7 نوفمبر الماضي، من قِبل وليّ العهد السعودي، في إطار الجهود التي يبذلها الأخير من أجل إقامة مشروع مشترك بين الدول العربية وأمريكا وإسرائيل، ضد إيران وحلفائها، وتسوية القضية الفلسطينية”.

“أرونسون”، قال أيضا، إنه عندما سأل “عباس” عن وضع الضفة الغربية والقدس الشرقية في هذا المخطط، رد ولي العهد قائلا: “يمكننا الاستمرار في التفاوض حول هذا الموضوع، ولكن بين دولتين، وسنساعدكم”، كما عرض “بن سلمان” على الرئيس الفلسطيني 10 مليارات دولار لتجميل الصفقة.

ووفق الرؤية الأميركية الجديدة لعملية السلام، التي يتبناها ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” والرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، ويحاولان الضغط على الجانب الفلسطيني بها، وهي الإقرار بـ “حل الدولتين” بلا جدول زمني محدد لإقامة الدولة الفلسطينية، ودون وعود بتجميد الاستيطان، مع إفراج محدود عن الأسرى الفلسطينيين، في حين تبقى قضايا القدس، وحق عودة اللاجئين، والحدود النهائية للدولة الفلسطينية، مؤجلة.

وبالعودة للعقود الأربعة الماضية، نجد أن “محمود عباس”، مواقفه تجاه “إسرائيل” تشهد بالتناقض؛ ففي بداية حياته السياسية، رأى الرئيس الفلسطيني أن الصهيونية كانت العدو رقم واحد، ولكنه في التسعينيات رأى أن الصهيونية حركة أيديولوجية يهودية أصيلة، وذلك وفق دراسة أعدها الباحث الإسرائيلي “إلحانان ميلر”.

بواسطة |2017-12-15T17:53:09+02:00الجمعة - 15 ديسمبر 2017 - 8:55 م|الوسوم: , , , , , |
اذهب إلى الأعلى